عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 19 ذو القعدة 1439هـ/31-07-2018م, 07:21 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَمَّا أَحَدُكُمَا فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْرًا وَأَمَّا الْآَخَرُ فَيُصْلَبُ فَتَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْ رَأْسِهِ قُضِيَ الْأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ (41)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({يا صاحبي السّجن أمّا أحدكما فيسقي ربّه خمرًا وأمّا الآخر فيصلب فتأكل الطّير من رأسه قضي الأمر الّذي فيه تستفتيان (41)}
يقول لهما: {يا صاحبي السّجن أمّا أحدكما فيسقي ربّه خمرًا} وهو الّذي رأى أنّه يعصر خمرًا، ولكنّه لم يعينّه لئلّا يحزن ذاك، ولهذا أبهمه في قوله: {وأمّا الآخر فيصلب فتأكل الطّير من رأسه} وهو في نفس الأمر الّذي رأى أنّه يحمل فوق رأسه خبزًا.
ثمّ أعلمهما أنّ هذا قد فرغ منه، وهو واقعٌ لا محالة؛ لأنّ الرّؤيا على رجل طائرٍ ما لم تعبر، فإذا عبّرت وقعت.
وقال الثّوريّ، عن عمارة بن القعقاع عن إبراهيم، عن عبد اللّه قال: لمّا قالا ما قالا وأخبرهما، قالا ما رأينا شيئًا. فقال: {قضي الأمر الّذي فيه تستفتيان}
ورواه محمّد بن فضيلٍ عن عمارة، عن إبراهيم، عن علقمة، عن ابن مسعودٍ به، وكذا فسّره مجاهدٌ، وعبد الرّحمن بن زيد بن أسلم، وغيرهم. وحاصله أنّ من تحلّم بباطلٍ وفسّره، فإنّه يلزم بتأويله، واللّه أعلم، وقد ورد في الحديث الّذي رواه الإمام أحمد، عن معاوية بن حيدة، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: "الرّؤيا على رجل طائرٍ ما لم تعبر فإذا عبّرت وقعت"
وفي مسند أبي يعلى، من طريق يزيد الرّقاشي، عن أنسٍ مرفوعًا: "الرّؤيا لأوّل عابرٍ"). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 390-391]

تفسير قوله تعالى: {وَقَالَ لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ نَاجٍ مِنْهُمَا اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ فَأَنْسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ (42)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({وقال للّذي ظنّ أنّه ناجٍ منهما اذكرني عند ربّك فأنساه الشّيطان ذكر ربّه فلبث في السّجن بضع سنين (42)}
لمّا ظنّ يوسف، عليه السّلام، نجاة أحدهما -وهو السّاقي -قال له يوسف خفيةً عن الآخر واللّه أعلم، لئلّا يشعره أنّه المصلوب قال له: {اذكرني عند ربّك} يقول: اذكر قصّتي عند ربّك -وهو الملك -فنسي ذلك الموصى أن يذكّر مولاه بذلك، وكان من جملة مكايد الشّيطان، لئلّا يطلع نبيّ اللّه من السّجن.
هذا هو الصّواب أنّ الضّمير في قوله: {فأنساه الشّيطان ذكر ربّه} عائدٌ على النّاجي، كما قال مجاهدٌ، ومحمّد بن إسحاق وغير واحدٍ. ويقال: إنّ الضّمير عائدٌ على يوسف، عليه السّلام، رواه ابن جريرٍ، عن ابن عبّاسٍ، ومجاهدٍ أيضًا، وعكرمة، وغيرهم. وأسند ابن جريرٍ هاهنا حديثًا فقال:
حدّثنا ابن وكيع، حدّثنا عمرو بن محمّدٍ، عن إبراهيم بن يزيد عن عمرو بن دينارٍ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ قال: قال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: "لو لم يقل -يعني: يوسف -الكلمة الّتي قال: ما لبث في السّجن طول ما لبث. حيث يبتغي الفرج من عند غير اللّه".
وهذا الحديث ضعيفٌ جدًّا؛ لأنّ سفيان بن وكيع ضعيفٌ، وإبراهيم بن يزيد -هو الخوزي -أضعف منه أيضًا. وقد روي عن الحسن وقتادة مرسلًا عن كلٍّ منهما، وهذه المرسلات هاهنا لا تقبل لو قبل المرسل من حيث هو في غير هذا الموطن، واللّه أعلم.
وأمّا "البضع"، فقال مجاهدٌ وقتادة: هو ما بين الثّلاث إلى التسع. وقال وهب بن منبّه: مكث أيّوب في البلاء سبعًا ويوسف في السّجن سبعًا، وعذاب بختنصّر سبعًا.
وقال الضّحّاك، عن ابن عبّاسٍ، رضي اللّه عنهما: فلبث في السّجن بضع سنين قال: ثنتا عشرة سنةً. وقال الضّحّاك: أربع عشرة سنةً). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 391-392]

رد مع اقتباس