عرض مشاركة واحدة
  #10  
قديم 13 ذو القعدة 1435هـ/7-09-2014م, 02:27 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ (25) أَنْ لَا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ أَلِيمٍ (26)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({ولقد أرسلنا نوحًا إلى قومه إنّي لكم نذيرٌ مبينٌ (25) أن لا تعبدوا إلا اللّه إنّي أخاف عليكم عذاب يومٍ أليمٍ (26) فقال الملأ الّذين كفروا من قومه ما نراك إلا بشرًا مثلنا وما نراك اتّبعك إلا الّذين هم أراذلنا بادي الرّأي وما نرى لكم علينا من فضلٍ بل نظنّكم كاذبين (27)}
يخبر تعالى عن نوحٍ، عليه السّلام، وكان أول رسول بعثه الله إلى أهل الأرض من المشركين عبدة الأصنام أنّه قال لقومه: {إنّي لكم نذيرٌ مبينٌ} أي: ظاهر النّذارة لكم من عذاب اللّه إن أنتم عبدتم غير اللّه؛ ولهذا قال: {أن لا تعبدوا إلا اللّه} وقوله {إنّي أخاف عليكم عذاب يومٍ أليمٍ} أي إن استمررتم على ما أنتم عليه عذّبكم اللّه عذابًا أليمًا موجعًا شاقًا في الدّار الآخرة). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 316]

تفسير قوله تعالى: {فَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ مَا نَرَاكَ إِلَّا بَشَرًا مِثْلَنَا وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ وَمَا نَرَى لَكُمْ عَلَيْنَا مِنْ فَضْلٍ بَلْ نَظُنُّكُمْ كَاذِبِينَ (27)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({فقال الملأ الّذين كفروا من قومه} والملأ هم: السّادة والكبراء من الكافرين منهم: {ما نراك إلا بشرًا مثلنا} أي: لست بملكٍ، ولكنّك بشرٌ، فكيف أوحي إليك من دوننا؟ ثمّ ما نراك اتّبعك إلّا أراذلنا كالباعة والحاكة وأشباههم ولم يتبعك الأشراف ولا الرّؤساء [منّا] ثمّ هؤلاء الّذين اتّبعوك لم يكن عن تروّ منهم ولا فكرةٍ ولا نظرٍ، بل بمجرّد ما دعوتهم أجابوك فاتّبعوك ؛ ولهذا قال: {وما نراك اتّبعك إلا الّذين هم أراذلنا بادي الرّأي} أي: في أوّل بادئ الرّأي، {وما نرى لكم علينا من فضلٍ} يقولون: ما رأينا لكم علينا فضيلةً في خلق ولا خلق، ولا رزقٍ ولا حالٍ، لمّا دخلتم في دينكم هذا، {بل نظنّكم كاذبين} أي: فيما تدّعونه لكم من البرّ والصّلاح والعبادة، والسّعادة في الدّار الآخرة إذا صرتم إليها.
هذا اعتراض الكافرين على نوحٍ، عليه السّلام، وأتباعه، وذلك دليلٌ على جهلهم وقلّة علمهم وعقلهم، فإنّه ليس بعارٍ على الحقّ رذالة من اتّبعه، فإنّ الحقّ في نفسه صحيحٌ، وسواءٌ اتّبعه الأشراف أو الأراذل بل الحقّ الّذي لا شكّ فيه أنّ أتباع الحقّ هم الأشراف، ولو كانوا فقرّاء، والّذين يأبونه هم الأراذل، ولو كانوا أغنياء. ثمّ الواقع غالبًا أنّ ما يتّبع الحقّ ضعفاء النّاس، والغالب على الأشراف والكبراء مخالفته، كما قال تعالى: {وكذلك ما أرسلنا من قبلك في قريةٍ من نذيرٍ إلا قال مترفوها إنّا وجدنا آباءنا على أمّةٍ وإنّا على آثارهم مقتدون} [الزّخرف: 23]، ولمّا سأل هرقل ملك الرّوم أبا سفيان صخر بن حربٍ عن صفات النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، قال له فيما قال: أشراف النّاس اتّبعوه أو ضعفاؤهم؟ قال: بل ضعفاؤهم. فقال هرقل: هم أتباع الرّسل.
وقولهم {بادي الرّأي} ليس بمذمّةٍ ولا عيبٍ؛ لأنّ الحقّ إذا وضح لا يبقى للتّروّي ولا للفكر مجالٌ، بل لا بدّ من اتّباع الحقّ والحالة هذه لكلّ ذي زكاءٍ وذكاءٍ ولا يفكّر وينزوي هاهنا إلّا عييّ أو غبيٌّ. والرّسل، صلوات اللّه وسلامه عليهم أجمعين، إنّما جاءوا بأمرٍ جليٍّ واضحٍ.
وقد جاء في الحديث أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: "ما دعوت أحدًا إلى الإسلام إلّا كانت له كبوة، غير أبي بكرٍ، فإنّه لم يتلعثم" أي: ما تردّد ولا تروّى، لأنّه رأى أمرًا جليًّا عظيمًا واضحًا، فبادر إليه وسارع.
وقولهم: {وما نرى لكم علينا من فضلٍ} هم لا يرون ذلك؛ لأنّهم عمي عن الحقّ، لا يسمعون ولا يبصرون: بل هم في ريبهم يتردّدون، في ظلمات الجهل يعمهون، وهم الأفّاكون الكاذبون، الأقلّون الأرذلون، وفي الآخرة هم الأخسرون). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 316-317]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَآَتَانِي رَحْمَةً مِنْ عِنْدِهِ فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ أَنُلْزِمُكُمُوهَا وَأَنْتُمْ لَهَا كَارِهُونَ (28)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({قال يا قوم أرأيتم إن كنت على بيّنةٍ من ربّي وآتاني رحمةً من عنده فعمّيت عليكم أنلزمكموها وأنتم لها كارهون (28)}
يقول تعالى مخبرًا عن نوحٍ ما ردّ على قومه في ذلك: {أرأيتم إن كنت على بيّنةٍ من ربّي} أي: على يقينٍ وأمرٍ جليٍّ، ونبوّةٍ صادقةٍ، وهي الرّحمة العظيمة من اللّه به وبهم، {فعمّيت عليكم} أي: خفيت عليكم، فلم تهتدوا إليها، ولا عرفتم قدرها، بل بادرتم إلى تكذيبها وردها، {أنلزمكموها} أي: نغضبكم بقبولها وأنتم لها كارهون). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 317]

تفسير قوله تعالى: {وَيَا قَوْمِ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مَالًا إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ وَلَكِنِّي أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ (29) وَيَا قَوْمِ مَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ اللَّهِ إِنْ طَرَدْتُهُمْ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (30)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({ويا قوم لا أسألكم عليه مالا إن أجري إلا على اللّه وما أنا بطارد الّذين آمنوا إنّهم ملاقو ربّهم ولكنّي أراكم قومًا تجهلون (29) ويا قوم من ينصرني من اللّه إن طردتهم أفلا تذكّرون (30)}
يقول لقومه: لا أسألكم على نصحي [لكم] مالًا؛ أجرةً آخذها منكم، إنّما أبتغي الأجر من اللّه عزّ وجلّ، {وما أنا بطارد الّذين آمنوا} كأنّهم طلبوا منه أن يطرد المؤمنين عنه، احتشامًا ونفاسةً منهم أن يجلسوا معهم، كما سأل أمثالهم خاتم الرّسل صلّى اللّه عليه وسلّم أن يطرد عنهم جماعةً من الضّعفاء ويجلس معهم مجلسًا خاصًّا، فأنزل اللّه تعالى: {ولا تطرد الّذين يدعون ربّهم بالغداة والعشيّ} [الأنعام: 52]، {واصبر نفسك مع الّذين يدعون ربّهم بالغداة والعشيّ يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم} [الكهف: 28]، وقال تعالى: {وكذلك فتنّا بعضهم ببعضٍ ليقولوا أهؤلاء منّ اللّه عليهم من بيننا أليس اللّه بأعلم بالشّاكرين} الآيات [الأنعام: 53]). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 317]

تفسير قوله تعالى: {وَلَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلَا أَقُولُ إِنِّي مَلَكٌ وَلَا أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ لَنْ يُؤْتِيَهُمُ اللَّهُ خَيْرًا اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا فِي أَنْفُسِهِمْ إِنِّي إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ (31)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({ولا أقول لكم عندي خزائن اللّه ولا أعلم الغيب ولا أقول إنّي ملكٌ ولا أقول للّذين تزدري أعينكم لن يؤتيهم اللّه خيرًا اللّه أعلم بما في أنفسهم إنّي إذًا لمن الظّالمين (31)}
يخبرهم أنّه رسولٌ من اللّه، يدعو إلى عبادة اللّه وحده لا شريك له، بإذن اللّه له في ذلك، ولا يسألهم على ذلك أجرًا، بل هو يدعو من لقيه من شريفٍ ووضيعٍ، فمن استجاب له فقد نجا. ويخبرهم أنّه لا يقدر على التّصرّف في خزائن اللّه، ولا يعلم من الغيب إلّا ما أطلعه اللّه عليه، وليس هو بملك من الملائكة، بل بشرٌ مرسلٌ، مؤيّدٌ بالمعجزات. ولا أقول عن هؤلاء الّذين تحتقرونهم وتزدرونهم: إنّه ليس لهم عند اللّه ثوابٌ على إيمانهم الله أعمل بما في أنفسهم، فإن كانوا مؤمنين باطنًا، كما هو الظّاهر من حالهم، فلهم جزاءً الحسنى، ولو قطع لهم أحدٌ بشرٍّ بعد ما آمنوا، لكان ظالمًا قائلًا ما لا علم له به). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 317-318]


رد مع اقتباس