عرض مشاركة واحدة
  #8  
قديم 16 ذو القعدة 1435هـ/10-09-2014م, 10:02 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ (1)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {ن والقلم وما يسطرون (1) ما أنت بنعمة ربّك بمجنونٍ (2) وإنّ لك لأجراً غير ممنونٍ (3) وإنّك لعلى خلقٍ عظيمٍ (4) فستبصر ويبصرون (5) بأيّكم المفتون (6) إنّ ربّك هو أعلم بمن ضلّ عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين (7) فلا تطع المكذّبين (8) ودّوا لو تدهن فيدهنون (9) ولا تطع كلّ حلاّفٍ مهينٍ (10) همّازٍ مشّاءٍ بنميمٍ (11)}
ن حرف مقطع في قول الجمهور من المفسرين، فيدخله من الخلاف ما يدخل أوائل السور، ويختص هذا الموضع من الأقوال بأن قال مجاهد وابن عباس: «نون، اسم الحوت الأعظم الذي عليه الأرضون السبع فيما يروى». وقال ابن عباس والحسن وقتادة والضحاك: «النون اسم للدواة»، فهذا إما أن يكون لغة لبعض العرب، أو تكون لفظة أعجمية عربت، قال الشاعر: [الوافر]
إذا ما الشوق برح بي إليهم.......ألقت النون بالدمع السجوم
فمن قال إنه اسم الحوت جعل «القلم» الذي خلقه الله تعالى وأمره فكتب الكائنات وجعل الضمير في يسطرون للملائكة، ومن قال بأن «نون» اسم للدواة، جعل «القلم» هذا المتعارف بأيدي الناس.
نص ذلك ابن عباس وجعل الضمير في يسطرون للناس، فجاء القسم على هذا بمجموع أم الكتاب الذي هو قوام للعلوم والمعارف وأمور الدنيا والآخرة، فإن القلم أخ اللسان، ومطية الفطنة، ونعمة من الله عامة. وروى معاوية بن قرة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «{ن} لوح من نور»، وقال ابن عباس وغيره: هو حرف من حروف الرحمن، وقالوا إنه تقطع في القرآن: الر [يونس: 1، هود: 1، يوسف: 1، إبراهيم: 1، الحجر: 1] وحم [غافر: 1، فصلت: 1، الشورى: 1، الزخرف: 1، الدخان: 1، الجاثية: 1، الأحقاف: 1]، ون، وقرأ عيسى بن عمر بخلاف «نون» بالنصب، والمعنى: اذكر نون، وهذا يقوى مع أن يكون اسما للسورة، فهو مؤنث سمي به مؤنث، ففيه تأنيث وتعريف، ولذلك لم ينصرف، وانصرف نوح، لأن الخفة بكونه على ثلاثة أحرف غلبت على العجمة، وقرأ ابن عباس وابن أبي إسحاق والحسن: «نون» بكسر النون، وهذا كما تقول في القسم بالله، وكما تقول: «جبر» وقيل كسرت لاجتماع الساكنين، وقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وابن عامر وحمزة وحفص عن عاصم: «نون» بسكون النون، وهذا على أنه حرف منفصل فحقه الوقوف عليه، وقرأ قوم، منهم الكسائي: ن والقلم بالإدغام دون غنة، وقرأ آخرون بالإدغام وبغنة، وقرأ الكسائي ويعقوب عن نافع وأبو بكر عن عاصم بالإخفاء بين الإدغام والإظهار. ويسطرون معناه: يكتبون سطورا، فإن أراد الملائكة فهو كتب الأعمال وما يؤمرون به، وإن أراد بني آدم، فهي الكتب المنزلة والعلوم وما جرى مجراها). [المحرر الوجيز: 8/ 364-365]

تفسير قوله تعالى: {مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ (2)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله: {ما أنت بنعمة ربّك بمجنونٍ} هو جواب القسم وما هنا عاملة لها اسم وخبر، وكذلك هي حيث دخلت الباء في الخبر، وقوله: بنعمة ربّك اعتراض، كما يقول الإنسان: أنت بحمد الله فاضل. وسبب هذه الآية، أن قريشا رمت رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجنون، وهو ستر العقول، بمعنى أن كلامه خطأ ككلام المجنون، فنفى الله تعالى ذلك عنه وأخبره بأن له الأجر، وأنه على الخلق العظيم، تشريفا له ومدحا). [المحرر الوجيز: 8/ 365]

تفسير قوله تعالى: {وَإِنَّ لَكَ لَأَجْرًا غَيْرَ مَمْنُونٍ (3)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (واختلف الناس في معنى: {ممنونٍ} فقال أكثر المفسرين هو الواهن المنقطع، يقال: حبل منين، أي ضعيف. وقال آخرون: معناه غير ممنونٍ عليك أي لا يكدره من به. وقال مجاهد: معناه غير مصرد ولا محسوب محصل أي بغير حساب). [المحرر الوجيز: 8/ 366]

تفسير قوله تعالى: {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ (4)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وسئلت عائشة رضي الله عنها عن خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: «خلقه القرآن أدبه وأوامره»، وقال علي رضي الله عنه: «الخلق العظيم أدب القرآن»، وعبر ابن عباس عن الخلق بالدين والشرع وذلك لا محالة رأس الخلق ووكيده، أما أن الظاهر من الآية أن الخلق هي التي تضاد مقصد الكفار في قولهم مجنون، أي غير محصل لما يقول، وإنما مدحه تعالى بكرم السجية وبراعة القريحة والملكة الجميلة وجودة الضرائب، ومنه قوله عليه السلام: «بعث لأتمم مكارم الأخلاق».
وقال جنيد: سمي خلقه عظيما، إذ لم تكن له همة سوى الله تعالى، عاشر الخلق بخلقه وزايلهم بقلبه، فكان ظاهره مع الخلق وباطنه مع الحق، وفي وصية بعض الحكماء عليك بالخلق مع الخلق وبالصدق مع الحق، وحسن الخلق خير كله. وقال صلى الله عليه وسلم: «إن المؤمن ليدرك بحسن خلقه درجة، قائم الليل وصائم النهار». وقال: «ما شيء أثقل في الميزان من خلق حسن»، وقال: «أحبكم إلى الله أحسنكم أخلاقا»، والعدل والإحسان والعفو والصلة من الخلق). [المحرر الوجيز: 8/ 366-367]

تفسير قوله تعالى: {فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ (5)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {فستبصر} أي أنت وأمتك، ويبصرون أي هم). [المحرر الوجيز: 8/ 367]


رد مع اقتباس