عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 7 جمادى الأولى 1434هـ/18-03-2013م, 11:45 PM
ريم الحربي ريم الحربي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: بلاد الحرمين
المشاركات: 2,656
افتراضي

التفسير اللغوي

{قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللَّهُ قُلْ أَفَاتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ لَا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ نَفْعًا وَلَا ضَرًّا قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ قُلِ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ (16) أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَدًا رَابِيًا وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغَاءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ مِثْلُهُ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ (17) لِلَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمُ الْحُسْنَى وَالَّذِينَ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُ لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لَافْتَدَوْا بِهِ أُولَئِكَ لَهُمْ سُوءُ الْحِسَابِ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ (18)}


تفسير قوله تعالى: {قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللَّهُ قُلْ أَفَاتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ لَا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ نَفْعًا وَلَا ضَرًّا قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ قُلِ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ (16)}

قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (قوله: {أم هل تستوي الظّلمات والنّور...}
ويقرأ (أم هل يستوي الظّلمات والنّور) وتقرأ (تستوي) بالتاء. وهو قوله: {وأخذ الّذين ظلموا الصّيحة} وفي موضع آخر: (وأخذت) ). [معاني القرآن: 2/61]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {قل من رّبّ السّماوات والأرض قل اللّه قل أفاتّخذتم مّن دونه أولياء لا يملكون لأنفسهم نفعاً ولا ضرّاً قل هل يستوي الأعمى والبصير أم هل تستوي الظّلمات والنّور أم جعلوا للّه شركاء خلقوا كخلقه فتشابه الخلق عليهم قل اللّه خالق كلّ شيءٍ وهو الواحد القهّار}
وقال: {أم جعلوا للّه شركاء} فهذه "أم" التي تكون منقطعة من أول الكلام). [معاني القرآن: 2/57]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {قل من ربّ السّماوات والأرض قل اللّه قل أفاتّخذتم من دونه أولياء لا يملكون لأنفسهم نفعا ولا ضرّا قل هل يستوي الأعمى والبصير أم هل تستوي الظّلمات والنّور أم جعلوا للّه شركاء خلقوا كخلقه فتشابه الخلق عليهم قل اللّه خالق كلّ شيء وهو الواحد القهّار}
{أم جعلوا للّه شركاء خلقوا كخلقه فتشابه الخلق عليهم} أي هل - أو أغير الله خلق شيئا فاشتبه عليهم خلق الله من خلق غيره.
وقوله عزّ وجلّ -: {قل اللّه خالق كلّ شيء وهو الواحد القهّار}.
أي قل ذلك وبيّنه بما أخبر اللّه به من الدلالة على توحيده من أول هذه السورة بما يدل على أنه خالق كل شيء). [معاني القرآن: 3/144-145]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {أم جعلوا لله شركاء خلقوا كخلقه فتشابه الخلق عليهم}
أي هل رأوا غير الله خلق مثل خلقه فتشابه الخلق عليهم). [معاني القرآن: 3/487]

تفسير قوله تعالى: {أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَدًا رَابِيًا وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغَاءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ مِثْلُهُ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ (17)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {أنزل من السّماء ماء فسالت أوديةٌ بقدرها...}
ضربه مثلا للقرآن إذا نزل عليهم لقوله: {فسالت أوديةٌ بقدرها} يقول قبلته القلوب بأقدارها وأهوائها.
وقوله: {فاحتمل السّيل زبداً} يذهب لا منفعة له، كذلك ما سكن في قلب من لم يؤمن وعبد آلهته وصار لا شيء في يده {وأمّا ما ينفع النّاس فيمكث في الأرض} فهذا مثل المؤمن.
ثم قال عزّ وجلّ: {وممّا يوقدون عليه في النّار} من الذهب والفضة والنّحاس زبد كزبد السيل يعني خبثه الذي تحصّله النار فتخرجه من الذهب والفضّة بمنزلة الزبد في السيل.
وأمّا قوله: {ابتغاء حليةٍ أو متاعٍ} يقول: يوقدون عليه في النار يبتغون به الحلي والمتاع ما يكون من النحاس والحديد هو زبد مثله.
وقوله: {فيذهب جفاء} ممدود أصله الهمز يقول: جفأ الوادي غثاءه جفئا. وقيل: الجفاء: كما قيل: الغثاء: وكل مصدر اجتمع بعضه إلى بعض مثل القماش والدّقاق والغثاء والحطام فهو مصدر. ويكون في مذهب اسم على هذا المعنى؛ كما كان العطاء اسماً على الإعطاء، فكذلك الجفاء والقماش لو أردت مصدره قلت: قمشته قمشاً. والجفاء أي يذهب سريعاً كما جاء). [معاني القرآن: 2/61-62]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {فاحتمل السّيل زبداً رابياً} مجازه: فاعلٌ من ربا يربو. أي ينتفخ.
(أو متاعٍ زبدٌ مثله)، وهو ما تمتعت به، قال المشعث:
تمتع يا مشعّث إنّ شيئاً=سبقت به الممات هو المتاع
(كذلك يضرب الله الحقّ والباطل) أي يمثّل الله الحق ويمثل الباطل.
(فأمّا الزّبد فيذهب جفآءً) قال أبو عمرو بن العلاء: يقال: قد أجفأت القدر، وذلك إذا غلت فانصبّ زبدها أو سكنت فلا يبقى منه شيء). [مجاز القرآن: 1/328-329]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {أنزل من السّماء ماء فسالت أوديةٌ بقدرها فاحتمل السّيل زبداً رّابياً وممّا يوقدون عليه في النّار ابتغاء حليةٍ أو متاعٍ زبدٌ مّثله كذلك يضرب اللّه الحقّ والباطل فأمّا الزّبد فيذهب جفاء وأمّا ما ينفع النّاس فيمكث في الأرض كذلك يضرب اللّه الأمثال}
وقال: {فسالت أوديةٌ بقدرها} تقول: "أعطني قدر شبرٍ" و"قدر شبرٍ" وتقول: "قدرت" و"أنا أقدر" "قدراً" فأما المثل ففيه "القدر" و"القدر".
وقال: {أو متاعٍ زبدٌ مّثله} يقول: "ومن ذلك الذي يوقدون عليه زيدٌ مثله" قول: "ومن ذلك الذي يوقدون عليه زبد مثل هذا"). [معاني القرآن: 2/57]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (الحسن وأبو عمرو وأبو جعفر وشيبة ونافع {ومما توقدون} بالتاء.
قراءة أخرى {يوقدون} بالياء). [معاني القرآن لقطرب: 761]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (وقوله عز وجل {زيدا رابيا} فالزبد الحلي من الذهب والفضة، والنظم كله.
وأما {فيذهب جفاء} وهو الجفال أيضًا؛ وهو الزبد يذهب على رأس الماء؛ يقال: جفأت الأرض جفاءً؛ إذا نشفت الماء.
[وروى محمد بن صالح]
جفأً، وكذلك جفأ الوادي، وأجفا، في معنى نشف.
وأجفأ الوادي إذا جاء بالغثاء. [عن العبدي].
[وروى محمد بن صالح]:
إذا جاء بذلك، وقالوا: جفأت القدر أجفؤها؛ إذا أخرجت جفاءها؛ وهو زبدها الذي يعلوها؛ وأجفأتها أيضًا لغة؛ وقالوا: جفأت الرجل جفئًا: صرعته.
[وروى محمد بن صالح]:
[معاني القرآن لقطرب: 769]
قال معمر عن أبي عمر وبن العلاء: وأجفأت القدر إذا غلت، حتى ينصب زبدها فيذهب.
[وروى محمد]:
وقوله عز وجل {فاحتمل السيل زبدا رابيا} أي يذهب لا منفعة له؛ كذلك ما دخل في قلب من لم يؤمن وعبد آلهة؛ صار لا شيء في يده.
{وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض} فهذا مثل المؤمن وما يثبت في قلبه من منفعة القرآن.
ثم قال {ومما توقدون عليه في النار} من الذهب والفضة والنحاس زبد كزبد السيل، يعني خبثه وما لا تحصله النار فتخرجه فذلك بمنزلة الزبد.
[إلى هاهنا رواه محمد بن صالح] ). [معاني القرآن لقطرب: 770]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (قوله {ومما توقدون عليه في النار ابتغاء حلية أو متاع زبد مثله} يجر المتاع على "وابتغاء متاع"، ويصير الزبد مرفوعًا على: ومن الذي توقدون زبد مثله). [معاني القرآن لقطرب: 771]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {زبدا رابيا}: من ربا يربو.
{أو متاع}: ما متعت به.
{جفاء}: يقال قد أجفأ الناس وقد جفأتهم إذا سقتهم وقد أجفأت القدر إذا القدر إذا غلت فعلاها الزبد فإذا سكنت لم يبق منه شيء). [غريب القرآن وتفسيره: 193]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {فسالت أوديةٌ بقدرها} أي على قدرها في الصغر والكبر.
{فاحتمل السّيل زبداً رابياً} أي زبدا عاليا على الماء.
{ابتغاء حليةٍ} أي حلى، أو متاعٍ أو آنية. يعني: أن من فلزّ الأرض وجواهرها مثل الرصاص والحديد والصّفر والذهب والفضة - خبثا يعلوها إذا أذيبت، مثل زبد الماء.
والجفاء ما رمى به الوادي إلى جنباته. يقال: أجفأت القدر بزبدها: إذا ألقت زبدها عنها). [تفسير غريب القرآن: 227]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (والمتاع: الآلات التي ينتفع بها، قال الله تعالى: {وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغَاءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتَاعٍ} ). [تأويل مشكل القرآن: 512]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ( {أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَدًا رَابِيًا وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغَاءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ مِثْلُهُ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ}.
هذا مثل ضربه الله للحق والباطل. يقول: الباطل وإن ظهر على الحق في بعض الأحوال وعلاه، فإن الله سيمحقه ويبطله، ويجعل العاقبة للحق وأهله، ومثل ذلك مطر جود، أسال الأودية بقدرها: الكبير على قدره، والصغير على قدره.
فاحتمل السّيل زبداً رابياً أي: عاليا على الماء كما يعلو الباطل تارة على الحق، ومن جواهر الأرض التي تدخل الكير ويوقد عليها. يعني الذهب والفضة للحلية، والشّبه والحديد للآلة، حيث يعلوها مثل زبد الماء.
فأمّا الزّبد فيذهب جفاءً أي: يلقيه الماء عنه فيتعلّق بأصول الشّجر وبجنبات الوادي، وكذلك خبث الفلزّ يقذفه الكير. فهذا مثل الباطل.
{وَأَمَّا مَا} الماء الذي {يَنْفَعُ النَّاسَ} وينبت المرعى {فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ} وكذلك الصّفو من الفلزّ يبقى خالصا لا شوب فيه. فهو مثل الحق). [تأويل مشكل القرآن: 326]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (ثم قال - عزّ وجلّ - ضاربا مثلا للكافرين والمؤمنين:
{أنزل من السّماء ماء فسالت أودية بقدرها فاحتمل السّيل زبدا رابيا وممّا يوقدون عليه في النّار ابتغاء حلية أو متاع زبد مثله كذلك يضرب اللّه الحقّ والباطل فأمّا الزّبد فيذهب جفاء وأمّا ما ينفع النّاس فيمكث في الأرض كذلك يضرب اللّه الأمثال}
{أنزل من السّماء ماء فسالت أودية بقدرها}أي بما قدّر لها من ملئها، ويجوز بقدرها أي بقدر ملئها.
{فاحتمل السّيل زبدا رابيا} أي: طافيا عاليا فوق الماء.
{وممّا يوقدون عليه في النّار ابتغاء حلية أو متاع} أي ابتغاء متاع.
(زبد مثله}.
والذي يوقد عليه في النار ابتغاء حلية: الذّهب والفضة، والذي يوقد عليه ابتغاء أمتعة الحديد والصفر والنحاس والرصاص.
و{زبد مثله} أي مثل زبد الماء.
{كذلك يضرب اللّه الحقّ والباطل فأمّا الزّبد} أي من زبد الماء، والزّبد من خبث الحديد، والصّفر والنحاس والرصاص.
{فيذهب جفاء} أي فيذهب ذلك لا ينتفع به، والجفاء ما جفا، الوادي، أي رمى به.
{وأمّا ما ينفع النّاس فيمكث في الأرض} وأما ما ينفع الناس من الماء والفضة والذهب والحديد وسائر ما ذكرنا فيمكث في الأرض.
فمثل المؤمن واعتقاده ونفع الإيمان كمثل هذا الماء
المنتفع به في نبات الأرض وحياة كل شيء، وكمثل نفع الفضة والذهب وسائر الآلات التي ذكرت لأنها كلها تبقى منتفعا بها، ومثل الكافر وكفره كمثل هذا الزّبد الذي يذهب جفاء وكمثل خبث الحديد، وما تخرجه النار من وسخ الفضة والذهب الذي لا ينتفع به.
وموضع كذلك نصب، قال أبو زيد: يقال جفأت الرجل إذا صرعته وأجفات القدر بزبدها إذا ألقت زبدها فيه.
{فيذهب جفاء}. من هذا اشتقاقه.
وموضع {جفاء} نصب على الحال، وهو ممدود.
وزعم البصريون والكوفيون جميعا أنّ ما كان مثل القماش والقمام والجفاء فهذه الأشياء تجيء على مثال فعال). [معاني القرآن: 3/145-146]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله تعالى: {أنزل من السماء ماء فسالت أودية بقدرها}
قال ابن جريج أخبرني ابن كثير قال سمعت مجاهدا يقول بقدر ملئها
قال ابن جريج بقدر صغرها وكبرها
وقرأ الأشهب العقيلي فسالت أودية بقدرها والمعنى واحد
وقيل معناها بما قدر لها
ثم قال تعالى: {فاحتمل السيل زبدا رابيا}أي طالعا عاليا
قال مجاهد تم الكلام
ثم قال تعالى: {ومما توقدون عليه في النار ابتغاء حلية أو متاع زبد مثله}
قال مجاهد المتاع الحديد والنحاس والرصاص
قال غيره الذي يوقد عليه ابتغاء حلية الذهب والفضة
ثم قال تعالى: {فأما الزبد فيذهب جفاء}
قال مجاهد أي جمودا
قال أبو عمرو بن العلاء رحمه الله يقال أجفأت القدر إذا غلت حتى ينضب زبدها وإذا جمد في أسفلها
قال أبو زيد وكان رؤبة يقرأ فيذهب جفالا
يقال جفلت الريح السحاب إذا قطعته وأذهبته
ثم قال تعالى: {وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض}
قال مجاهد وهو الماء وهذا مثل للحق والباطل أي إن الحق يبقى وينتفع به والباطل يذهب ويضمحل كما يذهب هذا الزبد وكذهاب خبث هذه الأشياء
ثم قال تعالى: {كذلك يضرب الله الأمثال} تم الكلام). [معاني القرآن: 3/488-490]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {رابيا} عاليا على الماء.
{ابتغاء حلية} أي حلي {أو متاع} آنية من الرصاص والحديد حيث يعلوها -إذ أذيبت- مثل زبد السيل.
(والجفاء) ما رمى به الوادي في جانبيه). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 119]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {رَّابِيًا}: زائداً
{جُفَاء}: يذهب به السيل). [العمدة في غريب القرآن: 166]

تفسير قوله تعالى:{لِلَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمُ الْحُسْنَى وَالَّذِينَ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُ لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لَافْتَدَوْا بِهِ أُولَئِكَ لَهُمْ سُوءُ الْحِسَابِ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ
(18)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {للّذين استجابوا لربّهم الحسنى} استجبت لك واستجبتك سواء وهو أجبت، والحسنى هي كل خير من الجنة فما دونها،
أي لهم الحسنى.
(المهاد) الفراش والبساط). [مجاز القرآن: 1/329]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: عزّ وجلّ: {للّذين استجابوا لربّهم الحسنى والّذين لم يستجيبوا له لو أنّ لهم ما في الأرض جميعا ومثله معه لافتدوا به أولئك لهم سوء الحساب ومأواهم جهنّم وبئس المهاد}
أي لهم الجنة، وجائز أن يكون لهم جزاء المحسنين، وهو راجع إلى الجنة أيضا كما قال - عزّ وجلّ -: {هل جزاء الإحسان إلّا الإحسان}.
{أولئك لهم سوء الحساب}.
وسوء الحساب ألا تقبل منهم حسنة ولا يتجاوز لهم عن سيئة، وأن كفرهم أحبط أعمالهم كما قال: {الّذين كفروا وصدّوا عن سبيل اللّه أضلّ أعمالهم}.
وقيل سوء الحساب أن يستقصى عليه حسابه ولا يتجاوز له عن شيء من سيئاته، وكلاهما فيه عطب.
ودليل هذا القول الثاني من نوقش الحساب عذّب.
وتكون سوء الحساب المناقشة). [معاني القرآن: 3/146]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {للذين استجابوا لربهم الحسنى}قال قتادة هي الجنة
وقوله تعالى: {أولئك لهم سوء الحساب}
قال أبو الجوزاء عن ابن عباس يعني المناقشة بالأعمال
ويدل على هذا الحديث من نوقش الحساب هلك
قال فرقد قال لي إبراهيم يا فرقد أتدري ما سوء الحساب قلت لا قال أن يحاسب العبد بذنبه كله لا يغفر له منه شيء). [معاني القرآن: 3/490-491]


رد مع اقتباس