عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 14 جمادى الأولى 1434هـ/25-03-2013م, 08:46 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي تفسير السلف

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: (وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آَيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالُوا مَا هَذَا إِلَّا رَجُلٌ يُرِيدُ أَنْ يَصُدَّكُمْ عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آَبَاؤُكُمْ وَقَالُوا مَا هَذَا إِلَّا إِفْكٌ مُفْتَرًى وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ (43) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وإذا تتلى عليهم آياتنا بيّناتٍ قالوا ما هذا إلاّ رجلٌ يريد أن يصدّكم عمّا كان يعبد آباؤكم وقالوا ما هذا إلاّ إفكٌ مفترًى وقال الّذين كفروا للحقّ لمّا جاءهم إن هذا إلاّ سحرٌ مبينٌ}.
قال أبو جعفرٍ رحمه اللّه: يقول تعالى ذكره: وإذا تتلى على هؤلاء المشركين آيات كتابنا {بيّناتٍ} يقول: واضحاتٍ أنّهنّ حقٌّ من عندنا {قالوا ما هذا إلاّ رجلٌ يريد أن يصدّكم عمّا كان يعبد آباؤكم} يقول: قالوا عند ذلك: لا تتّبعوا محمّدًا، فما هو إلاّ رجلٌ يريد أن يصدّكم عمّا كان يعبد آباؤكم من الأوثان، ويغيّر دينكم ودين آبائكم {وقالوا ما هذا إلاّ إفكٌ مفترًى} يقول تعالى ذكره: وقال هؤلاء المشركون: ما هذا الّذي يتلو علينا محمّدٌ، يعنون القرآن، {إلاّ أفكّ}، يقول: إلاّ كذبٌ مفترًى؛ يقول: مختلقٌ. متخرّصٌ {وقال الّذين كفروا للحقّ لمّا جاءهم إنّ هذا إلاّ سحرٌ مبينٌ} يقول جلّ ثناؤه: وقال الكفّار {للحقّ}، يعني محمّدًا صلّى اللّه عليه وسلّم {لمّا جاءهم}، يعني: لمّا بعثه اللّه نبيًّا: هذا سحرٌ مبينٌ؛ يقول: قالوا لما أتاهم به من الآيات والحجج: {إن هذا إلاّ سحرٌ مبينٌ} يقول: ما هذا إلاّ سحرٌ مبينٌ، يبين لمن رآه وتأمّله أنّه سحرٌ). [جامع البيان: 19/300-301]

تفسير قوله تعالى: (وَمَا آَتَيْنَاهُمْ مِنْ كُتُبٍ يَدْرُسُونَهَا وَمَا أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ قَبْلَكَ مِنْ نَذِيرٍ (44) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وما آتيناهم من كتبٍ يدرسونها وما أرسلنا إليهم قبلك من نذيرٍ (44) وكذّب الّذين من قبلهم وما بلغوا معشار ما آتيناهم فكذّبوا رسلي فكيف كان نكير}.
قال أبو جعفرٍ رحمه اللّه: يقول تعالى ذكره: وما أنزلنا على المشركين القائلين لمحمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم لمّا جاءهم بآياتنا: هذا سحرٌ مبينٌ بما يقولون من ذلك كتبًا يدرسونها: يقول: يقرؤونها.
- كما حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {وما آتيناهم من كتبٍ يدرسونها} أي يقرؤونها.
{وما أرسلنا إليهم قبلك من نذيرٍ} يقول: وما بعثنا إلى هؤلاء المشركين من قومك يا محمّد فيما يقولون ويعملون قبلك من نبيٍّ ينذرهم بأسنا عليه.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {وما أرسلنا إليهم قبلك من نذيرٍ} قال: ما أنزل اللّه على العرب كتابًا قبل القرآن، ولا بعث إليهم نبيًّا قبل محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم). [جامع البيان: 19/301-302]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله {وما آتيناهم من كتب يدرسونها} قال: لم يكن عندهم كتاب يدرسونه فيعلمون أن ما جئت به حق أم باطل). [الدر المنثور: 12/228-229]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتاده رضي الله عنه في قوله {وما آتيناهم من كتب يدرسونها} أي يقرؤونها {وما أرسلنا إليهم قبلك من نذير} وقال: {وإن من أمة إلا خلا فيها نذير} فاطر الآيه 24 ولا ينقص هذا هذا ولكن كلما ذهب نبي فمن بعده في نذارته حتى يخرج النّبيّ الآخر). [الدر المنثور: 12/229]

تفسير قوله تعالى: (وَكَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَمَا بَلَغُوا مِعْشَارَ مَا آَتَيْنَاهُمْ فَكَذَّبُوا رُسُلِي فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ (45) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله وما بلغوا معشار ما آتيناهم قال كذب الذين من قبلهم هؤلاء ولم يبلغ هؤلاء معشار ما أوتي أولئك من القوة والجلد يقول فقد أهلك الله أولئك وهم أقوى وأجلد). [تفسير عبد الرزاق: 2/132]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : ( {معشارٌ} [سبأ: 45] : عشرٌ). [صحيح البخاري: 6/121]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله معشار عشر قال أبو عبيدة في قوله تعالى وما بلغوا معشار ما آتيناهم أي عشر ما أعطيناهم وقال الفرّاء المعنى وما بلغ أهل مكّة معشار الّذين أهلكناهم من قبلهم من القوّة والجسم والولد والعدد والمعشار العشر). [فتح الباري: 8/536]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (معشارٌ: عشرٌ
أشار به إلى قوله: {وما بلغوا معشار ما آتيناهم} (سبإ: 45) وفسّر بقوله: (عشر) أي: ما بلغوا عشر ما أعطيناهم، وقال الفراء: المعنى: وما بلغ أهل مكّة معشار الّذين أهلكناهم من قبلهم من القوّة والجسم والولد والعدد). [عمدة القاري: 19/128]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( ({معشار}) في قوله تعالى: {وما بلغوا معشار ما آتيناهم} [سبأ: 45] معناه (عشر) بنى مفعال من لفظ العشر كالمرباع ولا ثالث لهما من ألفاظ العدد فلا يقال مسداس ولا مخماس). [إرشاد الساري: 7/308]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {وكذّب الّذين من قبلهم} يقول: وكذّب الّذين من قبلهم من الأمم رسلنا وتنزيلنا {وما بلغوا معشار ما آتيناهم} يقول: ولم يبلغ قومك يا محمّد المكذّبوك عشر ما أعطينا الّذين من قبلهم من الأمم من القوّة والأيدي والبطش، وغير ذلك من النّعم.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني عليٌّ، قال: حدّثنا أبو صالحٍ، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {وما بلغوا معشار ما آتيناهم} يقول: من القوّة في الدّنيا.
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله {وما بلغوا معشار ما آتيناهم} يقول: ما جاوزوا معشار ما أنعمنا عليهم.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {وكذّب الّذين من قبلهم وما بلغوا معشار ما آتيناهم} يخبركم أنّه أعطى القوم ما لم يعطكم من القوّة وغير ذلك.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {وما بلغوا معشار ما آتيناهم} قال: ما بلغ هؤلاء أمّة محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم {معشار ما آتيناهم} يعني: الّذين من قبلهم، وما أعطيناهم من الدّنيا، وبسطنا عليهم {فكذّبوا رسلي فكيف كان نكير}.
قوله: {فكذّبوا رسلي فكيف كان نكير} يقول: فكذّبوا رسلي فيما أتوهم به من رسالتي، فعاقبناهم بتغييرنا بهم ما كنّا آتيناهم من النّعم، فانظر يا محمّد {كيف كان نكير}. يقول: كيف كان تغييري بهم وعقوبتي). [جامع البيان: 19/302-303]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما {وما بلغوا معشار ما آتيناهم} يقول: من القدرة في الدنيا). [الدر المنثور: 12/229]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن ابن جرير رضي الله عنه في قوله {وكذب الذين من قبلهم} قال: القرون الأولى {وما بلغوا} أي الذين كفروا بمحمد صلى الله عليه وسلم {معشار ما آتيناهم} من القوه والإجلال والدنيا والأموال). [الدر المنثور: 12/229]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن أبي حاتم عن قتاده رضي الله عنه في قوله {وكذب الذين من قبلهم} قال: كذب الذين قبل هؤلاء {وما بلغوا معشار ما آتيناهم} قال: يخبركم أنه أعطى القوم ما لم يعطكم من القوة وغير ذلك {فكيف كان نكير} يقول: فقد أهلك الله أولئك وهم أقوى وأخلد، قوله تعالى: قل إنما أعظكم بواحدة أن تقوموا لله مثنى وفرادى ثم تتفكروا ما بصاحبكم من جنة إن هو إلا نذير لكم بين يدي عذاب شديد). [الدر المنثور: 12/230]

تفسير قوله تعالى: (قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ (46) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (معمر عن قتادة في قوله قل إنما أعظكم بواحدة يقول بواحدة أن تقوموا لله مثنى وفرادى فهذه واحدة وعظهم بها). [تفسير عبد الرزاق: 2/132]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : ( {أعظكم بواحدةٍ} [سبأ: 46] : «بطاعة اللّه» ، {مثنى وفرادى} [سبأ: 46] : «واحدٌ واثنين»). [صحيح البخاري: 6/121]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله أعظكم بواحدةٍ بطاعة اللّه مثنى وفرادى واحد واثنين وصله الفريابيّ من طريق بن أبي نجيحٍ عن مجاهدٍ بهذا). [فتح الباري: 8/537]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قوله فيه
وقال مجاهد {نجازي} نعاقب {أعظكم بواحدة} بطاعة الله {مثنى وفرادى} واحد واثنين {التناوش} الرّد من الآخرة إلى الدّنيا وبين ما يشتهون من مال أو ولد أو زهرة {بأشياعهم} بأمثالهم وقال ابن عبّاس كالجوابي وكالجوبة من الأرض الخمط الأراك والأثل الطرفاء والعرم الشّديد
أما قول مجاهد فقال الفريابيّ ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قوله 17 سبأ {وهل نجازي إلّا الكفور} قال هل نعاقب
وفي قوله 46 سبأ {إنّما أعظكم بواحدة} قال بطاعة الله
وفي قوله 46 سبأ {أن تقوموا لله مثنى وفرادى} قال اثنين وواحد). [تغليق التعليق: 4/288-289] (م)
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (أعظكم بواحدةٍ بطاعة الله مثنى وفرادى واحدا واثنين
أشار به إلى قوله تعالى: {قل إنّما أعظكم بواحدة إن تقوموا لله مثنى وفرادى} (سبأ: 46) الآية. وفي التّفسير: أعظكم أي: آمركم وأوصيكم، بواحدة أي: بخصلة واحدة وهي أن تقوموا لله، وأن في محل الخفض على البيان من واحدة، والترجمة عنها مثنى اثنين اثنين متناظرين، وفرادى واحدًا واحدًا متفكرين، والتفكر طلب المعنى بالقلب، وقيل: معنى وفرادى أي: جماعة ووحدانا، وقيل: مناظرا مع غيره ومتفكرا في نفسه. قوله: (واحدًا أو اثنين) قال الكرماني: فإن قلت: معنى مثنى وفرادى مكرر، فلم ذكره مرّة واحدة؟ قلت: المراد التّكرار ولشهرته اكتفى بواحد منه). [عمدة القاري: 19/130]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( ({أعظكم بواحدة}) أي (بطاعة الله) قاله مجاهد فيما وصله الفريابي.
({مثنى وفرادى}) أي (واحد واثنين) فإن الازدحام يشوّش الخاطر والمعروف في تفسير مثله
التكرير أي واحد واحد واثنين اثنين). [إرشاد الساري: 7/309]

قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (باب قوله: {إن هو إلّا نذيرٌ لكم بين يدي عذابٍ شديدٍ} [سبأ: 46]
- حدّثنا عليّ بن عبد اللّه، حدّثنا محمّد بن خازمٍ، حدّثنا الأعمش، عن عمرو بن مرّة، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما، قال: صعد النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم الصّفا ذات يومٍ، فقال: «يا صباحاه» ، فاجتمعت إليه قريشٌ، قالوا: ما لك؟ قال: «أرأيتم لو أخبرتكم أنّ العدوّ يصبّحكم أو يمسّيكم، أما كنتم تصدّقوني؟» قالوا: بلى، قال: «فإنّي نذيرٌ لكم بين يدي عذابٍ شديدٍ» فقال أبو لهبٍ: تبًّا لك، ألهذا جمعتنا؟ فأنزل اللّه: {تبّت يدا أبي لهبٍ} [المسد: 1]). [صحيح البخاري: 6/122]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): ( (قوله باب قوله إن هو إلّا نذيرٌ لكم بين يدي عذابٍ شديدٍ)
ذكر فيه طرفا من حديث بن عبّاسٍ في نزول قوله تعالى وأنذر عشيرتك الأقربين وقد تقدّم شرحه مستوفًى في سورة الشّعراء). [فتح الباري: 8/539]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : ( (بابٌ قوله تعالى: {إن هو إلاّ نذيرٌ لكم بين يدي عذابٍ شديدٍ} (سبأ: 46)
أي: هذا باب في قوله تعالى: {إن هو} أي: ما هو، أي: محمّد، صلى الله عليه وسلم، (إلّا نذير لكم) أي: مخوف (بين يدي عذاب شديد) يوم القيامة.
- حدّثنا عليّ بن عبد الله حدّثنا محمّد بن خازمٍ حدّثنا الأعمش عن عمرو بن مرّة عن سعيد بن جبيرٍ عن ابن عبّاسٍ رضي الله عنهما قال صعد النبيّ صلى الله عليه وسلم الصفّا ذات يومٍ فقال يا صباحاه فاجتمعت إليه قريشٍ قالوا مالك قال أرأيتم لو أخبرتكم أنّ العدوّ يصبّحكم أو يمسّيكم أما كنتم تصدّقوني قالوا بلى قال فإنّي {نذيرٌ لكم بين يدي عذابٍ شديدٍ} فقال أبو لهبٍ تبا لك ألهاذا جمعتنا؟ فأنزل الله {تبّت يدا أبي لهبٍ} (المسد: 1) .
مطابقته للتّرجمة ظاهرة. وعلي بن عبد الله المعروف بابن المدينيّ، ومحمّد بن خازم، بالخاء المعجمة والزّاي أبو معاوية الضّرير، والأعمش سليمان، وعمرو بن مرّة بضم الميم وتشديد الرّاء، والحديث قد مر في سورة الشّعراء، ومر الكلام فيه هناك. قوله: (يا صباحاه) هذه الكلمة شعار الغارة إذ كان الغالب منها في الصّباح). [عمدة القاري: 19/131]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : (باب {إن هو إلاّ نذيرٌ لكم بين يدى عذابٍ شديدٍ}
هذا (باب) بالتنوين أي في قوله تعالى: ({إن هو إلا نذير لكم بين يدي عذاب شديد} [سبأ: 46]) يوم القيامة.
- حدّثنا عليّ بن عبد اللّه، حدّثنا محمّد بن خازمٍ، حدّثنا الأعمش عن عمرو بن مرّة عن سعيد بن جبيرٍ عن ابن عبّاسٍ -رضي الله عنهما- قال: صعد النّبيّ -صلّى اللّه عليه وسلّم- الصّفا ذات يومٍ فقال: «يا صباحاه»، فاجتمعت إليه قريشٌ قالوا: ما لك؟ قال: «أرأيتم لو أخبرتكم أنّ العدوّ يصبّحكم أو يمسّيكم أما كنتم تصدّقوني»؟ قالوا: بلى. قال: «فإنّي نذيرٌ لكم بين يدي عذابٍ شديدٍ». فقال أبو لهبٍ تبًّا لك ألهذا جمعتنا؟ فأنزل اللّه {تبّت يدا أبي لهبٍ} [المسد: 1].
وبه قال: (حدّثنا علي بن عبد الله) المديني قال: (حدّثنا محمد بن خازم) بالخاء والزاي المكسورة المعجمتين أبو معاوية الضرير قال: (حدّثنا الأعمش) سليمان (عن عروة بن مرّة) بضم الميم وتشديد الراء (عن سعيد بن جبير عن ابن عباس -رضي الله عنهما-) أنه (قال: صعد النبي -صلّى اللّه عليه وسلّم- الصفا ذات يوم فقال):
(يا صباحاه) بسكون الهاء في الفرع مصححًا عليه وفي غيره بضمها. قال أبو السعادات: هذه كلمة يقولها المستغيث وأصلها إذا صاحوا للغارة لأنهم أكثر ما كانوا يغيرون عند الصباح ويسمون يوم الغارة يوم الصباح فكان القائل يا صباحاه يقول قد غشينا العدوّ، وقيل إن المتقاتلين كانوا إذا جاء الليل يرجعون عن القتال فإذا عاد النهار عاودوه فكأنه يريد بقوله يا صباحاه قد جاء وقت الصباح فتأهبوا للقتال (فاجتمعت إليه قريش. قالوا) ولأبي ذر فقالوا (ما لك؟ قال) ولأبي ذر فقال: (أرأيتم) أي أخبروني (لو أخبرتكم أن العدوّ يصبحكم أو يمسيكم أما) بالتخفيف (كنتم تصدقوني) ولأبي ذر تصدقونني بنونين (قالوا: بلى) نصدقك (قال: فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد) أي قدامه (فقال أبو لهب: تبًّا لك ألهذا جمعتنا فأنزل الله) تعالى ({تبت}) أي خسرت أو هلكت ({يد أبي لهب}).
وهذا الحديث سبق بالشعراء). [إرشاد الساري: 7/310-311]
- قال محمدُ بنُ عبدِ الهادي السِّنْديُّ (ت: 1136هـ) : (قوله: (يا صباحاه) هو شعار الغارة إذ كان الغالب فيه أنه يقال: في الصباح اهـ شيخ الإسلام). [حاشية السندي على البخاري: 3/66]
قالَ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَائِيُّ (ت: 303هـ): (قوله تعالى: {إن هو إلّا نذيرٌ لكم بين يدي عذابٍ شديدٍ}
- أخبرني إبراهيم بن يعقوب، قال: حدّثني عمر بن حفص بن غياثٍ، قال: حدّثنا أبي، قال: حدّثنا الأعمش، قال: حدّثني عمرو بن مرّة، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، قال: لمّا نزلت {وأنذر عشيرتك الأقربين} [الشعراء: 214] صعد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على الصّفا، فجعل ينادي: «يا بني فهرٍ، يا بني عديٍّ، يا بني فلانٍ»، لبطون قريشٍ، حتّى اجتمعوا، فجعل الرّجل إذا لم يستطع أن يخرج أرسل رسولًا ينظر، وجاء أبو لهبٍ وقريشٌ قد اجتمعوا، فقال: «أرأيتم لو أخبرتكم أنّ خيلًا بالوادي تريد أن تغير عليكم أكنتم مصدّقيّ؟»، قالوا: نعم، ما جرّبنا عليك إلّا صدقًا، قال: «فإنّي نذيرٌ لكم بين يدي عذابٍ شديدٍ»، قال أبو لهبٍ: تبًّا لك سائر اليوم، ألهذا جمعتنا؟، فنزلت {تبّت يدا أبي لهبٍ} [المسد: 1]). [السنن الكبرى للنسائي: 10/227]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {قل إنّما أعظكم بواحدةٍ أن تقوموا للّه مثنى وفرادى ثمّ تتفكّروا ما بصاحبكم من جنّةٍ إن هو إلاّ نذيرٌ لّكم بين يدي عذابٍ شديدٍ}.
قال أبو جعفرٍ رحمه اللّه: يقول تعالى ذكره: قل يا محمّد لهؤلاء المشركين من قومك: إنّما أعظكم أيّها القوم بواحدةٍ، وهي طاعة اللّه.
- كما حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {إنّما أعظكم بواحدةٍ} قال: بطاعة اللّه.
وقوله: {أن تقوموا للّه مثنى وفرادى} يقول: وتلك الواحدة الّتي أعظكم بها هي أن تقوموا للّه اثنين اثنين، وفرادًا فرادًا، فـ{أن} في موضع خفضٍ ترجمةً عن الواحدة.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثني أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ {أن تقوموا، للّه مثنى وفرادى} قال: واحدًا واثنين.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {قل إنّما أعظكم بواحدةٍ أن تقوموا للّه مثنى وفرادى} قال: هذه الواحدة الّتي وعظتكم بها؛ أن تقوموا لله رجلاً ورجلين.
وقيل: إنّما قيل: {إنّما أعظكم بواحدةٍ}، وتلك الواحدة أن تقوموا للّه بالنّصيحة وترك الهوى {مثنى} يقول: يقوم الرّجل منكم مع آخر فيتصادقان على المناظرة، هل علمتم بمحمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم جنونًا قطّ؟ ثمّ ينفرد كلّ واحدٍ منكم، فيتفكّر ويعتبر فردًا هل كان ذلك به؟ فتعلموا حينئذٍ أنّه نذيرٌ لكم.
وقوله: {ثمّ تتفكّروا ما بصاحبكم من جنّةٍ} يقول: ثمّ تتفكّروا في أنفسكم، فتعلموا ما بمحمّدٍ من جنونٍ.
- كما حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {ثمّ تتفكّروا ما بصاحبكم من جنّةٍ} يقول: إنّ صاحبكم ليس بمجنونٍ.
وقوله {إنّ هو إلاّ نذيرٌ لكم بين يدي عذابٍ شديدٍ} يقول: ما محمّدٌ إلاّ نذيرٌ لكم {بين يدي عذابٍ شديدٍ} يقول: ينذركم على كفركم باللّه عقابه أمام عذاب جهنّم قبل أن تصلوها.
وقوله: {هو} كناية اسم محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم). [جامع البيان: 19/303-305]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيمنا آدم نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله إنما أعظكم بواحدة عني بطاعة الله أن تقوموا لله مثنى وفرادى يقول واحدا واثنين). [تفسير مجاهد: 528]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أخرج الفريابي، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه {قل إنما أعظكم بواحدة} قال: بطاعة الله {أن تقوموا لله مثنى وفرادى} قال: واحد واثنين). [الدر المنثور: 12/230]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الفريابي، وعبد بن حميد عن مجاهد رضي الله عنه {قل إنما أعظكم بواحدة} قال: بلا إله إلا الله). [الدر المنثور: 12/230]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن ابن جرير رضي الله عنه في قوله {قل إنما أعظكم بواحدة} قال: لا إله إلا الله، وفي قوله {أن تقوموا لله} قال: ليس بالقيام على الأرجل كقوله {كونوا قوامين بالقسط} النساء الآيه 135، واخرج ابن المنذر، وابن ابي حاتم عن محمد بن كعب القرظي رضي الله عنه في الآيه قال: يقوم الرجل مع الرجل أو وحده فيتفكر ما بصاحبكم من جنة يقول: إنه ليس بمجنون). [الدر المنثور: 12/231]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي أمامه رضي الله عنه أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم كان يقول أعطيت ثلاثا لم يعطهن نبي قبلي ولا فخر، أحلت لي الغنائم ولم تحل لمن كان قبلي كانوا يجمعون غنائمهم فيحرقونها، وبعثت إلى كل أحمر وأسود وكان كل نبي يبعث إلى قومه وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا أتيمم بالصعيد وأصلي فيها حيث أدركتني الصلاة قال الله تعالى {أن تقوموا لله مثنى وفرادى} وأعنت بالرعب مسيرة شهر بين يدي). [الدر المنثور: 12/231]


رد مع اقتباس