عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 29 ذو الحجة 1439هـ/9-09-2018م, 04:22 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ هَذَا الْقُرْآَنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا (9)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({إنّ هذا القرآن يهدي للّتي هي أقوم ويبشّر المؤمنين الّذين يعملون الصّالحات أنّ لهم أجرًا كبيرًا (9) وأنّ الّذين لا يؤمنون بالآخرة أعتدنا لهم عذابًا أليمًا (10)}
يمدح تعالى كتابه العزيز الّذي أنزله على رسوله محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم وهو القرآن، بأنّه يهدي لأقوم الطّرق، وأوضح السّبل {ويبشّر المؤمنين} به {الّذين يعملون الصّالحات} على مقتضاه {أنّ لهم أجرًا كبيرًا} أي: يوم القيامة). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 48]

تفسير قوله تعالى: {وَأَنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (10)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({وأنّ الّذين لا يؤمنون بالآخرة} أي: ويبشّر الّذين لا يؤمنون بالآخرة أنّ {لهم عذابًا أليمًا} أي: يوم القيامة، كما قال تعالى: {فبشّرهم بعذابٍ أليمٍ} [آل عمران: 21]). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 48]

تفسير قوله تعالى: {وَيَدْعُ الْإِنْسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءَهُ بِالْخَيْرِ وَكَانَ الْإِنْسَانُ عَجُولًا (11)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({ويدع الإنسان بالشّرّ دعاءه بالخير وكان الإنسان عجولًا (11)}
يخبر تعالى عن عجلة الإنسان، ودعائه في بعض الأحيان على نفسه أو ولده أو ماله {بالشّرّ} أي: بالموت أو الهلاك والدّمار واللّعنة ونحو ذلك، فلو استجاب له ربّه لهلك بدعائه، كما قال تعالى: {ولو يعجّل اللّه للنّاس الشّرّ استعجالهم بالخير لقضي إليهم أجلهم} [يونس: 11]، وكذا فسّره ابن عبّاسٍ، ومجاهدٌ، وقتادة، وقد تقدّم في الحديث: "لا تدعوا على أنفسكم ولا على أموالكم، أن توافقوا من اللّه ساعة إجابةٍ يستجيب فيها".
وإنّما يحمل ابن آدم على ذلك عجلته وقلقه؛ ولهذا قال تعالى {وكان الإنسان عجولا}
وقد ذكر سلمان الفارسيّ وابن عبّاسٍ -رضي اللّه عنهما-هاهنا قصّة آدم، عليه السّلام، حين همّ بالنّهوض قائمًا قبل أن تصل الرّوح إلى رجليه، وذلك أنّه جاءته النّفخة من قبل رأسه، فلمّا وصلت إلى دماغه عطس، فقال: الحمد للّه. فقال اللّه: يرحمك ربّك يا آدم. فلمّا وصلت إلى عينيه فتحهما، فلمّا سرت إلى أعضائه وجسده جعل ينظر إليه ويعجبه، فهمّ بالنّهوض قبل أن تصل إلى رجليه فلم يستطع وقال: يا ربّ عجّل قبل اللّيل). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 49]

تفسير قوله تعالى: {وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آَيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آَيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آَيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلًا (12)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({وجعلنا اللّيل والنّهار آيتين فمحونا آية اللّيل وجعلنا آية النّهار مبصرةً لتبتغوا فضلًا من ربّكم ولتعلموا عدد السّنين والحساب وكلّ شيءٍ فصّلناه تفصيلًا (12)}
يمتنّ تعالى على خلقه بآياته العظام، فمنها مخالفته بين اللّيل والنّهار، ليسكنوا في اللّيل وينتشروا في النّهار للمعايش والصّناعات والأعمال والأسفار، وليعلموا عدد الأيّام والجمع والشّهور والأعوام، ويعرفوا مضيّ الآجال المضروبة للدّيون والعبادات والمعاملات والإجارات وغير ذلك؛ ولهذا قال: {لتبتغوا فضلا من ربّكم} أي: في معايشكم وأسفاركم ونحو ذلك {ولتعلموا عدد السّنين والحساب} فإنّه لو كان الزّمان كلّه نسقًا واحدًا وأسلوبًا متساويًا لما عرف شيءٌ من ذلك، كما قال تعالى: {قل أرأيتم إن جعل اللّه عليكم اللّيل سرمدًا إلى يوم القيامة من إلهٌ غير اللّه يأتيكم بضياءٍ أفلا تسمعون قل أرأيتم إن جعل اللّه عليكم النّهار سرمدًا إلى يوم القيامة من إلهٌ غير اللّه يأتيكم بليلٍ تسكنون فيه أفلا تبصرون ومن رحمته جعل لكم اللّيل والنّهار لتسكنوا فيه ولتبتغوا من فضله ولعلّكم تشكرون} [القصص: 71 -73]، وقال تعالى: {تبارك الّذي جعل في السّماء بروجًا وجعل فيها سراجًا وقمرًا منيرًا وهو الّذي جعل اللّيل والنّهار خلفةً لمن أراد أن يذّكّر أو أراد شكورًا} [الفرقان: 61، 62] وقال تعالى: {وله اختلاف اللّيل والنّهار} [المؤمنون: 80]، وقال: {يكوّر اللّيل على النّهار ويكوّر النّهار على اللّيل وسخّر الشّمس والقمر كلٌّ يجري لأجلٍ مسمًّى ألا هو العزيز الغفّار} [الزّمر: 5]، وقال تعالى: {فالق الإصباح وجعل اللّيل سكنًا والشّمس والقمر حسبانًا ذلك تقدير العزيز العليم} [الأنعام: 96]، وقال تعالى: {وآيةٌ لهم اللّيل نسلخ منه النّهار فإذا هم مظلمون والشّمس تجري لمستقرٍّ لها ذلك تقدير العزيز العليم} [يس: 37، 38].
ثمّ إنّه تعالى جعل للّيل آيةً، أي: علامةً يعرف بها وهي الظّلام وظهور القمر فيه، وللنّهار علامةً، وهي النّور وظهور الشّمس النّيّرة فيه، وفاوت بين ضياء القمر وبرهان الشّمس ليعرف هذا من هذا، كما قال تعالى: {هو الّذي جعل الشّمس ضياءً والقمر نورًا وقدّره منازل لتعلموا عدد السّنين والحساب ما خلق اللّه ذلك إلا بالحقّ} إلى قوله: {لآياتٍ لقومٍ يتّقون} [يونس: 5، 6]، كما قال تعالى: {يسألونك عن الأهلّة قل هي مواقيت للنّاس والحجّ} الآية [البقرة: 189].
قال ابن جريج، عن عبد اللّه بن كثيرٍ في قوله: {فمحونا آية اللّيل وجعلنا آية النّهار مبصرةً} قال: ظلمة اللّيل وسدفة النّهار.
وقال ابن جريجٍ عن مجاهدٍ: الشّمس آية النّهار، والقمر آية اللّيل {فمحونا آية اللّيل} قال: السّواد الّذي في القمر، وكذلك خلقه اللّه تعالى.
وقال ابن جريجٍ: قال ابن عبّاسٍ: كان القمر يضيء كما تضيء الشّمس، والقمر آية اللّيل، والشّمس آية النّهار {فمحونا آية اللّيل} السّواد الّذي في القمر.
وقد روى أبو جعفر بن جريرٍ من طرقٍ متعدّدةٍ جيّدةٍ: أنّ ابن الكوّاء سأل [أمير المؤمنين] علي ابن أبي طالبٍ فقال: يا أمير المؤمنين، ما هذه اللّطخة الّتي في القمر؟ فقال: ويحك أما تقرأ القرآن؟ {فمحونا آية اللّيل} فهذه محوه.
وقال قتادة في قوله: {فمحونا آية اللّيل} كنّا نحدّث أنّ محو آية اللّيل سواد القمر الّذي فيه، وجعلنا آية النّهار مبصرةً، أي: منيرةً، خلق الشّمس أنور من القمر وأعظم.
وقال ابن أبي نجيحٍ عن ابن عبّاسٍ: {وجعلنا اللّيل والنّهار آيتين} قال: ليلًا ونهارًا، كذلك خلقهما اللّه، عزّ وجلّ). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 49-50]

رد مع اقتباس