عرض مشاركة واحدة
  #5  
قديم 13 ذو القعدة 1431هـ/20-10-2010م, 10:03 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي [الآيات من 24 إلى 45]

{قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللَّهُ وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (24) قُلْ لَا تُسْأَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنَا وَلَا نُسْأَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ (25) قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبُّنَا ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَهُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ (26) قُلْ أَرُونِيَ الَّذِينَ أَلْحَقْتُمْ بِهِ شُرَكَاءَ كَلَّا بَلْ هُوَ اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (27) وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (28) وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (29) قُلْ لَكُمْ مِيعَادُ يَوْمٍ لَا تَسْتَأْخِرُونَ عَنْهُ سَاعَةً وَلَا تَسْتَقْدِمُونَ (30) وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ نُؤْمِنَ بِهَذَا الْقُرْآَنِ وَلَا بِالَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ مَوْقُوفُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ الْقَوْلَ يَقُولُ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لَوْلَا أَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ (31) قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا أَنَحْنُ صَدَدْنَاكُمْ عَنِ الْهُدَى بَعْدَ إِذْ جَاءَكُمْ بَلْ كُنْتُمْ مُجْرِمِينَ (32) وَقَالَ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ إِذْ تَأْمُرُونَنَا أَنْ نَكْفُرَ بِاللَّهِ وَنَجْعَلَ لَهُ أَنْدَادًا وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ وَجَعَلْنَا الْأَغْلَالَ فِي أَعْنَاقِ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ يُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (33) وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ (34) وَقَالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوَالًا وَأَوْلَادًا وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ (35) قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (36) وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنَا زُلْفَى إِلَّا مَنْ آَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَئِكَ لَهُمْ جَزَاءُ الضِّعْفِ بِمَا عَمِلُوا وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آَمِنُونَ (37) وَالَّذِينَ يَسْعَوْنَ فِي آَيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُولَئِكَ فِي الْعَذَابِ مُحْضَرُونَ (38) قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (39) وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلَائِكَةِ أَهَؤُلَاءِ إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ (40) قَالُوا سُبْحَانَكَ أَنْتَ وَلِيُّنَا مِنْ دُونِهِمْ بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ أَكْثَرُهُمْ بِهِمْ مُؤْمِنُونَ (41) فَالْيَوْمَ لَا يَمْلِكُ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ نَفْعًا وَلَا ضَرًّا وَنَقُولُ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّتِي كُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ (42) وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آَيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالُوا مَا هَذَا إِلَّا رَجُلٌ يُرِيدُ أَنْ يَصُدَّكُمْ عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آَبَاؤُكُمْ وَقَالُوا مَا هَذَا إِلَّا إِفْكٌ مُفْتَرًى وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ (43) وَمَا آَتَيْنَاهُمْ مِنْ كُتُبٍ يَدْرُسُونَهَا وَمَا أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ قَبْلَكَ مِنْ نَذِيرٍ (44) وَكَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَمَا بَلَغُوا مِعْشَارَ مَا آَتَيْنَاهُمْ فَكَذَّبُوا رُسُلِي فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ (45)}

تفسير قوله تعالى: {قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللَّهُ وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (24)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {قل من يرزقكم من السّموات والأرض} [سبأ: 24] يقول للنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: قل للمشركين.
ثمّ قال: {قل اللّه وإنّا أو إيّاكم} [سبأ: 24]، أي: أنّ أحد الفريقين نحن وأنتم {لعلى هدًى أو في ضلالٍ مبينٍ} [سبأ: 24] وقال ابن مجاهدٍ، عن أبيه {لعلى هدًى} [سبأ: 24] أحد الفريقين، أي: فنحن على الهدى، وأنتم في ضلالٍ مبينٍ، وهي كلمةٌ عربيّةٌ يقول الرّجل لصاحبه: إنّ أحدنا لصادقٌ، يعني: نفسه، وكقوله: إنّ أحدنا لكاذبٌ، يعني: صاحبه، وكان هذا بمكّة وأمر المسلمين يومئذٍ ضعيفٌ). [تفسير القرآن العظيم: 2/760]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {وإنّا أو إيّاكم لعلى هدًى...}

قال المفسّرون معناه: {وإنا لعلى هدىً وأنتم في ضلالٍ مبين}: معنى (أو) : معنى الواو عندهم, وكذلك هو في المعنى, غير أن العربيّة على غير ذلك: لا تكون (أو) بمنزلة الواو, ولكنها تكون في الأمر المفوّض، كما تقول: إن شئت فخذ درهماً أو اثنين، فله أن يأخذ واحداً أو اثنين، وليس له أن يأخذ ثلاثةً.
وفي قول من لا يبصر العربيّة , ويجعل (أو) بمنزلة الواو يجوز له أن يأخذ ثلاثة؛ لأنه في قولهم بمنزلة قولك: خذ درهماً واثنين, والمعنى في قوله: {وإنّا أو إيّاكم}: إنا لضالون أو مهتدون، وإنكم أيضاً لضالون أو مهتدون، وهو يعلم أن رسوله المهتدي , وأن غيره الضّال: الضالون, فأنت تقول في الكلام للرجل: إن أحدنا لكاذب , فكذّبته تكذيباً غير مكشوف, وهو في القرآن وفي كلام العرب كثير: أن يوجّه الكلام إلى أحسن مذاهبه إذا عرف؛ كقولك: والله لقد قدم فلان , وهو كاذب , فيقول العالم: قل: إن شاء الله , أو قل فيما أظنّ , فيكذّبه بأحسن من تصريح التكذيب، ومن كلام العرب أن يقولوا: قاتله الله, ثم يستقبحونها، فيقولون: قاتعه وكاتعه, ويقولون جوعاً , دعاء على الرجل، ثم يستقبحونها , فيقولون: جوداً، وبعضهم: جوساً, ومن ذلك قولهم: ويحك وويسك، إنما هي ويلك إلاّ أنها دونها بمنزلة ما مضى.). [معاني القرآن: 2/362]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ وإنا وإيّاكم لعلى هدًى أو في ضلالٍ مّبين }: مجازه: إنا لعلى هدى وإياكم إنكم في ضلال مبين ؛ لأن العرب تضع " أو " في موضع واو الموالاة قال:
أثعلبة الفوارس أو رياحا= عدلت بهم طهيّة والخشابا
يعنى : أثعلبة , ورياحا, وقال: قوم قد يتكلم بهذا من لا يشك في دينه وقد علموا أنهم على هدى , وأولئك في ضلال مبين , فيقال : هذا , وإن كان كلاماً واحداً على وجه الاستهزاء , يقال هذا لهم، قال أبو الأسود:
يقول الأرذلون بنو قشير= طوال الدهر ما تنسى عليا
بنو عمّ النبيّ وأقربوه= أحبّ الناس كلّهم إليّا
فإن يك حبّهم رشداً أصبه= ولست بمخطئ إن كان غيّا). [مجاز القرآن: 2/148]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({قل من يرزقكم مّن السّماوات والأرض قل اللّه وإنّا أو إيّاكم لعلى هدًى أو في ضلالٍ مّبينٍ}
وقال: {وإنّا أو إيّاكم لعلى هدًى}: فليس هذا لأنه شك , ولكن هذا في كلام العرب على أنه هو المهتدي, وقد يقول الرجل لعبده "احدنا ضاربٌ صاحبه" , فلا يكون فيه إشكال على السامع : أن المولى هو الضارب.). [معاني القرآن: 3/33]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {وإنّا أو إيّاكم لعلى هدىً أو في ضلالٍ مبينٍ} هذا: كما تقول: أحدنا على باطل، وأنت تعلم أن صاحبك على الباطل، وأنك على الحق.
وقال أبو عبيدة: «معناها» إنك لعلى هدى، وإنكم لفي ضلال مبين».). [تفسير غريب القرآن: 357]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (ومن هذا الباب قول الله عز وجل: {وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ}. والمعنى: إنّا لضالّون أو مهتدون، وإنكم أيضا لضالون، أو مهتدون، وهو جل وعز يعلم أن رسوله المهتدي وأن مخالفه الضالّ، وهذا كما تقول للرّجل يكذبك ويخالفك: إنّ أحدنا لكاذب. وأنت تعنيه، فكذّبته من وجه هو أحسن من التصريح، كذلك قال الفرّاء). [تأويل مشكل القرآن: 269]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {قل من يرزقكم من السّماوات والأرض قل اللّه وإنّا أو إيّاكم لعلى هدى أو في ضلال مبين (24)}
روي في التفسير : أن المعنى : وإنا لعلى هدى , وإنكم لفي ضلال مبين، وهذا في اللغة غير جائز , ولكنه في التفسير : يؤول إلى هذا المعننى , إنا لعلى هدى, أو في ضلال مبين, أو إنكم لعلى هدى , أو في ضلال مبين، وإنكم لعلى هدى , أو في ضلال مبين.

فهذا كما يقول القائل: إذا كانت الحال تدل على أنه صادق أحدنا صادق، وأحدنا كاذب، والمعنى: أحدنا صادق , أو كاذب.
ويؤول معنى الآية إلى: إنا لما أقمنا من البرهان , لعلى هدى، وإنكم لفي ضلال مبين.). [معاني القرآن: 4/253]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {وإنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين}
المعنى : وإنا لعلى هدى , أو في ضلال مبين , أو إياكم لعلى هدى , أو في ضلال مبين , ثم حذف .
وهذا على حسن المخاطبة , والتقرير , أي: قد ظهرت البراهين , وتبين الحق كما يقال : قد علمت أينا الكاذب.
قال قتادة: {ثم يفتح بيننا }: (أي: يقضي بيننا)). [معاني القرآن: 5/418]


تفسير قوله تعالى: {قُلْ لَا تُسْأَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنَا وَلَا نُسْأَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ (25) }
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال عزّ وجلّ: {قل لا تسألون عمّا أجرمنا ولا نسأل عمّا تعملون} [سبأ: 25] كقوله: {قل إن افتريته فعليّ إجرامي وأنا بريءٌ ممّا تجرمون} [هود: 35].
وكقوله: {وإن كذّبوك فقل لي عملي ولكم عملكم أنتم بريئون ممّا أعمل وأنا بريءٌ ممّا تعملون} [يونس: 41] ). [تفسير القرآن العظيم: 2/760]

تفسير قوله تعالى: {قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبُّنَا ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَهُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ (26) }
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({قل يجمع بيننا ربّنا} [سبأ: 26] يوم القيامة.
{ثمّ يفتح بيننا بالحقّ} [سبأ: 26]، يعني: ثمّ يقضي بيننا ربّنا الحقّ.
{وهو الفتّاح} [سبأ: 26]، يعني: القاضي.
{العليم} وهو تفسير السّدّيّ). [تفسير القرآن العظيم: 2/760]

قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ)
: ({ ثمّ يفتح بيننا بالحقّ }: أي يحكم بيننا.).
[مجاز القرآن: 2/149]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ({ثمّ يفتح بيننا بالحقّ}: أي: يقضي, ومنه قوله تعالى: {وأنت خير الفاتحين} , أي : القضاة.). [تفسير غريب القرآن: 357]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله:{قل يجمع بيننا ربّنا ثمّ يفتح بيننا بالحقّ وهو الفتّاح العليم (26)}: معنى يفتح: يحكم، وكذلك الفتاح: الحاكم.). [معاني القرآن: 4/254]


تفسير قوله تعالى:{قُلْ أَرُونِيَ الَّذِينَ أَلْحَقْتُمْ بِهِ شُرَكَاءَ كَلَّا بَلْ هُوَ اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (27)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {قل أروني الّذين ألحقتم به شركاء} [سبأ: 27] جعلتموهم شركاءه فعبدتموهم، يعني: أوثانهم ما نفعوكم وأجابوكم به.
[تفسير القرآن العظيم: 2/760]
كلا لستم بالّذين تأتون بما نفعوكم وأجابوكم به إذ كنتم تدعونهم، أي: لم ينفعوكم ولم يجيبوكم ولا ينفعونكم ولا أنفسهم، ثمّ استأنف الكلام فقال: {بل هو اللّه} [سبأ: 27] الّذي لا شريك له ولا ينفع إلا هو.
{العزيز} الّذي ذلّت له الخلائق.
{الحكيم} الّذي أحكم كلّ شيءٍ في تفسير الحسن.
وتفسير قتادة {الحكيم} في أمره , وهو واحدٌ). [تفسير القرآن العظيم: 2/761]

قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ):
(وقال عز وجل: {ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ} أي: يقضي، {وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ} : أي خير القضاة.
وقال أعرابي لآخر ينازعه: بيني وبينكم الفتاح، يعني الحاكم.
وقال ابن عباس في قول الله تعالى: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا} (كنت أقرؤها ولا أدري ما هي، حتى تزوجت بنت مشرح فقالت: فتح الله بيني وبينك، أي حكم الله بيني وبينك)). [تأويل مشكل القرآن: 492-493] (م)

قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله - جلّ وعزّ -:{قل أروني الّذين ألحقتم به شركاء كلّا بل هو اللّه العزيز الحكيم (27)}
المعنى ألحقتموهم به، ولكنه حذف لأنه في صلة الذين.

وقوله:{كلّا بل هو اللّه العزيز الحكيم}: معنى (كلّا) ردع وتنبيه، المعنى: ارتدعوا عن هذا القول , وتنبّهوا عن ضلالتكم، بل هو اللّه الواحد الذي ليس كمثله شيء.). [معاني القرآن: 4/254]

تفسير قوله تعالى:{وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (28)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {وما أرسلناك إلا كافّةً للنّاس} [سبأ: 28] إلى جماعة الخلق، الجنّ والإنس {بشيرًا} [سبأ: 28] بالجنّة.
{ونذيرًا} من النّار.
{ولكنّ أكثر النّاس لا يعلمون} أنّهم مبعوثون ومجازون). [تفسير القرآن العظيم: 2/761]

قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ)
: ({وما أرسلناك إلاّ كافّة للنّاس}: أي: إلا عاماً.).
[مجاز القرآن: 2/149]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ({إلّا كافّةً للنّاس}: أي : عامة.). [تفسير غريب القرآن: 357]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله - عزّ وجلّ -: {وما أرسلناك إلّا كافّة للنّاس بشيرا ونذيرا ولكنّ أكثر النّاس لا يعلمون (28)}
معنى كافة الإحاطة في اللغة، والمعنى أرسلناك جامعا للناس في الإنذار والإبلاغ، فأرسل اللّه النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى العرب والعجم، وقال: ((أنا سابق العرب إلى الإسلام، وصهيب سابق الروم وبلال سابق الحبشة وسلمان سابق الفرس))، أي الرسالة عامة، والسابقون من العجم هؤلاء). [معاني القرآن: 4/254]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {وما أرسلناك إلا كافة للناس}
قال مجاهد: (أي إلى الناس جميعا).
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((أرسلت إلى كل أحمر وأسود))). [معاني القرآن: 5/418]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {إلا كافة}: أي: جماعة الخلق من الثقلين من الجن والإنس من قوله: {يا معشر الجن والإنس}.). [ياقوتة الصراط: 415]


تفسير قوله تعالى:{وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (29)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {ويقولون}، يعني: المشركين.
{متى هذا الوعد إن كنتم صادقين} [سبأ: 29] ). [تفسير القرآن العظيم: 2/761]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ)
: ({متى هذا الوعد }: والوعيد , والميعاد واحد.).
[مجاز القرآن: 2/149]

تفسير قوله تعالى:{قُلْ لَكُمْ مِيعَادُ يَوْمٍ لَا تَسْتَأْخِرُونَ عَنْهُ سَاعَةً وَلَا تَسْتَقْدِمُونَ (30)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال اللّه: {قل لكم ميعاد يومٍ لا تستأخرون عنه ساعةً ولا تستقدمون} [سبأ: 30].
كانوا يسألون النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم متى هذا العذاب الّذي تعذّبنا به؟ وذلك منهم استهزاءٌ وتكذيبٌ، فهذا جوابٌ لقولهم). [تفسير القرآن العظيم: 2/761]

قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {قل لّكم مّيعاد يومٍ...}
ولو قرئت: ميعادٌ يوم, ولو كانت في الكتاب (يوماً) بالألف لجاز، تريد: ميعاد في يوم.). [معاني القرآن: 2/362]


تفسير قوله تعالى:{وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ نُؤْمِنَ بِهَذَا الْقُرْآَنِ وَلَا بِالَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ مَوْقُوفُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ الْقَوْلَ يَقُولُ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لَوْلَا أَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ (31) }
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {وقال الّذين كفروا لن نؤمن} [سبأ: 31] لن نصدّق.
{بهذا القرءان ولا بالّذي بين يديه} [سبأ: 31] يعنون التّوراة والإنجيل.
إنّ اللّه أمر المؤمنين أن يصدّقوا بالقرآن والتّوراة وبالإنجيل أنّها من عند اللّه، ولا يعمل بما فيها إلا ما وافق القرآن.
قال يحيى: وبلغنا أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم كان إذا نزل في القرآن شيءٌ ممّا ذكر في التّوراة والإنجيل عمل به، فإذا نزل في القرآن ما
[تفسير القرآن العظيم: 2/761]
ينسخه تركه، وقد نزل في القرآن شيءٌ ممّا في التّوراة والإنجيل ولم ينسخ في القرآن , مثل قوله: {وكتبنا عليهم فيها أنّ النّفس بالنّفس} [المائدة: 45] إلى آخر الآية، فنحن نعمل بها لأنّها لم تنسخ، فجحد مشركو العرب القرآن والتّوراة والإنجيل في قوله: {وقال الّذين كفروا لن نؤمن بهذا القرءان ولا بالّذي بين يديه} [سبأ: 31].
وقال الحسن: قد كان كتاب موسى حجّةً على مشركي العرب، قال: {قالوا لولا أوتي مثل ما أوتي موسى أولم يكفروا بما أوتي موسى من قبل قالوا سحران تظاهرا} [القصص: 48] موسى ومحمّدٌ عليهما السّلام، وقال سعيد بن جبيرٍ: موسى وهارون: {وقالوا إنّا بكلٍّ كافرون} [القصص: 48] قال اللّه: {قل فأتوا بكتابٍ من عند اللّه هو أهدى منهما أتّبعه إن كنتم صادقين} [القصص: 49].
قال: {ولو ترى إذ الظّالمون} [سبأ: 31] المشركون.
{موقوفون عند ربّهم} [سبأ: 31] يوم القيامة.
{يرجع بعضهم إلى بعضٍ القول يقول الّذين استضعفوا} [سبأ: 31] وهم السّفلة.
{للّذين استكبروا} [سبأ: 31] وهم الرّؤساء والقادة في الشّرك.
وقال السّدّيّ: {يقول الّذين استضعفوا} [سبأ: 31]، يعني: الأتباع من الكفّار، {للّذين استكبروا} [سبأ: 31]، يعني: الكبراء والقادة في الكفر.
{لولا أنتم لكنّا مؤمنين {31}). [تفسير القرآن العظيم: 2/762]

قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {لن نّؤمن بهذا القرآن ولا بالّذي بين يديه...}: التوراة: لمّا قال أهل الكتاب: صفة محمّد في كتابنا : كفر أهل مكة بالقرآن , وبالذي بين يديه: الذي قبله التوراة.).
[معاني القرآن: 2/362]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({وقال الّذين كفروا لن نّؤمن بهذا القرآن ولا بالّذي بين يديه ولو ترى إذ الظّالمون موقوفون عند ربّهم يرجع بعضهم إلى بعضٍ القول يقول الّذين استضعفوا للّذين استكبروا لولا أنتم لكنّا مؤمنين}
وقال: {يرجع بعضهم إلى بعضٍ القول} : لأنك تقول: {قد رجعت إليه القول}.). [معاني القرآن: 3/34]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله:{وقال الّذين كفروا لن نؤمن بهذا القرآن ولا بالّذي بين يديه ولو ترى إذ الظّالمون موقوفون عند ربّهم يرجع بعضهم إلى بعض القول يقول الّذين استضعفوا للّذين استكبروا لولا أنتم لكنّا مؤمنين (31)}
يعنون : لا نؤمن بما أتى به محمد - صلى الله عليه وسلم - ولا بالكتب المتقدّمة.). [معاني القرآن: 4/254]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {وقال الذين كفروا لن نؤمن بهذا القرآن ولا بالذي بين يديه}
قال أبو إسحاق : يعني : الكتب المتقدمة , وهم كفار العرب.). [معاني القرآن: 5/418]


تفسير قوله تعالى: (قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا أَنَحْنُ صَدَدْنَاكُمْ عَنِ الْهُدَى بَعْدَ إِذْ جَاءَكُمْ بَلْ كُنْتُمْ مُجْرِمِينَ (32) )
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({قال الّذين استكبروا} [سبأ: 32]، يعني: الكبراء والقادة في الكفر.
{للّذين استضعفوا}، يعني: الأتباع.
{أنحن صددناكم} [سبأ: 32] على الاستفهام.
{عن الهدى} [سبأ: 32]، يعني: عن الإيمان، وهو تفسير السّدّيّ.
{بعد إذ جاءكم بل كنتم مجرمين} [سبأ: 32] مشركين). [تفسير القرآن العظيم: 2/762]

تفسير قوله تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ إِذْ تَأْمُرُونَنَا أَنْ نَكْفُرَ بِاللَّهِ وَنَجْعَلَ لَهُ أَنْدَادًا وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ وَجَعَلْنَا الْأَغْلَالَ فِي أَعْنَاقِ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ يُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (33) }
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ( {وقال الّذين استضعفوا للّذين استكبروا} [سبأ: 33] أبو حفصٍ، عن عمرٍو، عن الحسن: قال الّذين استضعفوا: بنو آدم، للّذين استكبروا: الشّياطين.
{وقال الّذين استضعفوا للّذين استكبروا بل مكر اللّيل والنّهار} [سبأ: 33]، أي: بل مكركم باللّيل والنّهار، أي: كذبكم وكفركم.
{إذ تأمروننا أن نكفر باللّه} [سبأ: 33] في تفسير الحسن.
وتفسير الكلبيّ: {بل مكر اللّيل والنّهار} [سبأ: 33] بل قولكم لنا باللّيل والنّهار.
{إذ تأمروننا أن نكفر باللّه ونجعل له أندادًا} [سبأ: 33]، يعني: أوثانهم عدلوها باللّه فعبدوها دونه.
قال: {وأسرّوا النّدامة} [سبأ: 33] في أنفسهم يوم القيامة.
{لمّا رأوا العذاب وجعلنا الأغلال في أعناق الّذين كفروا هل يجزون إلا} [سبأ: 33] على الاستفهام.
{ما كانوا يعملون}، أي: أنّهم لا يجزون إلا ما كانوا يعملون). [تفسير القرآن العظيم: 2/763]

قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {بل مكر اللّيل والنّهار...}
المكر ليس لليل , ولا للنهار، إنما المعنى: بل مكركم بالليل والنهار, وقد يجوز أن نضيف الفعل إلى الليل والنهار، ويكونا كالفاعلين، لأن العرب تقول: نهارك صائم، وليلك نائم، ثم تضيف الفعل إلى الليل والنهار، وهو في المعنى للآدميّين، كما تقول: نام ليلك، وعزم الأمر، إنما عزمه القوم, فهذا مما يعرف معناه , فتتّسع به العرب.). [معاني القرآن: 2/363]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ونجعل له أنداداً }: أي: أضداد، واحده ند وضد , قال حسان بن ثابت:
أتهجوه ولست له بندّ= فشرّكما لخيركما الفداء.
{ هل يجزون إلا ما كانوا يعملون}: مجازها هاهنا مجاز الإيجاب وليس باستفهام، مجازه: ما يجزون إلا ما كانوا يعلمون.). [مجاز القرآن: 2/149]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({وقال الّذين استضعفوا للّذين استكبروا بل مكر اللّيل والنّهار إذ تأمروننا أن نّكفر باللّه ونجعل له أنداداً وأسرّوا النّدامة لمّا رأوا العذاب وجعلنا الأغلال في أعناق الّذين كفروا هل يجزون إلاّ ما كانوا يعملون}
وقال: {بل مكر اللّيل والنّهار} : أي: هذا مكر اللّيل والنهار, والليل والنهار لا يمكران بأحد , ولكن يمكر فيهما , كقوله: {مّن قريتك الّتي أخرجتك} : وهذا من سعة العربية.). [معاني القرآن: 3/34]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {بل مكر اللّيل والنّهار} أي : مكركم في الليل والنهار.
{وأسرّوا النّدامة} : أي: أظهروها يقال: أسررت الشيء: أخفيته، وأظهرته, وهو من الأضداد.). [تفسير غريب القرآن: 357]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (وقوله: {بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ} أي مكركم في الليل والنهار). [تأويل مشكل القرآن: 210]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله:{وقال الّذين استضعفوا للّذين استكبروا بل مكر اللّيل والنّهار إذ تأمروننا أن نكفر باللّه ونجعل له أندادا وأسرّوا النّدامة لمّا رأوا العذاب وجعلنا الأغلال في أعناق الّذين كفروا هل يجزون إلّا ما كانوا يعملون (33)}


{بل مكر اللّيل والنّهار}: معناه : بل مكركم في الليل والنهار.

{ونجعل له أندادا}: أشباها.
{وأسرّوا النّدامة لمّا رأوا العذاب}: أسروها بينهم, أقبل بعضهم يلوم بعضا، ويعرّف بعضهم بعضا الندامة.). [معاني القرآن: 4/255]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {بل مكر الليل والنهار}
روى معمر , عن قتادة: (أي : بل مكركم بالليل والنهار) .
وقرأ سعيد بن جبير : {بل مكر الليل والنهار }: (من الكرور) .
وقرأ راشد : وهو الذي كان ينظر في المصاحف وقت الحجاج : {بل مكر الليل والنهار }
والمعنى : وقت مكر الليل , والنهار.). [معاني القرآن: 5/419]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ}: أي: أظهروها , وهو من الأضداد.).[تفسير المشكل من غريب القرآن: 197]


تفسير قوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ (34)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {وما أرسلنا في قريةٍ من نذيرٍ} [سبأ: 34] من نبيٍّ ينذرهم عذاب الدّنيا وعذاب الآخرة.
{إلا قال مترفوها} [سبأ: 34] جبابرتها في تفسير قتادة، والمترفون أهل السّعة والنّعمة.
{إنّا بما أرسلتم به كافرون} [سبأ: 34] فاتّبعهم على ذلك السّفلة، فجحدوا كلّهم). [تفسير القرآن العظيم: 2/763]

قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ)
: ({ إلاّ قال مترفوها }: كفارها المتكبرون.)..
[مجاز القرآن: 2/149]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {المترفون}: المتكبرون.) [تفسير غريب القرآن: 357]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {وما أرسلنا في قرية من نذير إلّا قال مترفوها إنّا بما أرسلتم به كافرون (34)}
مترفوها : أولو التّرفة , وهم رؤساؤها , وقادة الشرّ , ويتبعهم السّفلة.). [معاني القرآن: 4/255]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {إلا قال مترفوها إنا بما أرسلتم به كافرون}
أي: رؤساؤها , ومتكبروها , وقادتتها.). [معاني القرآن: 5/419]


تفسير قوله تعالى: (وَقَالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوَالًا وَأَوْلَادًا وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ (35) )
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {وقالوا نحن أكثر أموالا وأولادًا} [سبأ: 35] قالوا ذلك للأنبياء والمؤمنين يعيّرونهم بالفقر وبقلّة المال.
{وما نحن بمعذّبين} [سبأ: 35] ). [تفسير القرآن العظيم: 2/763]

تفسير قوله تعالى: {قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (36)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال اللّه: {قل إنّ ربّي يبسط الرّزق لمن يشاء ويقدر} [سبأ: 36]، أي: ويقتّر عليه
[تفسير القرآن العظيم: 2/763]
الرّزق، فأمّا المؤمن فذلك نظرٌ من اللّه له.
قال: {ولكنّ أكثر النّاس لا يعلمون} [سبأ: 36]، يعني: جماعة المشركين لا يعلمون). [تفسير القرآن العظيم: 2/764]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ)
: ({قل إنّ ربّي يبسط الرّزق لمن يشاء ويقدر }:يبسط: يوسع ويكثر , " ويقدر " من قول الله: " قدر عليه رزقه ".).
[مجاز القرآن: 2/149]

تفسير قوله تعالى:{وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنَا زُلْفَى إِلَّا مَنْ آَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَئِكَ لَهُمْ جَزَاءُ الضِّعْفِ بِمَا عَمِلُوا وَهُمْ فِي الغُرُفَاتِ آَمِنُونَ (37)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {وما أموالكم ولا أولادكم} [سبأ: 37] يقوله للمشركين.
{بالّتي تقرّبكم عندنا زلفى} [سبأ: 37] والزّلفى القرابة.
لقولهم للأنبياء والمؤمنين: نحن أكثر أموالا وأولادًا منكم.
- يحيى، عن بعض أصحابه، عن الحسن، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «إنّ اللّه لا ينظر إلى صوركم ولا إلى أموالكم ولكن ينظر إلى قولكم وإلى أعمالكم».
قال: {إلا} استثنى.
{من آمن}، أي: ليس القربة عندنا إلا لمن آمن.
{وعمل صالحًا} فإنّ ذلك يقرّب إلى اللّه، وهو تفسير السّدّيّ.
قال: {فأولئك لهم جزاء الضّعف} [سبأ: 37] عاصم بن حكيمٍ أنّ مجاهدًا قال: تضعيف الحسنات، كقوله: {من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها} [الأنعام: 160] ثمّ نزل بعد ذلك بالمدينة {مثل الّذين ينفقون أموالهم في سبيل اللّه كمثل حبّةٍ أنبتت سبع سنابل في كلّ سنبلةٍ مائة حبّةٍ واللّه يضاعف لمن يشاء} [البقرة: 261] ثمّ صارت بعد في الأعمال الصّالحة كلّها، الواحد سبع مائةٍ.
- وحدّثني أبو أميّة، عن الحسن، أو حمّاد بن سلمة، عن يونس بن عبيدٍ، عن
[تفسير القرآن العظيم: 2/764]
الحسن أو كلاهما، عن عبد اللّه بن مسعودٍ قال: لأن أعلم أنّه تقبّلت منّي تسبيحةٌ واحدةٌ أحبّ إليّ من الدّنيا وما فيها.
- عثمان بن أبي إسحاق الهمدانيّ، عن مخارق بن أحمد قال: دخلت على أبي ذرٍّ فرأيته يصلّي، يكثر الرّكوع والسّجود، فقلت له في ذلك فقال: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: «من ركع ركعةً أو سجد سجدةً دخل الجنّة وكتب اللّه له بها حسنةً».
- أبو أميّة، عن يحيى بن سعيدٍ، عن أبي الزّبير، عن معاذ بن جبلٍ قال: إنّ الرّجل إذا أماط الأذى عن الطّريق كتب اللّه له حسنةً، ومن كتب له حسنةً دخل الجنّة.
قال يحيى: وبلغني عن سعيد بن جبيرٍ، قال: من كتب اللّه له حسنةً دخل الجنّة.
{وهم في الغرفات} [سبأ: 37]، يعني: غرف الجنّة.
{آمنون} من النّار، ومن الموت، ومن الخروج منها، ومن الأحزان ومن الأسقام). [تفسير القرآن العظيم: 2/765]

قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {زلفى إلاّ من آمن...}
(من) في موضع نصب بالاستثناء, وإن شئت أوقعت عليها التقريب، أي: لا تقرّب الأموال إلاّ من كان مطيعاً, وإن شئت جعلته رفعاً، أي: ما هو إلا من آمن.
ومث:{لا ينفع مالٌ ولا بنون إلاّ من أتى الله بقلبٍ سليمٍ}, وإن شئت جعلت (من) في موضع نصبٍ بالاستثناء, وإن شئت نصباً بوقوع ينفع, وإن شئت رفعاً فقلت: ما هو إلا من أتى الله بقلبٍ سليمٍ.
وقوله: {وما أموالكم ولا أولادكم بالّتي} : إن شئت جعلت (الّتي) جامعة للأموال والأولاد؛ لأن الأولاد يقع فيها (الّتي) , فلما أن كانا جمعاً صلح للّتي أن تقع عليهما, ولو قال: (باللتين) كان وجهاً صواباً, ولو قال: باللّذين كما تقول: أمّا العسكر والإبل فقد أقبلا.
وقد قالت العرب: مرّت بنا غنمان سودان، فقال: غنمان: ولو قال: غنم لجاز, فهذا شاهد لمن قال (بالتي), ولو وجّهت (التي) إلى الأموال, واكتفيت بها من ذكر الأولاد صلح ذلك، كما قال مرّار الأسدي:
نحن بما عندنا وأنت بما = عندك راضٍ والرأي مختلف
وقال الآخر:
إني ضمنت لمن أتاني ما جنى = وأبي وكان وكنت غير غدور
ولم يقل: غير غدورين, ولو قال: وما أموالكم ولا أولادكم بالذين يذهب بها إلى التذكير للأولاد لجاز.
وقوله: {لهم جزاء الضّعف}: لو نصبت بالتنوين الذي في الجزاء كان صواباً, ولو قيل: {لهم جزاء الضّعف} , ولو قلت: جزاءٌ الضّعف كما قال: {بزينةٍ الكواكب} , {وهم في الغرفات}, و{الغرفة}.). [معاني القرآن: 2/363-364]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ وما أموالكم ولا أولادكم بالّتي تقرّبكم عندنا زلفى }: مجاز " زلفى " بما يقع على الجميع , وعلى الواحد سواء, وزلفى: قربى ومجازه مجاز المشركين يخبر عن أحدهما بلفظ الواحد منهما , ويكف عن الآخر , وقد دخل معه في المعنى , فمجازها: وما أموالكم بالتي تقربكم إلينا زلفى , ولا أولادكم أيضاً , فالخبر بلفظ أحدهما , وقد دخل معه في المعنى : ولو جمع خبرهما , لكان مجازه: وما أموالكم
ولا أولادكم بالذين يقربونكم عندنا زلفى ؛ لأن العرب إذا أشركوا بين الآدميين, والموات غلب تقدم فعل الآدميين على فعل الموات.). [مجاز القرآن: 2/150]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({وما أموالكم ولا أولادكم بالّتي تقرّبكم عندنا زلفى إلاّ من آمن وعمل صالحاً فأولئك لهم جزاء الضّعف بما عملوا وهم في الغرفات آمنون}
وقال: {تقرّبكم عندنا زلفى}, و "زلفى" ههنا اسم المصدر , كأنه أراد: بالتي تقرّبكم عندنا إزلافا.). [معاني القرآن: 3/34]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({زلفى}: منزلة). [غريب القرآن وتفسيره: 308]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {تقرّبكم عندنا زلفى} أي : قربي , ومنزلة عندنا.


{فأولئك لهم جزاء الضّعف بما عملوا}: لم يرد فيما يرى أهل النظر - واللّه اعلم - أنهم يجازون على الواحد بواحد مثله، ولا اثنين, وكيف يكون هذا، واللّه يقول : {من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها}, وخيرٌ منها؟!.

ولكنه أراد لهم جزاء التضعيف. وجزاء التضعيف إنما هو مثل يضم إلى مثل، إلى ما بلغ. وكأن «الضعف»: الزيادة، أي لهم جزاء الزيادة.
ويجوز أن يجعل «الضعف» في معنى الجمع، أي لهم جزاء الأضعاف, ونحوه: {عذاباً ضعفاً في النّار}: أي: مضعف.). [تفسير غريب القرآن: 357-358]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ :{وما أموالكم ولا أولادكم بالّتي تقرّبكم عندنا زلفى إلّا من آمن وعمل صالحا فأولئك لهم جزاء الضّعف بما عملوا وهم في الغرفات آمنون (37)}
ولم يقل باللتين , ولا باللذين , ولا باللاتي، وكل ذلك جائز، ولكن الذي في المصحف : التي، والمعنى : وما أموالكم بالتي تقربكم , ولا أولادكم بالذين يقربونكم , ولكنه حذف اختصارا وإيجازا, وقد شرحنا مثل هذا.
وقوله{إلا من آمن وعمل صالحا}: موضع " من " نصب بالاستثناء على البدل من الكاف والميم.
على معنى : ما يقرب إلا من آمن وعمل صالحا، أي: ما تقرب الأموال إلا من آمن , وعمل بها في طاعة اللّه.
{فأولئك لهم جزاء الضّعف بما عملوا}:الضعف ههنا يحتاج إلى تفسير , ولا أعلم أحدا فسّره تفسيرا بيّنا.
وجزاء الضعف ههنا عشر حسنات، تأويله: فأولئك لهم جزاء الضعف الذي أعلمناكم مقداره، وهو قوله: {من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها}
فيه أوجه في العربية، فالذي قرئ به خفض الضعف بإضافة الجزاء إليه، ويجوز :{فأولئك لهم جزاء الضّعف}: على معنى : فأولئك لهم الضعف جزاء، المعنى: في حال المجازاة، ويجوز فأولئك لهم جزاء الضعف على نصب الضعف, المعننى: فأولئك لهم أن نجازيهم الضعف.
ويجوز رفع الضعف من جهتين:
على معنى : فأولئك لهم الضعف على أن الضعف بدل من الجزاء، فيكون مرفوعا على إضمار هو، فأولئك لهم جزاء، كأنّه قال ما هو فقال: الضعف.
ويجوز النصب في الضعف على مفعول ما لم يسم فاعله على معنى : فأولئك لهم أن يجازوا الضعف.
والقراءة من هذه الأوجه كلها خفض الضعف , ورفع جزاء.). [معاني القرآن: 4/255-256]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {وما أموالكم ولا أولادكم بالتي تقربكم عندنا زلفى}
المعنى : وما أموالكم بالتي تقربكم , ولا أولادكم بالذين يقربونكم , ثم حذف وقوله جل وعز: {فأولئك لهم جزاء الضعف بما عملوا}
أي : جزاء الضعف الذي أعلمناكموه , وهو قوله تعالى: {من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها} .). [معاني القرآن: 5/420]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {زلفى}:أي: قربى.). [ياقوتة الصراط: 415]


تفسير قوله تعالى: (وَالَّذِينَ يَسْعَوْنَ فِي آَيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُولَئِكَ فِي الْعَذَابِ مُحْضَرُونَ (38) )
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {والّذين يسعون} [سبأ: 38] يعلمون.
{في آياتنا معاجزين} [سبأ: 38] تفسير الكلبيّ: {معاجزين} [سبأ: 38] يبطّئون النّاس عن آياتنا، أي: عن الإيمان بها ويجحدون بها.
وتفسير الحسن: يظنّون أنّهم يسبقونا حتّى لا نقدر عليهم فنعذّبهم، قال: {أولئك في العذاب محضرون} [سبأ: 38] مدخلون في تفسير الكلبيّ.
وتفسير قتادة: محضرون في العذاب، وهو واحدٌ). [تفسير القرآن العظيم: 2/765]

تفسير قوله تعالى: {قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (39)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {قل إنّ ربّي يبسط الرّزق لمن يشاء من عباده ويقدر له} [سبأ: 39] وهي مثل الأولى.
قال: {وما أنفقتم من شيءٍ} [سبأ: 39]، أي: في طاعة اللّه وهو تفسير السّدّيّ.
{فهو يخلفه وهو خير الرّازقين} [سبأ: 39] ليس، يعني: أنّه إذا أنفق شيئًا أخلف له مثله ولكن يقول الخلف كلّه من اللّه أكثر ممّا أنفق أو أقلّ، ليس يخلف النّفقة ويرزق العباد إلا اللّه.
وقال السّدّيّ: {فهو يخلفه} [سبأ: 39]، يعني: في الآخرة، أي: أن يخلفوا خيرًا في الآخرة ويعوّضكم من الجنّة.
سفيان الثّوريّ، عن الحسن، قال يحيى: أراه ابن سعدٍ عن مجاهدٍ، قال: إذا كان في يدي أحدكم ما يقيمه، فليقتصد ولا يتأوّل هذه الآية: {وما أنفقتم من شيءٍ فهو يخلفه} [سبأ: 39] قال يحيى: وبلغني عن مجاهدٍ، قال: لا ينفق أحدكم كلّ ما في يديه، يتأوّل هذه الآية: {وما أنفقتم من شيءٍ فهو يخلفه} [سبأ: 39].
سفيان، عن عمرو بن قيسٍ الملائيّ، عن المنهال بن عمرٍو، عن سعيد بن جبيرٍ قال: {وما أنفقتم من شيءٍ فهو يخلفه} [سبأ: 39] في غير سرفٍ ولا تقتيرٍ.
- وحدّثني إبراهيم بن محمّدٍ، عن خارجة بن عبد الملك بن كعب بن مالكٍ، عن أبيه، عن جدّه، أنّه لمّا تيب عليه جاء بماله كلّه إلى النّبيّ صدقةً فقال له رسول
[تفسير القرآن العظيم: 2/766]
اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «أمسك عليك الشّطر فهو خيرٌ لك»). [تفسير القرآن العظيم: 2/767]

قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ)
: (وقوله جل وعز: {وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه}
روى المنهال , عن سعيد بن جبير قال : في غير سرف , ولا تقتير , أي: فالله جل وعز يخلفه بالثواب.).[معاني القرآن: 5/420-421]


تفسير قوله تعالى:{وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلَائِكَةِ أَهَؤُلَاءِ إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ (40)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {ويوم يحشرهم جميعًا} [سبأ: 40]، يعني: المشركين وما عبدوا.
{ثمّ يقول للملائكة أهؤلاء إيّاكم كانوا يعبدون} [سبأ: 40] يجمع اللّه يوم القيامة بين الملائكة ومن عبدها فيقول للملائكة: {أهؤلاء إيّاكم كانوا يعبدون} [سبأ: 40] على الاستفهام وهو أعلم بذلك منهم). [تفسير القرآن العظيم: 2/767]
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (وقال السّدّيّ: {أهؤلاء إيّاكم كانوا يعبدون} [سبأ: 40]، يعني: يطيعون في الشّرك). [تفسير القرآن العظيم: 2/767]

قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ)
: ({ويوم يحشرهم جميعاً ثمّ يقول للملائكة أهؤلاء إيّاكم كانوا يعبدون }: مجاز الألف ها هنا مجاز الإيجاب , والإخبار , والتقرير , وليست بألف الاستفهام بل هي تقرير للذين عبدوا الملائكة , وأبسٌ لهم , قال جرير:
ألستم خير من ركب المطايا= وأندى العالمين بطون راح.). [مجاز القرآن: 2/150]


تفسير قوله تعالى: {قَالُوا سُبْحَانَكَ أَنْتَ وَلِيُّنَا مِنْ دُونِهِمْ بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ أَكْثَرُهُمْ بِهِمْ مُؤْمِنُونَ (41) }
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قالت الملائكة: سبحانك ينزّهون اللّه عمّا قال المشركون.
{أنت وليّنا من دونهم} [سبأ: 41]، أي: أنّا لم نكن نواليهم على عبادتهم إيّانا.
{بل كانوا يعبدون الجنّ} [سبأ: 41] عاصم بن حكيمٍ أنّ مجاهدًا قال: الشّياطين.
قال يحيى: أي: الشّياطين من الجنّ هي الّتي دعتهم إلى عبادتنا ولم ندعهم إلى عبادتنا، فهم بطاعتهم الشّياطين عابدون لهم كقوله: {ألم أعهد إليكم يا بني آدم أن لا تعبدوا الشّيطان} [يس: 60] وكقوله: {إن يدعون من دونه إلا إناثًا وإن يدعون إلا شيطانًا مريدًا} [النساء: 117] ). [تفسير القرآن العظيم: 2/767]
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ( {قالوا سبحانك أنت وليّنا من دونهم بل كانوا يعبدون الجنّ} [سبأ: 41]، يعني: يطيعون الشّياطين في عبادتهم إيّانا.
قال: {أكثرهم}، يعني: المشركين.
{بهم} بالشّياطين.
{مؤمنون} مصدّقون بما وسوس إليهم من عبادة من عبدوا فعبدوهم.
وقوله عزّ وجلّ: {أكثرهم} جماعتهم). [تفسير القرآن العظيم: 2/767]

تفسير قوله تعالى: {فَالْيَوْمَ لَا يَمْلِكُ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ نَفْعًا وَلَا ضَرًّا وَنَقُولُ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّتِي كُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ (42) }
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال اللّه: {فاليوم}، يعني: يوم القيامة.
{لا يملك بعضكم لبعضٍ نفعًا ولا ضرًّا} [سبأ: 42] الشّياطين والكفّار.
{ونقول للّذين ظلموا} [سبأ: 42] أشركوا.
{ذوقوا عذاب النّار الّتي كنتم بها تكذّبون} [سبأ: 42] وهم جميعًا قرناء في النّار: الشّياطين ومن أضلّوا، يلعن بعضهم بعضًا، ويبرأ بعضهم من البعض). [تفسير القرآن العظيم: 2/768]

تفسير قوله تعالى: {وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آَيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالُوا مَا هَذَا إِلَّا رَجُلٌ يُرِيدُ أَنْ يَصُدَّكُمْ عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آَبَاؤُكُمْ وَقَالُوا مَا هَذَا إِلَّا إِفْكٌ مُفْتَرًى وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ (43) }
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {وإذا تتلى عليهم آياتنا بيّناتٍ} [سبأ: 43] القرآن.
{قالوا ما هذا} [سبأ: 43] يعنون محمّدًا صلّى اللّه عليه وسلّم.
{إلا رجلٌ يريد أن يصدّكم عمّا كان يعبد آباؤكم وقالوا ما هذا} [سبأ: 43]، أي: القرآن.
{إلا إفكٌ} [سبأ: 43] كذبٌ.
{مفترًى} [سبأ: 43] افتراه محمّدٌ.
قال اللّه: {وقال الّذين كفروا للحقّ} [سبأ: 43] للقرآن.
{لمّا جاءهم إن هذا إلا سحرٌ مبينٌ} [سبأ: 43] ). [تفسير القرآن العظيم: 2/768]

تفسير قوله تعالى: {وَمَا آَتَيْنَاهُمْ مِنْ كُتُبٍ يَدْرُسُونَهَا وَمَا أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ قَبْلَكَ مِنْ نَذِيرٍ (44)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {وما آتيناهم من كتبٍ يدرسونها} [سبأ: 44] يقرءونها بما هم عليه من الشّرك.
{وما أرسلنا إليهم قبلك من نذيرٍ} [سبأ: 44] كقوله: {لتنذر قومًا ما أتاهم من نذيرٍ من قبلك} [القصص: 46] من أنفسهم، يعني: قريشًا.
قال الحسن: وكان موسى عليهم حجّةً). [تفسير القرآن العظيم: 2/768]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {وما آتيناهم مّن كتبٍ يدرسونها وما أرسلنا إليهم قبلك مّن نّذيرٍ...}

أي : من أين كذّبوا بك , ولم يأتهم كتاب , ولا نذيرٌ بهذا.). [معاني القرآن: 2/364]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله جلّ وعزّ: {وما آتيناهم من كتب يدرسونها وما أرسلنا إليهم قبلك من نذير (44)}
يعنى به : مشركو العرب بمكة لم يكونوا أصحاب كتب , ولا بعث بنبي قبل محمد صلى الله عليه وسلم .). [معاني القرآن: 4/256]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {وما أرسلنا إليهم قبلك من نذير}
أي: لم يكونوا أهل كتاب , ولم يبعث إليهم نبي قبل محمد صلى الله عليه وسلم.). [معاني القرآن: 5/421]


تفسير قوله تعالى: {وَكَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَمَا بَلَغُوا مِعْشَارَ مَا آَتَيْنَاهُمْ فَكَذَّبُوا رُسُلِي فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ (45)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {وكذّب الّذين من قبلهم} [سبأ: 45] من قبل قومك يا محمّد، يعني: من أهلك من الأمم السّالفة.
قال: {وما بلغوا} [سبأ: 45]، أي: وما بلغ هؤلاء.
{معشار} [سبأ: 45]، أي: عشر.
{ما آتيناهم} [سبأ: 45] من الدّنيا، يعني: الأمم السّالفة، وقال في آيةٍ أخرى: {كالّذين من قبلكم كانوا أشدّ منكم قوّةً وأكثر أموالا وأولادًا} [التوبة: 69].
[تفسير القرآن العظيم: 2/768]
الحسن بن دينارٍ، عن الحسن، قال: {وما بلغوا معشار ما آتيناهم} [سبأ: 45] قال: ما عملوا بعشر ما أمروا به.
قال: {فكذّبوا رسلي} [سبأ: 45] فأهلكتهم.
{فكيف كان نكير} [سبأ: 45]، أي: عقابي، على الاستفهام، أي: كان شديدًا، يحذّرهم أن ينزل بهم مثل ما نزل بهم). [تفسير القرآن العظيم: 2/769]

قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {وكذّب الّذين من قبلهم...}
وما بلغ أهل مكّة معشار الذين أهلكنا من القوّة في الأجسام , والأموال, ويقال: ما بلغوا معشار ما آتيناهم في العدّة, والمعشار في الوجهين العشر.). [معاني القرآن: 2/364]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({وما بلغوا معشار ما آتيناهم }:أي : عشر ما أعطيناهم, { فكيف كان نكير}: أي : تغييري , وعقوبتي.). [مجاز القرآن: 2/150]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({وكذّب الّذين من قبلهم وما بلغوا معشار ما آتيناهم فكذّبوا رسلي فكيف كان نكير}
وقال: {معشار ما آتيناهم}: أي: عشره, ولا يقولون: هذا في سوى العشر.).[معاني القرآن: 3/34]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({معشار ما آتيناهم}: عشره). [غريب القرآن وتفسيره: 308]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ({وما بلغوا معشار ما آتيناهم} : أي: عشره.


{فكيف كان نكير}: أي: إنكاري, وكذلك: {فستعلمون كيف نذير}: أي: إنذاري , وجمعه: نكر ونذر.). [تفسير غريب القرآن: 358]

قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {وكذّب الّذين من قبلهم وما بلغوا معشار ما آتيناهم فكذّبوا رسلي فكيف كان نكير (45)}
أي : عشر الذي آتينا من قبلهم من القوة , والقدرة.
{فكذّبوا رسلي فكيف كان نكير}: حذفت الياء، المعنى : فكيف كان نكيري، لأنه آخر آية.). [معاني القرآن: 4/256]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (ثم قال جل وعز: {وكذب الذين من قبلهم وما بلغوا معشار ما آتيناهم}
قال قتادة : (أي : كذب الذين قبل هؤلاء , وما بلغ هؤلاء معشار ما أوتي أولئك , كانوا أجلد وأقوى , وقد أهلكوا) .
قال أبو جعفر : معشار : بمعنى عشر , ونظير هذه الآية قوله تعالى: {ولقد مكناهم فيما إن مكناكم فيه} ). [معاني القرآن: 5/421-422]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {معشار}: أي: عشرا واحدا.). [ياقوتة الصراط: 415]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {مِعْشَار}: عشر.). [العمدة في غريب القرآن: 247]


رد مع اقتباس