عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 21 صفر 1440هـ/31-10-2018م, 09:23 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَلَقَدْ آَتَيْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ (16) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (والكتاب في قوله تعالى: {ولقد آتينا بني إسرائيل الكتاب} هو التوراة، و"الحكم" هو السنة والفقه، فيقال: إنه لم يتسع فقه الأحكام على لسان نبي ما اتسع على لسان موسى عليه السلام، والنبوة هي ما تكرر فيهم من الأنبياء عليهم السلام، وقوله تعالى: {ورزقناهم من الطيبات} يعني: المستلذات الحلال، وبهذا تتم النعمة ويحسن تعديدها، وهذه إشارة إلى المن والسلوى، وطيبات الشام بعد، إذ هي الأرض المباركة، وقد تقدم القول في معنى الطيبات، وتلخيص قول مالك والشافعي في ذلك، وقوله تعالى: "على العالمين" يريد: على عالم زمانهم). [المحرر الوجيز: 7/ 595-596]

تفسير قوله تعالى: {وَآَتَيْنَاهُمْ بَيِّنَاتٍ مِنَ الْأَمْرِ فَمَا اخْتَلَفُوا إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (17) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (و"البينات من الأمر": هو الوحي الذي فصلت لهم به الأمور، ثم بين تعالى خطأهم وعظمه بقوله تعالى: {فما اختلفوا إلا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم}، وذلك أنهم لو اختلفوا اجتهادا في طلب صواب، لكان لهم عذر في الاختلاف، وإنما اختلفوا بغيا وقد تبينوا الحقائق، ثم توعدهم تعالى بوقف أمرهم على قضائه بينهم يوم القيامة). [المحرر الوجيز: 7/ 596]

تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ (18) إِنَّهُمْ لَنْ يُغْنُوا عَنْكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ (19) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {ثم جعلناك على شريعة من الأمر فاتبعها ولا تتبع أهواء الذين لا يعلمون * إنهم لن يغنوا عنك من الله شيئا وإن الظالمين بعضهم أولياء بعض والله ولي المتقين * هذا بصائر للناس وهدى ورحمة لقوم يوقنون * أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات سواء محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون}
المعنى: ثم جعلناك على شريعة، فلا محالة أنه سيختلف عليك كما تقدم لبني إسرائيل فاتبع شريعتك، والشريعة في كلام العرب: الموضع الذي يرد فيه الناس في الأنهار والمياه، ومنه قول الشاعر:
وفي الشرائع من جلان مقتنص ... رث الثياب خفي الشخص منسرب
فشريعة الدين هي من ذلك، كأنها من حيث يرد الناس أمر الله ورحمته والقرب منه، وقال قتادة: الشرائع: الفرائض والحدود والأمر والنهي، وقوله تعالى: "من الأمر" يحتمل أن يكون واحد الأمور، أي: من دين الله تعالى ونبواته التي بثها في سالف الزمان، ويحتمل أن يكون مصدرا من أمر يأمر، أي: على شريعة من الأوامر والنواهي، فسمى الله تعالى جميع ذلك أمرا، و"الذين لا يعلمون" هم الكفار الذين كانوا يريدون صرف محمد صلى الله عليه وسلم إلى إرادتهم.
و"يغنوا" من الغَنَاء، أي: لن يكون لهم عنك دفاع، ثم حقر تعالى شأن الظالمين مشيرا بذلك إلى كفار قريش، ووجه التحقير أنه تبارك وتعالى قال: هؤلاء يتولى بعضهم بعضا، والمتقون يتولاهم الله تعالى، فخرجوا عن ولاية الله تعالى وتبرأت منهم، ووكلهم الله تعالى بعضهم إلى بعض). [المحرر الوجيز: 7/ 596-597]

تفسير قوله تعالى: {هَذَا بَصَائِرُ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ (20) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {هذا بصائر للناس} يريد القرآن، والبصائر جمع بصيرة، وهي المعتقد الوثيق في الشيء، كأنه مصدر من إبصار القلب، فالقرآن فيه بينات ينبغي أن تكون بصائر، والبصيرة في كلام العرب: الطريقة من الدم، ومنه قول الشاعر:
راحوا بصائرهم على أكتافهم ... وبصيرتي يعدو بها عتد وأي
وفسر الناس هذا البيت بطريقة الدم; إذ كانت عادة طالب الدم عندهم أن يجعل طريقة من دم خلف ظهره ليعلم بذلك أنه لم يدرك ثأره وأنه يطلبه، [ويظهر فيه أنه يريد بصيرة القلب، أي: قد اطرح هؤلاء بصائرهم وراء ظهورهم]). [المحرر الوجيز: 7/ 597-598]

رد مع اقتباس