عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 12 ذو القعدة 1439هـ/24-07-2018م, 05:14 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {فَلَمَّا رَجَعُوا إِلَى أَبِيهِمْ قَالُوا يَا أَبَانَا مُنِعَ مِنَّا الْكَيْلُ فَأَرْسِلْ مَعَنَا أَخَانَا نَكْتَلْ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (63)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، وعاصم، وابن عامر: "نكتل" بالنون على مراعاة: منع منا، ويقويه: ونمير أهلنا "ونزداد"، وقرأ حمزة، والكسائي: "يكتل" بالياء، أي: يكتل يامين كما اكتلنا، وأصل "نكتل": نكتيل، وزنه نفتعل. وقولهم: {منع منا} ظاهره أنهم أشاروا إلى قوله: {فلا كيل لكم عندي} فهو منع في المستأنف، وقيل: أشاروا إلى بعير يامين الذي لم يمتر، والأول أرجح، ثم تضمنوا له حفظه وحيطته). [المحرر الوجيز: 5/113]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ هَلْ آَمَنُكُمْ عَلَيْهِ إِلَّا كَمَا أَمِنْتُكُمْ عَلَى أَخِيهِ مِنْ قَبْلُ فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (64)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {قال هل آمنكم عليه إلا كما أمنتكم على أخيه من قبل فالله خير حافظا وهو أرحم الراحمين ولما فتحوا متاعهم وجدوا بضاعتهم ردت إليهم قالوا يا أبانا ما نبغي هذه بضاعتنا ردت إلينا ونمير أهلنا ونحفظ أخانا ونزداد كيل بعير ذلك كيل يسير}
قوله: "هل" توقيف وتقرير، وتألم يعقوب عليه السلام من فرقة يامين، ولم يصرح بمنعهم من حمله لما رأى في ذلك من المصلحة، لكنه أعلمهم بقلة طمأنينته إليهم، وأنه يخاف عليه من كيدهم، ولكن ظاهر أمرهم أنهم كانوا أنابوا إلى الله وانتقلت حالهم فلم يخف كمثل ما خاف على يوسف من قبل، لكن أعلم بأن في نفسه شيئا ثم استسلم لله تعالى، بخلاف عبارته في قصة يوسف.
وقرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، وابن عامر، وعاصم -في رواية أبي بكر -: "خير حفظا"، وقرأ حمزة، والكسائي وحفصة -عن عاصم - "خير حافظا"، ونصب ذلك -في القراءتين- على التمييز، وقال الزجاج: يجوز أن ينصب "حافظا" على الحال، وضعف ذلك أبو علي الفارسي؛ لأنها حال لا بد للكلام والمعنى منها، وذلك بخلاف شرط الحال، وإنما المعنى أن حافظ الله خير من حافظكم. ومن قرأ: "حفظا" فهو مع قولهم: {ونحفظ أخانا}، ومن قرأ: "حافظا" فهو مع قولهم: {وإنا له لحافظون}. فاستسلم يعقوب عليه السلام لله وتوكل عليه. قال أبو عمرو الداني: قرأ ابن مسعود: "فالله خير حافظ وهو خير الحافظين".
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وفي هذا بعد). [المحرر الوجيز: 5/114]

تفسير قوله تعالى: {وَلَمَّا فَتَحُوا مَتَاعَهُمْ وَجَدُوا بِضَاعَتَهُمْ رُدَّتْ إِلَيْهِمْ قَالُوا يَا أَبَانَا مَا نَبْغِي هَذِهِ بِضَاعَتُنَا رُدَّتْ إِلَيْنَا وَنَمِيرُ أَهْلَنَا وَنَحْفَظُ أَخَانَا وَنَزْدَادُ كَيْلَ بَعِيرٍ ذَلِكَ كَيْلٌ يَسِيرٌ (65)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله: {فتحوا متاعهم} سمى المشدود المربوط بجملته متاعا فلذلك حسن الفتح فيه، وقرأ جمهور الناس: "ردت" بضم الراء على اللغة الفاشية عند العرب، وتليها لغة من يشم، وتليها لغة من يكسر، وقرأ علقمة، ويحيى بن وثاب: "ردت"
[المحرر الوجيز: 5/114]
بكسر الراء على لغة من يكسر، وهي في بني ضبة، قال أبو الفتح: وأما المعتل نحو قيل وبيع فالفاشي فيه الكسر، ثم الإشمام، ثم الضم، فيقولون: قول وبوع، وأنشد ثعلب:
... ... ... ... ... وقول لا أهل له ولا مال
قال الزجاج: من قرأ: "ردت" بكسر الراء جعلها منقولة من الدال، كما فعل في قيل وبيع لتدل على أن أصل الدال الكسرة.
وقوله: {ما نبغي} يحتمل أن تكون "ما" استفهاما، قاله قتادة، و"نبغي" من البغية، أي: ما نطلب بعد هذه التكرمة؟ هذا مالنا رد إلينا مع ميرتنا. قال الزجاج: ويحتمل أن تكون "ما" نافية، أي: ما بقي لنا ما نطلب، ويحتمل أيضا أن تكون نافية و"نبغي" من البغي، أي: ما تعدينا فكذبنا على هذا الملك ولا في وصف إجماله وإكرامه، هذه البضاعة مردودة. وقرأ أبو حيوة: "ما تبغي" بالتاء على مخاطبة يعقوب، وهي بمعنى: ما تريد؟ وما تطلب؟ قال المهدوي: وروتها عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وقرأت فرقة: "ونمير" بفتح النون، من: مار يمير إذا جلب الخير، ومن ذلك قول الشاعر:
بعثتك مائرا فمكثت حولا ... متى يأتي غياثك يا من تغيث؟
وقرأت عائشة رضي الله عنها: "ونمير" بضم النون، وهي من قراءة أبي عبد الرحمن السلمي، وعلى هذا يقال: مار وأمار بمعنى.
وقولهم: {ونزداد كيل بعير} يريدون بعير أخيهم، إذ كان يوسف إنما حمل لهم عشرة أبعرة ولم يحمل الحادي عشر لغيبة صاحبه، وقال مجاهد: "كيل بعير" أراد: كيل حمار، قال: وبعض العرب يقول للحمار: بعير. وهذا شاذ.
[المحرر الوجيز: 5/115]
وقولهم: {ذلك كيل يسير} تقرير بغير ألف، أي: أذلك كيل يسير في مثل هذا العام فيهمل أمره؟ وقيل: معناه: يسير على يوسف أن يعطيه، وقال الحسن البصري: وقد كان يوسف وعدهم أن يزيدهم حمل بعير بغير ثمن، وقال السدي: معنى ذلك: كيل يسير أي سريع لا نحبس فيه ولا نمطل.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
فكأنهم -على هذا- آنسوه بقرب العودة). [المحرر الوجيز: 5/116]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتَّى تُؤْتُونِ مَوْثِقًا مِنَ اللَّهِ لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلَّا أَنْ يُحَاطَ بِكُمْ فَلَمَّا آَتَوْهُ مَوْثِقَهُمْ قَالَ اللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ (66)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {قال لن أرسله معكم حتى تؤتون موثقا من الله لتأتنني به إلا أن يحاط بكم فلما آتوه موثقهم قال الله على ما نقول وكيل وقال يا بني لا تدخلوا من باب واحد وادخلوا من أبواب متفرقة وما أغني عنكم من الله من شيء إن الحكم إلا لله عليه توكلت وعليه فليتوكل المتوكلون}
أراد يعقوب عليه السلام أن يتوثق منهم، والموثق "مفعل" من الوثاقة، فلما عاهدوه أشهد الله بينه وبينهم بقوله: {الله على ما نقول وكيل}، والوكيل: القيم الحافظ.
وقرأ ابن كثير: "تؤتوني" بياء في الوصل والوقف، وروي عن نافع أنه وصل بياء ووقف دونها، والباقون تركوا الياء في الوجهين.
وقوله: {لا تدخلوا من باب واحد}، قيل: خشي عليهم العين لكونهم أحد عشر لرجل واحد، وكانوا أهل جمال وبسطة، قال ابن عباس، والضحاك، وقتادة وغيرهم. والعين حق، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن العين لتدخل الرجل القبر والجمل القدر". وفي تعوذه عليه الصلاة السلام: "أعوذ بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة، وكل عين لامة"، وقيل: خشي أن يستراب بهم لقول يوسف قبل: "أنتم جواسيس"، ويضعف
[المحرر الوجيز: 5/116]
هذا ظهورهم قبل بمصر، وقيل: طمع بافتراقهم أن يستمعوا أو يتطلعوا خبر يوسف، وهذا ضعيف يرده وما أغني عنكم من الله من شيء فإن ذلك لا يتركب على هذا المقصد.
وقوله: {إلا أن يحاط بكم} لفظ عام لجميع وجوه الغلبة والقسر، والمعنى: تعمكم الغلبة من جميع الجهات حتى لا تكون لكم حيلة ولا وجه تخلص، وقال مجاهد: المعنى: إلا أن تهلكوا جميعا، وقال قتادة: إلا ألا تطيقوا ذلك.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وهذا يرجحه لفظ الآية). [المحرر الوجيز: 5/117]

رد مع اقتباس