عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 11 صفر 1440هـ/21-10-2018م, 05:35 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآَنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (27) }

تفسير قوله تعالى: {قُرْآَنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (28) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله: "قرآنا"، قالت فرقة: نصب على المصدر، وقالت فرقة: هو نصب على الحال و"عربيا" حال، وقالت فرقة: نصب على التوطئة للحال، والحال قوله: "عربيا"، ونفى عنه العوج لأنه لا اختلاف فيه ولا تناقض ولا مغمز بوجه. واختلفت عبارة المفسرين، فقال عثمان بن عفان رضي الله عنه: المعنى: غير متضاد، قال ابن عباس رضي الله عنهما: غير مختلف، وقال مجاهد: غير ذي لبس، وقال السدي: غير مخلوق، وقال بكر المزني: غير ذي لحن. و"العوج" بكسر العين في الأمر، وبفتحها في الأشخاص). [المحرر الوجيز: 7/ 390]

تفسير قوله تعالى: {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلًا فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلًا سَلَمًا لِرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (29) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {ضرب الله مثلا رجلا فيه شركاء متشاكسون ورجلا سلما لرجل هل يستويان مثلا الحمد لله بل أكثرهم لا يعلمون * إنك ميت وإنهم ميتون * ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون * فمن أظلم ممن كذب على الله وكذب بالصدق إذ جاءه أليس في جهنم مثوى للكافرين}
لما ذكر الله تعالى أنه ضرب للناس في هذا القرآن من كل مثل مجملا، جاء بعد ذلك بمثل في أهم الأمور وأعظمها خطرا وهو التوحيد، فمثل تعالى الكافر والعابد للأوثان والشياطين بعبد لرجال عدة، في أخلاقهم شكاسة ونقص وعدم مسامحة، فهم لذلك يعذبون ذلك العبد بأنهم يتضايقون في أوقاتهم، ويضايقون العبد في كثرة العمل، فهو أبدا ناصب، فكذلك عابد الأوثان، الذي يعتقد أن ضره ونفعه عندها هو معذب الفكر بها، وبحراسة حاله منها، ومتى أرضى صنما منها بالذبح له في زعمه تفكر فيما يصنع مع الآخر، فهو أبدا في نصب وضلال، وكذلك هو المصانع للناس، الممتحن بخدمة الملوك.
ومثل تعالى المؤمن بالله تبارك وتعالى وحده بعبد لرجل واحد يكلفه شغله، فهو يعمله على تؤدة، وقد ساس مولاه، فالمولى يغفر زلته، ويشكره على إجادة عمله.
وقوله تعالى: "ضرب" مأخوذ من الضريب الذي هو الشبيه، ومنه قولهم: "هذا ضرب هذا"، أي: شبهه، و"مثلا" مفعول بـ"ضرب"، و"رجلا" بدل، قال الكسائي: وإن شئت على إسقاط الخافض، أي: "مثلا لرجل"، أو"في رجل"، وفي هذا نظر.
و"متشاكسون" معناه: لا سمح في أخلاقهم، بل فيها لجاج ومتابعة ومحاذقة، ومنه قول الشاعر:
خلقت شكسا للأعادي مشكسا
وقرأ ابن كثير، وأبو عمرو: [سالما] على اسم الفاعل، بمعنى: سلم من الشركة فيه، قال أبو عمرو: معناه: خالصا، وهذه بالألف قراءة ابن مسعود، وابن عباس، ومجاهد، وعكرمة، وقتادة، والجحدري، والزهري، والحسن - بخلاف عنه - وقرأ الباقون: "سلما" بفتح السين واللام، وهي قراءة الأعرج، وأبي جعفر، وشيبة، وأبي رجاء، وطلحة، والحسن بخلاف -. وقرأ سعيد بن جبير: [سلما] بكسر السين وسكون اللام، وهما مصدران وصف بهما الرجل، بمعنى: خالصا وأمرا قد سلم له.
ثم وقف الكفار بقوله: {هل يستويان مثلا}، ونصب "مثلا" على التمييز، وهذا توقيف لا يجيب عنه أحد إلا بأنهما لا يستويان، فلذلك عاملتهم العبارة الوجيزة على أنهم قد جاوبوا، فقال: الحمد لله على ظهور الحجة عليكم من أقوالكم، ثم قال: {بل أكثرهم لا يعلمون} فأضرب عن مقدر محذوف يقتضيه المعنى، تقديره: الحمد لله على ظهور الحجة، وأن الأمر ليس كما يقولون، بل أكثرهم لا يعلمون. و"أكثر" في هذه الآية على بابها، لأنا وجدنا الأقل علم أمر التوحيد وتكلم به، ورفض أمر الأصنام، كورقة وزيد، وقس). [المحرر الوجيز: 7/ 390-392]

رد مع اقتباس