عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 4 صفر 1440هـ/14-10-2018م, 07:54 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ (5) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :(ثمّ قال: {يا أيّها النّاس إنّ وعد اللّه حقٌّ} أي: المعاد كائنٌ لا محالة، {فلا تغرّنّكم الحياة الدّنيا} أي: العيشة الدّنيئة بالنّسبة إلى ما أعدّ اللّه لأوليائه وأتباع رسله من الخير العظيم فلا تتلهّوا عن ذلك الباقي بهذه الزّهرة الفانية، {ولا يغرّنّكم باللّه الغرور} وهو الشّيطان. قاله ابن عبّاسٍ. أي: لا يفتننّكم الشّيطان ويصرفنّكم عن اتّباع رسل اللّه وتصديق كلماته فإنّه غرّار كذّابٌ أفّاكٌ. وهذه الآية كالآية الّتي في آخر لقمان: {فلا تغرّنّكم الحياة الدّنيا ولا يغرّنّكم باللّه الغرور} [لقمان: 33]. قال مالكٌ، عن زيد بن أسلم: هو الشّيطان. كما قال: يقول المؤمنون للمنافقين يوم القيامة حين يضرب {بينهم بسورٍ له بابٌ باطنه فيه الرّحمة وظاهره من قبله العذاب * ينادونهم ألم نكن معكم قالوا بلى ولكنّكم فتنتم أنفسكم وتربّصتم وارتبتم وغرّتكم الأمانيّ حتّى جاء أمر اللّه وغرّكم باللّه الغرور} [الحديد: 13، 14]).[تفسير ابن كثير: 6/ 534]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ (6) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (ثمّ بيّن تعالى عداوة إبليس لابن آدم فقال: {إنّ الشّيطان لكم عدوٌّ فاتّخذوه عدوًّا} أي: هو مبارزٌ لكم بالعداوة، فعادوه أنتم أشدّ العداوة، وخالفوه وكذّبوه فيما يغرّكم به، {إنّما يدعو حزبه ليكونوا من أصحاب السّعير} أي: إنّما يقصد أن يضلّكم حتّى تدخلوا معه إلى عذاب السّعير، فهذا هو العدوّ المبين. فنسأل اللّه القويّ العزيز أن يجعلنا أعداء الشّيطان، وأن يرزقنا اتّباع كتابه، والاقتفاء بطريق رسوله، إنّه على ما يشاء قديرٌ، وبالإجابة جديرٌ. وهذه كقوله: {وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس كان من الجنّ ففسق عن أمر ربّه أفتتّخذونه وذرّيّته أولياء من دوني وهم لكم عدوٌّ بئس للظّالمين بدلا} [الكهف: 50].
[وقال بعض العلماء: وتحت هذا الخطاب نوعٌ لطيفٌ من العتاب كأنّه يقول: إنّما عاديت إبليس من أجل أبيكم ومن أجلكم، فكيف يحسن بكم أن توالوه؟ بل اللّائق بكم أن تعادوه وتخالفوه ولا تطاوعوه] ). [تفسير ابن كثير: 6/ 534]

تفسير قوله تعالى: {الَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ (7) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ( {الّذين كفروا لهم عذابٌ شديدٌ والّذين آمنوا وعملوا الصّالحات لهم مغفرةٌ وأجرٌ كبيرٌ (7) أفمن زيّن له سوء عمله فرآه حسنًا فإنّ اللّه يضلّ من يشاء ويهدي من يشاء فلا تذهب نفسك عليهم حسراتٍ إنّ اللّه عليمٌ بما يصنعون (8) }
لما ذكر [الله] تعالى أن أتباع إبليس مصيرهم إلى [عذاب] السّعير، ذكر بعد ذلك أنّ الّذين كفروا لهم عذابٌ شديدٌ ؛ لأنّهم أطاعوا الشّيطان وعصوا الرحمن، وأن الذين آمنوا بالله ورسله {وعملوا الصّالحات لهم مغفرةٌ} أي: لما كان منهم من ذنبٍ، {وأجرٌ كبيرٌ} على ما عملوه من خيرٍ). [تفسير ابن كثير: 6/ 534-535]

تفسير قوله تعالى: {أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآَهُ حَسَنًا فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (8) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :(ثمّ قال: {أفمن زيّن له سوء عمله فرآه حسنًا} يعني: كالكفّار والفجّار، يعملون أعمالًا سيّئةً، وهم في ذلك يعتقدون ويحسّون أنّهم يحسنون صنعًا، أي: أفمن كان هكذا قد أضلّه اللّه، ألك فيه حيلةٌ؟ لا حيلة لك فيه، {فإنّ اللّه يضلّ من يشاء ويهدي من يشاء} أي: بقدره كان ذلك، {فلا تذهب نفسك عليهم حسراتٍ} أي: لا تأسف على ذلك فإنّ اللّه حكيمٌ في قدره، إنّما يضلّ من يضلّ ويهدي من يهدي، لما له في ذلك من الحجّة البالغة، والعلم التّامّ؛ ولهذا قال: {إنّ اللّه عليمٌ بما يصنعون}.
وقال ابن أبي حاتمٍ عند هذه الآية: حدّثنا أبي، حدّثنا محمّد بن عوفٍ الحمصي، حدّثنا محمّد بن كثيرٍ، عن الأوزاعيّ، عن يحيى بن أبي عمرٍو السّيباني -أو: ربيعة-عن عبد اللّه بن الدّيلميّ قال: أتيت عبد الله بن عمرو، وهو في حائط بالطّائف يقال له: الوهط، قال: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: "إنّ اللّه خلق خلقه في ظلمةٍ، ثمّ ألقى عليهم من نوره، فمن أصابه من نوره يومئذٍ فقد اهتدى، ومن أخطأه منه ضلّ، فلذلك أقول: جفّ القلم على ما علم اللّه عزّ وجلّ".
ثمّ قال: حدّثنا يحيى بن عبدك القزوينيّ، حدّثنا حسّان بن حسان البصريّ، حدّثنا إبراهيم بن بشرٍ حدّثنا يحيى بن معينٍ حدّثنا إبراهيم القرشيّ، عن سعد بن شرحبيل عن زيد بن أبي أوفى قال: خرج علينا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فقال: "الحمد للّه الّذي يهدي من الضّلالة، ويلبس الضّلالة على من أحبّ".
وهذا أيضًا حديث غريب جدًّا). [تفسير ابن كثير: 6/ 535]

تفسير قوله تعالى: {وَاللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَسُقْنَاهُ إِلَى بَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَحْيَيْنَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا كَذَلِكَ النُّشُورُ (9) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ( {واللّه الّذي أرسل الرّياح فتثير سحابًا فسقناه إلى بلدٍ ميّتٍ فأحيينا به الأرض بعد موتها كذلك النّشور (9) من كان يريد العزّة فللّه العزّة جميعًا إليه يصعد الكلم الطّيّب والعمل الصّالح يرفعه والّذين يمكرون السّيّئات لهم عذابٌ شديدٌ ومكر أولئك هو يبور (10) واللّه خلقكم من ترابٍ ثمّ من نطفةٍ ثمّ جعلكم أزواجًا وما تحمل من أنثى ولا تضع إلّا بعلمه وما يعمّر من معمّرٍ ولا ينقص من عمره إلّا في كتابٍ إنّ ذلك على اللّه يسيرٌ (11) }
كثيرًا ما يستدلّ تعالى على المعاد بإحيائه الأرض بعد موتها -كما في [أوّل] سورة الحجّ- ينبّه عباده أن يعتبروا بهذا على ذلك، فإنّ الأرض تكون ميّتةً هامدةً لا نبات فيها، فإذا أرسل إليها السّحاب تحمل الماء وأنزله عليها، {اهتزّت وربت وأنبتت من كلّ زوجٍ بهيجٍ} [الحجّ: 5]، كذلك الأجساد، إذا أراد اللّه سبحانه بعثها ونشورها، أنزل من تحت العرش مطرًا يعمّ الأرض جميعًا فتنبت الأجساد في قبورها كما ينبت الحبّ في الأرض؛ ولهذا جاء في الصّحيح: "كلّ ابن آدم يبلى إلّا عجب الذّنب، منه خلق ومنه يركّب"؛ ولهذا قال تعالى: {كذلك النّشور}.
وتقدّم في "الحجّ" حديث أبي رزين: قلت: يا رسول اللّه، كيف يحيي اللّه الموتى؟ وما آية ذلك في خلقه؟ قال: "يا أبا رزينٍ، أما مررت بوادي قومك محلا ثمّ مررت به يهتزّ خضرًا؟ " قلت: بلى. قال: "فكذلك يحيي اللّه الموتى"). [تفسير ابن كثير: 6/ 536]

رد مع اقتباس