عرض مشاركة واحدة
  #6  
قديم 13 محرم 1432هـ/19-12-2010م, 08:44 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي [الآيات من 49 إلى آخر السورة]

{قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا أَنَا لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ (49) فَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (50) وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آَيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ (51) وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آَيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (52) لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ (53) وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ اللَّهَ لَهَادِ الَّذِينَ آَمَنُوا إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (54) وَلَا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً أَوْ يَأْتِيَهُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَقِيمٍ (55) الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (56) وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا فَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ (57) وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ قُتِلُوا أَوْ مَاتُوا لَيَرْزُقَنَّهُمُ اللَّهُ رِزْقًا حَسَنًا وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (58) لَيُدْخِلَنَّهُمْ مُدْخَلًا يَرْضَوْنَهُ وَإِنَّ اللَّهَ لَعَلِيمٌ حَلِيمٌ (59) ذَلِكَ وَمَنْ عَاقَبَ بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنْصُرَنَّهُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ (60) ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (61) ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ (62) أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ (63) لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (64) أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ وَالْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ (65) وَهُوَ الَّذِي أَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَكَفُورٌ (66) لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا هُمْ نَاسِكُوهُ فَلَا يُنَازِعُنَّكَ فِي الْأَمْرِ وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ إِنَّكَ لَعَلَى هُدًى مُسْتَقِيمٍ (67) وَإِنْ جَادَلُوكَ فَقُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَعْمَلُونَ (68) اللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (69) أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (70) وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَمَا لَيْسَ لَهُمْ بِهِ عِلْمٌ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ (71) وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آَيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ تَعْرِفُ فِي وُجُوهِ الَّذِينَ كَفَرُوا الْمُنْكَرَ يَكَادُونَ يَسْطُونَ بِالَّذِينَ يَتْلُونَ عَلَيْهِمْ آَيَاتِنَا قُلْ أَفَأُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكُمُ النَّارُ وَعَدَهَا اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (72) يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ (73) مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (74) اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (75) يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ (76) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (77) وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ (78)}

تفسير قوله تعالى: {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا أَنَا لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ (49)}

تفسير قوله تعالى: {فَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (50)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {قل يا أيّها النّاس إنّما أنا لكم نذيرٌ مبينٌ {49} فالّذين آمنوا وعملوا الصّالحات لهم مغفرةٌ} [الحج: 49-50] لذنوبهم.
{ورزقٌ كريمٌ} [الحج: 50] الجنّة). [تفسير القرآن العظيم: 1/383]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ):
(الكريم: الشريف الفاضل...، والكريم: الكثير الكرم، قال الله تعالى: {وَرِزْقٌ كَرِيمٌ}

أي: كثير). [تأويل مشكل القرآن: 494] (م)

تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آَيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ (51)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {والّذين سعوا في آياتنا معاجزين} [الحج: 51] يظنّون أنّهم يعجزونا فيسبقوننا في الأرض حتّى لا نقدر عليهم فنعذّبهم.
هذا تفسير الحسن.
وفي تفسير مجاهدٍ: {معاجزين} [الحج: 51] مبطئين أي عن الإيمان.
{أولئك أصحاب الجحيم} [الحج: 51] والجحيم اسمٌ من أسماء جهنّم). [تفسير القرآن العظيم: 1/383]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {معاجزين...}

قراءة العوامّ {معاجزين} ومعنى معاجزين معاندين ودخول (في) كما تقول: سعيت في أمرك وأنت تريد: أردت بك خيراً أو شراً.
وقرأ مجاهد وعبد الله بن الزبير (معجّزين) يقول: مثبّطين). [معاني القرآن: 2/229]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( (معجزين): مثبطين وقالوا مبطئين.[غريب القرآن وتفسيره: 262]
{معاجزين}: معاندين مشاقين.
{معجزين}: من فائتين {فليس بمعجز في الأرض} منه). [غريب القرآن وتفسيره: 263]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {معاجزين} مسابقين). [تفسير غريب القرآن: 294]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (وقال: {وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آَيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ}، أي جدّوا في ذلك). [تأويل مشكل القرآن: 510]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {والّذين سعوا في آياتنا معاجزين أولئك أصحاب الجحيم}
أي ظانّين أنهم يعجزوننا لأنهم ظنوا أنهم لا يبعثون، وأنّه لا جنّة ولا نار.
وقيل في التفسير معاجزين معاندين، وليس بخارج من القول الأول.
وقرئت معجّزين، وتأويلها أنهم كانوا يعجّزون من اتبع النبي - صلى الله عليه وسلم - ويثبّطونهم عنه). [معاني القرآن: 3/433]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {والذين سعوا في آياتنا معاجزين}
قال عبد الله بن الزبير إنما هي معجزين أي مثبطين عن الإيمان
قال ابن عباس معاجزين أي مشاقين
قال الفراء معاندين
وروى معمر عن قتادة في قوله تعالى: {معاجزين} قال كذبوا بآيات الله عز وجل وظنوا أنهم يعجزون الله ولن يعجزوه
قال أبو جعفر وهذا قول بين، والمعنى عليه والذين سعوا في آياتنا ظانين أنهم يعجزوننا لأنهم لا يقرون ببعث ولا بجنة ولا نار أولئك أصحاب الجحيم). [معاني القرآن: 4/425-424]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {مُعَاجِزِينَ}: مسابقين). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 161]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {مُعَجِّـزِين}: مثبطين.
{مُعْجِزِيـنَ}: فائتيـن.
{مُعَاجِزيـنَ}: معاندين). [العمدة في غريب القرآن: 214]

تفسير قوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آَيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (52)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {وما أرسلنا من قبلك من رسولٍ ولا نبيٍّ إلا إذا تمنّى ألقى الشّيطان في أمنيّته} [الحج: 52] نفسه، يعني: إذا قرأ، في تفسير قتادة.
وقال مجاهدٌ: إذا قال.
وقال الكلبيّ: إذا حدّث نفسه.
[تفسير القرآن العظيم: 1/383]
- حمّادٌ، عن داود بن أبي هندٍ، عن أبي العالية الرّياحيّ قال: كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قائمًا في المسجد الحرام يصلّي وهو يقرأ سورة النّجم، فلمّا أتى على هذه الآيات: {أفرأيتم اللّات والعزّى {19} ومناة الثّالثة الأخرى {20}} [النجم: 19-20] فألقى الشّيطان على لسانه: إنّهنّ من الغرانيق العلى وإنّ شفاعتهنّ ترتجى.
فأعجب ذلك المشركين.
فقرأ السّورة حتّى ختمها.
فسجد وسجد المؤمنون والمشركون إلا أبا أحيحة أخذ كفًّا من ترابٍ فسجد عليه.
وبلغ ذلك من كان بالجيش من أصحاب النّبيّ، فشقّ على النّبيّ عليه السّلام ما جاء على لسانه، فأنزل اللّه تبارك وتعالى: {وما أرسلنا من قبلك من رسولٍ ولا نبيٍّ إلا إذا تمنّى ألقى الشّيطان في أمنيّته فينسخ اللّه ما يلقي الشّيطان ثمّ يحكم اللّه آياته واللّه عليمٌ حكيمٌ {52} ليجعل ما يلقي الشّيطان فتنةً للّذين في قلوبهم} [الحج: 52-53] يعني المشركين.
- سعيدٌ، عن قتادة قال: بينما رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم عند المقام إذ نعس، فألقى الشّيطان على لسانه كلمةً فتكلّم بها، فتعلّقها المشركون عليه وإنّه قرأ: {أفرأيتم اللّات والعزّى {19} ومناة الثّالثة الأخرى {20}} [النجم: 19-20] فألقى الشّيطان على لسانه: فإنّ شفاعتها هي المرتجى وإنّها لمع الغرانيق العلى.
فحفظها المشركون وأخبرهم الشّيطان أنّ نبيّ اللّه قد قرأها.
قالت ألسنتهم لها؟ فأنزل اللّه: {وما أرسلنا من قبلك من رسولٍ ولا نبيٍّ} [الحج: 52] إلى آخر الآية.
وفي تفسير الكلبيّ أنّ النّبيّ عليه السّلام كان يصلّي عند البيت والمشركون جلوسٌ فقرأ: {والنّجم} [النجم: 1]، فحدّث نفسه حتّى إذا بلغ: {أفرأيتم اللّات والعزّى {19} ومناة الثّالثة الأخرى {20}} [النجم: 19-20] ألقى الشّيطان على لسانه: فإنّها مع الغرانيق العلى وإنّ شفاعتها هي المرتجى.
فلمّا انصرف قالوا: قد ذكر محمّدٌ آلهتنا.
فقال النّبيّ: واللّه ما كذلك نزلت عليّ.
فنزل عليه جبريل فأخبره النّبيّ فقال: واللّه ما هكذا علّمتك وما جئت بها هكذا، فأنزل اللّه تبارك وتعالى: {وما أرسلنا من قبلك من رسولٍ ولا نبيٍّ} [الحج: 52] إلى آخر الآية). [تفسير القرآن العظيم: 1/384]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {وما أرسلنا من قبلك من رّسولٍ ولا نبيٍّ إلاّ...}

فالرسول النبي المرسل، والنبي: المحدّث الذي لم يرسل.
وقوله: {إلاّ إذا تمنّى} التمنّي: التلاوة، وحديث النفس أيضاً). [معاني القرآن: 2/229]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {إذا تمنى}: أي قرأ.
{ألقى الشيطان في أمنيته}: في قراءته). [غريب القرآن وتفسيره: 263]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {إلّا إذا تمنّى} أي تلا القرآن.
{ألقى الشّيطان في أمنيّته} في تلاوته). [تفسير غريب القرآن: 294]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبيّ إلّا إذا تمنّى ألقى الشّيطان في أمنيّته فينسخ اللّه ما يلقي الشّيطان ثمّ يحكم اللّه آياته واللّه عليم حكيم}
معنى {إذا تمنّى} إذا تلا، ألقى الشيطان في تلاوته، فذلك محنة من اللّه، - عزّ وجلّ - وله أن يمتحن بما شاء، فألقى الشيطان على لسان النبي - صلى الله عليه وسلم - شيئا من صفة الأصنام فافتتن بذلك أهل الشقاق والنفاق ومن في قلبه مرض فقال اللّه عر وجل:
{ليجعل ما يلقي الشّيطان فتنة للّذين في قلوبهم مرض والقاسية قلوبهم}
ثم أعلم أنهم ظالمون، وأنهم في شقاق دائم، والشقاق غاية العداوة فقال -: {وإنّ الظّالمين لفي شقاق بعيد}.
ثم أعلم أن هؤلاء لا يتوبون فقال: (ولا يزال الّذين كفروا في مرية منه) أي في شك منه.
{حتّى تأتيهم السّاعة بغتة} أي مفاجأة.
{أو يأتيهم عذاب يوم عقيم}.
أصل العقم، العقم في الولادة، يقال: هذه امرأة عقيم، كما قال اللّه - عز وجل -: {قالت عجوز عقيم}.
وكذلك رجل عقيم إذا كان لا يولد
قال الشاعر:

عقم النّساء فلن يلدن شبيهه=إن النّساء بمثله عقم
والريح العقيم التي لا تأتي بسحاب يمطر، وإنما تأتي بالعذاب، واليوم العقيم هو الّذي لا يأتي فيه خير، فيوم القيامة عقيم على الكفار كما قال اللّه - عزّ وجلّ - {على الكافرين غير يسير}.وليس هو على المؤمنين الذين أدخلوا في رحمة اللّه كذلك.
وأنشد بعض أهل اللغة في قوله تمنى في معنى تلا قول الشاعر:
تمنّى كتاب الله أوّل ليله=وآخره لاقى حمام المقادر
أي تلا كتاب اللّه مترسلا فيه كما تلا داود الزبور مترسّلا فيه). [معاني القرآن: 3/435-433]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل عز: {وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته}
قال بن أبي نجيح تمنى أي قال
وقال أهل اللغة تمنى أي تلا والمعنى واحد
ثم قال جل وعز: {فينسخ الله ما يلقى الشيطان ثم يحكم الله آياته}
روى الليث عن يونس عن الزهري قال أخبرني أبو بكر ابن عبد الرحمن ابن الحارث بن هشام أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ بمكة والنجم إذا هوى، فلما بلغ إلى قوله تعالى:
{أفرأيتم اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى} سها فقال فإن شفاعتهم ترتجى فلقيه المشركون والذين في قلوبهم مرض فسلموا عليه فقال إن ذلك من الشيطان،
فأنزل الله جل وعز: {وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته} إلى آخر الآية
قال قتادة قرأ النبي صلى الله عليه وسلم فأغفى ونعس فقال أفرأيتم اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى فإنها ترتجى وإنها الغرانيق العلى فوقرت في قلوب المشركين فسجدوا معه أجمعون وأنزل الله جل وعز: {وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته} إلى آخر الآية). [معاني القرآن: 4/427-425]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {تَمَنَّى}: تلا). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 161]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {إذا تَمَنَّـى}: قرأ.
{فيِ أُمْنِيَتِـهِ}: في قراءتـه). [العمدة في غريب القرآن: 214]

تفسير قوله تعالى: {لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ (53)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {وما أرسلنا من قبلك من رسولٍ ولا نبيٍّ إلا إذا تمنّى ألقى الشّيطان في أمنيّته} [الحج: 52] نفسه، يعني: إذا قرأ، في تفسير قتادة.
وقال مجاهدٌ: إذا قال.
وقال الكلبيّ: إذا حدّث نفسه.
[تفسير القرآن العظيم: 1/383]
- حمّادٌ، عن داود بن أبي هندٍ، عن أبي العالية الرّياحيّ قال: كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قائمًا في المسجد الحرام يصلّي وهو يقرأ سورة النّجم، فلمّا أتى على هذه الآيات: {أفرأيتم اللّات والعزّى {19} ومناة الثّالثة الأخرى {20}} [النجم: 19-20] فألقى الشّيطان على لسانه: إنّهنّ من الغرانيق العلى وإنّ شفاعتهنّ ترتجى.
فأعجب ذلك المشركين.
فقرأ السّورة حتّى ختمها.
فسجد وسجد المؤمنون والمشركون إلا أبا أحيحة أخذ كفًّا من ترابٍ فسجد عليه.
وبلغ ذلك من كان بالجيش من أصحاب النّبيّ، فشقّ على النّبيّ عليه السّلام ما جاء على لسانه، فأنزل اللّه تبارك وتعالى: {وما أرسلنا من قبلك من رسولٍ ولا نبيٍّ إلا إذا تمنّى ألقى الشّيطان في أمنيّته فينسخ اللّه ما يلقي الشّيطان ثمّ يحكم اللّه آياته واللّه عليمٌ حكيمٌ {52} ليجعل ما يلقي الشّيطان فتنةً للّذين في قلوبهم} [الحج: 52-53] يعني المشركين.
- سعيدٌ، عن قتادة قال: بينما رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم عند المقام إذ نعس، فألقى الشّيطان على لسانه كلمةً فتكلّم بها، فتعلّقها المشركون عليه وإنّه قرأ: {أفرأيتم اللّات والعزّى {19} ومناة الثّالثة الأخرى {20}} [النجم: 19-20] فألقى الشّيطان على لسانه: فإنّ شفاعتها هي المرتجى وإنّها لمع الغرانيق العلى.
فحفظها المشركون وأخبرهم الشّيطان أنّ نبيّ اللّه قد قرأها.
قالت ألسنتهم لها؟ فأنزل اللّه: {وما أرسلنا من قبلك من رسولٍ ولا نبيٍّ} [الحج: 52] إلى آخر الآية.
وفي تفسير الكلبيّ أنّ النّبيّ عليه السّلام كان يصلّي عند البيت والمشركون جلوسٌ فقرأ: {والنّجم} [النجم: 1]، فحدّث نفسه حتّى إذا بلغ: {أفرأيتم اللّات والعزّى {19} ومناة الثّالثة الأخرى {20}} [النجم: 19-20] ألقى الشّيطان على لسانه: فإنّها مع الغرانيق العلى وإنّ شفاعتها هي المرتجى.
فلمّا انصرف قالوا: قد ذكر محمّدٌ آلهتنا.
فقال النّبيّ: واللّه ما كذلك نزلت عليّ.
فنزل عليه جبريل فأخبره النّبيّ فقال: واللّه ما هكذا علّمتك وما جئت بها هكذا، فأنزل اللّه تبارك وتعالى: {وما أرسلنا من قبلك من رسولٍ ولا نبيٍّ} [الحج: 52] إلى آخر الآية). [تفسير القرآن العظيم: 1/384] (م)
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {وإنّ الظّالمين} [الحج: 53] يعني المشركين.
{لفي شقاقٍ بعيدٍ} [الحج: 53] يعني لفي فراقٍ بعيدٍ إلى يوم القيامة.
يعني بذلك فراقهم الحقّ). [تفسير القرآن العظيم: 1/385]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) :
( وقوله جل وعز: {ليجعل ما يلقي الشيطان فتنة للذين في قلوبهم مرض}

فتنة أي اختبار وامتحانا والله جل وعز يمتحن بما يشاء
وقوله جل وعز: {وإن الظالمين لفي شقاق بعيد} الشقاق أشد العداوة). [معاني القرآن: 4/427]

تفسير قوله تعالى: {وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ اللَّهَ لَهَادِ الَّذِينَ آَمَنُوا إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (54)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {وليعلم الّذين أوتوا العلم} [الحج: 54] يعني المؤمنين.
{أنّه الحقّ من ربّك فيؤمنوا به} [الحج: 54] يعني القرآن فيصدّقوا به.
{فتخبت له قلوبهم} [الحج: 54] فتطمئنّ به قلوبهم في تفسير الكلبيّ.
وقال الحسن: فتخشع له قلوبهم.
قوله: {وإنّ اللّه لهاد الّذين آمنوا إلى صراطٍ مستقيمٍ} [الحج: 54] إلى طريقٍ مستقيمٍ إلى الجنّة.
سعيدٌ عن قتادة قال: قاتل اللّه قومًا يزعمون أنّ المؤمن يكون ضالًّا، ويكون فاسقًا ويكون خاسرًا.
قال اللّه تبارك وتعالى: {اللّه وليّ الّذين آمنوا يخرجهم من الظّلمات إلى النّور} [البقرة: 257].
وقال: {ومن يؤمن باللّه يهد قلبه} [التغابن: 11] وقال: {وإنّ اللّه لهاد الّذين آمنوا إلى صراطٍ مستقيمٍ} [الحج: 54] ). [تفسير القرآن العظيم: 1/385]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) :
( {فتخبت له قلوبهم} أي تخضع وتذلّ). [تفسير غريب القرآن: 294]

قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {فَتُخْبِتَ}: أي تخضع، وتذل، وتخاف). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 161]

تفسير قوله تعالى: {وَلَا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً أَوْ يَأْتِيَهُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَقِيمٍ (55)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {ولا يزال الّذين كفروا في مريةٍ منه} [الحج: 55] في شكٍّ منه، من القرآن.
{حتّى تأتيهم السّاعة بغتةً} [الحج: 55] يعني فجأةً.
{أو يأتيهم عذاب يومٍ عقيمٍ} [الحج: 55] تفسير الحسن يعني الّذين تقوم عليهم السّاعة، الدّائنين بدين أبي جهلٍ وأصحابه.
وقوله {عذاب يومٍ عقيمٍ} [الحج: 55] يوم بدرٍ قبل قيام السّاعة.
قوله: {يومٍ عقيمٍ} [الحج: 55] لا غدًا له، أي يهلكون فيه، يومٌ يهلكون فيه.
وقال الحسن: العقيم، الشّديد). [تفسير القرآن العظيم: 1/385]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) :
( {عذاب يومٍ عقيمٍ} كأنه عقم عن أن يكون فيه خير أو فرج للكافرين). [تفسير غريب القرآن: 294]

قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم أخبر تعالى أن هؤلاء لا يتوبون ولا يزالون في شك فقال جل وعز: {ولا يزال الذين كفروا في مرية منه}
أي: في شك {حتى تأتيهم الساعة بغتة} أي فجأة {أو يأتيهم عذاب يوم عقيم}
قيل هو يوم القيامة
وأهل التفسير على أنه يوم بدر قال ذلك سعيد بن جبير وقتادة
وقال قتادة وبلغني عن أبي بن كعب أنه قال أربع آيات نزلت في يوم بدر
{عذاب يوم عقيم} يوم بدر
واللزام القتال في يوم بدر
و يوم نبطش البطشة الكبرى يوم بدر
ولنذيقنهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر يوم بدر
قال أبو جعفر أصل العقم في اللغة الامتناع ومنه قولهم امرأة عقيم رجل عقيم إذا منعا الولد
وريح عقيم لا يأتي بسحاب فيه مطر أي فيه العذاب
ويوم عقيم لا خير فيه لقوم
فيوم القيامة ويوم بدر قد عقم فيهما الخير والفرح عن الكفار). [معاني القرآن: 4/427-428]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {يَوْمٍ عَقِيمٍ}: أي كأنه عقم عن أن يكون فيه خير للكافرين). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 162]

تفسير قوله تعالى: {الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (56)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {الملك يومئذٍ للّه} [الحج: 56] يوم القيامة.
{يحكم بينهم} [الحج: 56] بين المؤمنين والكافرين). [تفسير القرآن العظيم: 1/385]

تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا فَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ (57)}

قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {فالّذين آمنوا وعملوا الصّالحات في جنّات النّعيم {56} والّذين كفروا وكذّبوا بآياتنا فأولئك لهم عذابٌ مهينٌ {57}} [الحج: 56-57] من الهوان). [تفسير القرآن العظيم: 1/385]

تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ قُتِلُوا أَوْ مَاتُوا لَيَرْزُقَنَّهُمُ اللَّهُ رِزْقًا حَسَنًا وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (58)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {والّذين هاجروا في سبيل اللّه ثمّ قتلوا} [الحج: 58] في سبيل اللّه بعد الهجرة.
{أو ماتوا} [الحج: 58] على فرشهم بعد الهجرة.
{ليرزقنّهم اللّه رزقًا حسنًا} [الحج: 58] الجنّة). [تفسير القرآن العظيم: 1/386]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) :
( {وإن الله لهو خير الرازقين} قال أبو العباس: يقال: إن كل إنسانا إذا كان يرزق إنسان رزقا قد سماه له، ثم غضب عليه قطع ذلك الرزق، والله - عز وجل - إذا غضب على عبده لم يقطع رزقه ما دام حيا). [ياقوتة الصراط: 371]


تفسير قوله تعالى: {لَيُدْخِلَنَّهُمْ مُدْخَلًا يَرْضَوْنَهُ وَإِنَّ اللَّهَ لَعَلِيمٌ حَلِيمٌ (59)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({وإنّ اللّه لهو خير الرّازقين {58} ليدخلنّهم مدخلا يرضونه} [الحج: 58-59] في الجنّة.
{وإنّ اللّه لعليمٌ حليمٌ} [الحج: 59] ). [تفسير القرآن العظيم: 1/386]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ):
( {ليدخلنّهم مدخلاً} الميم مضمومة لأنها من " أدخلت " والخاء مفتوحة وإذا كان من دخلت فالميم والخاء مفتوحتان).

[مجاز القرآن: 2/53]

تفسير قوله تعالى: {ذَلِكَ وَمَنْ عَاقَبَ بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنْصُرَنَّهُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ (60)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {ذلك ومن عاقب بمثل ما عوقب به ثمّ بغي عليه} [الحج: 60] يعني بذلك مشركي العرب أنّهم عوقبوا، فقتلهم اللّه بجحودهم النّبيّ وظلمهم إيّاه وأصحابه، وبغيهم عليهم.
قال: {لينصرنّه اللّه إنّ اللّه لعفوٌّ غفورٌ} [الحج: 60] النّصر في الدّنيا: الظّهور على المشركين، والحجّة عليهم في الآخرة كقوله: {إنّا لننصر رسلنا والّذين آمنوا في الحياة الدّنيا ويوم يقوم الأشهاد} [غافر: 51] يوم القيامة). [تفسير القرآن العظيم: 1/386]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) :
(وقوله: {ذلك ومن عاقب بمثل ما عوقب به ثمّ بغي عليه لينصرنّه اللّه إنّ اللّه لعفوّ غفور}

(ذلك) في موضع رفع، المعنى الأمر ذلك، أي الأمر، قصصنا لحيكم.
قوله: {ومن عاقب بمثل ما عوقب به}.
الأول لم يكن عقوبة، وإنما العقوبة الجزاء، ولكنه سمّي عقوبة لأن الفعل الذي هو عقوبة كان جزاء فسمّي الأول الذي جوزي عليه عقوبة لاستواء الفعلين في جنس المكروه.
كما قال عزّ وجلّ: {وجزاء سيّئة سيّئة مثلها}.
فالأول سيئة والمجازاة عليها حسنة من حسنات المجازي عليها إلا أنها سمّيت سيئة بأنها وقعت إساءة بالمفعول به، لأنه فعل به ما يسوءه.
وكذلك قوله {مستهزئون* اللّه يستهزئ بهم}، جعل مجازاتهم باستهزائهم مسمّى بلفظ فعلهم لأنه جزاء فعلهم). [معاني القرآن: 3/435]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {ذلك ومن عاقب بمثل ما عوقب به}
والأول ليس بعقوبة فسمي الأول باسم الثاني لأنهما من جنس واحد على الازدواج كما يسمى الثاني باسم الأول). [معاني القرآن: 4/429]

تفسير قوله تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (61)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {ذلك بأنّ اللّه يولج اللّيل في النّهار ويولج النّهار في اللّيل} [الحج: 61] هو آخذٌ كلّ واحدٍ منهما من صاحبه). [تفسير القرآن العظيم: 1/386]

تفسير قوله تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ (62)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({وأنّ اللّه سميعٌ بصيرٌ {61} ذلك بأنّ اللّه هو الحقّ} [الحج: 61-62] والحقّ اسمٌ من أسماء اللّه.
قوله: {وأنّ ما يدعون من دونه هو الباطل} [الحج: 62] قال الحسن: الأوثان.
وقال قتادة: إبليس.
قوله: {وأنّ اللّه هو العليّ الكبير} [الحج: 62] لا شيء أكبر منه). [تفسير القرآن العظيم: 1/386]

تفسير قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ (63)}

قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {ألم تر أنّ اللّه أنزل من السّماء ماءً فتصبح الأرض مخضرّةً} [الحج: 63] يعني نباتها، ليس يعني من ليلتها ولكن إذا أنبتت.
[تفسير القرآن العظيم: 1/386]
{إنّ اللّه لطيفٌ} [الحج: 63] بخلقه فيما رزقهم.
{خبيرٌ} [الحج: 63] بأعمالهم). [تفسير القرآن العظيم: 1/387]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {فتصبح الأرض مخضرّةً...}

رفعت (فتصبح) لأنّ المعنى في {ألم تر} معناه خبر كأنك قلت في الكلام: اعلم أنّ الله ينزل من السّماء ماء فتصبح الأرض.
وهو مثل قول الشاعر:
ألم تسأل الربع القديم فينطق =فهل تخبرنك اليوم بيداءٌ سملق
أي قد سألته فنطق. ولوجعلته استفهاماً وجعلت الفاء شرطاً لنصبت: كما قال الآخر:
ألم تسأل فتخبرك الديارا =عن الحيّ المضلّل حيث سارا
والجزم في هذا البيت جائز كما قال:
فقلت له صوّب ولا تجهدنّه =فيذرك من أخرى العطاة فتزلق
فجعل الجواب بالفاء كالمنسوق على ما قبله). [معاني القرآن: 2/230-229]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {ألم تر أنّ اللّه أنزل من السّماء ماء فتصبح الأرض مخضرّة إنّ اللّه لطيف خبير}
وقرئت مخضرة.
ذكر الله جل ثناؤه - ما يدل على توحيده من إيلاج الليل في النّهار والنهار في الليل، وذكر إنزاله الماء ينبت وذكر تسخير الفلك في البحر وإمساك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه، فدل أنه الواحد الّذي خلق الخلق وأتى بما لا يمكن البشر أن يأتوا بمثله). [معاني القرآن: 3/436-435]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فتصبح الأرض مخضرة}
قال سيبويه سألت الخليل عن قوله تعالى: {ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فتصبح الأرض مخضرة} فقال هذا واجب وهو تنبيه
والمعنى انتبه أنزل الله من السماء ماء فكان كذا وكذا
وقال الفراء هو خبر
ويقرأ فتصبح الأرض مخضرة أي ذات خضر كما يقول مبقلة ومسبعة أي ذات بقل وسباع). [معاني القرآن: 4/430-429]

تفسير قوله تعالى: {لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (64)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {له ما في السّموات وما في الأرض وإنّ اللّه لهو الغنيّ الحميد} [الحج: 64] {الغنيّ} [الحج: 64] عن خلقه {الحميد} [الحج: 64] المستحمد إلى خلقه، استوجب عليهم أن يحمدوه). [تفسير القرآن العظيم: 1/387]

تفسير قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ وَالْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ (65)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {ألم تر أنّ اللّه سخّر لكم ما في الأرض} [الحج: 65] خلق لكم ما في الأرض كقوله: {هو الّذي خلق لكم ما في الأرض جميعًا} [البقرة: 29] {والفلك تجري في البحر بأمره ويمسك السّماء أن تقع على الأرض} [الحج: 65] يعني لئلا تقع على الأرض.
{إلا بإذنه إنّ اللّه بالنّاس لرءوفٌ رحيمٌ} [الحج: 65] ). [تفسير القرآن العظيم: 1/387]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) :
(وقوله عزّ وجلّ: {ألم تر أنّ اللّه سخّر لكم ما في الأرض والفلك تجري في البحر بأمره ويمسك السّماء أن تقع على الأرض إلّا بإذنه إنّ اللّه بالنّاس لرءوف رحيم}

(الفلك) بالنصب نسق - على " ما " المعنى وسخر لكم الفلك.
ويكون (تجري) حالا، أي وسخر لكم الفلك في حال جريها.
ويقرأ: {والفلك تجري في البحر بأمره}، فيكون الفلك مرفوعا بالابتداء، وتجري هو الخبر، والمعنى معنى التسخير لأن جريها بأمره هو التسخير.
وقوله: {ويمسك السّماء أن تقع على الأرض إلّا بإذنه}.
على معنى كراهة أن تقع على الأرض، وموضع " أن " نصب بيمسك.
وهي مفعول. المعنى لكراهة أن تقع). [معاني القرآن: 3/437-436]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {ويمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه}
والمعنى كراهية أن تقع). [معاني القرآن: 4/430]

تفسير قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي أَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَكَفُورٌ (66)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {وهو الّذي أحياكم} [الحج: 66] من النّطف.
{ثمّ يميتكم ثمّ يحييكم} [الحج: 66] يعني البعث وهو كقوله: {كيف تكفرون باللّه وكنتم أمواتًا فأحياكم ثمّ يميتكم ثمّ يحييكم} [البقرة: 28] قوله: {إنّ الإنسان لكفورٌ} [الحج: 66] يعني الكافر). [تفسير القرآن العظيم: 1/387]

تفسير قوله تعالى: {لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا هُمْ نَاسِكُوهُ فَلَا يُنَازِعُنَّكَ فِي الْأَمْرِ وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ إِنَّكَ لَعَلَى هُدًى مُسْتَقِيمٍ (67)}

يققال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {لكلّ أمّةٍ جعلنا منسكًا} [الحج: 67] حجًّا وذبحًا في تفسير قتادة.
قوله: {هم ناسكوه} [الحج: 67] قال مجاهدٌ: هراقة الدّماء.
قال يحيى: يعني النّسك.
قوله: {فلا ينازعنّك في الأمر} [الحج: 67] أي لا يحوّلنّك المشركون عن هذا
[تفسير القرآن العظيم: 1/387]
الدّين الّذي أنت عليه.
يقوله للنّبيّ.
{وادع إلى ربّك} [الحج: 67] أي إلى الإخلاص له.
- عثمان، عن نعيم بن عبد اللّه، عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «أمرت أن أقاتل النّاس حتّى يقولوا لا إله إلا اللّه فإذا قالوها عصموا بها دماءهم وأموالهم إلا بحقّها وحسابهم على اللّه».
قوله: {إنّك لعلى هدًى مستقيمٍ} [الحج: 67] يعني على دينٍ مستقيمٍ، الإسلام تستقيم به حتّى يهجم بك على الجنّة). [تفسير القرآن العظيم: 1/388]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {منسكاً...}

و{منسكاً} قد قرئ بهما جميعاً. والمنسك لأهل الحجاز والمنسك لبني أسد، والمنسك في كلام العرب: والموضع الذي تعتاده وتألفه ويقال: إن لفلان منسكا يعتاده في خير كان أو غيره. والمناسك بذلك سميت - والله أعلم - لترداد الناس عليها بالحجّ والعمرة). [معاني القرآن: 2/230]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {جعلنا منسكاً} أي عيدا). [تفسير غريب القرآن: 294]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {لكلّ أمّة جعلنا منسكا هم ناسكوه فلا ينازعنّك في الأمر وادع إلى ربّك إنّك لعلى هدى مستقيم}
ومنسكا، وقد تقدم الشرح في هذا.
وقوله: {فلا ينازعنّك في الأمر}
أي لا يجادلنّك فيه، ومعناه لا تنازعهم، والدليل عنى أن المعنى لا يجادلنّك ولا تجادلنّهم قوله: {وإن جادلوك فقل اللّه أعلم بما تعملون}.
هذا قبل القتال.
فإن قال قائل: فهم قد جادلوه فلم قيل {فلا ينازعنّك في الأمر} وهم قد نازعوه؟
فالمعنى أنه نهي له - صلى الله عليه وسلم - عن منازعتهم كما يقول: لا يخاصمنّك فلان في هذا أبدا، وهذا جائز في الفعل الذي لا يكون إلا من اثنين لأن المجادلة والمخاصمة لا تتم إلا باثنين، فإذا قلت لا يجادلنك فلان فهو بمنزلة لا تجادلنّه، ولا يجوز هذا في قوله: لا يضربنّك فلان، وأنت تريد لا تضربه.
ولكن لو قلت لا يضاربنّك فلان لكان كقولك لا تضاربنّ فلانا.
ويقرأ: {فلا ينزعنّك في الأمر}: معناه لا يغلبنّك في المنازعة فيه، يقال: نازعني فلان فنزعته وعازّني فعززته، أنزعه وأغلبه، المعنى فلا يغلبنّك في الأمر). [معاني القرآن: 3/437]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {فلا ينازعنك في الأمر}
أي فلا يجادلنك ودل على هذا وان جادلوك ويقال قد نازعوه فكيف قال فلا ينازعنك فالجواب أي المعنى فلا تنازعهم
ولا يجوز هذا إلا فيما لا يكون إلا من اثنين نحو المنازعة والمخاصمة وما أشبهها ولو قلت لا يضربنك تريد لا تضربهم لم يجز
ويقرأ فلا ينزعنك في الأمر قرأ به أبو مجلز أي فلا يغلبنك
وحكى أهل اللغة نازعني فنزعته). [معاني القرآن: 4/431-430]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {مَنسَكًا}: أي عيداً). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 162]

تفسير قوله تعالى: {وَإِنْ جَادَلُوكَ فَقُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَعْمَلُونَ (68)}

تفسير قوله تعالى: {اللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (69)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {وإن جادلوك فقل اللّه أعلم بما تعملون {68} اللّه يحكم بينكم يوم القيامة فيما كنتم فيه تختلفون {69}} [الحج: 68-69] يقوله للمشركين يعني ما اختلف فيه المؤمنون والكافرون فيكون حكمه فيهم أن يدخل المؤمنين الجنّة ويدخل الكافرين النّار). [تفسير القرآن العظيم: 1/388]

تفسير قوله تعالى: {أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (70)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {ألم تعلم أنّ اللّه يعلم ما في السّماء والأرض} [الحج: 70] أي قد علمت أنّ اللّه يعلم ما في السّموات والأرض.
{إنّ ذلك في كتابٍ إنّ ذلك على اللّه يسيرٌ} [الحج: 70]
- نعيم بن يحيى، عن الأعمش، عن أبي ظبيان، عن ابن عبّاسٍ قال: أوّل ما خلق اللّه القلم فقال: اكتب.
قال: ربّ ما أكتب؟ قال: ما هو كائنٌ.
قال: فجرى القلم بما هو كائنٌ إلى يوم القيامة.
فأعمال العباد تعرض كلّ يوم اثنين وخميسٍ فيجدونه على ما في الكتاب). [تفسير القرآن العظيم: 1/388]

تفسير قوله تعالى: {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَمَا لَيْسَ لَهُمْ بِهِ عِلْمٌ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ (71)}

قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {ويعبدون من دون اللّه ما لم ينزّل به سلطانًا} [الحج: 71] حجّةً بعبادتهم.
{وما ليس لهم به علمٌ} [الحج: 71] أنّ الأوثان خلقت مع اللّه شيئًا ولا رزقت معه شيئًا.
{وما للظّالمين} [الحج: 71] للمشركين.
{من نصيرٍ} [الحج: 71] ). [تفسير القرآن العظيم: 1/388]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) :
( {ما لم ينزّل به سلطاناً} أي برهانا ولا حجّة). [تفسير غريب القرآن: 294]

قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (ثم ذكر جهل المشركين في عبادتهم الأصنام فقال عزّ وجل:
{ويعبدون من دون اللّه ما لم ينزّل به سلطانا وما ليس لهم به علم وما للظّالمين من نصير}أي ما لم ينزل به حجة وما ليس لهم به علم.
ثم ضرب لهم مثل ما يعبدون، وأنه لا ينفع ولا يضر.
وأما القراءة: (فتصبح الأرض مخضرّة) لا غير قال سيبويه: سألت الخليل عن قوله تعالى: {ألم تر أنّ اللّه أنزل من السّماء ماء فتصبح الأرض مخضرّة}
فقال هذا واجب ومعناه التنبيه كأنّه قال: أتسمع؟
أنزل الله من السماء ماء، فكان كذا وكذا، وقال غيره مثل قوله.
قال مجاز هذا الكلام مجاز الخبر كأنه قال: الله ينزل من السماء ماء، فتصبح الأرض مخضرة.
وأنشدوا:
ألم تسأل الرّبع القواء فينطق= وهل تخبرنك اليوم بيداء سملق؟
قال الخليل: المعنى فهو مما ينطق، وأما من قرأ مخضرة فهو على معنى ذات مخضرة مثل مبقلة ذات بقل، ومشبعة ذات شبع، ولا يجوز مخضرّة - بفتح الميم وتشديد الراء - لأن مفعلّة ليس في الكلام ولا معنى له). [معاني القرآن: 3/436]

تفسير قوله تعالى: {وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آَيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ تَعْرِفُ فِي وُجُوهِ الَّذِينَ كَفَرُوا الْمُنْكَرَ يَكَادُونَ يَسْطُونَ بِالَّذِينَ يَتْلُونَ عَلَيْهِمْ آَيَاتِنَا قُلْ أَفَأُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكُمُ النَّارُ وَعَدَهَا اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (72)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {وإذا تتلى عليهم آياتنا بيّناتٍ} [الحج: 72] القرآن.
{تعرف في وجوه الّذين كفروا المنكر يكادون يسطون بالّذين يتلون عليهم آياتنا} [الحج: 72] يكادون يقعون بهم بأنبيائهم فيقتلونهم في تفسير الحسن.
وهو كقوله: {وهمّت كلّ أمّةٍ برسولهم ليأخذوه} [غافر: 5] وقال مجاهدٌ: يعني كفّار قريشٍ.
قوله: {قل أفأنبّئكم بشرٍّ من ذلكم} [الحج: 72] يعني بشرٍّ من قتل أنبيائهم.
{النّار} [الحج: 72] في تفسير الحسن هي شرٌّ ممّا صنعوا بأنبيائهم، من قتلهم أنبياءهم أنّهم يخلدون في النّار أبدًا.
قال: {وعدها اللّه الّذين كفروا وبئس المصير} [الحج: 72] ). [تفسير القرآن العظيم: 1/389]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {يكادون يسطون بالّذين يتلون عليهم آياتنا...}

يعني مشركي أهل مكّة، كانوا إذا سمعوا الرجل من المسلمين يتلو القرآن كادوا يبطشون به.
وقوله: {النّار وعدها اللّه} ترفعها لأنها معرفة فسّرت الشرّ وهو نكرة. كما تقول: مررت برجلين أبوك وأخوك. ولو نصبتها بما عاد من ذكرها ونويت بها الاتّصال بما قبلها كان وجهاً. ولو خفضتها على الباء {فأنبئكم بشرّ من ذلكم بالنار} كان صواباً. والوجه الرفع). [معاني القرآن: 2/230]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {يكادون يسطون} أي يفرطون عليه ومنه السطوة). [مجاز القرآن: 2/54]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {بشرّ مّن ذلكم النّار} مرفوعة على القطع من شركة الباء ولكنه مستأنف خبر عنه ولم تعمل الباء فيه وقال:
وبلد بآله مؤزّر= إذا استقلوا من مناخٍ شمّروا
وإن بدت أعلام أرض كبّروا
مؤزر مرفوع على ذلك القطع). [مجاز القرآن: 2/54]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {وإذا تتلى عليهم آياتنا بيّناتٍ تعرف في وجوه الّذين كفروا المنكر يكادون يسطون بالّذين يتلون عليهم آياتنا قل أفأنبّئكم بشرٍّ مّن ذلكم النّار وعدها اللّه الّذين كفروا وبئس المصير}
وقال: {بشرٍّ مّن ذلكم النّار} رفع على التفسير أي: هي النار. ولو جر على البدل كان جيدا). [معاني القرآن: 3/11]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {يكادون يسطون}: من السطوة وهي الإفراط). [غريب القرآن وتفسيره: 263]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {يكادون يسطون بالّذين يتلون عليهم آياتنا} أي يتناولونهم بالمكروه من الشتم والضرب). [تفسير غريب القرآن: 295]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {وإذا تتلى عليهم آياتنا بيّنات تعرف في وجوه الّذين كفروا المنكر يكادون يسطون بالّذين يتلون عليهم آياتنا قل أفأنبّئكم بشرّ من ذلكم النّار وعدها اللّه الّذين كفروا وبئس المصير}
أي يكادون يبطشون بسطوة على النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه، والذين يتلون عليهم القرآن.
وقوله: {قل أفأنبّئكم بشرّ من ذلكم النّار وعدها اللّه}.
القراءة بالرفع وهي أثبت في النحو من الجر والنصب والخفض.
والنّصب جائز، فأمّا من رفع فعلى معنى هو النّار، وهي النّار، كأنّهم قالوا: ما هذا الذي هو شرّ؟ فقيل النّار. ومن قال النّار بالجر، فعلى البدل من شرّ، ومن قال النّار بالنصب، فهو على معنى أعني النّار، وعلى معنى أنبئكم بشرّ من ذلكم كأنّه قال أعرفكم شرّا من ذلكم النّار). [معاني القرآن: 3/438-437]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {يكادون يسطون بالذين يتلون عليهم آياتنا}
قال محمد بن كعب أي يقعون بهم
وقال الضحاك أي يأخذونهم أخذا باليد
وحكى أهل اللغة سطا به يسطو إذا بطش به كان ذلك بضرب أو بشتم). [معاني القرآن: 4/431]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {يَسْطُونَ}: يتناولونهم بالمكروه). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 162]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {يَسْطُـونَ}: من السطوة). [العمدة في غريب القرآن: 214]

تفسير قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ (73)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {يا أيّها النّاس ضرب مثلٌ فاستمعوا له} [الحج: 73] يعني المشركين.
{إنّ الّذين تدعون من دون اللّه} [الحج: 73] يعني الأوثان.
{لن يخلقوا ذبابًا ولو اجتمعوا له وإن يسلبهم الذّباب شيئًا لا يستنقذوه منه} [الحج: 73] يعني أنّ الذّباب يقع على تلك الأوثان فتنقر أعينها ووجوهها، فيسلبها ما أخذ من وجوهها وأعينها.
وسمعت بعضهم يقول: إنّهم كانوا يطلونها بخلوقٍ.
قال اللّه تبارك وتعالى: {ضعف الطّالب والمطلوب} [الحج: 73] والطّالب هو الوثن والمطلوب الذّباب). [تفسير القرآن العظيم: 1/389]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {الطّالب والمطلوب...}

الطالب الآلهة والمطلوب الذباب. وفيه معنى المثل). [معاني القرآن: 2/230]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {يا أيّها النّاس ضرب مثلٌ فاستمعوا له إنّ الّذين تدعون من دون اللّه لن يخلقوا ذباباً ولو اجتمعوا له وإن يسلبهم الذّباب شيئاً لاّ يستنقذوه منه ضعف الطّالب والمطلوب}
وقال: {ضرب مثلٌ فاستمعوا له إنّ الّذين تدعون من دون اللّه لن يخلقوا ذباباً ولو اجتمعوا له} فإن قيل: "فأين المثل" قلت: ليس ههنا مثل لأنه تبارك وتعالى قال: "ضرب لي مثلٌ فجعل مثلاً عندهم لي فاستمعوا لهذا المثل الذي جعلوه مثلي في قولهم واتخاذهم الآلهة وأنهم لن يقدروا على خلق ذباب ولو اجتمعوا له وهم أضعف لو سلبهم الذباب شيئاً فاجتمعوا جميعاً ليستنقذوه منه لم يقدروا على ذلك. فكيف تضرب هذه الآلهة مثلا لربها وهو رب كل شيء الواحد الذي ليس كمثله شيء وهو مع كل شيء، وأقرب من كل شيء وليس له شبه ولا مثل ولا كفء وهو العلي العظيم الواحد الرب الذي لم يزل ولا يزال"). [معاني القرآن: 3/11]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (وقوله: وقوله: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ}، ثم قال: {إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ}، ولم يأت بالمثل، لأن في الكلام معناه، كأنه قال: يا أيها الناس، مثلكم مثل من عبد آلهة اجتمعت لأن تخلق ذبابا لم تقدر عليه، وسلبها الذباب شيئا فلم تستنقذه منه). [تأويل مشكل القرآن: 83] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {يا أيّها النّاس ضرب مثل فاستمعوا له إنّ الّذين تدعون من دون اللّه لن يخلقوا ذبابا ولو اجتمعوا له وإن يسلبهم الذّباب شيئا لا يستنقذوه منه ضعف الطّالب والمطلوب}
لأنهم عبدوا من دون اللّه ما لا يسمع ولا يبصر وما لم ينزّل به حجة.
فأعلمهم اللّه عزّ وجل الجواب فيما جعلوه للّه مثلا، وجعلوه له نيرا، فقال: {إنّ الّذين تدعون من دون اللّه لن يخلقوا ذبابا ولو اجتمعوا له}.
يعنى الأصنام، وكل من دعي من دون اللّه إلها لا إله إلا اللّه وحده.
وقوله: {وإن يسلبهم الذّباب شيئا لا يستنقذوه منه}.
أعلم اللّه - جلّ ثناؤه - أنه الخالق، ودل على وحدانيته بجميع ما خلق ثم أعلم أن الذين عبدوا من دونه لا يقدرون على خلق واحد قليل ضعيف من خلقه، ولا على استنقاذ تافه حقير منه). [معاني القرآن: 3/438]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {يا أيها الناس ضرب مثل فاستمعوا له}
قال الأخفش إن قيل فأين المثل
فالجواب أنه ليس ثم مثل والمعنى إن الله جل وعز قال ضربوا لي مثلا على قولهم
وقال القتبي يا أيها الناس مثلكم مثل من عبد آلهة لم تستطع أن تخلق ذبابا وسلبها الذباب شيئا فلم تستطع أن تستنقذه منه
فذهب إلى أن في الكلام ما دل على المثل من قوله: {لن يخلقوا ذبابا ولو اجتمعوا له} إلى آخر الآية
ومذهب الأخفش أن الكفار ضربوا لله جل وعز مثلا أي جعلوا لله مثلا بعبادتهم غيره كما يعبد هو جل وعز كما قال أين شركائي
والذباب عند أهل اللغة واحد وجمعه أذبة وذبان
وقوله جل وعز: {ضعف الطالب والمطلوب}
الطالب الآلهة والمطلوب الذباب). [معاني القرآن: 4/433-431]


تفسير قوله تعالى: {مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (74)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {ما قدروا اللّه حقّ قدره} [الحج: 74] ما عظّموا اللّه حقّ عظمته أن عبدوا الأوثان من دونه الّتي إن سلبها الذّباب الضّعيف لم تستطع أن تمتنع منه.
{إنّ اللّه لقويٌّ عزيزٌ} [الحج: 74] فبقوّته وعزّته ذلّ من دونه). [تفسير القرآن العظيم: 1/389]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله:{ما قدروا اللّه حقّ قدره...}

أي ما عظّموا الله حقّ تعظيمه. وهو كما تقول في الكلام: ما عرفت لفلان قدره أي عظمته وقصّر به صاحبه). [معاني القرآن: 2/230]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {ما قدرو اللّه حقّ قدره} مجازه ما عرفوا الله حق معرفته، ولا وصفوفه مبلغ صفته). [مجاز القرآن: 2/54]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (ثم قال: {ما قدروا اللّه حقّ قدره إنّ اللّه لقويّ عزيز}
أي ما عظموه حقّ عظمته، ثم أعلم بعد ذكره ضعف قوة المعبودين قوّته فقال: {إنّ اللّه لقويّ عزيز}.
وقوله {ضعف الطّالب والمطلوب}
يجوز ضعف، وضعف الطالب والمطلوب، أي فهم يضعفون عن أن يخلقوا ذبابا، وعن أن يستنقذوا من الذباب شيئا ضعف الذباب). [معاني القرآن: 3/439-438]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {ما قدروا الله حق قدره} أي ما عظموه حق عظمته
ولما خبر بضعف ما يعبدون أخبر بقوته فقال جل وعز إن الله قوي عزيز). [معاني القرآن: 4/433]

تفسير قوله تعالى: {اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (75)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {اللّه يصطفي} [الحج: 75] يختار). [تفسير القرآن العظيم: 1/389]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {اللّه يصطفي من الملائكة رسلاً...}

اصطفى منهم جبريل وميكائيل وملك الموت وأشباههم. ويصطفي من الناس الأنبياء). [معاني القرآن: 2/230]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله - عزّ وجلّ -: {اللّه يصطفي من الملائكة رسلا ومن النّاس إنّ اللّه سميع بصير}
اصطفى اللّه من الملائكة جبريل وميكائيل وإسرافيل وملك الموت واصطفى من الناس النبيين والمرسلين صلى الله عليهم وسلم أجمعين). [معاني القرآن: 3/439]

تفسير قوله تعالى: {يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ (76)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ( {من الملائكة رسلا ومن النّاس إنّ اللّه سميعٌ بصيرٌ {75} يعلم ما بين أيديهم} [الحج: 75-76] من أمر الآخرة.
{وما خلفهم} [الحج: 76] من أمر الدّنيا إذا كانوا في الآخرة.
{وإلى اللّه ترجع الأمور} [الحج: 76] يوم القيامة). [تفسير القرآن العظيم: 1/390]

تفسير قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (77)}

قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {يا أيّها الّذين آمنوا اركعوا واسجدوا} [الحج: 77] يعني الصّلاة المكتوبة.
{واعبدوا ربّكم وافعلوا الخير} [الحج: 77] في وجهتكم.
{لعلّكم تفلحون} [الحج: 77] لكي تفلحوا). [تفسير القرآن العظيم: 1/390]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {يا أيّها الّذين آمنوا اركعوا واسجدوا...}

كان الناس يسجدون بلا ركوع، فأمروا أن تكون صلاتهم بركوع قبل السجود). [معاني القرآن: 2/231]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {يا أيّها الّذين آمنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا ربّكم وافعلوا الخير لعلّكم تفلحون}أي اقصدوا بركوعكم وسجودكم الله وحده.
{وافعلوا الخير}.
والخير كل ما أمر اللّه به.
وقوله: {لعلّكم تفلحون}
هذا ليس بشك، ولكن معناه لترجوا أن تكونوا على فلاح، كما قال لموسى وهارون: {اذهبا إلى فرعون إنّه طغى * فقولا له قولا ليّنا لعلّه يتذكّر أو يخشى}.
أي اذهبا على رجائكما كما كما يرجو النبي ممن يبعث إليه، واللّه عز وجلّ من وراء العلم بما يؤول إليه أمر فرعون إلا أن الحجة لا تقوم إلا بعد الإبانة). [معاني القرآن: 3/439]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {يا أيها الناس اركعوا واسجدوا}
فلا يكون ركوع إلا بسجود ثم قال تعالى: {واعبدوا ربكم} أي أخلصوا عبادتكم لله وحده ثم قال جل وعز: {وافعلوا الخير} أي كل ما أمر الله به
ثم قال جل وعز: {لعلكم تفلحون} أي لتكونوا على رجاء من الفلاح). [معاني القرآن: 4/434-433]

تفسير قوله تعالى: {وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ (78)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {وجاهدوا في اللّه حقّ جهاده} [الحج: 78] وهي مثل قوله: {اتّقوا اللّه حقّ تقاته} [آل عمران: 102].
وهما منسوختان نسختهما الآية الّتي في التّغابن: {فاتّقوا اللّه ما استطعتم} [التغابن: 16] قوله: {هو اجتباكم} [الحج: 78] اصطفاكم، ويقال: اختاركم لدينه.
وهو واحدٌ.
{وما جعل عليكم في الدّين من حرجٍ} [الحج: 78] من ضيقٍ.
- ابن لهيعة، عن عبد اللّه بن هبيرة، عن أبي تميمٍ الجيشانيّ، عن سعيد بن المسيّب أنّه سمع حذيفة بن اليمان يقول: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: «لقد أعطاني ربّي بأنّي أوّل الأنبياء دخولا الجنّة، وطيّب لي ولأمّتي الغنيمة، وأحلّ لنا كثيرًا ممّا شدّد به على من قبلنا، ولم يجعل علينا في الدّين من حرجٍ».
- ابن لهيعة، عن زيد بن أبي حبيبٍ، عن ابن شهابٍ، عن عليّ بن عبد اللّه بن عبّاسٍ، عن أبيه قال: {وما جعل عليكم في الدّين من حرجٍ} [الحج: 78] يعني من ضيقٍ.
جعل اللّه الكفّارات مخرجًا من ذلك.
- همّامٌ، عن قتادة، عن سعيد بن المسيّب قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «خير دينكم أيسره».
قال قتادة: إنّ كتاب اللّه قد جاءكم بذاك وربّ الكعبة: {يريد اللّه بكم اليسر ولا يريد بكم العسر} [البقرة: 185]
[تفسير القرآن العظيم: 1/390]
- أبو أميّة، عن الحسن قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «والّذي نفس محمّدٍ بيده ما اجتمع أمران في الإسلام إلا كان أحبّهما إلى اللّه أيسرهما».
- بحرٌ السّقّاء، عن الزّهريّ، عن عروة بن الزّبير، عن عائشة قالت: ما عرض لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أمران قطّ إلا أخذ بأيسرهما ما لم يكن إثمًا.
وكان أبعد النّاس من الإثم.
قوله: {ملّة أبيكم إبراهيم هو سمّاكم المسلمين} [الحج: 78] اللّه سمّاكم المسلمين.
{من قبل} [الحج: 78] هذا أي من قبل هذا القرآن في الكتب كلّها الأولى، وفي الذّكر.
{وفي هذا} [الحج: 78] القرآن.
قوله: {ليكون الرّسول شهيدًا عليكم} [الحج: 78] بأنّه قد بلّغ.
{ليكون الرّسول شهيدًا عليكم} [الحج: 78] على الأمم بأنّ الرّسل قد بلّغت قومها.
سعيدٌ، عن قتادة أنّ كعبًا قال: إنّ اللّه تبارك وتعالى أعطى هذه الأمّة ثلاثًا لم يعطهنّ قبلهم إلا نبيًّا مرسلًا: كان يبعث النّبيّ فيقول: أنت شاهدي على أمّتك، وإنّ اللّه جعلكم شهداء على النّاس.
ويبعث النّبيّ فيقول: ادعني استجب لك وقال: {ادعوني أستجب لكم} [غافر: 60].
ويبعث النّبيّ فيقول: ليس عليك في الدّين من حرجٍ وقال: {وما جعل عليكم في الدّين من حرجٍ} [الحج: 78] قوله: {فأقيموا الصّلاة وآتوا الزّكاة} [الحج: 78] هما فريضتان واجبتان.
أمّا الصّلاة فالصّلوات الخمس يقيمونها على وضوئها، ومواقيتها، وركوعها وسجودها.
وأمّا الزّكاة فقد فسّرناها في أحاديث الزّكاة على ما سنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فيها.
قوله: {واعتصموا باللّه} [الحج: 78] بدين اللّه، فهو اعتصامكم باللّه في تفسير الحسن.
وقال الكلبيّ: بتوحيد اللّه.
وهو واحدٌ.
قوله: {هو مولاكم} [الحج: 78] وليّكم.
{فنعم المولى ونعم النّصير} [الحج: 78] وعدهم النّصر على أعدائه المشركين). [تفسير القرآن العظيم: 1/391]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {في الدّين من حرجٍ...}
من ضيق.
وقوله: {مّلّة أبيكم} نصبتها على: وسّع عليكم كملّة أبيكم إبراهيم؛ لأن قوله: {وما جعل عليكم في الدّين من حرجٍ} يقول: وسّعه وسمّحه كملّة إبراهيم، فإذا ألقيت الكاف نصبت، وقد تنصب {ملّة إبراهيم} على الأمر بها؛ لأن أول الكلام أمر كأنّه قال: اركعوا والزموا ملّة إبراهيم.
وقوله: {من قبل وفي هذا} يعني القرآن). [معاني القرآن: 2/231]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {فنعم المولى} أي الرب). [مجاز القرآن: 2/54]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {وجاهدوا في اللّه حقّ جهاده هو اجتباكم وما جعل عليكم في الدّين من حرجٍ مّلّة أبيكم إبراهيم هو سمّاكم المسلمين من قبل وفي هذا ليكون الرّسول شهيداً عليكم وتكونوا شهداء على النّاس فأقيموا الصّلاة وآتوا الزّكاة واعتصموا باللّه هو مولاكم فنعم المولى ونعم النّصير}
وقال: {مّلّة أبيكم إبراهيم} نصب على الأمر). [معاني القرآن: 3/12]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {وما جعل عليكم في الدين من حرج}: من ضيق). [غريب القرآن وتفسيره: 263]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {هو اجتباكم} أي اختاركم.
{وما جعل عليكم في الدّين من حرجٍ} أي ضيق.
{هو سمّاكم المسلمين من قبل وفي هذا} يعني القرآن.
{ليكون الرّسول شهيداً عليكم} أي قد بلغكم.
{وتكونوا شهداء على النّاس} بأن الرسل قد بلغتهم.
{فنعم المولى} أي الولي.
{ونعم النّصير} أي الناصر. مثل قدير وقادر، وسميع وسامع). [تفسير غريب القرآن: 295]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (وأما الضيق بعينه فقوله: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} أي ضيق.
و{يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا} وحَرِجًا. ومنه الحرجة وهي: الشجر الملتفّ). [تأويل مشكل القرآن: 484] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجل: {وجاهدوا في اللّه حقّ جهاده هو اجتباكم وما جعل عليكم في الدّين من حرج ملّة أبيكم إبراهيم هو سمّاكم المسلمين من قبل وفي هذا ليكون الرّسول شهيدا عليكم وتكونوا شهداء على النّاس فأقيموا الصّلاة وآتوا الزّكاة واعتصموا باللّه هو مولاكم فنعم المولى ونعم النّصير}
قيل إنه بمنزلة قوله: {اتّقوا اللّه حقّ تقاته} وأن نسخها قوله: {فاتّقوا اللّه ما استطعتم}.
وقوله: {هو اجتباكم} معناه: اختاركم.
وقوله: {وما جعل عليكم في الدّين من حرج} أي من ضيق، جعل الله على من لم يستطع الشيء الذي يثقل في وقت، ما هو أخف منه، فجعل للصائم الإفطار في السفر،
وبقصر الصلاة للمصلّي إذا لم يطق القيام أن يصلّي قاعدا، وإن لم يطق القعود أن يومئ إيماء، وجعل للرجل أن يتزوج أربعا، وجعل له جميع ما ملكته يمينه.
فوسّع اللّه - عزّ وجلّ - على خلقه.
وقوله: {ملّة أبيكم إبراهيم} معناه اتبعوا ملّة أبيكم إبراهيم.
وجائز أن يكون منصوبا بقوله: اعبدوا ربكم وافعلوا الخير فعل أبيكم إبراهيم.
وقوله: {هو سمّاكم المسلمين من قبل وفي هذا}." هو " راجعة إلى اللّه - عر وجل - المعنى: اللّه سمّاكم المسلمين من قبل أن ينزّل القرآن، وفي هذا القرآن سمّاكم المسلمين.
وجائز أن يكون إبراهيم عليه السلام سمّاكم المسلمين من قبل، وفي هذا، أي حكم إبراهيم أن كل من آمن بمحمد موحّدا للّه فقد سمّاه إبراهيم مسلما.
وقوله: {وتكونوا شهداء على النّاس} يروى أن الله سبحانه أعطى هذه الأمة ثلاثة أشياء لم يعطها إلا الأنبياء.
جعلت شهيدة على سائر الأمم، والشهادة لكل نبيّ على أمّته.
وأن يقال للنبي عليه السلام: اذهب ولا حرج عليك، وقال اللّه لهذه الأمّة: {وما جعل عليكم في الدّين من حرج}، وأنه قال لكل نبيّ سل تعطه،
وقال لهذه الأمّة: {وقال ربّكم ادعوني أستجب لكم} ). [معاني القرآن: 3/440-439]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {وجاهدوا في الله حق جهاده}
قيل هذا منسوخ وهو مثل قوله: {اتقوا الله حق تقاته} نسخه {فاتقوا الله ما استطعتم}
ثم قال جل وعز: {هو اجتباكم أي اختاركم ثم قال وما جعل عليكم في الدين من حرج}
قال أبو هريرة الإصر الذي كان على بني إسرائيل وضع عنكم
روى يونس عن الزهري قال سأل عبد الملك بن مروان علي ابن عبد الله ابن عباس عن قوله تعالى: {وما جعل عليكم في الدين من حرج} فقال هو الضيق جعل لكفارات الأيمان مخرجا سمعت ابن عباس يقول ذلك قال أبو جعفر أصل الحرج في اللغة أشد الضيق وقد قيل إن المعنى أنه جعل للمسافر الإفطار وقصر الصلاة ولمن لم يقدر أن يصلي قائما الصلاة قاعدا وإن لم يقدر أومأ فلم يضيق جل وعز
وروى معمر عن قتادة قال أعطيت هذه الأمة ثلاثا لم يعطها إلا نبي
أ-كأن يقال للنبي اذهب فلا حرج عليك وقيل لهذه الأمة وما جعل عليكم في الدين من حرج
ب-والنبي صلى الله عليه وسلم شهيد على أمته وقيل لهذه الأمة {وتكونوا شهداء على الناس}
ج- ويقال للنبي صلى الله عليه وسلم سل تعطه وقيل لهذه الأمة وقال ربكم ادعوني استجب لكم
وقال كعب الأحبار نحو هذا
وقال عكرمة أحل النساء مثنى وثلاث ورباع
وروى عن ابن عباس جعل التوبة مقبولة
وقوله جل وعز: {ملة أبيكم إبراهيم}
أي وسع عليكم كما وسع عليه صلى الله عليه وسلم وقيل افعلوا الخير فعل أبيكم إبراهيم
ثم قال تعالى: {هو سماكم المسلمين من قبل وفي هذا}
روى علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال يقول الله جل وعز: {سماكم}
قال مجاهد من قبل أي في الكتب والذكر
قال أبو جعفر وفي هذا يعني القرآن
ثم قال جل وعز: {ليكون الرسول شهيدا عليكم}
قال سفيان أي بأعمالكم وتكونوا شهداء على الناس بأن الرسل قد بلغتهم
وقوله جل وعز: {فنعم المولى} أي الولي {ونعم النصير} أي الناصر كما يقول قدير وقادر ورحيم وراحم). [معاني القرآن: 4/437-434]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {مِنْ حَرَجٍ}: ضيق). [العمدة في غريب القرآن: 214]


رد مع اقتباس