عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 23 ذو الحجة 1439هـ/3-09-2018م, 07:43 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {قَالَ هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ (41)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({قال ربّ بما أغويتني لأزيّننّ لهم في الأرض ولأغوينّهم أجمعين (39) إلا عبادك منهم المخلصين (40) قال هذا صراطٌ عليّ مستقيمٌ (41) إنّ عبادي ليس لك عليهم سلطانٌ إلا من اتّبعك من الغاوين (42) وإنّ جهنّم لموعدهم أجمعين (43) لها سبعة أبوابٍ لكلّ بابٍ منهم جزءٌ مقسومٌ (44)}
يقول تعالى مخبرًا عن إبليس وتمرّده وعتوّه أنّه قال للرّبّ: {بما أغويتني} قال بعضهم: أقسم بإغواء اللّه له.
قلت: ويحتمل أنّه بسبب ما أغويتني وأضللتني {لأزيّننّ لهم} أي: لذرّيّة آدم، عليه السّلام {في الأرض} أي: أحبّب إليهم المعاصي وأرغّبهم فيها، وأؤزّهم إليها، وأزعجهم إزعاجًا، {ولأغوينّهم} أي: كما أغويتني وندّرت على ذلك، {أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين} كما قال {أرأيتك هذا الّذي كرّمت عليّ لئن أخّرتني إلى يوم القيامة لأحتنكنّ ذرّيّته إلا قليلا} [الإسراء: 62]
قال اللّه تعالى له متهدّدًا ومتوعّدًا {هذا صراطٌ عليّ مستقيمٌ} أي: مرجعكم كلّكم إليّ، فأجازيكم بأعمالكم، إن خيرًا فخيرٌ، وإنّ شرًّا فشرٌّ، كما قال تعالى: {إنّ ربّك لبالمرصاد} [الفجر: 14]
وقيل: طريق الحقّ مرجعها إلى اللّه تعالى، وإليه تنتهي. قاله مجاهدٌ، والحسن، وقتادة كما قال: {وعلى اللّه قصد السّبيل} [النّحل: 9]
وقرأ قيس بن عباد، ومحمّد بن سيرين، وقتادة: "هذا صراطٌ عليٌّ مستقيمٌ"، كقوله: {وإنّه في أمّ الكتاب لدينا لعليٌّ حكيمٌ} [الزّخرف: 4] أي: رفيعٌ. والمشهور القراءة الأولى). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 535]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ (42)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {إنّ عبادي ليس لك عليهم سلطانٌ} أي: الّذين قدّرت لهم الهداية، فلا سبيل لك عليهم، ولا وصول لك إليهم، {إلا من اتّبعك من الغاوين} استثناءٌ منقطعٌ.
وقد أورد ابن جرير هاهنا من حديث عبد اللّه بن المبارك، عن عبد اللّه بن موهبٍ حدّثنا يزيد بن قسيط قال: كانت الأنبياء يكون لهم مساجد خارجةً من قراهم، فإذا أراد النّبيّ أن يستنبئ ربّه عن شيءٍ، خرج إلى مسجده فصلّى ما كتب اللّه له، ثمّ سأل ما بدا له، فبينا نبيٌّ في مسجده إذ جاء عدوّ اللّه -يعني: إبليس -حتّى جلس بينه وبين القبلة، فقال النّبيّ: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. [فقال عدوّ اللّه: أرأيت الّذي تعوّذ منه؟ فهو هو. فقال النّبيّ: أعوذ باللّه من الشّيطان الرّجيم] قال: فردّد ذلك ثلاث مرّاتٍ، فقال عدوّ اللّه: أخبرني بأيّ شيءٍ تنجو منّي؟ فقال النّبيّ: بل أخبرني بأيّ شيءٍ تغلب ابن آدم؟ مرّتين، فأخذ كلّ [واحدٍ] منهما على صاحبه، فقال النّبيّ: إنّ اللّه تعالى يقول: {إنّ عبادي ليس لك عليهم سلطانٌ إلا من اتّبعك من الغاوين} قال عدوّ اللّه: قد سمعت هذا قبل أن تولد. قال النّبيّ: ويقول اللّه: {وإمّا ينزغنّك من الشّيطان نزغٌ فاستعذ باللّه إنّه سميعٌ عليمٌ} [الأعراف: 200] وإنّي واللّه ما أحسست بك قطّ إلّا استعذت باللّه منك. قال عدوّ اللّه: صدقت، بهذا تنجو منّي. فقال النّبيّ: "أخبرني بأيّ شيءٍ تغلب ابن آدم"؟ قال: آخذه عند الغضب والهوى). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 535-536]

تفسير قوله تعالى: {وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ (43)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {وإنّ جهنّم لموعدهم أجمعين} أي: جهنّم موعد جميع من اتّبع إبليس، كما قال عن القرآن: {ومن يكفر به من الأحزاب فالنّار موعده} [هودٍ: 17]). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 536]

تفسير قوله تعالى: {لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ لِكُلِّ بَابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ (44)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (ثمّ أخبر أنّ لجهنّم سبعة أبوابٍ: {لكلّ بابٍ منهم جزءٌ مقسومٌ} أي: قد كتب لكلّ بابٍ منها جزءٌ من أتباع إبليس يدخلونه، لا محيد لهم عنه -أجارنا اللّه منها-وكلٌّ يدخل من بابٍ بحسب عمله، ويستقرّ في درك بقدر فعله.
قال إسماعيل بن عليّة وشعبة كلاهما، عن أبي هارون الغنويّ، عن حطّان بن عبد اللّه أنّه قال: سمعت عليّ بن أبي طالبٍ وهو يخطب قال: إنّ أبواب جهنّم هكذا -قال أبو هارون: أطباقًا بعضها فوق بعضٍ
وقال إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن هبيرة بن يريم عن عليٍّ، رضي اللّه عنه، قال: أبواب جهنّم سبعةٌ بعضها فوق بعضٍ، فيمتلئ الأوّل، ثمّ الثّاني، ثمّ الثّالث، حتّى تملأ كلّها
وقال عكرمة: {سبعة أبوابٍ} سبعة أطباقٍ.
وقال ابن جريجٍ: {سبعة أبوابٍ} أوّلها جهنّم، ثمّ لظى، ثمّ الحطمة، ثمّ سعيرٌ، ثمّ سقر، ثمّ الجحيم، ثمّ الهاوية.
وروى الضّحّاك عن ابن عبّاسٍ، نحوه. وكذا [روي] عن الأعمش بنحوه أيضًا.
وقال قتادة: {لها سبعة أبوابٍ لكلّ بابٍ منهم جزءٌ مقسومٌ} وهي واللّه منازل بأعمالهم. رواهنّ ابن جريرٍ.
وقال جويبرٍ، عن الضّحّاك: {لها سبعة أبوابٍ لكلّ بابٍ منهم جزءٌ مقسومٌ} قال: باب لليهود، وبابٌ للنّصارى، وبابٌ للصّابئين، وبابٌ للمجوس، وبابٌ للّذين أشركوا -وهم كفّار العرب -وبابٌ للمنافقين، وبابٌ لأهل التّوحيد، فأهل التّوحيد يرجى لهم ولا يرجى لأولئك أبدًا.
وقال التّرمذيّ: حدّثنا عبد بن حميد، حدّثنا عثمان بن عمر، عن مالك بن مغول، عن جنيد عن ابن عمر، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: "لجهنّم سبعة أبوابٍ: بابٌ منها لمن سلّ السّيف على أمّتي -أو قال: على أمّة محمّدٍ.
ثمّ قال: لا نعرفه إلّا من حديث مالك بن مغول
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أبي، حدّثنا، عبّاس بن الوليد الخلّال، حدّثنا زيد -يعني: ابن يحيى -حدّثنا سعيد بن بشيرٍ، عن قتادة، عن أبي نضرة، عن سمرة بن جندب، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم في قوله: {لكلّ بابٍ منهم جزءٌ مقسومٌ} قال: "إنّ من أهل النّار من تأخذه النّار إلى كعبيه، وإنّ منهم من تأخذه النّار إلى حجزته، ومنهم من تأخذه النّار إلى تراقيه، منازل بأعمالهم، فذلك قوله: {لكلّ بابٍ منهم جزءٌ مقسومٌ}).[تفسير القرآن العظيم: 4/ 536-537]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (45)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({إنّ المتّقين في جنّاتٍ وعيونٍ (45) ادخلوها بسلامٍ آمنين (46) ونزعنا ما في صدورهم من غلٍّ إخوانًا على سررٍ متقابلين (47) لا يمسّهم فيها نصبٌ وما هم منها بمخرجين (48) نبّئ عبادي أنّي أنا الغفور الرّحيم (49) وأنّ عذابي هو العذاب الأليم (50)}
لمّا ذكر تعالى حال أهل النّار، عطف على ذكر أهل الجنّة، وأنّهم في جنّاتٍ وعيونٍ). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 537]

تفسير قوله تعالى: {ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ آَمِنِينَ (46)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {ادخلوها بسلامٍ} أي: سالمين من الآفات، مسلّمًا عليكم، {آمنين} من كلّ خوفٍ وفزعٍ، ولا تخشوا من إخراجٍ، ولا انقطاعٍ، ولا فناءٍ). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 537]

تفسير قوله تعالى: {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ (47)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {ونزعنا ما في صدورهم من غلٍّ إخوانًا على سررٍ متقابلين} روى القاسم، عن أبي أمامة قال: يدخل أهل الجنّة الجنّة على ما في صدورهم في الدّنيا من الشّحناء والضّغائن، حتّى إذا توافوا وتقابلوا نزع اللّه ما في صدورهم في الدّنيا من غلٍّ، ثمّ قرأ: {ونزعنا ما في صدورهم من غلٍّ}
هكذا في هذه الرّواية، والقاسم بن عبد الرّحمن -في روايته عن أبي أمامة -ضعيفٌ.
وقد روى سنيد في تفسيره: حدّثنا ابن فضالة، عن لقمان، عن أبي أمامة قال: لا يدخل مؤمنٌ الجنّة حتّى ينزع اللّه ما في صدرهم من غلٍّ، حتّى ينزع منه مثل السّبع الضّاري
وهذا موافقٌ لما في الصّحيح، من رواية قتادة، حدّثنا أبو المتوكّل الناجي: أن أبا سعيد الخدري حدّثهم: أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: "يخلص المؤمنون من النّار، فيحبسون على قنطرةٍ بين الجنّة والنّار، فيقتص لبعضهم من بعضهم، مظالم كانت بينهم في الدّنيا، حتّى إذا هذّبوا ونقّوا، أذن لهم في دخول الجنّة"
وقال ابن جريرٍ: حدّثنا الحسن، حدّثنا يزيد بن هارون، أخبرنا هشامٌ، عن محمّدٍ -هو ابن سيرين -قال: استأذن الأشتر على عليٍّ، رضي اللّه عنه، وعنده ابنٌ لطلحة، فحبسه ثمّ أذن له. فلمّا دخل قال: إنّي لأراك إنّما احتبستني لهذا؟ قال: أجل. قال: إنّي لأراه لو كان عندك ابنٌ لعثمان لحبستني؟ قال: أجل إنّي لأرجو أن أكون أنا وعثمان ممّن قال اللّه تعالى: {ونزعنا ما في صدورهم من غلٍّ [إخوانًا] على سررٍ متقابلين}
وحدّثنا الحسن: حدّثنا أبو معاوية الضّرير، حدّثنا أبو مالكٍ الأشجعيّ، عن أبي حبيبة -مولًى لطلحة -قال: دخل عمران بن طلحة على عليٍّ، رضي اللّه عنه، بعدما فرغ من أصحاب الجمل، فرحّب به وقال: إنّي لأرجو أن يجعلني اللّه وأباك من الّذين قال اللّه: {ونزعنا ما في صدورهم من غلٍّ إخوانًا على سررٍ متقابلين} -قال: ورجلان جالسان على ناحية البساط، فقالا اللّه أعدل من ذلك، تقتلهم بالأمس، وتكونون إخوانًا! فقال عليٌّ، رضي اللّه عنه: قوما أبعد أرضٍ وأسحقها! فمن هو إذًا إن لم أكن أنا وطلحة، وذكر أبو معاوية الحديث بطوله
وروى وكيع، عن أبان بن عبد اللّه البجليّ، عن نعيم بن أبي هند، عن ربعي بن خراش، عن عليٍّ، نحوه، وقال فيه: فقام رجلٌ من همدان فقال: اللّه أعدل من ذاك يا أمير المؤمنين. قال: فصاح به عليٌّ صيحةً، فظننت أنّ القصر تدهده لها، ثمّ قال: إذا لم نكن نحن فمن هو؟
وقال سعيد بن مسروقٍ، عن أبي طلحة -وذكره-فيه: فقال الحارث الأعور ذلك، فقام إليه عليٌّ، رضي اللّه عنه، فضربه بشيءٍ كان في يده في رأسه، وقال: فمن هم يا أعور إذا لم نكن نحن؟
وقال سفيان الثّوريّ: عن منصورٍ، عن إبراهيم قال: جاء ابن جرموزٍ قاتل الزّبير يستأذن على عليٍّ، رضي اللّه عنه فحجبه طويلًا ثمّ أذن له، فقال له: أمّا أهل البلاء فتجفوهم. فقال عليٌّ: بفيك التّراب، إنّي لأرجو أن أكون أنا وطلحة والزّبير، ممّن قال اللّه: {ونزعنا ما في صدورهم من غلٍّ إخوانًا على سررٍ متقابلين}
وكذا روى الثّوريّ، عن جعفر بن محمّدٍ، عن أبيه، عن عليٍّ، بنحوه.
وقال سفيان بن عيينة، عن إسرائيل، عن أبي موسى، سمع الحسن البصريّ يقول: قال عليٌّ: فينا واللّه -أهل بدرٍ -نزلت هذه الآية: {ونزعنا ما في صدورهم من غلٍّ إخوانًا على سررٍ متقابلين}
وقال كثيرٌ النّواء: دخلت على أبي جعفرٍ محمّد بن عليٍّ فقلت: وليّي وليّكم، وسلمي سلمكم، وعدوّي عدوّكم، وحربي حربكم. إنّي أسألك باللّه: أتبرأ من أبي بكرٍ وعمر؟ فقال: {قد ضللت إذًا وما أنا من المهتدين} [الأنعام: 56] تولّهما يا كثير، فما أدركك فهو في رقبتي هذه، ثمّ تلا هذه الآية: {إخوانًا على سررٍ متقابلين} قال: أبو بكرٍ، وعمر، وعليٌّ، رضي اللّه عنهم أجمعين.
وقال الثّوريّ، عن رجلٍ، عن أبي صالحٍ في قوله: {إخوانًا على سررٍ متقابلين} قال: هم عشرةٌ: أبو بكرٍ، وعمر، وعثمان، وعليٌّ، وطلحة، والزّبير، وعبد الرّحمن بن عوفٍ، وسعد بن أبي وقّاصٍ، وسعيد بن زيدٍ، وعبد اللّه بن مسعودٍ، رضي اللّه عنهم أجمعين.
وقوله: {متقابلين} قال مجاهدٌ: لا ينظر بعضهم في قفا بعضٍ.
وفيه حديثٌ مرفوعٌ، قال ابن أبي حاتمٍ.
حدّثنا يحيى بن عبدك القزوينيّ، حدّثنا حسّان بن حسّان، حدّثنا إبراهيم بن بشرٍ حدّثنا يحيى بن معينٍ، عن إبراهيم القرشيّ، عن سعيد بن شرحبيل، عن زيد بن أبي أوفى قال: خرج علينا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فتلا هذه الآية: {إخوانًا على سررٍ متقابلين} في اللّه، ينظر بعضهم إلى بعضٍ). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 537-539]

تفسير قوله تعالى: {لَا يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ وَمَا هُمْ مِنْهَا بِمُخْرَجِينَ (48)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {لا يمسّهم فيها نصبٌ} يعني: المشقّة والأذى، كما جاء في الصّحيحين: "إنّ اللّه أمرني أن أبشّر خديجة ببيتٍ في الجنّة من قصب، لا صخب فيه ولا نصب"
وقوله: {وما هم منها بمخرجين} كما جاء في الحديث: "يقال يا أهل الجنّة، إنّ لكم أن تصحّوا فلا تمرضوا أبدًا، وإنّ لكم أن تعيشوا فلا تموتوا أبدًا، وإنّ لكم أن تشبّوا فلا تهرموا أبدا، وإن لكم أن تقيموا فلا تظعنوا أبدًا"، وقال اللّه تعالى: {خالدين فيها لا يبغون عنها حولا} [الكهف: 108]). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 539]

تفسير قوله تعالى: {نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (49) وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ (50)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {نبّئ عبادي أنّي أنا الغفور الرّحيم وأنّ عذابي هو العذاب الأليم} أي: أخبر يا محمّد عبادي أنّي ذو رحمةٍ وذو عقابٍ أليمٍ.
وقد تقدّم ذكر نظير هذه الآية الكريمة، وهي دالّةٌ على مقامي الرجاء والخوف، وذكر في سبب نزولها ما رواه موسى بن عبيدة عن مصعب بن ثابتٍ قال: مرّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم على ناسٍ من أصحابه يضحكون، فقال: "اذكروا الجنّة، واذكروا النّار". فنزلت: {نبّئ عبادي أنّي أنا الغفور الرّحيم وأنّ عذابي هو العذاب الأليم} رواه ابن أبي حاتمٍ. وهو مرسلٌ
وقال ابن جريرٍ، حدّثني المثنّى، حدّثنا إسحاق، أخبرنا ابن المكّيّ، أخبرنا ابن المبارك، أخبرنا مصعب بن ثابتٍ، حدّثنا عاصم بن عبيد اللّه، عن ابن أبي رباحٍ، عن رجلٍ من أصحاب النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: طلع علينا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم من الباب الّذي يدخل منه بنو شيبة، فقال: "ألا أراكم تضحكون؟ " ثمّ أدبر، حتّى إذا كان عند الحجر رجع إلينا القهقرى، فقال: "إنّي لمّا خرجت جاء جبريل، عليه السّلام، فقال: يا محمّد، إنّ اللّه يقول لم تقنّط عبادي؟ {نبّئ عبادي أنّي أنا الغفور الرّحيم وأنّ عذابي هو العذاب الأليم}
وقال سعيدٌ، عن قتادة في قوله تعالى: {نبّئ عبادي أنّي أنا الغفور الرّحيم} قال: بلغنا أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم قال: "لو يعلم العبد قدر عفو اللّه لما تورّع من حرامٍ، ولو يعلم قدر عقابه لبخع نفسه"). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 539-540]

رد مع اقتباس