عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 12 صفر 1440هـ/22-10-2018م, 01:09 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى أَلَا هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ (5) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (خلق السّماوات والأرض بالحقّ يكوّر اللّيل على النّهار ويكوّر النّهار على اللّيل وسخّر الشّمس والقمر كلٌّ يجري لأجلٍ مسمًّى ألا هو العزيز الغفّار (5) خلقكم من نفسٍ واحدةٍ ثمّ جعل منها زوجها وأنزل لكم من الأنعام ثمانية أزواجٍ يخلقكم في بطون أمّهاتكم خلقًا من بعد خلقٍ في ظلماتٍ ثلاثٍ ذلكم اللّه ربّكم له الملك لا إله إلّا هو فأنّى تصرفون (6) }
يخبر تعالى أنّه الخالق لما في السموات والأرض، وما بين ذلك من الأشياء، وأنّه مالك الملك المتصرّف، فيه يقلّب ليله ونهاره، {يكوّر اللّيل على النّهار ويكوّر النّهار على اللّيل} أي: سخّرهما يجريان متعاقبين لا يقرّان، كلٌّ منهما يطلب الآخر طلبًا حثيثًا، كقوله: {يغشي اللّيل النّهار يطلبه حثيثًا} [الأعراف:54] هذا معنى ما روي عن ابن عبّاسٍ، ومجاهدٍ، وقتادة، والسّدّيّ، وغيرهم.
وقوله: {وسخّر الشّمس والقمر كلٌّ يجري لأجلٍ مسمًّى} أي: إلى مدّة معلومةٍ عند اللّه ثمّ تنقضي يوم القيامة. {ألا هو العزيز الغفّار} أي: مع عزّته وعظمته وكبريائه هو غفّارٌ لمن عصاه ثمّ تاب وأناب إليه). [تفسير ابن كثير: 7/ 86]

تفسير قوله تعالى: {خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلَاثٍ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ (6) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :(وقوله: {خلقكم من نفسٍ واحدةٍ} أي: خلقكم مع اختلاف أجناسكم وأصنافكم وألسنتكم وألوانكم من نفسٍ واحدةٍ، وهو آدم عليه السّلام {ثمّ جعل منها زوجها}، وهي حوّاء، عليهما السّلام، كقوله: {يا أيّها النّاس اتّقوا ربّكم الّذي خلقكم من نفسٍ واحدةٍ وخلق منها زوجها وبثّ منهما رجالا كثيرًا ونساءً} [النّساء:1].
وقوله: {وأنزل لكم من الأنعام ثمانية أزواجٍ} أي: وخلق لكم من ظهور الأنعام ثمانية، أزواجٍ وهي المذكورة في سورة الأنعام: {ثمانية أزواجٍ من الضّأن اثنين ومن المعز اثنين} [الأنعام:143]، {ومن الإبل اثنين ومن البقر اثنين} [الأنعام:144].
وقوله: {يخلقكم في بطون أمّهاتكم خلقًا من بعد خلقٍ} أي: قدّركم في بطون أمّهاتكم {خلقًا من بعد خلقٍ} أي: يكون أحدكم أوّلًا نطفةً، ثمّ يكون علقةً، ثمّ يكون مضغةً، ثمّ يخلق فيكون لحمًا وعظمًا وعصبًا وعروقًا، وينفخ فيه الرّوح فيصير خلقًا آخر، {فتبارك اللّه أحسن الخالقين} [المؤمنون:14].
وقوله: {في ظلماتٍ ثلاثٍ} يعني: ظلمة الرّحم، وظلمة المشيمة -الّتي هي كالغشاوة والوقاية على الولد -وظلمة البطن. كذا قال ابن عبّاسٍ، ومجاهدٌ، وعكرمة، وأبو مالكٍ، والضّحّاك، وقتادة، والسّدّيّ، وابن زيدٍ [وغيرهم].
وقوله: {ذلكم اللّه ربّكم} أي: هذا الذي خلق السموات والأرض وما بينهما وخلقكم وخلق آباءكم، هو الرّبّ له الملك والتّصرّف في جميع ذلك، {لا إله إلا هو} أي: الّذي لا تنبغي العبادة إلّا له وحده، {فأنّى تصرفون} أي: فكيف تعبدون معه غيره؟ أين يذهب بعقولكم؟!).[تفسير ابن كثير: 7/ 86-87]

تفسير قوله تعالى: {إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (7) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({إن تكفروا فإنّ اللّه غنيٌّ عنكم ولا يرضى لعباده الكفر وإن تشكروا يرضه لكم ولا تزر وازرةٌ وزر أخرى ثمّ إلى ربّكم مرجعكم فينبّئكم بما كنتم تعملون إنّه عليمٌ بذات الصّدور (7) وإذا مسّ الإنسان ضرٌّ دعا ربّه منيبًا إليه ثمّ إذا خوّله نعمةً منه نسي ما كان يدعو إليه من قبل وجعل للّه أندادًا ليضلّ عن سبيله قل تمتّع بكفرك قليلًا إنّك من أصحاب النّار (8)}
يقول تعالى مخبرًا عن نفسه تعالى: أنّه الغنيّ عمّا سواه من المخلوقات، كما قال موسى: {إن تكفروا أنتم ومن في الأرض جميعًا فإنّ اللّه لغنيٌّ حميدٌ} [إبراهيم:8].
وفي صحيح مسلمٍ: "يا عبادي، لو أنّ أوّلكم وآخركم وإنسكم وجنّكم، كانوا على أفجر قلب رجلٍ منكم، ما نقص ذلك من ملكي شيئًا".
وقوله {ولا يرضى لعباده الكفر} أي: لا يحبّه ولا يأمر به، {وإن تشكروا يرضه لكم} أي: يحبّه منكم ويزدكم من فضله.
{ولا تزر وازرةٌ وزر أخرى} أي: لا تحمل نفسٌ عن نفسٍ شيئًا، بل كلٌّ مطالبٌ بأمر نفسه، {ثمّ إلى ربّكم مرجعكم فينبّئكم بما كنتم تعملون إنّه عليمٌ بذات الصّدور} أي: فلا تخفى عليه خافيةٌ).[تفسير ابن كثير: 7/ 87]