عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 4 محرم 1440هـ/14-09-2018م, 06:25 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا (64)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({وما نتنزل إلا بأمر ربّك له ما بين أيدينا وما خلفنا وما بين ذلك وما كان ربّك نسيًّا (64) ربّ السّماوات والأرض وما بينهما فاعبده واصطبر لعبادته هل تعلم له سميًّا (65)}.
قال الإمام أحمد: حدّثنا يعلى ووكيعٌ قالا حدّثنا عمر بن ذرّ، عن أبيه، عن سعيد بن جبير، عن ابن عبّاسٍ قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم لجبريل: "ما يمنعك أن تزورنا أكثر ممّا تزورنا؟ " قال: فنزلت {وما نتنزل إلا بأمر ربّك} إلى آخر الآية.
انفرد بإخراجه البخاريّ، فرواه عند تفسير هذه الآية عن أبي نعيمٍ، عن عمر بن ذرٍّ به. ورواه ابن أبي حاتمٍ وابن جريرٍ، من حديث عمر بن ذرٍّ به وعندهما زيادةٌ في آخر الحديث، فكان ذلك الجواب لمحمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم.
وقال العوفي عن ابن عبّاسٍ: احتبس جبريل عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فوجد رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم من ذلك وحزن، فأتاه جبريل وقال: يا محمّد، {وما نتنزل إلا بأمر ربّك له ما بين أيدينا وما خلفنا وما بين ذلك وما كان ربّك نسيًّا}
وقال مجاهدٌ: لبث جبريل عن محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم اثنتي عشرة ليلةً، ويقولون [قلي] فلمّا جاءه قال: يا جبريل لقد رثت عليّ حتّى ظنّ المشركون كلّ ظنٍّ. فنزلت: {وما نتنزل إلا بأمر ربّك [له ما بين أيدينا وما خلفنا وما بين ذلك] وما كان ربّك نسيًّا} قال: وهذه الآية كالّتي في الضّحى.
وكذلك قال الضّحّاك بن مزاحم، وقتادة، والسّدّيّ، وغير واحدٍ: إنّها نزلت في احتباس جبريل.
وقال الحكم بن أبان، عن عكرمة قال: أبطأ جبريل النّزول على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أربعين يومًا، ثمّ نزل، فقال له النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: "ما نزلت حتّى اشتقت إليك" فقال له جبريل: بل أنا كنت إليك أشوق، ولكنّي مأمورٌ، فأوحي إلى جبريل أن قل له: {وما نتنزل إلا بأمر ربّك} الآية. رواه ابن أبي حاتمٍ، رحمه اللّه، وهو غريبٌ.
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أحمد بن سنانٍ، حدّثنا أبو معاوية، حدّثنا الأعمش، عن مجاهدٍ قال: أبطأت الرسل على النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، ثمّ أتاه جبريل فقال له: ما حبسك يا جبريل؟ فقال له جبريل: وكيف نأتيكم وأنتم لا تقصّون أظفاركم، ولا تنقون براجمكم، ولا تأخذون شواربكم، ولا تستاكون؟ ثمّ قرأ: {وما نتنزل إلا بأمر ربّك} إلى آخر الآية.
وقد قال الطّبرانيّ: حدّثنا أبو عامرٍ النّحويّ، حدّثنا محمّد بن إبراهيم الصّوريّ، حدّثنا سليمان بن عبد الرّحمن [الدّمشقيّ] حدّثنا إسماعيل بن عيّاشٍ، أخبرني ثعلبة بن مسلمٍ، عن أبي كعبٍ مولى ابن عبّاسٍ، عن ابن عبّاسٍ عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: أنّ جبريل أبطأ عليه، فذكر ذلك له فقال: وكيف وأنتم لا تستنّون، ولا تقلّمون أظفاركم، ولا تقصّون شواربكم، ولا تنقون رواجبكم.
وهكذا رواه الإمام أحمد، عن أبي اليمان، عن إسماعيل بن عيّاشٍ، به نحوه.
وقال الإمام أحمد: حدّثنا سيّار، حدّثنا جعفر بن سليمان، حدّثنا المغيرة بن حبيبٍ -[ختن] مالك بن دينارٍ-حدّثني شيخٌ من أهل المدينة، عن أمّ سلمة قالت: قال لي رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "أصلحي لنا المجلس، فإنّه ينزل ملكٌ إلى الأرض، لم ينزل إليها قطّ"
وقوله: {له ما بين أيدينا وما خلفنا} قيل: المراد ما بين أيدينا: أمر الدّنيا، وما خلفنا: أمر الآخرة، {وما بين ذلك} ما بين النّفختين. هذا قول أبي العالية، وعكرمة، ومجاهد، وسعيد بن جبيرٍ. وقتادة، في روايةٍ عنهما، والسّدّيّ، والرّبيع بن أنسٍ.
وقيل: {ما بين أيدينا} ما نستقبل من أمر الآخرة، {وما خلفنا} أي: ما مضى من الدّنيا، {وما بين ذلك} أي: ما بين الدّنيا والآخرة. يروى نحوه عن ابن عبّاسٍ، وسعيد بن جبيرٍ، والضّحّاك، وقتادة، وابن جريجٍ، والثّوريّ. واختاره ابن جريرٍ أيضًا، واللّه أعلم.
وقوله: {وما كان ربّك نسيًّا} قال مجاهدٌ [والسّدّيّ] معناه: ما نسيك ربّك.
وقد تقدّم عنه أنّ هذه الآية كقوله: {والضّحى واللّيل إذا سجى ما ودّعك ربّك وما قلى} [الضّحى: 1-3]
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا يزيد بن محمّد بن عبد الصّمد الدّمشقيّ، حدّثنا محمّد بن عثمان -يعني أبا الجماهر -حدّثنا إسماعيل بن عيّاشٍ، حدّثنا عاصم بن رجاء بن حيوة، عن أبيه، عن أبي الدّرداء يرفعه قال: "ما أحلّ اللّه في كتابه فهو حلالٌ وما حرّم فهو حرامٌ وما سكت [عنه] فهو عافيةٌ، فاقبلوا من اللّه عافيته، فإنّ اللّه لم يكن لينسى شيئًا" ثمّ تلا هذه الآية: {وما كان ربّك نسيًّا}). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 248-250]

تفسير قوله تعالى: {رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا (65)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {ربّ السّماوات والأرض وما بينهما} [أي: خالقٌ ذلك ومدبّره، والحاكم فيه والمتصرّف الّذي لا معقّب لحكمه، {فاعبده واصطبر لعبادته] هل تعلم له سميًّا}: قال عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ: هل تعلم للرّبّ مثلًا أو شبهًا.
وكذلك قال مجاهدٌ، وسعيد بن جبيرٍ، وقتادة، وابن جريجٍ وغيرهم.
وقال عكرمة، عن ابن عبّاسٍ: ليس أحدٌ يسمّى الرّحمن غيره تبارك وتعالى، وتقدّس اسمه). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 250]

تفسير قوله تعالى: {وَيَقُولُ الْإِنْسَانُ أَئِذَا مَا مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا (66) أَوَلَا يَذْكُرُ الْإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئًا (67)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({ويقول الإنسان أئذا ما متّ لسوف أخرج حيًّا (66) أولا يذكر الإنسان أنّا خلقناه من قبل ولم يك شيئًا (67) فوربّك لنحشرنّهم والشّياطين ثمّ لنحضرنّهم حول جهنّم جثيًّا (68) ثمّ لننزعنّ من كلّ شيعةٍ أيّهم أشدّ على الرّحمن عتيًّا (69) ثمّ لنحن أعلم بالّذين هم أولى بها صليًّا (70)}.
يخبر تعالى عن الإنسان أنّه يتعجّب ويستبعد إعادته بعد موته، كما قال تعالى: {وإن تعجب فعجبٌ قولهم أئذا كنّا ترابًا أئنّا لفي خلقٍ جديدٍ} [الرعد: 5]، وقال: {أولم ير الإنسان أنّا خلقناه من نطفةٍ فإذا هو خصيمٌ مبينٌ * وضرب لنا مثلا ونسي خلقه قال من يحيي العظام وهي رميمٌ * قل يحييها الّذي أنشأها أوّل مرّةٍ وهو بكلّ خلقٍ عليمٌ} [يس: 77-79]، وقال هاهنا: {ويقول الإنسان أئذا ما متّ لسوف أخرج حيًّا * أولا يذكر الإنسان أنّا خلقناه من قبل ولم يك شيئًا} يستدلّ، تعالى، بالبداءة على الإعادة، يعني أنّه، تعالى [قد] خلق الإنسان ولم يك شيئًا، أفلا يعيده وقد صار شيئًا، كما قال تعالى: {وهو الّذي يبدأ الخلق ثمّ يعيده وهو أهون عليه} [الرّوم: 27]، وفي الصّحيح: "يقول اللّه تعالى: كذّبني ابن آدم ولم يكن له أن يكذّبني، وآذاني ابن آدم ولم يكن له أن يؤذيني، أمّا تكذيبه إيّاي فقوله: لن يعيدني كما بدأني، وليس أوّل الخلق بأهون عليّ من آخره، وأمّا أذاه إيّاي فقوله: إنّ لي ولدًا، وأنا الأحد الصّمد، الّذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوًا أحدٌ").[تفسير القرآن العظيم: 5/ 250-251]

رد مع اقتباس