عرض مشاركة واحدة
  #10  
قديم 19 جمادى الآخرة 1435هـ/19-04-2014م, 12:50 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ (38) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {وما من دابّةٍ في الأرض ولا طائرٍ يطير بجناحيه إلا أممٌ أمثالكم}، قال: مجاهدٌ: أي أصنافٌ مصنّفة تعرف بأسمائها. وقال قتادة: الطّير أمّةٌ، والإنس أمّةٌ، والجنّ أمّةٌ. وقال السّدّي: {إلا أممٌ أمثالكم} أي: خلقٌ أمثالكم.
وقوله: {ما فرّطنا في الكتاب من شيءٍ} أي: الجميع علمهم عند اللّه، ولا ينسى واحدًا من جميعها من رزقه وتدبيره، سواءٌ كان برّيًّا أو بحريًّا، كما قال: {وما من دابّةٍ في الأرض إلا على اللّه رزقها ويعلم مستقرّها ومستودعها كلٌّ في كتابٍ مبينٍ} [هودٍ: 6]، أي: مفصح بأسمائها وأعدادها ومظانّها، وحاصرٌ لحركاتها وسكناتها، وقال [اللّه] تعالى: {وكأيّن من دابّةٍ لا تحمل رزقها اللّه يرزقها وإيّاكم وهو السّميع العليم} [العنكبوت: 60]
وقد قال الحافظ أبو يعلى: حدّثنا محمّد بن المثنّى، حدّثنا عبيد بن واقدٍ القيسيّ أبو عبّادٍ، حدّثني محمّد بن عيسى بن كيسان، حدّثنا محمّد بن المنكدر، عن جابر بن عبد اللّه قال: قلّ الجراد في سنةٍ من سني عمر -رضي اللّه عنه- الّتي ولي فيها، فسأل عنه فلم يخبر بشيءٍ، فاغتمّ لذلك. فأرسل راكبًا إلى كذا، وآخر إلى الشّام، وآخر إلى العراق يسأل: هل رؤي من الجراد شيءٌ أم لا؟ فأتاه الرّاكب الّذي من قبل اليمن بقبضةٍ جرادٍ فألقاها بين يديه، فلمّا رآها كبّر ثلاثًا، ثمّ قال: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم يقول: "خلق اللّه، عزّ وجلّ، ألف أمّة، منها ستّمائةٍ في البحر، وأربعمائةٍ في البرّ. وأوّل شيءٍ يهلك من هذه الأمم الجراد، فإذا هلكت تتابعت مثل النّظام إذا قطع سلكه.
وقوله: {ثمّ إلى ربّهم يحشرون} قال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، حدّثنا أبو نعيمٍ، حدّثنا سفيان، عن أبيه، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ في قوله: {ثمّ إلى ربّهم يحشرون} قال: حشرها الموت.
وكذا رواه ابن جريرٍ من طريق إسرائيل عن سعيدٍ، عن مسروقٍ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ قال: موت البهائم حشرها. وكذا رواه العوفيّ، عنه.
قال ابن أبي حاتمٍ: وروي عن مجاهدٍ والضّحّاك، مثله.
والقول الثّاني: إنّ حشرها هو بعثها يوم القيامة كما قال تعالى: {وإذا الوحوش حشرت} [التّكوير: 5]
وقال الإمام أحمد: حدّثنا محمّد بن جعفرٍ، حدثنا شعبة، عن سليمان، عن منذر الثّوريّ، عن أشياخٍ لهم، عن أبي ذرٍّ؛ أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم رأى شاتين تنتطحان، فقال: «يا أبا ذرٍّ، هل تدر فيم تنتطحان؟» قال: لا. قال: «لكنّ اللّه يدري، وسيقضي بينهما»
ورواه عبد الرّزّاق، عن معمر، عن الأعمش، عمّن ذكره عن أبي ذرٍّ قال: بينا أنا عند رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم إذ انتطحت عنزان، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «أتدرون فيم انتطحتا؟ » قالوا: لا ندري. قال: «لكنّ اللّه يدري، وسيقضي بينهما» رواه ابن جريرٍ، ثمّ رواه من طريق منذرٍ الثّوريّ، عن أبي ذر، فذكره وزاد: قال أبو ذرٍّ: «ولقد تركنا رسول اللّه -صلّى اللّه عليه وسلّم- وما يقلّب طائرٌ بجناحيه في السّماء إلّا ذكّرنا منه علمًا»
وقال عبد اللّه ابن الإمام أحمد في مسند أبيه: حدّثني عبّاس بن محمّدٍ وأبو يحيى البزّار قالا حدّثنا حجّاج بن نصير، حدّثنا شعبة، عن العوّام بن مراجم -من بني قيس بن ثعلبة -عن أبي عثمان النّهدي، عن عثمان، رضي اللّه عنه، أنّ رسول اللّه -صلّى اللّه عليه وسلّم- قال: «إنّ الجمّاء لتقتصّ من القرناء يوم القيامة»
وقال عبد الرّزّاق: أخبرنا معمر، عن جعفر بن برقان، عن يزيد بن الأصمّ، عن أبي هريرة في قوله: {إلا أممٌ أمثالكم ما فرّطنا في الكتاب من شيءٍ ثمّ إلى ربّهم يحشرون} قال: يحشر الخلق كلّهم يوم القيامة، البهائم والدّوابّ والطّير وكلّ شيءٍ، فيبلغ من عدل اللّه يومئذٍ أن يأخذ للجمّاء من القرناء. قال: ثمّ يقول: كوني ترابًا. فلذلك يقول الكافر: {يا ليتني كنت ترابًا} [النّبأ: 40]، وقد روي هذا مرفوعًا في حديث الصّور). [تفسير القرآن العظيم: 3/ 253-255]

تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا صُمٌّ وَبُكْمٌ فِي الظُّلُمَاتِ مَنْ يَشَأِ اللَّهُ يُضْلِلْهُ وَمَنْ يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (39) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {والّذين كذّبوا بآياتنا صمٌّ وبكمٌ في الظّلمات} أي: مثلهم في جهلهم وقلّة علمهم وعدم فهمهم كمثل أصمّ -وهو الّذي لا يسمع -أبكم -وهو الّذي لا يتكلّم -وهو مع هذا في ظلامٍ لا يبصر، فكيف يهتدي مثل هذا إلى الطّريق، أو يخرج ممّا هو فيه؟ كما قال تعالى: {مثلهم كمثل الّذي استوقد نارًا فلمّا أضاءت ما حوله ذهب اللّه بنورهم وتركهم في ظلماتٍ لا يبصرون * صمٌّ بكمٌ عميٌ فهم لا يرجعون} [البقرة: 17، 18]، وكما قال [تعالى] {أو كظلماتٍ في بحرٍ لجّيٍّ يغشاه موجٌ من فوقه موجٌ من فوقه سحابٌ ظلماتٌ بعضها فوق بعضٍ إذا أخرج يده لم يكد يراها ومن لم يجعل اللّه له نورًا فما له من نورٍ} [النّور: 40]؛ ولهذا قال تعالى: {من يشأ اللّه يضلله ومن يشأ يجعله على صراطٍ مستقيمٍ} أي: هو المتصرف في خلقه بما يشاء). [تفسير القرآن العظيم: 3/ 255]

تفسير قوله تعالى: {قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللَّهِ أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ أَغَيْرَ اللَّهِ تَدْعُونَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (40) }

قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ( {قل أرأيتكم إن أتاكم عذاب اللّه أو أتتكم السّاعة أغير اللّه تدعون إن كنتم صادقين (40) بل إيّاه تدعون فيكشف ما تدعون إليه إن شاء وتنسون ما تشركون (41) ولقد أرسلنا إلى أممٍ من قبلك فأخذناهم بالبأساء والضّرّاء لعلّهم يتضرّعون (42) فلولا إذ جاءهم بأسنا تضرّعوا ولكن قست قلوبهم وزيّن لهم الشّيطان ما كانوا يعملون (43) فلمّا نسوا ما ذكّروا به فتحنا عليهم أبواب كلّ شيءٍ حتّى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتةً فإذا هم مبلسون (44) فقطع دابر القوم الّذين ظلموا والحمد للّه ربّ العالمين (45)}
يخبر تعالى أنّه الفعّال لما يريد، المتصرّف في خلقه بما يشاء، وأنّه لا معقّب لحكمه، ولا يقدر أحدٌ على صرف حكمه عن خلقه، بل هو وحده لا شريك له، الّذي إذا سئل يجيب لمن يشاء؛ ولهذا قال: {قل أرأيتكم إن أتاكم عذاب اللّه أو أتتكم السّاعة} أي: أتاكم هذا أو هذا {أغير اللّه تدعون إن كنتم صادقين} أي: لا تدعون غيره لعلمكم أنّه لا يقدر أحدٌ على دفع ذلك سواه؛ ولهذا قال: إن {إن كنتم صادقين} أي: في اتّخاذكم آلهةً معه). [تفسير القرآن العظيم: 3/ 256]

تفسير قوله تعالى: {بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شَاءَ وَتَنْسَوْنَ مَا تُشْرِكُونَ (41) }

قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ( {بل إيّاه تدعون فيكشف ما تدعون إليه إن شاء وتنسون ما تشركون} أي: في وقت الضّرورة لا تدعون أحدًا سواه وتذهب عنكم أصنامكم وأندادكم كما قال: {وإذا مسّكم الضّرّ في البحر ضلّ من تدعون إلا إيّاه ... الآية} [الإسراء: 67] ). [تفسير القرآن العظيم: 3/ 256]


رد مع اقتباس