عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 3 صفر 1440هـ/13-10-2018م, 03:03 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْآَخِرَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ (1) يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ الرَّحِيمُ الْغَفُورُ (2) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {الحمد لله الذي له ما في السماوات وما في الأرض وله الحمد في الآخرة وهو الحكيم الخبير * يعلم ما يلج في الأرض وما يخرج منها وما ينزل من السماء وما يعرج فيها وهو الرحيم الغفور}
الألف واللام في "الحمد" لاستغراق الجنس، أي: الحمد على تنوعه هو لله تعالى من جميع جهات الفكرة، ثم جاء بالصفات التي تستوجب المحامد، وهي: ملكه جميع ما في السموات وما في الأرض، وعلمه المحيط بكل شيء، وخبرته بالأشياء، إذ وجودها إنما هو به جلت قدرته، ورحمته بأنواع خلقه، وغفرانه لمن سبق في علمه أن يغفر له من مؤمن.
وقوله تعالى: {وله الحمد في الآخرة} يحتمل أن تكون الألف واللام للجنس أيضا، وتكون الآية خبرا أن الحمد في الآخرة هو له وحده لإنعامه وإفضاله وتغمده وظهور قدرته وغير ذلك من صفاته، ويحتمل أن تكون الألف واللام فيه للعهد والإشارة إلى قوله تعالى: {وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين}، أو إلى قوله: {الحمد لله الذي صدقنا وعده}.
و"يلج" معناه: يدخل، ومنه قول شاعر:
رأيت القوافي يتلجن موالجا ... تضايق عنها أن تولجها الإبر
و"يعرج" معناه: يصعد. وهذه الرتب حصرت كلما يصح علمه من شخص أو قول أو معنى، وقرأ أبو عبد الرحمن: "وما ينزل من السماء" بضم الياء وفتح النون وشد الزاي). [المحرر الوجيز: 7/ 155-156]

تفسير قوله تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَأْتِينَا السَّاعَةُ قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ عَالِمِ الْغَيْبِ لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَلَا أَصْغَرُ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرُ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ (3) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {وقال الذين كفروا لا تأتينا الساعة قل بلى وربي لتأتينكم عالم الغيب لا يعزب عنه مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا في كتاب مبين * ليجزي الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك لهم مغفرة ورزق كريم * والذين سعوا في آياتنا معاجزين أولئك لهم عذاب من رجز أليم}
روي أن قائل هذه المقالة هو أبو سفيان بن حرب، وقال: "واللات والعزى ما ثم ساعة تأتي، ولا قيامة ولا حشر". فأمر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم أن يقسم بربه مقابلة لقسم أبي سفيان، قيل: ردا وتكذيبا وإيجابا لما نفاه، وأجاز نافع الوقف على "بلى"، وقرأ الجمهور: "لتأتينكم" بالتاء من فوق، وحكى أبو حاتم قراءة: "ليأتينكم" بالياء على المعنى في البعث.
وقرأ ابن كثير، وأبو عمرو، والكسائي - بخلاف عنه -: "عالم" بالخفض على البدل من "ربي"، وقرأ نافع، وابن عامر: "عالم" بالرفع على القطع، أي: هو عالم، ويصح أن يكون "عالم" رفع بالابتداء، وخبره "لا يعزب" وما بعده، ويكون الإخبار بأن "العالم" لا يعزب عنه شيء إشارة إلى أنه قد قدر وقتها وعلمه، والوجه الأول أقرب، وقرأ حمزة، والكسائي: "علام" على المبالغة وبالخفض على البدل. و"يعزب" معناه: يغيب ويبعد، وبه فسر مجاهد وقتادة. وقرأ جمهور القراء بضم الزاي، وخفضها الكسائي، وابن وثاب، وهما لغتان. و"مثقال ذرة" معناه: مقدار تثاقلها، وهذا في الأجرام بين، وفي المعاني بالمقايسة. وقرأ الجمهور: "ولا أصغر من ذلك ولا أكبر" بالرفع عطفا على قوله: "مثقال"، وقرأ نافع، والأعمش، وقتادة: "أصغر"، و"أكبر" بالنصب عطفا على "ذرة"، ورويت عن أبي عمرو، وفي قوله: {إلا في كتاب مبين} ضمير تقديره: إلا هو في كتاب مبين، و"الكتاب المبين" هو اللوح المحفوظ). [المحرر الوجيز: 7/ 156-157]

تفسير قوله تعالى: {لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (4) وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آَيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ (5) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (واللام من قوله: "ليجزي" يصح أن تكون متعلقة بقوله: "لتأتينكم"، ويصح أن تكون متعلقة بقوله: "لا يعزب"، ويصح أن تكون متعلقة بما في قوله: {إلا في كتاب مبين} من معنى الفعل; لأن المعنى: إلا أثبته في كتاب مبين.
و"المغفرة" تغمد الذنوب، و"الرزق الكريم" الجنة.
وقوله: "والذين" معطوف على "الذين" الأولى، أي: وليجزي الذين سعوا، و"معاجزين" معناه: محاولين تعجيز قدرة الله فيهم. وقرأ الجحدري، وابن كثير، وأبو عمرو: "معجزين" دون ألف، أي: معجزين قدرة الله تبارك وتعالى بزعمهم. وقال ابن الزبير: معناه: مثبطين عن الإيمان من أراده، مدخلين عليه العجز في نشاطه، وهذا هو سعيهم في الآيات، أي: في شأن الآيات. ثم بين تعالى جزاء الساعين، كما بين قبل جزاء المؤمنين.
وقرأ عاصم - في رواية حفص -: "أليم" بالرفع على النعت، للعذاب، والباقون بالكسر على نعت "الرجز"، و"الرجز" هو العذاب السيء جدا، وقرأابن محيصن: "رجز" بضم الراء).[المحرر الوجيز: 7/ 157-158]

رد مع اقتباس