عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 24 ذو القعدة 1431هـ/31-10-2010م, 12:09 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي [الآيات من 15 إلى 26]

({سَيَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ إِذَا انْطَلَقْتُمْ إِلَى مَغَانِمَ لِتَأْخُذُوهَا ذَرُونَا نَتَّبِعْكُمْ يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلَامَ اللَّهِ قُلْ لَنْ تَتَّبِعُونَا كَذَلِكُمْ قَالَ اللَّهُ مِنْ قَبْلُ فَسَيَقُولُونَ بَلْ تَحْسُدُونَنَا بَلْ كَانُوا لَا يَفْقَهُونَ إِلَّا قَلِيلًا (15) قُلْ لِلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الْأَعْرَابِ سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ فَإِنْ تُطِيعُوا يُؤْتِكُمُ اللَّهُ أَجْرًا حَسَنًا وَإِنْ تَتَوَلَّوْا كَمَا تَوَلَّيْتُمْ مِنْ قَبْلُ يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (16) لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَنْ يَتَوَلَّ يُعَذِّبْهُ عَذَابًا أَلِيمًا (17) لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا (18) وَمَغَانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَهَا وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا (19) وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا فَعَجَّلَ لَكُمْ هَذِهِ وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنْكُمْ وَلِتَكُونَ آَيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ وَيَهْدِيَكُمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا (20) وَأُخْرَى لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْهَا قَدْ أَحَاطَ اللَّهُ بِهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا (21) وَلَوْ قَاتَلَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوَلَّوُا الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا (22) سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا (23) وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا (24) هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ وَلَوْلَا رِجَالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُؤْمِنَاتٌ لَمْ تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَئُوهُمْ فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ لِيُدْخِلَ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (25) إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا (26)} )
تفسير قوله تعالى: (سَيَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ إِذَا انْطَلَقْتُمْ إِلَى مَغَانِمَ لِتَأْخُذُوهَا ذَرُونَا نَتَّبِعْكُمْ يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلَامَ اللَّهِ قُلْ لَنْ تَتَّبِعُونَا كَذَلِكُمْ قَالَ اللَّهُ مِنْ قَبْلُ فَسَيَقُولُونَ بَلْ تَحْسُدُونَنَا بَلْ كَانُوا لَا يَفْقَهُونَ إِلَّا قَلِيلًا (15) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله عز وجل: {سَيَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ إِذَا انْطَلَقْتُمْ إِلَى مَغَانِمَ لِتَأْخُذُوهَا...}.
يعني خيبر؛ لأن الله فتحها على رسوله من فوره من الحديبية، فقالوا ذلك لرسول الله: ذرنا نتبعك، قال: نعم على ألاّ يسهم لكم، فإن خرجتم على ذا فاخرجوا فقالوا للمسلمين: ما هذا لكم ما فعلتموه بنا إلا حسدا؟ قال المسلمون: كذلكم قال الله لنا من قبل أن تقولوا.
وقوله: {يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلَامَ اللَّهِ...}.
قرأها يحيى {كلم} وحده، والقراء بعد {كَلَامَ اللَّهِ} بألف، والكلام مصدرٌ، والكلم جمع الكلمة والمعنى في قوله: "يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلَامَ اللَّهِ": طمعوا أن يأذن لهم فيبدّل كلام الله، ثم قيل: إن كنتم إنما ترغبون في الغزو والجهاد لا في الغنائم، فستدعون غدا إلى أهل اليمامة إلى قوم أولي بأس شديد ـ بني حنيفة أتباع مسيلمة ـ هذا من تفسير الكلبي). [معاني القرآن: 3/66]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله جلّ وعزّ: ({سَيَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ إِذَا انْطَلَقْتُمْ إِلَى مَغَانِمَ لِتَأْخُذُوهَا ذَرُونَا نَتَّبِعْكُمْ يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلَامَ اللَّهِ قُلْ لَنْ تَتَّبِعُونَا كَذَلِكُمْ قَالَ اللَّهُ مِنْ قَبْلُ فَسَيَقُولُونَ بَلْ تَحْسُدُونَنَا بَلْ كَانُوا لَا يَفْقَهُونَ إِلَّا قَلِيلًا (15)}
يعنى بقوله: ( {يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلَامَ اللَّهِ}) - قوله عزّ وجلّ:
({فقل لن تخرجوا معي أبدا ولن تقاتلوا معي عدوّا}).
فأرادوا أن يأتوا بما ينقض هذا. فأعلم الله عزّ وجلّ أنهم لا يعقلون، ولا يقدرون على ذلك فقال: ( {قُلْ لَنْ تَتَّبِعُونَا كَذَلِكُمْ قَالَ اللَّهُ مِنْ قَبْل}).
ولو كان الكلام نهيا لقال: قل لا تتبعونا.
وقرئت: " {يريدون أن يبدّلوا كلم اللّه}". فالكلم جمع كلمة، والكلام في موضع التّكليم). [معاني القرآن: 5/23-24]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {سَيَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ إِذَا انْطَلَقْتُمْ إِلَى مَغَانِمَ لِتَأْخُذُوهَا ذَرُونَا نَتَّبِعْكُمْ} [آية: 15]
قال مجاهد دعاهم النبي صلى الله عليه وسلم إلى الخروج إلى مكة فأبوا وقالوا كيف نخرج معه إلى قوم جاءوا إليه فقتلوا أصحابه فلما خرج النبي صلى الله عليه وسلم وأخذ قوما على غفلة ووجه بهم قالوا {ذَرُونَا نَتَّبِعْكُمْ}.
14 - ثم قال جل وعز: {يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلَامَ اللَّه} [آية: 15]
وهو على قول ابن زيد قوله جل وعز: {فقل لن تخرجوا معي أبدا ولن تقاتلوا معي عدوا} ). [معاني القرآن: 6/502-503]

تفسير قوله تعالى: (قُلْ لِلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الْأَعْرَابِ سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ فَإِنْ تُطِيعُوا يُؤْتِكُمُ اللَّهُ أَجْرًا حَسَنًا وَإِنْ تَتَوَلَّوْا كَمَا تَوَلَّيْتُمْ مِنْ قَبْلُ يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (16) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ...}.
وفي إحدى القراءتين: أو يسلموا. والمعنى: تقاتلونهم أبداً حتى يسلموا، وإلاّ أن يسلموا تقاتلونهم، أو يكون منهم الإسلام). [معاني القرآن: 3/66]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: ( {قُلْ لِلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الْأَعْرَابِ سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ فَإِنْ تُطِيعُوا يُؤْتِكُمُ اللَّهُ أَجْرًا حَسَنًا وَإِنْ تَتَوَلَّوْا كَمَا تَوَلَّيْتُمْ مِنْ قَبْلُ يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (16)}
وقد قرئت {أو يسلموا}، فالمعنى تقاتلونهم حتى يسلموا.
وإلّا أن يسلموا.
فإن قال قائل: قد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لهم: {لن تخرجوا معي أبدا ولن تقاتلوا معي عدوّا}
فكيف جاز أن يقول: ( {سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ}).
فإنما قال - صلى الله عليه وسلم - ذلك لأن اللّه أعلمه أنّهم منافقون، وأعلمه مع ذلك أنهم لا يقاتلون معه.
وجاء في التفسير أنه عني بقوله: {سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ }بنو حنيفة، وأبو بكر رحمه اللّه، قاتلهم في أيام مسيلمة.
وجاء أيضا هوازن.
والمعنى أن كل من ظاهره الإسلام فعلى أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يدعوهم إلى الجهاد.
والصحابة لم يطلعوا في وقت الجهاد على من يقاتل ومن لا يقاتل.
ولا على من ينافق ومن لا ينافق، لأن الإظهار على ذلك من آيات الأنبياء عليهم السلام.
وقد قيل: {إِلَى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ} أي، إلى فارس والروم، وذلك في أيام أبي بكر وعمر رحمة اللّه عليهما ومن بعدهم.
{فَإِنْ تُطِيعُوا يُؤْتِكُمُ اللَّهُ أَجْرًا حَسَنًا} أي إن تبتم وتركتم النّفاق وجاهدتم. يؤتكم اللّه أجرا حسنا.
{وَإِنْ تَتَوَلَّوْا كَمَا تَوَلَّيْتُمْ مِنْ قَبْلُ يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا}.
{وإن تولّيتم فأقمتم على نفاقكم، وأعرضتم عن الإيمان والجهاد كما تولّيتم على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يعذّبكم عذابا أليما} ).
[معاني القرآن: 5/24-25]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {قُلْ لِلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الْأَعْرَابِ سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ} [آية: 16]
روى سفيان عن شعبة عن جعفر بن إياس عن سعيد بن جبير قال سفيان أراه عن ابن عباس {سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ } قال هوازن
وقال عطاءهم فارس
وقال الحسن فارس الروم
ومن أصح ما قيل فيه أنهم بنو حنيفة الذين قوتلوا في الردة وكان هذا مما يدل على صحة خلافة أبي بكر رضي الله عنه من القرآن
ويدلك على ذلك قوله تعالى: {تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ} فليس هذا ممن تؤخذ منهم الجزية
وقوله جل وعز: {وَإِنْ تَتَوَلَّوْا كَمَا تَوَلَّيْتُمْ مِنْ قَبْلُ يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا} [آية: 16] أي كما توليتم مع النبي صلى الله عليه وسلم).[معاني القرآن: 6/503-505]

تفسير قوله تعالى: (لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَنْ يَتَوَلَّ يُعَذِّبْهُ عَذَابًا أَلِيمًا (17) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ ...} في ترك الغزو إلى آخر الآية). [معاني القرآن: 3/66]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ } أي إثم في ترك الغزو). [تفسير غريب القرآن: 412]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( قال عثمان بن المغيرة سألت الحسن عن قوله تعالى: {لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ} [آية: 17]
فقال هذا في الجهاد). [معاني القرآن: 6/505]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {حَرَجٌ}: ضيق). [العمدة في غريب القرآن: 276]

تفسير قوله تعالى: (لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا (18) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {تَحْتَ الشَّجَرَةِ ...} كانت سمرةً.
وقوله: {فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ...}.
كان النبي صلى الله عليه أري في منامه أنه يدخل مكة، فلما لم يتهيأ له ذلك، وصالح أهل مكة على أن يخلوها له ثلاثا من العام المقبل دخل المسلمين أمر عظيم، فقال لهم النبي صلى الله عليه: إنما كانت رؤيا أريتها، ولم تكون وحيا من السماء، فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم. والسكينة: الطمأنينة والوقار إلى ما أخبرهم به النبي صلى الله عليه: أنها إلى العام المقبل، وذلك قوله: {فعلم ما لم تعلموا} من خير تأويل الرؤيا). [معاني القرآن: 3/67]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا} أي جازاهم بفتح قريب، {وَمَغَانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَهَا}). [تفسير غريب القرآن: 412]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (ثم أعلم عزّ وجلّ بخبر من أخلص نيّته فقال:
({لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا (18)}
أي علم أنهم مخلصون.
وجاء في التفسير أن الذين بايعوا تحت الشجرة كانوا ألفا وأربعمائة.
وقيل ألفا وخمسمائة، وقيل ألفا وثلاثمائة وكانوا بايعوا النبي - صلى الله عليه وسلم - على أن لا يولوّا في القتال ولا يهربوا، وسمّيت بيعة الرضوان لقوله تعالى: {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ } وكانت الشجرة سمرة.
{فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا} قيل إنه فتح خيبر). [معاني القرآن: 5/25]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ}[آية: 18]
قال جويبر بايعوا على أن لا يفروا
وقال قتادة كانوا ألفا وأربعمائة وكانت الشجرة سمرة
وقوله جل وعز: {فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا} [آية: 18]
{فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ من الإخلاص}
{فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ} قال قتادة الصبر والوقار
{وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا} قال ابن أبي ليلى خيبر). [معاني القرآن: 6/505-506]

تفسير قوله تعالى: (وَمَغَانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَهَا وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا (19) )
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا} أي جازاهم بفتح قريب،
{وَمَغَانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَهَا}). [تفسير غريب القرآن: 412] (م)

تفسير قوله تعالى: (وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا فَعَجَّلَ لَكُمْ هَذِهِ وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنْكُمْ وَلِتَكُونَ آَيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ وَيَهْدِيَكُمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا (20) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا ...} مما يكون بعد اليوم فعجل لكم هذه: خيبر.
وقوله: {وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنْكُمْ...}.
كانت أسد وغطفان مع أهل خيبر على رسول الله صلى الله عليه، فقصدهم النبي صلى الله عليه، فصالحوه، فكفوا، وخلّوا بينه وبين أهل خيبر، فذلك قوله: {وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنْكُمْ}). [معاني القرآن: 3/67]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنْكُمْ وَلِتَكُونَ } أي عن عيالكم؛
[تفسير غريب القرآن: 412]
ليكون كف أيدي الناس - أهل مكة - عن عيالهم، {آَيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ}). [تفسير غريب القرآن: 413]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( ({وَمَغَانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَهَا وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا (19) وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا فَعَجَّلَ لَكُمْ هَذِهِ وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنْكُمْ وَلِتَكُونَ آَيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ وَيَهْدِيَكُمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا (20)}
وهذا التكرير تكرير في الوعد، أي فعجّل هذه يعني خيبر.
( {وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنْكُمْ وَلِتَكُونَ آَيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ}).
[معاني القرآن: 5/25]
أي كف أيدي الناس عنكم لمّا خرجوا وخلفوا عيالهم بالمدينة حفظ اللّه عيالهم وبيضتهم، وقد همّت اليهود بهم فمنعهم اللّه ذلك). [معاني القرآن: 5/26]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: { وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا فَعَجَّلَ لَكُمْ هَذِهِ وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنْكُمْ } [آية: 20]
قوله: {فَعَجَّلَ لَكُمْ هَذِهِ} قال مجاهد يعني خيبر
ثم قال تعالى: {وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنْكُمْ} لأنهم خلفوا عيالاتهم فزعين عليهم فمنع الله منهم وكف أيدي الناس عنهم). [معاني القرآن: 6/506-507]

تفسير قوله تعالى: (وَأُخْرَى لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْهَا قَدْ أَحَاطَ اللَّهُ بِهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا (21) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وَأُخْرَى لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْهَا...}.
فارس ـ قد أحاط الله بها، أحاط لكم بها أن يفتحها لكم). [معاني القرآن: 3/67]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {وَأُخْرَى لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْهَا}: مكة). [تفسير غريب القرآن: 413]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( ({وَأُخْرَى لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْهَا قَدْ أَحَاطَ اللَّهُ بِهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا (21)}
المعنى وعدكم اللّه مغانم أخرى {قَدْ أَحَاطَ اللَّهُ بِهَا}، قد علمها اللّه.
وهو ما يغنم المسلمون إلى أن لا يقاتلهم أحد). [معاني القرآن: 5/26]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وَأُخْرَى لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْهَا قَدْ أَحَاطَ اللَّهُ بِهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا } [آية: 21]
روى شعبة عن سماك الحنفي قال سمعت ابن عباس يقول في قوله تعالى: {وَأُخْرَى لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْهَا} هي الفتوح التي فتحت لكم
وقال ابن أبي ليلى هي فارس والروم
وقال مجاهد هو ما يكون بعد إلى يوم القيامة
وقال قتادة هو فتح مكة). [معاني القرآن: 6/507]

تفسير قوله تعالى: (وَلَوْ قَاتَلَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوَلَّوُا الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا (22) )
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: ({وَلَوْ قَاتَلَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوَلَّوُا الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا (22) سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا (23)}
المعنى لو قاتلك من لم يقاتلك لنصرت عليهم، لأن سنة الله النصر لأوليائه وحزبه). [معاني القرآن: 5/26] (م)
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {وَلَوْ قَاتَلَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوَلَّوُا الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا } [آية: 22]
قال قتادة كفار قريش
قال أبو جعفر ولو قاتلكم من لم يقاتلكم منهم لانهزموا لأن في سنة الله نصر أوليائه
قال قتادة يعني في قوله عز وجل: {ثُمَّ لَا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا} ولا يجدون لهم وليا ولا نصيرا من الله جل وعز). [معاني القرآن: 6/508]

تفسير قوله تعالى: (سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا (23) )
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: ({وَلَوْ قَاتَلَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوَلَّوُا الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا (22) سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا (23)}
المعنى لو قاتلك من لم يقاتلك لنصرت عليهم، لأن سنة الله النصر لأوليائه وحزبه.
{سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا (23)}
و {سُنَّةَ اللَّهِ} منصوبة على المصدر، لأن قوله {لَوَلَّوُا الْأَدْبَار}) معناه سنّ اللّه خذلانهم سنّة، وقد مر مثل هذا في قوله: {كتاب اللّه عليهم}.
وفي قوله: {صنع اللّه}، ولو قرئت " {سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلُ}" لكان جيّدا في العربية.
المعنى تلك سنة اللّه التي قد خلت من قبل، ولكن لا أعلم أحدا قرأ بها فلا تقرأنّ بها). [معاني القرآن: 5/26]

تفسير قوله تعالى: (وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا (24) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ...}.
هذا لأهل الحديبية، لا لأهل خيبر). [معاني القرآن: 3/67]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( ({وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا (24)}
{مَكَّةَ} لا تنصرف لأنّها مؤنثة وهي معرفة.
وقوله: {مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ}.
جاء في التفسير أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أتي باثنتي عشر رجلا أخذوا بلا عهد ولا عقد فخلاهم النبي - صلى الله عليه وسلم - ومنّ عليهم، وكان عاقبة ذلك أن سلم للرجل من بينه وبينه قرابة ومن هو مؤمن أن يصاب).[معاني القرآن: 5/26-27]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ} [آية: 24]
كف أيدي المشركين عمن خلفه المؤمنون حين خرجوا إلى الحديبية
قال قتادة في قوله تعالى: {وكف أيديكم عنهم} تطلع رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يقال له زنيم فرماه المشركون بسهم فقتلوه فبعث النبي صلى الله عليه وسلم خيلا فأخذوا اثني عشر فارسا فأتوا بهم النبي صلى الله عليه وسلم فقال لهم الكم عهد أو ذمة قالوا لا فأطلقهم فأنزل الله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ}
قال قتادة يعني الحديبية). [معاني القرآن: 6/508-509]

تفسير قوله تعالى: (هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ وَلَوْلَا رِجَالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُؤْمِنَاتٌ لَمْ تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَئُوهُمْ فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ لِيُدْخِلَ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (25) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا...} محبوسا.
وقوله: {أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ...} منحره، أي: صدوا الهدى.
وقوله: {وَلَوْلَا رِجَالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُؤْمِنَاتٌ...}.
كان مسلمون بمكة، فقال: لولا أن تقتلوهم، وأنتم لا تعرفونهم فتصيبكم منهم معرة، يريد: الدية، ثم قال الله جل وعز: {لو تزيّلوا} لو تميّز وخلص الكفار من المؤمنين، لأنزل الله بهم القتل والعذاب). [معاني القرآن: 3/67-68]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( " {وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ} " محبوساً واحداً في قول أبي عمرو بن العلاء هدية مثل جدية السرج والرحل وهما البدادان، وعامة العرب يقولون: هدية وهدايا.
"{فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ}" جناية كجناية العر وهو الجرب.
" {لَوْ تَزَيَّلُوا} " لو انمازوا. [مجاز القرآن: 2/217]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ وَلَوْلَا رِجَالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُؤْمِنَاتٌ لَمْ تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَئُوهُمْ فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ لِيُدْخِلَ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا}
قال: {وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا} على "وصدوا" {الْهَدْيَ مَعْكُوفًا} كراهية {أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ}.
وقال: {أَنْ تَطَئُوهُمْ} على البدل "{لولا رجال أن تطؤوهم}"). [معاني القرآن: 4/18]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {والهدي معكوفا}: محبوسا.
25- {منهم معرة}: جناية كجناية العر وهو الجرب.
25- {لو تزيلوا}: إنمازوا). [غريب القرآن وتفسيره: 341]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) :
( {وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا} أي محبوسا. يقال: عكفته عن كذا، إذا حبسته، ومنه: «العاكف في المسجد» إنما هو: الذي حبس نفسه فيه. أن يبلغ محلّه أي منحره.
{وَلَوْلَا رِجَالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُؤْمِنَاتٌ}، مفسر في كتاب «التأويل»). [تفسير غريب القرآن: 413]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ وَلَوْلَا رِجَالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُؤْمِنَاتٌ لَمْ تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَئُوهُمْ فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ لِيُدْخِلَ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا} [الفتح: 25].
كان بمكة قوم مؤمنون مختلطون بالمشركين غير متميزين ولا معروفي الأماكن، فلما صدّ المشركون رسول الله، صلّى الله عليه وسلم، عن المسجد الحرام وعكفوا الهدي أن يبلغ محلّه. قال الله سبحانه: لولا أن بمكة رجالا مؤمنين ونساء مؤمنات لا تعرفونهم فتطئوهم لو دخلتموها، أي تقتلوهم ليدخلهم الله في رحمته لو فعلتم فتصيبكم من قتلهم بغير علم معرّة، أي يعيبكم المشركون بذلك ويقولون: قد قتلوا أهل دينهم وعذبوهم كما فعلوا بنا، وتلزمكم الدّيات.
[تأويل مشكل القرآن: 367]
ثم قال: {لَوْ تَزَيَّلُوا}، أي تميزوا من المشركين {لَعَذَّبْنَا} المشركين بالسيف
عذاباً أليماً: فصار قوله سبحانه: {لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا} جوابا لكلامين: أحدهما: لولا رجالٌ مؤمنون، والآخر: لو تزيّلوا). [تأويل مشكل القرآن: 368]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) :
(قال الله عزّ وجلّ: ( {وَلَوْلَا رِجَالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُؤْمِنَاتٌ لَمْ تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَئُوهُمْ فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ لِيُدْخِلَ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (25)}
وموضع " أن " رفع بدل من {رجال}، المعنى لولا أن تطأوا رجالا مؤمنين ونساء مؤمنات.
ثم قال: {لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا}.
أي لو تميّز الكافرون من المسلمين لأنزلنا بالكافرين ما يكون عذابا لهم في الدنيا.
ومعنى: {فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ}.
قيل: لولا أن يقتلوا منهم قوما مؤمنين خطأ فتلزمكم الديات والمعنى - واللّه أعلم - لولا كراهة أن يلحقكم عنت بأن قتلتم من هو على دينكم إذ أنتم مختلطون بهم لعذبنا الذين كفروا منهم عذابا أليما.
وقوله: {هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ}.
{الْهَدْي }منصوب سبق على الكاف والميم، المعنى وصدوا الهدي.
و (مَعْكُوفًا) محبوسا أن يبلغ محله.
{وَلَوْلَا رِجَالٌ مُؤْمِنُونَ} كما وصفنا لنصرناكم عليهم، ولكن الذي منع عن ذلك كراهة وطء المؤمنين بالمكروه والقتل.
وموضع { أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ} منصوب على معنى وصدوا الهدي محبوسا عن أن يبلغ محلّه). [معاني القرآن: 5/27]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ}[آية: 25]
قال قتادة والهدي معكوفا محبوسا
وقوله جل وعز: {أَنْ تَطَئُوهُمْ فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ لِيُدْخِلَ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ} [آية: 25]
أن تطئوهم أي تقتلوهم فتصيبكم منهم معرة أي عيب
يقول المشركون قتلوا أهل دينهم ولو فعلتم لأدخلهم الله في رحمته
وقوله جل وعز: {لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا} [آية: 25]
قال مجاهد لعذبنا الذين كفروا بالسباء والقتل). [معاني القرآن: 6/510-511]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ}أي: شدة). [ياقوتة الصراط: 471]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {مَعْكُوفًا}: محبوساً
{تَزَيَّلُوا}: تميزوا). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 233]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {مَعْكُوفًا}: محبوساً ،{مَّعَرَّةٌ}: خيانة، عنت ، {تَزَيَّلُوا}: تميزوا). [العمدة في غريب القرآن: 276]

تفسير قوله تعالى: (إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا (26) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ...}.
حموا أنفا أن يدخلها عليهم رسول الله صلى الله عليه، فأنزل الله سكينته يقول: أذهب الله عن المؤمنين أن يدخلهم ما دخل أولئك من الحمية، فيعصوا الله ورسوله.
وقوله: {كَلِمَةَ التَّقْوَى...} لا إله إلا الله.
وقوله: {وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا...}.
ورأيتها في مصحف الحارث بن سويد التيمي من أصحاب عبد الله، "وكانوا أهلها وأحق بها" وهو تقديم وتأخير، وكان مصحفه دفن أيام الحجاج). [معاني القرآن: 3/68]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( " {الحمّية} " يقال: حميت أنفي حميةً ومحمية وحميت المريض حمية وحميت القوم العدو والحمى منعتهم حمايةً قال الفرزدق:

كأن ربيعاً من حماية منقرٍ = أتان دعاها للوداق حمارها
وأحميت الحمى جعلته حماءً لا يدخل وأحميت الحديدة وأحميت النار الرجل أغضبته على إحماءً). [مجاز القرآن: 2/217-218]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({الحمية}: يقال حميت أنفي حمية ومحمية).[غريب القرآن وتفسيره: 341]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) :
( {وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى}: قول «لا إله إلا اللّه»). [تفسير غريب القرآن: 413]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله - عزّ وجل - {(فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا (26)}
أنزل اللّه عليهم الوقار والهيبة.
{وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى}جاء في التفسير أن شعارهم لا إله إلا الله، وكلمة التقوى توحيد الله والإيمان برسوله عليه السلام.
{ وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا} أي كانوا أحق بها من غيرهم، لأنّ اللّه - جلّ وعزّ - اختار لنبيه - صلى الله عليه وسلم - ولدينه أهل الخير ومستحقيه، ومن هو أولى بالهداية من غيره). [معاني القرآن: 5/27-28]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى} [آية: 26]
قال علي بن أبي طالب وابن عمر وأبو هريرة كلمة التقوى لا إله إلا الله
ثم قال تعالى: { وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا} [آية: 26]
أي أن الله اختارهم لدينه). [معاني القرآن: 6/511]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {كَلِمَةَ التَّقْوَى}: لا إله إلا الله). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 234]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {الْحَمِيَّةَ}: الأنفة). [العمدة في غريب القرآن: 276]


رد مع اقتباس