عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 3 صفر 1440هـ/13-10-2018م, 03:57 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْآَخِرَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ (1) يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ الرَّحِيمُ الْغَفُورُ (2) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ( {الحمد للّه الّذي له ما في السّماوات وما في الأرض وله الحمد في الآخرة وهو الحكيم الخبير (1) يعلم ما يلج في الأرض وما يخرج منها وما ينزل من السّماء وما يعرج فيها وهو الرّحيم الغفور (2) }
يخبر تعالى عن نفسه الكريمة: أنّ له الحمد المطلق في الدّنيا والآخرة؛ لأنّه المنعم المتفضّل على أهل الدّنيا والآخرة، المالك لجميع ذلك، الحاكم في جميع ذلك، كما قال: {وهو اللّه لا إله إلا هو له الحمد في الأولى والآخرة وله الحكم وإليه ترجعون} [القصص: 70]؛ ولهذا قال هاهنا: {الحمد للّه الّذي له ما في السّموات وما في الأرض} أي: الجميع ملكه وعبيده وتحت قهره وتصرّفه، كما قال: {وإنّ لنا للآخرة والأولى} [اللّيل: 13].
ثمّ قال: {وله الحمد في الآخرة}، فهو المعبود أبدًا، المحمود على طول المدى. وقال: {وهو الحكيم} أي: في أقواله وأفعاله وشرعه وقدره، {الخبير} الّذي لا تخفى عليه خافيةٌ، ولا يغيب عنه شيءٌ.
وقال مالكٌ عن الزّهريّ: خبيرٌ بخلقه، حكيمٌ بأمره؛ ولهذا قال: {يعلم ما يلج في الأرض وما يخرج منها} أي: يعلم عدد القطر النّازل في أجزاء الأرض، والحبّ المبذور والكامن فيها، ويعلم ما يخرج من ذلك: عدده وكيفيّته وصفاته، {وما ينزل من السّماء} أي: من قطرٍ ورزقٍ، {وما يعرج فيها} أي: من الأعمال الصّالحة وغير ذلك، {وهو الرّحيم الغفور} أي: الرّحيم بعباده فلا يعاجل عصاتهم بالعقوبة، الغفور عن ذنوب [عباده] التّائبين إليه المتوكّلين عليه). [تفسير ابن كثير: 6/ 494]

تفسير قوله تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَأْتِينَا السَّاعَةُ قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ عَالِمِ الْغَيْبِ لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَلَا أَصْغَرُ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرُ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ (3) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ( {وقال الّذين كفروا لا تأتينا السّاعة قل بلى وربّي لتأتينّكم عالم الغيب لا يعزب عنه مثقال ذرّةٍ في السّماوات ولا في الأرض ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلّا في كتابٍ مبينٍ (3) ليجزي الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات أولئك لهم مغفرةٌ ورزقٌ كريمٌ (4) والّذين سعوا في آياتنا معاجزين أولئك لهم عذابٌ من رجزٍ أليمٌ (5) ويرى الّذين أوتوا العلم الّذي أنزل إليك من ربّك هو الحقّ ويهدي إلى صراط العزيز الحميد (6) }
هذه إحدى الآيات الثّلاث الّتي لا رابع لهنّ، ممّا أمر اللّه رسوله صلّى اللّه عليه وسلّم أن يقسم بربّه العظيم على وقوع المعاد لـمّا أنكره من أنكره من أهل الكفر والعناد، فإحداهنّ في سورة يونس: {ويستنبئونك أحقٌّ هو قل إي وربّي إنّه لحقٌّ وما أنتم بمعجزين} [يونس:53]، والثّانية هذه: {وقال الّذين كفروا لا تأتينا السّاعة قل بلى وربّي لتأتينّكم}، والثّالثة في التّغابن: {زعم الّذين كفروا أن لن يبعثوا قل بلى وربّي لتبعثنّ ثمّ لتنبّؤنّ بما عملتم وذلك على اللّه يسيرٌ} [التّغابن:7]، فقوله: {قل بلى وربّي لتأتينّكم}، ثمّ وصفه بما يؤكّد ذلك ويقرّره: {عالم الغيب لا يعزب عنه مثقال ذرّةٍ في السّموات ولا في الأرض ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا في كتابٍ مبينٍ}.
قال مجاهدٌ وقتادة: {لا يعزب عنه} لا يغيب عنه، أي: الجميع مندرجٌ تحت علمه فلا يخفى عليه منه شيءٌ، فالعظام وإن تلاشت وتفرّقت وتمزّقت، فهو عالمٌ أين ذهبت وأين تفرّقت، ثمّ يعيدها كما بدأها أوّل مرّةٍ، فإنّه بكلّ شيءٍ عليمٌ). [تفسير ابن كثير: 6/ 495]

تفسير قوله تعالى: {لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (4) وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آَيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ (5) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :(ثمّ بيّن حكمته في إعادة الأبدان وقيام السّاعة بقوله: {ليجزي الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات أولئك لهم مغفرةٌ ورزقٌ كريمٌ والّذين سعوا في آياتنا معاجزين} أي: سعوا في الصّدّ عن سبيل اللّه وتكذيب رسله، {أولئك لهم عذابٌ من رجزٍ أليمٌ} أي: لينعّم السّعداء من المؤمنين، ويعذّب الأشقياء من الكافرين، كما قال: {لا يستوي أصحاب النّار وأصحاب الجنّة أصحاب الجنّة هم الفائزون} [الحشر: 20]، وقال تعالى: {أم نجعل الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات كالمفسدين في الأرض أم نجعل المتّقين كالفجّار} [ص:28]). [تفسير ابن كثير: 6/ 495]

رد مع اقتباس