عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 6 جمادى الأولى 1434هـ/17-03-2013م, 10:43 PM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 1,054
افتراضي

التفسير اللغوي

تفسير قوله تعالى: (مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آَمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ (113) )
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {ما كان للنّبيّ والّذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى من بعد ما تبيّن لهم أنّهم أصحاب الجحيم}
ثم قال: {ما كان للنّبيّ والّذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين} يقول "وما كان لهم استغفارٌ للمشركين" وقال: {وما كان لنفسٍ أن تؤمن إلاّ بإذن اللّه}. أي ما كان لها الإيمان إلا بإذن الله). [معاني القرآن: 2/30]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {ما كان للنّبيّ والّذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى من بعد ما تبيّن لهم أنّهم أصحاب الجحيم}
يروى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - عرض على عمّه أبي طالب الإسلام عند وفاته، وذكر له وجوب حقّه عليه، فأبى أبو طالب فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: لأستغفرن لك حتى أنهى عن ذلك.
ويروى أنّه استغفر لأمّه، ويروى إنّه استغفر لأبيه، وأنّ
المؤمنين ذكروا محاسن آبائهم في الجاهلية وسألوا أن يستغفروا لآبائهم لما كان من محاسن كانت لهم، فأعلم اللّه عزّ وجلّ أن ذلك لا يجوز فقال:
{ما كان للنّبيّ والّذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى}.
وقوله: {من بعد ما تبيّن لهم أنّهم أصحاب الجحيم}
أي من بعد ما تبين لهم أنهم ماتوا كافرين.
ثم أعلم جلّ وعزّ كيف كان استغفار إبراهيم لأبيه فقال:
{وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلّا عن موعدة وعدها إيّاه فلمّا تبيّن له أنّه عدوّ للّه تبرّأ منه إنّ إبراهيم لأوّاه حليم} ). [معاني القرآن: 2/472-473]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى}
وروى أبو الخليل عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال مررت برجل من المسلمين يستغفر لأبيه وقد مات مشركا قال فنهيته فقال قد استغفر إبراهيم لأبيه فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته فأنزل الله: {ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعده إياه} إلى آخر الآيتين
وفي بعض الروايات فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقرأ {ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين} الآيتين
وروى الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم جاء أبا طالب حين حضرته الوفاة وكان أبو جهل وعبد الله بن أمية عنده فقال النبي صلى الله عليه وسلم أي عم قل لا إله إلا الله أشهد لك بها عند الله فقال أبو جهل وعبد الله بن أبي أمية أترغب عن ملة عبد المطلب فأبى أن يقول لا إله إلا الله فقال النبي صلى الله عليه وسلم أما والله لأستغفرن لك ما لم أنه فأنزل الله عز وجل: {ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين} وأنزل: {إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدى من يشاء}
قال ابن مسعود ناجى النبي صلى الله عليه وسلم قبر أمه وبكى وقال إني استأذنت ربي في الاستغفار لها فلم يأذن لي ونزل {ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين}
وقيل معنى {إلا عن موعدة وعدها إياه} إن أباه وعده
أن يسلم فاستغفر له
{فلما تبين له أنه عدو لله} بإقامته الكفر {تبرأ منه}
وقال عبد الله بن عباس لما تبين له أنه عدو لله بأن مات وهو كافر تبرأ منه). [معاني القرآن: 3/259-261]

تفسير قوله تعالى: (وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ (114) )
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {إنّ إبراهيم لأوّاهٌ حليمٌ} مجازه مجاز فعّال من التأوه، ومعناه متضرع شفقاً وفرقاً ولزوماً لطاعة ربه، وقال المثقّب العبديّ:
إذا ما قمت أرحلها بليلٍ..=. تأوّه آهة الرجل الحزين).
[مجاز القرآن: 1/270]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلاّ عن مّوعدةٍ وعدها إيّاه فلمّا تبيّن له أنّه عدوٌّ للّه تبرّأ منه إنّ إبراهيم لأوّاهٌ حليمٌ}
وقال: {إلاّ عن مّوعدةٍ وعدها إيّاه} يريد "إلاّ من بعد موعدةٍ" كما تقول: "ما كان هذا الشرّ إلاّ عن قولٍ كان بينكما" أي: عن ذلك صار). [معاني القرآن: 2/30]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (وقوله {إلا عن موعدة} فهي مفعلة من وعدت؛ وهو مثل قول الشاعر:
أنت التي خنت عهدي بعد موثقة = إن لم تكن كذبت عنك الأخابير
خبر وأخبار؛ وأخابير جمع الجمع.
وقوله {إن إبراهيم لأواه حليم} قالوا في الفعل: آه يؤوه أوها، وتأوه تأوها منهاه؛ وهو الحزين الواجد؛ وقالوا: أوة عليه، وأيه عليك، فيما زعم يونس أنها مقولة بإسكان الهاء؛ وقالوا أيضًا: أوه عليك، بإسكان الهاء؛ وقالوا: أوتاه.
وقال الشاعر:
أوه لذكراها إذا ما ذكرتها = ومن أتي ليلى والفراق وراء
وقالوا: أوه عليك إذا شق عليه؛ وقالواك أوه عليك بإسكان الواو وضم الهاء؛ وقالوا أيضًا: أوه عليك بإسكان الواو وكسر الهاء، وقالوا: أيضًا آوه بكسر الواو وإسكان الهاء والمد.
وقال بعضهم: آوه لذكراها، يسكن الواو ويمد ويكسر الهاء، ويجمع بين ساكنين الألف قبل الواو والواو.
[معاني القرآن لقطرب: 648]
قال الشاعر:
فأوه لذكراها إذا ما ذكرتها = ومن عرض أرض بيننا وسماء
وقد قال بعضهم: فأوه لذكراها فضم.
وقالوا: آه الرجل يؤوه أوهًا؛ إذا قال: أوه؛ من مرض.
وقال الجعدي:
صروح مروح تتبع الورق بعدما = تعرس شكوى آهة وتنمرا
ويروى: طروح.
وقال المثقب العبدي:
إذا ما قمت أرحلها بليل تأوه آهة الرجل الحزين
وكان الحسن يقول الأواه: الرحيم؛ وكأن الأصل كله واحد في المعنى). [معاني القرآن لقطرب: 649]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {لأواه}: قال المتأوه من الخوف ويروى لدعاء ويقال الرحيم ويقال الموقن). [غريب القرآن وتفسيره: 167]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {الأوّاه} المتأوّه حزنا وخوفا. قال المثقّب العبدي وذكر ناقته:
إذا قمت أرحلها بليل تأوّه آهة الرّجل الحزين). [تفسير غريب القرآن: 193]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلّا عن موعدة وعدها إيّاه فلمّا تبيّن له أنّه عدوّ للّه تبرّأ منه إنّ إبراهيم لأوّاه حليم}
فيروى أنه كان وعده أن يستغفر له أيام حياته، ويروى أن أبا إبراهيم كان وعد إبراهيم أن يسلم إن استغفر له، فلما تبين له إقامته على الكفر تبرّأ منه.
وقال اللّه تعالى: {قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والّذين معه}
إلى قوله: {إلّا قول إبراهيم لأبيه لأستغفرنّ لك}.
أي تأسّوا بإبراهيم في هذا القول.
وقوله: {إنّ إبراهيم لأوّاه حليم}.
يروى أن عمر سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الأوّاه، فقال: الأوّاه الدّعّاء، والأوّاه في أكثر الرواية الدّعّاء
ويروى أن الأوّاه الفقيه، ويروى أن الأوّاه المؤمن بلغة الحبشة.
ويروى أن الأوّاه الرحيم الرفيق.
قال أبو عبيدة: {الأوّاه} المتأوّه شفقا وفرقا المتضرع يقينا، يريد أن يكون
تضرعه على يقين بالإجابة ولزوما للطاعة.
وقد انتظم قول أبي عبيدة أكثر ما روي في الأوّاه وأنشد أبو عبيدة:
إذا ما قمت أرحلها بليل..=. تأوّه آهة الرجل الحزين).
[معاني القرآن: 2/4734-474]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله عز وجل: {إن إبراهيم لأواه حليم}
روى أبو ظبيان عن ابن عباس أنه قال الأواه الموقن
وروي عن عبد الله بن مسعود قولان أصحهما إسنادا ما رواه حماد عن عاصم عن زر عن ابن مسعود أنه قال هو الدعاء والآخر أنه الرحيم
وروي عن مجاهد أنه الفقيه
وقال كعب إذا ذكر النار تأوه
قال أبو جعفر وهذه الأقوال ليست بمتناقضة لأن هذه كلها من صفات إبراهيم إلا أن أحسنها في اللغة الدعاء لأن التأوه إنما هو صوت قال المثقب:
إذا ما قمت أرحلها بليل = تأوه آهة الرجل الحزين
وقول كعب أيضا حسن أي كان يتأوه إذا ذكر النار
وقال سعيد بن جبير المسبح وقيل الذي يتأوه من الذنوب فلا يعجل إلى معصية فلم يستغفر لأبيه إلا لوعده لأن الاستغفار للكافر ترك الرضا لأفعل الله عز وجل وأحكامه). [معاني القرآن: 3/261-262]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : (أواه أي: تواب. {حليم} أي: وقور). [ياقوتة الصراط: 248]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): {الأواه} المتأوه حزنا وخوفا). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 100]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {لأوَّاهٌ}: متأوه، الدعاء). [العمدة في غريب القرآن: 150]

تفسير قوله تعالى: (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (115) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وما كان اللّه ليضلّ قوماً بعد إذ هداهم...}
سأل المسلمون النبي صلى الله عليه وسلم عمّن مات من المسلمين وهو يصلّى إلى القبلة الأولى، ويستحلّ الخمر قبل تحريمها، فقالوا: يا رسول الله أمات إخواننا ضلاّلا؟ فأنزل الله تبارك وتعالى: {وما كان اللّه ليضلّ قوماً بعد إذ هداهم حتّى يبيّن لهم مّا يتّقون} يقول: ليسوا بضلال ولم يصرفوا عن القبلة الأولى، ولم ينزل عليهم تحريم الخمر). [معاني القرآن: 1/453]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {وما كان اللّه ليضلّ قوما بعد إذ هداهم حتّى يبيّن لهم ما يتّقون إنّ اللّه بكلّ شيء عليم}
يروى أنه لما نزل تحريم الخمر ووقعت الحدود قال المسلمون فيمن مات قبل ذلك ولم يدرك التحريم اسألوا عن حالهم، فأعلم اللّه جلّ وعزّ أنه لا يؤاخذهم بما حرم مما لم يحرم عليهم.
وجائز أن يكون: إذا وفق اللّه للهداية فلا إضلال بعدها، لأن من يهد اللّه فلا مضلّ له). [معاني القرآن: 2/474]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وما كان الله ليضل قوما بعد إذ هداهم حتى يبين لهم ما يتقون}
قال أبو عمرو بن العلاء رحمه الله أي يحتج عليهم بأمره كما قال تعالى: {وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها
ففسقوا فيها}
وقال مجاهد يبين لهم أمر إبراهيم ألا يستغفروا للمشركين خاصة ويبين لهم الطاعة والمعصية عامة
وروي أنه لما نزل تحريم الخمر وشدد فيها سألوا النبي صلى الله عليه وسلم عمن مات وهو يشربها فأنزل الله عز وجل: {وما كان الله ليضل قوما بعد إذ هداهم حتى يبين لهم ما يتقون}
وقوله جل وعز: {لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار الذين اتبعوه في ساعة العسرة} [آية: 179] قال عبد الله بن محمد بن عقيل بن أبي طالب خرجوا في غزوة تبوك في حر شديد وكان الرجلان والثلاثة على البعير الواحد فعطشوا يوما عطشا شديدا فأقبلوا ينحرون الإبل ويشقون أكراشها ويشربون ما فيها). [معاني القرآن: 3/262-263]

تفسير قوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ (116) )


رد مع اقتباس