عرض مشاركة واحدة
  #8  
قديم 20 جمادى الآخرة 1435هـ/20-04-2014م, 10:45 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ (59) }
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلاّ هو ويعلم ما في البرّ والبحر وما تسقط من ورقةٍ إلاّ يعلمها ولا حبّةٍ في ظلمات الأرض ولا رطبٍ ولا يابسٍ إلاّ في كتابٍ مبينٍ (59) وهو الّذي يتوفّاكم باللّيل ويعلم ما جرحتم بالنّهار ثمّ يبعثكم فيه ليقضى أجلٌ مسمًّى ثمّ إليه مرجعكم ثمّ ينبّئكم بما كنتم تعملون (60)}
مفاتح جمع مفتح وهذه استعارة عبارة عن التوصل إلى الغيوب كما يتوصل في الشاهد بالمفتاح إلى المغيب عن الإنسان، ولو كان جمع مفتاح لقال مفاتيح، ويظهر أيضا أن مفاتح جمع مفتح بفتح الميم أي مواضع تفتح عن المغيبات، ويؤيد هذا قول السدي وغيره مفاتح الغيب خزائن الغيب، فأما مفتح بالكسر فهو بمعنى مفتاح، وقال الزهراوي: ومفتح أفصح، وقال ابن عباس وغيره، الإشارة ب مفاتح الغيب هي إلى الخمسة التي في آخر لقمان، {إنّ اللّه عنده علم السّاعة} [لقمان: 34] الآية، لأنها تعم جميع الأشياء التي لم توجد بعد، ثم قوي البيان بقوله ويعلم ما في البرّ والبحر تنبيها على أعظم المخلوقات المجاورة للبشر وقوله من ورقةٍ على حقيقته في ورق النباتات، ومن زائدة وإلّا يعلمها يريد على الإطلاق وقبل السقوط ومعه وبعده، ولا حبّةٍ في ظلمات الأرض يريد في أشد حال التغيب، وهذا كله وإن كان داخلا في قوله وعنده مفاتح الغيب عند من رآها في الخمس وغيرها ففيه البيان والإيضاح والتنبيه على مواضع العبر، أي إذا كانت هذه المحقورات معلومة فغيرها من الجلائل أحرى، ولا رطبٍ ولا يابسٍ عطف على اللفظ وقرأ الحسن وعبد الله بن أبي إسحاق «ولا رطب ولا يابس» بالرفع عطفا على الموضع في ورقةٍ، لأن التقدير وما تسقط ورقة وإلّا في كتابٍ مبينٍ قيل يعني كتابا على الحقيقة، ووجه الفائدة فيه امتحان ما يكتبه الحفظة، وذلك أنه روي أن الحفظة يرفعون ما كتبوه ويعارضونه بهذا الكتاب المشار إليه ليتحققوا صحة ما كتبوه، وقيل: المراد بقوله: إلّا في كتابٍ علم الله عز وجل المحيط بكل شيء، وحكى النقاش عن جعفر بن محمد قولا: أن «الورقة» يراد بها السقط من أولاد بني آدم، و «الحبة» يراد بها الذي ليس يسقط، و «الرطب» يراد به الحي، و «اليابس» يراد به الميت، وهذا قول جار على طريقة الرموز، ولا يصح عن جعفر بن محمد رضي الله عنه، ولا ينبغي أن يلتفت إليه). [المحرر الوجيز: 3/ 376-377]


رد مع اقتباس