عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 4 محرم 1440هـ/14-09-2018م, 06:10 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مُوسَى إِنَّهُ كَانَ مُخْلَصًا وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا (51)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({واذكر في الكتاب موسى إنّه كان مخلصًا وكان رسولا نبيًّا (51) وناديناه من جانب الطّور الأيمن وقرّبناه نجيًّا (52) ووهبنا له من رحمتنا أخاه هارون نبيًّا (53)}.
لمّا ذكر تعالى إبراهيم الخليل وأثنى عليه، عطف بذكر الكليم، فقال: {واذكر في الكتاب موسى إنّه كان مخلصًا} قرأ بعضهم بكسر اللّام، من الإخلاص في العبادة.
قال الثّوريّ، عن عبد العزيز بن رفيع، عن أبي لبابة قال: قال الحواريّون: يا روح اللّه، أخبرنا عن المخلص للّه. قال: الّذي يعمل للّه، لا يحبّ أن يحمده النّاس.
وقرأ الآخرون بفتحها، بمعنى أنّه كان مصطفًى، كما قال تعالى: {إنّي اصطفيتك على النّاس} [الأعراف: 144].
{وكان رسولا نبيًّا}، جمع له بين الوصفين، فإنّه كان من المرسلين الكبار أولي العزم الخمسة، وهم: نوحٌ وإبراهيم، وموسى، وعيسى، ومحمّدٌ، صلوات اللّه وسلامه عليهم وعلى سائر الأنبياء أجمعين). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 237]

تفسير قوله تعالى: {وَنَادَيْنَاهُ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا (52)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {وناديناه من جانب الطّور} أي: الجبل {الأيمن} أي: من جانبه الأيمن من موسى حين ذهب يبتغي من تلك النّار جذوةً، رآها تلوح فقصدها، فوجدها في جانب الطّور الأيمن منه، عند شاطئ الوادي. فكلّمه اللّه تعالى، ناداه وقرّبه وناجاه. قال ابن جريرٍ: حدّثنا ابن بشّارٍ، حدّثنا يحيى -هو القطّان- حدّثنا سفيان، عن عطاء بن السّائب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: {وقرّبناه نجيًّا} قال: أدني حتّى سمع صريف القلم.
وهكذا قال مجاهدٌ، وأبو العالية، وغيرهم. يعنون صريف القلم بكتابة التّوراة.
وقال السّدّيّ: {وقرّبناه نجيًّا} قال: أدخل في السّماء فكلّم، وعن مجاهد نحوه.
وقال عبد الرّزّاق، عن معمر، عن قتادة: {وقرّبناه نجيًّا} قال: نجا بصدقه
قال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا عبد الجبّار بن عاصمٍ، حدّثنا محمّد بن سلمة الحرّانيّ، عن أبي الوصل، عن شهر بن حوشب، عن عمرو بن معد يكرب قال: لمّا قرّب اللّه موسى نجيًّا بطور سيناء، قال: يا موسى، إذا خلقت لك قلبًا شاكرًا، ولسانًا ذاكرًا، وزوجةً تعين على الخير، فلم أخزّن عنك من الخير شيئًا، ومن أخزّن عنه هذا فلم أفتح له من الخير شيئًا). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 237-238]

تفسير قوله تعالى: {وَوَهَبْنَا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنَا أَخَاهُ هَارُونَ نَبِيًّا (53)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {ووهبنا له من رحمتنا أخاه هارون نبيًّا} أي: وأجبنا سؤاله وشفاعته في أخيه، فجعلناه نبيًّا، كما قال في الآية الأخرى: {وأخي هارون هو أفصح منّي لسانًا فأرسله معي ردءًا يصدّقني إنّي أخاف أن يكذّبون} [القصص: 34]، وقال: {قد أوتيت سؤلك يا موسى} [طه: 36]، وقال: {فأرسل إلى هارون. ولهم عليّ ذنبٌ فأخاف أن يقتلون} [الشّعراء: 13، 14]؛ ولهذا قال بعض السّلف: ما شفّع أحدٌ في أحدٍ شفاعةً في الدّنيا أعظم من شفاعة موسى في هارون أن يكون نبيًّا، قال اللّه تعالى: {ووهبنا له من رحمتنا أخاه هارون نبيًّا}.
قال ابن جريرٍ: حدّثنا يعقوب، حدّثنا ابن عليّة، عن داود، عن عكرمة قال: قال ابن عبّاسٍ: قوله: {ووهبنا له من رحمتنا أخاه هارون نبيًّا}، قال: كان هارون أكبر من موسى، ولكن أراد: وهب له نبوّته.
وقد ذكره ابن أبي حاتمٍ معلّقًا، عن يعقوب وهو ابن إبراهيم الدّورقيّ، به). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 238]

تفسير قوله تعالى: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا (54)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({واذكر في الكتاب إسماعيل إنّه كان صادق الوعد وكان رسولا نبيًّا (54) وكان يأمر أهله بالصّلاة والزّكاة وكان عند ربّه مرضيًّا (55)}.
هذا ثناءٌ من اللّه تعالى على إسماعيل بن إبراهيم الخليل، عليهما السّلام، وهو والد عرب الحجاز كلّهم بأنّه {كان صادق الوعد}
قال ابن جريجٍ: لم يعد ربّه عدةً إلّا أنجزها، يعني: ما التزم قطّ عبادةً بنذرٍ إلّا قام بها، ووفّاها حقّها.
وقال ابن جريرٍ: حدّثني يونس، أنبأنا ابن وهبٍ، أخبرني عمرو بن الحارث، أنّ سهل بن عقيلٍ حدّثه، أنّ إسماعيل النّبيّ، عليه السّلام، وعد رجلًا مكانًا أن يأتيه، فجاء ونسي الرّجل، فظلّ به إسماعيل وبات حتّى جاء الرّجل من الغد، فقال: ما برحت من هاهنا؟ قال: لا. قال: إنّي نسيت. قال: لم أكن لأبرح حتّى تأتيني. فلذلك {كان صادق الوعد}.
وقال سفيان الثّوريّ: بلغني أنّه أقام في ذلك المكان ينتظره حولًا حتّى جاءه.
وقال ابن شوذب: بلغني أنّه اتّخذ ذلك الموضع سكنًا.
وقد روى أبو داود في سننه، وأبو بكرٍ محمّد بن جعفرٍ الخرائطيّ في كتابه "مكارم الأخلاق" من طريق إبراهيم بن طهمان، عن عبد اللّه بن ميسرة، عن عبد الكريم -يعني: ابن عبد اللّه بن شقيق-عن أبيه، عن عبد اللّه بن أبي الحمساء قال: بايعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قبل أن يبعث فبقيت له عليّ بقيّةٌ، فوعدته أن آتيه بها في مكانه ذلك، قال: فنسيت يومي والغد، فأتيته في اليوم الثّالث وهو في مكانه ذلك، فقال لي: "يا فتى، لقد شققت عليّ، أنا هاهنا منذ ثلاثٍ أنتظرك" لفظ الخرائطيّ، وساق آثارًا حسنةً في ذلك.
ورواه ابن منده أبو عبد اللّه في كتاب "معرفة الصّحابة"، بإسناده عن إبراهيم بن طهمان، عن بديل بن ميسرة، عن عبد الكريم، به.
وقال بعضهم: إنّما قيل له: {صادق الوعد}؛ لأنّه قال لأبيه: {ستجدني إن شاء اللّه من الصّابرين} [الصّافّات: 102]، فصدق في ذلك.
فصدق الوعد من الصّفات الحميدة، كما أنّ خلفه من الصّفات الذّميمة، قال اللّه تعالى: {يا أيّها الّذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون كبر مقتًا عند اللّه أن تقولوا ما لا تفعلون} [الصّفّ: 2، 3] وقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "آية المنافق ثلاثٌ: إذا حدّث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان"
ولـمّا كانت هذه صفات المنافقين، كان التّلبّس بضدّها من صفات المؤمنين، ولهذا أثنى اللّه على عبده ورسوله إسماعيل بصدق الوعد، وكذلك كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم صادق الوعد أيضًا، لا يعد أحدًا شيئًا إلّا وفّى له به، وقد أثنى على أبي العاص بن الرّبيع زوج ابنته زينب، فقال: "حدّثني فصدقني، ووعدني فوفى لي". ولمّا توفّي النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال الخليفة أبو بكرٍ الصّدّيق: من كان له عند رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم عدةٌ أو دين فليأتني أنجز له، فجاءه جابر بن عبد اللّه، فقال: إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم كان قال: "لو جاء مال البحرين أعطيتك هكذا وهكذا وهكذا"، يعني: ملء كفّيه، فلمّا جاء مال البحرين أمر الصّدّيق جابرًا، فغرف بيديه من المال، ثمّ أمره بعدّه، فإذا هو خمسمائة درهمٍ، فأعطاه مثليها معها
وقوله: {وكان رسولا نبيًّا} في هذا دلالةٌ على شرف إسماعيل على أخيه إسحاق؛ لأنّه إنما وصف بالنّبوّة فقط، وإسماعيل وصف بالنّبوّة والرّسالة. وقد ثبت في صحيح مسلمٍ أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: "إنّ اللّه اصطفى من ولد إبراهيم إسماعيل = " وذكر تمام الحديث، فدلّ على صحّة ما قلناه). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 238-240]

تفسير قوله تعالى: {وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا (55)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {وكان يأمر أهله بالصّلاة والزّكاة وكان عند ربّه مرضيًّا}: هذا أيضًا من الثّناء الجميل، والصّفة الحميدة، والخلّة السّديدة، حيث كان مثابرًا على طاعة ربّه آمرًا بها لأهله، كما قال تعالى لرسوله: {وأمر أهلك بالصّلاة واصطبر عليها لا نسألك رزقًا نحن نرزقك والعاقبة للتّقوى} [طه: 132]، وقال تعالى: {يا أيّها الّذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارًا وقودها النّاس والحجارة عليها ملائكةٌ غلاظٌ شدادٌ} الآية [التّحريم: 6] أي: مروهم بالمعروف، وانهوهم عن المنكر، ولا تدعوهم هملًا فتأكلهم النّار يوم القيامة، وقد جاء في الحديث، عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "رحم اللّه رجلًا قام من اللّيل فصلّى، وأيقظ امرأته، فإن أبت نضح في وجهها الماء، رحم اللّه امرأةً قامت من اللّيل فصلّت، وأيقظت زوجها، فإن أبى نضحت في وجهه الماء" أخرجه أبو داود، وابن ماجه.
وعن أبي سعيدٍ، وأبي هريرة، رضي اللّه عنهما، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: "إذا استيقظ الرّجل من اللّيل وأيقظ امرأته، فصلّيا ركعتين، كتبا من الذّاكرين اللّه كثيرًا والذّاكرات". رواه أبو داود، والنّسائيّ، وابن ماجه، واللّفظ له). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 240]

رد مع اقتباس