عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 17 ربيع الثاني 1434هـ/27-02-2013م, 02:20 AM
الصورة الرمزية إشراق المطيري
إشراق المطيري إشراق المطيري غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jun 2010
المشاركات: 885
افتراضي جمهرة تفاسير السلف

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: (وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (23) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أخبرنا معمر عن قتادة في قوله: {فأتوا بسورة من مثله} يقول: «بسورة مثل هذا القرآن».). [تفسير عبد الرزاق: 1 / 40]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وإن كنتم في ريبٍ ممّا نزّلنا على عبدنا فأتوا بسورةٍ من مثله وادعوا شهداءكم من دون الله إن كنتم صادقين}
قال أبو جعفرٍ: وهذا من اللّه عزّ وجلّ احتجاجٌ لنبيّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم على مشركي قومه من العرب ومنافقيهم وكفّار أهل الكتاب وضلاّلهم الّذين افتتح بقصصهم قوله جلّ ثناؤه: {إنّ الّذين كفروا سواءٌ عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم} وإيّاهم يخاطب بهذه الآيات، وضرباءهم يعني بها، قال اللّه جلّ ثناؤه: وإن كنتم أيّها المشركون من العرب والكفّار من أهل الكتابين في شكٍّ، وهو الرّيب، ممّا نزّلنا على عبدنا محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم من النّور والبرهان وآيات الفرقان أنّه من عندي، وأنّي الّذي أنزلته إليه، فلم تؤمنوا به ولم تصدّقوه فيما يقول، فأتوا بحجّةٍ تدفع حجّته؛ لأنّكم تعلمون أنّ حجّة كلّ ذي نبوّةٍ على صدقه في دعواه النّبوّة أن يأتي ببرهانٍ يعجز عن أن يأتي بمثله جميع الخلق، ومن حجّة محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم على صدقه وبرهانه على نبوّته، وأنّ ما جاء به من عندي، عجز جميعكم وجميع من تستعينون به من أعوانكم وأنصاركم عن أن تأتوا بسورةٍ من مثله. وإذا عجزتم عن ذلك، وأنتم أهل البراعة في الفصاحة والبلاغة والذرابة، فقد علمتم أنّ غيركم عمّا عجزتم عنه من ذلك أعجز. كما كان برهان من سلف من رسلي وأنبيائي على صدقه وحجّته على نبوّته من الآيات ما يعجز عن الإتيان بمثله جميع خلقي. فيتقرّر حينئذٍ عندكم أنّ محمّدًا لم يتقوّله ولم يختلقه، لأنّ ذلك لو كان منه اختلافًا وتقوّلاً لم تعجزوا وجميع خلقى عن الإتيان بمثله، لأنّ محمّدًا صلّى اللّه عليه وسلّم لم يعد أن يكون بشرًا مثلكم، وفي مثل حالكم في الجسم وبسطة الخلق وذرابة اللّسان، فيمكن أن يظنّ به اقتدارٌ على ما عجزتم عنه، أو يتوهّم منكم عجزٌ عمّا اقتدر عليه.
ثمّ اختلف أهل التّأويل في تأويل قوله: {فأتوا بسورةٍ من مثله}.
- فحدّثنا بشر بن معاذٍ، قال: حدّثنا يزيد، عن سعيدٍ، عن قتادة: {فأتوا بسورةٍ من مثله} «يعني من مثل هذا القرآن حقًّا وصدقًا لا باطل فيه ولا كذب».
- وحدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أنبأنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن قتادة، في قوله: {فأتوا بسورةٍ من مثله} يقول: «بسورةٍ مثل هذا القرآن».
- وحدّثني محمّد بن عمرٍو الباهليّ، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، عن عيسى بن ميمونٍ، عن عبد اللّه بن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: {فأتوا بسورةٍ من مثله} «مثل القرآن».
- وحدّثنا المثنّى، قال: حدّثنا أبو حذيفة، قال: حدّثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ مثله.
- وحدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ: {فأتوا بسورةٍ من مثله} قال: «مثله، مثل القرآن».
فمعنى قول مجاهدٍ وقتادة اللّذين ذكرنا عنهما، أنّ اللّه جلّ ذكره قال لمن حاجّه لنبيّه صلّى اللّه عليه وسلّم من الكفّار: فأتوا بسورةٍ من مثل هذا القرآن من كلامكم أيّتها العرب، كما أتى به محمّدٌ بلغاتكم ومعاني منطقكم.
وقد قال قومٌ آخرون: إنّ معنى قوله: {فأتوا بسورةٍ من مثله} من مثل محمّدٍ من البشر، لأنّ محمّدًا بشرٌ مثلكم.
والتّأويل الأوّل الّذي قاله مجاهدٌ وقتادة هو التّأويل الصّحيح؛ لأنّ اللّه جلّ ثناؤه قال في سورةٍ أخرى: {أم يقولون افتراه قل فأتوا بسورةٍ مثله} ومعلومٌ أنّ السّورة ليست لمحمّدٍ بنظيرٍ ولا شبيهٍ، فيجوز أن يقال: فأتوا بسورةٍ مثل محمّدٍ.
فإن قال قائلٌ: إنّك ذكرت أنّ اللّه عنى بقوله: {فأتوا بسورةٍ من مثله} من مثل هذا القرآن، فهل للقرآن من مثلٍ فيقال: ائتوا بسورةٍ من مثله؟
قيل: إنّه لم يعن به: ائتوا بسورةٍ من مثله في التّأليف والمعاني الّتي باين بها سائر الكلام غيره، وإنّما عنى: ائتوا بسورةٍ من مثله في البيان؛ لأنّ القرآن أنزله اللّه بلسانٍ عربيٍّ، فكلام العرب لا شكّ له مثلٌ في معنى العربيّة؛ فأمّا في المعنى الّذي باين به القرآن سائر كلام المخلوقين، فلا مثل له من ذلك الوجه ولا نظير ولا شبيه.
وإنّما احتجّ اللّه جلّ ثناؤه عليهم لنبيّه صلّى اللّه عليه وسلّم بما احتجّ به له عليهم من القرآن، إذ ظهر القوم عن أن يأتوا بسورةٍ من مثله في البيان، إذ كان القرآن بيانًا مثل بيانهم، وكلامًا نزل بلسانهم، فقال لهم جلّ ثناؤه: وإن كنتم في ريبٍ من أنّ ما أنزلت على عبدي من القرآن من عندي، فأتوا بسورةٍ من كلامكم الّذي هو مثله في العربيّة، إذ كنتم عربًا، وهو بيانٌ نظير بيانكم، وكلامٌ شبيه كلامكم. فلم يكلّفهم جلّ ثناؤه أن يأتوا بسورةٍ من غير اللّسان الّذي هو نظير اللّسان الّذي نزل به القرآن، فيقدروا أن يقولوا: كلّفتنا ما لو أحسنّاه أتينا به، وإنّا لا نقدر على الإتيان به، لأنّا لسنا من أهل اللّسان الّذي كلّفتنا الإتيان به، فليس لك علينا حجّةٌ بهذا؛ لأنّا وإن عجزنا عن أن نأتي بمثله من غير ألسنتنا لأنّا لسنا بأهله، ففي النّاس خلقٌ كثيرٌ من غير أهل لساننا يقدر على أن يأتي بمثله من اللّسان الّذي كلّفتنا الإتيان به ولكنّه جلّ ثناؤه قال لهم: ائتوا بسورةٍ مثله، لأنّ مثله من الألسن ألسنتكم، وأنتم إن كان محمّدٌ اختلقه وافتراه، إذا اجتمعتم وتظاهرتم على الإتيان بمثل سورةٍ منه من لسانكم وبيانكم، أقدر على اختلاقه ورصفه وتأليفه من محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم، وإن لم تكونوا أقدر عليه منه فلن تعجزوا وأنتم جميعٌ عمّا قدر عليه محمّدٌ من ذلك وهو وحيد، إن كنتم صادقين في دعواكم وزعمكم أنّ محمّدًا افتراه واختلقه وأنّه من عند غيري.
القول فى تأويل قوله جل وعز: {وادعوا شهداءكم من دون اللّه إن كنتم صادقين}.
واختلف أهل التّأويل في تأويل قوله: {وادعوا شهداءكم من دون اللّه إن كنتم صادقين}.
- فقال ابن عبّاسٍ بما حدّثنا به، محمّد بن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن محمّد بن أبي محمّدٍ، مولى زيد بن ثابتٍ، عن عكرمة أو عن سعيدٍ، عن ابن عبّاسٍ: {وادعوا شهداءكم من دون اللّه} «يعني أعوانكم على ما أنتم عليه {إن كنتم صادقين}».
- وحدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: {وادعوا شهداءكم} «ناسٌ يشهدون لكم».
- وحدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو حذيفة، قال: حدّثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ مثله.
- وحدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا وكيعٌ، عن سفيان، عن رجلٍ، عن مجاهدٍ، قال: «قومٌ يشهدون لكم».
- وحدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ: {وادعوا شهداءكم} قال: «ناسٌ يشهدون».
قال ابن جريجٍ: «شهداءكم عليها إذا أتيتم بها أنّها مثله مثل القرآن وذلك قول اللّه لمن شكّ من الكفّار فيما جاء به محمّدٌ صلّى اللّه عليه وسلّم».
وقوله: {وادعوا} يعني استنصروا واستعينوا. كما قال الشّاعر:

فلمّا التقت فرساننا ورجالهم ....... دعوا يا لكعبٍ واعتزينا لعامر

يعني بقوله: دعوا يا لكعبٍ: استنصروا كعبًا واستغاثوا بهم.
وأمّا الشّهداء فإنّها جمع شهيدٍ، كالشّركاء جمع شريكٍ، والخطباء جمع خطيبٍ. والشّهيد يسمّى به الشّاهد على الشّيء لغيره بما يحقّق دعواه، وقد يسمّى به المشاهد للشّيء كما يقال فلانٌ جليس فلانٍ، يعني به مجالسه، ونديمه يعني به منادمه، وكذلك يقال: شهيده يعني به مشاهده.
فإذا كانت الشّهداء محتملةً أن تكون جمع الشّهيد الّذي هو منصرفٌ للمعنيين اللّذين وصفت، فأولى وجهيه بتأويل الآية ما قاله ابن عبّاسٍ، وهو أن يكون معناه: واستنصروا على أن تأتوا بسورةٍ من مثله أعوانكم وشهداءكم الّذين يشاهدونكم ويعاونونكم على تكذيبكم اللّه ورسوله ويظاهرونكم على كفركم ونفاقكم إن كنتم محقّين في جحودكم أنّ ما جاءكم به محمّدٌ صلّى اللّه عليه وسلّم اختلاقٌ وافتراءٌ، لتمتحنوا أنفسكم وغيركم: هل تقدرون على أن تأتوا بسورةٍ من مثله فيقدر محمّدٌ على أن يأتي بجميعه من قبل نفسه اختلاقًا؟
وأمّا ما قاله مجاهدٌ وابن جريجٍ في تأويل ذلك فلا وجه له؛ لأنّ القوم كانوا على عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أصنافًا ثلاثةً: أهل إيمانٍ صحيحٍ، وأهل كفرٍ صحيحٍ، وأهل نفاقٍ بين ذلك. فأهل الإيمان كانوا باللّه وبرسوله مؤمنين، فكان من المحال أن يدّعي الكفّار أنّ لهم شهداء، على حقيقة ما كانوا يأتون به لو أتوا باختلاقٍ من الرّسالة، ثمّ ادّعوا أنّه للقرآن نظيرٌ، من المؤمنين. فأمّا أهل النّفاق والكفر فلا شكّ أنّهم لو دعوا إلى تحقيق الباطل وإبطال الحقّ لسارعوا إليه مع كفرهم وضلالهم، فمن أيّ الفريق كانت تكون شهداؤكم لو ادّعوا أنّهم قد أتوا بسورةٍ من مثل القرآن؟
ولكنّ ذلك كما قال جلّ ثناؤه: {قل لئن اجتمعت الإنس والجنّ على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعضٍ ظهيرًا} فأخبر جلّ ثناؤه في هذه الآية أنّ مثل القرآن لا يأتي به الجنّ والإنس ولو تظاهروا وتعاونوا على الإتيان به؛ وتحدّاهم بمعنى التّوبيخ لهم في سورة البقرة، فقال تعالى: {وإن كنتم في ريبٍ ممّا نزّلنا على عبدنا فأتوا بسورةٍ من مثله وادعوا شهداءكم من دون اللّه إن كنتم صادقين} يعني بذلك: إن كنتم في شكٍّ في صدق محمّدٍ فيما جاءكم به من عندي أنّه من عندي، فأتوا بسورةٍ من مثله، وليستنصر بعضكم بعضًا على ذلك إن كنتم صادقين في زعمكم؛ حتّى تعلموا أنّكم إذا عجزتم عن ذلك أنّه لا يقدر على أن يأتي به محمّدٌ صلّى اللّه عليه وسلّم ولا من البشر أحدٌ، ويصحّ عندكم أنّه تنزيلي ووحيي إلى عبدي). [جامع البيان: 1 / 395 - 402]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): ({وإن كنتم في ريبٍ ممّا نزّلنا على عبدنا فأتوا بسورةٍ من مثله وادعوا شهداءكم من دون اللّه إن كنتم صادقين (23)}
قوله تعالى: {وإن كنتم في ريبٍ}
- حدّثنا محمّد بن يحيى، ثنا أبو غسّان، ثنا سلمة بن الفضل عن محمّد بن إسحاق قال: فيما حدّثني محمّد بن أبي محمّدٍ عن عكرمة أو سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ: {وإن كنتم في ريبٍ ممّا نزّلنا على عبدنا} «أي في شكٍّ ممّا جاءكم به».
- حدّثنا عصام بن روّادٍ، ثنا آدم ثنا أبو جعفرٍ، عن الرّبيع عن أبي العالية، في قوله: {وإن كنتم في ريبٍ} قال: «في شكٍّ». وكذلك فسّره الحسن وقتادة والرّبيع بن أنسٍ). [تفسير القرآن العظيم: 1 / 63]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله: {ممّا نزّلنا على عبدنا}
- حدّثنا الحسن بن أحمد، ثنا إبراهيم بن عبد اللّه بن بشّارٍ، ثنا سرور بن المغيرة، عن عبّاد بن منصورٍ، عن الحسن في قوله: {وإن كنتم في ريبٍ ممّا نزّلنا على عبدنا} «فهذا قول اللّه لمن شكّ من الكفّار فيما جاء به محمّدٌ صلّى اللّه عليه وسلّم».). [تفسير القرآن العظيم: 1 /63]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله تعالى: {فأتوا بسورةٍ من مثله}
- حدّثنا الحسن بن محمّدٍ الصّبّاح ثنا شبابة ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيحٍ عن مجاهدٍ {فأتوا بسورةٍ من مثله} قال: «مثل القرآن».
- حدّثنا أبو زرعة ثنا العبّاس بن الوليد النّرسيّ ثنا يزيد بن زريعٍ ثنا سعيدٌ عن قتادة قوله: {فأتوا بسورةٍ من مثله} قال: « من مثل هذا القرآن حقًّا وصدقًا لا باطل فيه ولا كذب».
- حدّثنا الحسن بن أحمد أبو فاطمة: ثنا إبراهيم بن عبد اللّه بن بشّارٍ الواسطيّ ثنا سرور بن المغيرة عن عبّاد بن منصورٍ، عن الحسن في قوله: {فأتوا بسورةٍ من مثله} قال: «فلا يستطيعون واللّه أن يأتوا بسورةٍ من مثله ولو حرصوا».). [تفسير القرآن العظيم: 1 / 63]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله: {وادعوا شهداءكم من دون اللّه إن كنتم صادقين}
- حدّثنا محمّد بن يحيى، أنبأ أبو غسّان ثنا سلمة بن الفضل عن محمّد بن إسحاق فيما حدّثني محمّد بن أبي محمّدٍ عن عكرمة أو سعيد بن جبيرٍ عن ابن عبّاسٍ: {وادعوا شهداءكم} «من استطعتم من أعوانكم على ما أنتم عليه إن كنتم صادقين».
- حدّثنا أبو بكر عن أبي موسى ثنا هارون بن حاتمٍ ثنا عبد الرّحمن بن أبي حمّادٍ عن أسباط عن السّدّيّ عن أبي مالكٍ: {وادعوا شهداءكم من دون اللّه} «يعني شركاءكم».
- حدّثنا الحسن بن محمّد بن الصّبّاح ثنا شبابة ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيحٍ عن مجاهد {وادعوا شهداءكم} قال: «ناسٌ يشهدون به».). [تفسير القرآن العظيم: 1 / 63 - 64]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله: {وادعوا شهداءكم من دون الله} « يعني ناسا يشهدون».). [تفسير مجاهد: 71]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: {وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله وادعوا شهداءكم من دون الله إن كنتم صادقين * فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا فاتقوا النار التي وقودها الناس والحجارة أعدت للكافرين}
وأخرج أحمد والبخاري ومسلم والنسائي والبيهقي في الدلائل عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « ما من الأنبياء نبي إلا أعطي ما مثله آمن عليه البشر وإنما كان الذي أوتيته وحيا أوحاه الله إلي فأرجو أن أكون أكثرهم تابعا يوم القيامة».
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن في قوله: {وإن كنتم في ريب} الآية قال: «هذا قول الله لمن شك من الكفار في ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم».
وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله: {وإن كنتم في ريب} قال: «في شك»، {مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله} قال: «من مثل هذا القرآن حقا وصدقا لا باطل فيه ولا كذب».
وأخرج وكيع، وعبد بن حميد، وابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {فأتوا بسورة من مثله} قال: «مثل القرآن»، {وادعوا شهداءكم من دون الله} قال: «ناس يشهدون لكم إذا أتيتم بها أنه مثله».
وأخرج ابن جرير، وابن إسحاق، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {وادعوا شهداءكم} قال: «أعوانكم على ما أنتم عليه {فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا} فقد بين لكم الحق».). [الدر المنثور: 1 / 188 - 190]

تفسير قوله تعالى: (فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ (24) )

قال عبد الله بن المبارك بن واضح المروزي (ت: 181هـ): (أخبرنا مسعر، عن عبد الملك بن ميسرة، عن ابن سابط، عن عمرو ابن ميمون، عن عبد الله بن مسعود، قال: إن الحجارة التي سمى الله في القرآن، أو ذكر في القرآن: {وقودها الناس والحجارة} [سورة البقرة: 24]، حجارة من كبريت، خلقها الله عنده كيف شاء، أو كما شاء). [الزهد لابن المبارك: 2/ 584]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ):
(أنبأنا ابن عيينة عن مسعر عن عبد الملك الزراد عن عمرو بن ميمون عن ابن مسعود في قوله: {وقودها الناس والحجارة} قال: «حجارة الكبريت جعلها الله كما شاء».).
[تفسير عبد الرزاق: 1 / 40]

قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] في قول الله وجل وعز: {وقودوها الناس والحجارة} قال:«حجارةٌ من كبريتٍ»، وقال ابن مسعود: «كبريت أحمر ». ). [تفسير الثوري: 42]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا فاتّقوا النّار الّتي وقودها النّاس والحجارة أعدّت للكافرين}
ويعني تعالى بقوله: {فإن لم تفعلوا} إن لم تأتوا بسورةٍ من مثله، وقد تظاهرتم أنتم وشركاؤكم عليه وأعوانكم فتبيّن لكم بامتحانكم واختباركم عجزكم وعجز جميع خلقي عنه، وعلمتم أنّه من عندي، ثمّ أقمتم على التّكذيب به.
وقوله: {ولن تفعلوا} أي لن تأتوا بسورةٍ من مثله أبدًا.
- كما حدثنا بشر بن معاذ، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة: {فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا} «أي: لا تقدرون على ذلك ولا تطيقونه».
- وحدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن محمّد بن أبي محمّدٍ، عن عكرمة أو عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ: {فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا} «فقد تبيّن لكم الحقّ».). [جامع البيان: 1 / 402]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {فاتّقوا النّار الّتي وقودها النّاس والحجارة}.
يعني جلّ ثناؤه بقوله: {فاتّقوا النّار} يقول: فاتّقوا أن تصلوا النّار بتكذيبكم رسولي بما جاءكم به من عندي أنّه من وحيي وتنزيلي، بعد تبيّنكم أنّه كتابي ومن عندي، وقيام الحجّة عليكم بأنّه كلامي ووحيي، بعجزكم وعجز جميع خلقي عن أن يأتوا بمثله.
ثمّ وصف جلّ ثناؤه النّار الّتي حذّرهم صليّها، فأخبرهم أنّ النّاس وقودها، وأنّ الحجارة وقودها، فقال: {الّتي وقودها النّاس والحجارة} يعني بقوله وقودها: حطبها، والعرب تجعله مصدرًا، وهو اسمٌ إذا فتحت الواو بمنزلة الحطب، فإذا ضمّت الواو من الوقود كان مصدرًا من قول القائل: وقدت النّار فهي تقد وقودًا وقدةً ووقدانًا ووقدًا، يراد بذلك أنّها التهبت.
قال أبو جعفرٍ: فإن قال قائلٌ: وكيف خصّت الحجارة فقرنت بالنّاس حتّى جعلت لنار جهنّم حطبًا؟ قيل: إنّها حجارة الكبريت، وهي أشدّ الحجارة فيما بلغنا حرًّا إذا أحميت.
- كما حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا أبو معاوية، عن مسعرٍ، عن عبد الملك بن ميسرة الزّرّاد، عن عبد الرّحمن بن سابطٍ، عن عمرو بن ميمونٍ، عن عبد اللّه، في قوله: {وقودها النّاس والحجارة} قال: «هي حجارةٌ من كبريتٍ خلقها اللّه يوم خلق السّموات والأرض في السّماء الدّنيا يعدّها للكافرين».
- وحدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أنبأنا عبد الرّزّاق، قال: أنبأنا ابن عيينة، عن مسعرٍ، عن عبد الملك الزّرّاد، عن عمرو بن ميمونٍ، عن ابن مسعودٍ، في قوله: {وقودها النّاس والحجارة} قال: «حجارة الكبريت جعلها اللّه كما شاء».
- وحدّثني موسى بن هارون، قال: حدّثنا عمرو بن حمّادٍ، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، في خبرٍ ذكره عن أبي مالكٍ، وعن أبي صالحٍ، عن ابن عبّاسٍ، وعن مرّة، عن ابن مسعودٍ، وعن ناسٍ، من أصحاب النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: {فاتّقوا النّار الّتي وقودها النّاس والحجارة}«أمّا الحجارة فهي حجارةٌ في النّار من كبريتٍ أسود يعذّبون به مع النّار».
- وحدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، في قوله: {وقودها النّاس والحجارة} قال: «حجارةٌ من كبريتٍ أسود في النّار»، قال: وقال لي عمرو بن دينارٍ: «حجارةٌ أصلب من هذه وأعظم».
- حدّثنا سفيان بن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبي، عن مسعرٍ، عن عبد الملك بن ميسرة، عن عبد الرّحمن بن سابطٍ، عن عمرو بن ميمونٍ، عن عبد اللّه بن مسعودٍ، قال: «حجارةٌ الكبريت قال خلقها اللّه عنده كيف شاء وكما شاء». ). [جامع البيان: 1 / 403 - 404]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {أعدّت للكافرين}.
قد دلّلنا فيما مضى من كتابنا هذا على أنّ الكافر في كلام العرب هو السّاتر شيئًا بغطاءٍ، وأنّ اللّه جلّ ثناؤه إنّما سمّى الكافر كافرًا لجحوده آلاءه عنده، وتغطيته نعماءه قبله.
فمعنى قوله إذًا: {أعدّت للكافرين} أعدّت النّار للجاحدين أنّ اللّه ربّهم المتوحّد بخلقهم وخلق الّذين من قبلهم، الّذي جعل لهم الأرض فراشًا، والسّماء بناءً، وأنزل من السّماء ماءً، فأخرج به من الثّمرات رزقًا لهم، المشركين معه في عبادته الأنداد والآلهة، وهو المتفرّد لهم بالإنشاء والمتوحّد بالأقوات والأرزاق.
- كما حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن محمّد بن إسحاق، عن محمّد بن أبي محمّدٍ، مولى زيد بن ثابتٍ، عن عكرمة أو عن سعيدٍ، عن ابن عبّاسٍ: {أعدّت للكافرين} «أي لمن كان على مثل ما أنتم عليه من الكفر». ). [جامع البيان: 1 / 405]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): ( {فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا فاتّقوا النّار الّتي وقودها النّاس والحجارة أعدّت للكافرين (24)}
قوله: {فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا}
- حدّثنا أبو زرعة ثنا صفوان ثنا الوليد ثنا سعيد بن بشيرٍ عن قتادة: {فإن لم تفعلوا} «فإن لم تطيقوه ولن تطيقوه فاتّقوا النّار».). [تفسير القرآن العظيم: 1 / 64]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله: {فاتّقوا النّار الّتي وقودها النّاس والحجارة}
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ ثنا أبو أسامة عن مسعرٍ عن عبد الملك بن ميسرة عن ابن سابطٍ عن عمرو بن ميمونٍ عن عبد اللّه بن مسعودٍ قال: «إنّ الحجارة الّتي سمّاها اللّه في القرآن وقودها النّاس والحجارة حجارةٌ من كبريتٍ خلقها اللّه تعالى عنده كيف يشاء».
- حدّثنا أبو زرعة ثنا عمرو بن حمّادٍ ثنا أسباطٌ عن السّدّيّ: {فاتّقوا النّار الّتي وقودها النّاس والحجارة} «فأمّا الحجارة فهي حجارةٌ في النّار من كبريتٍ أسود يعذّبون به مع النّار».
- حدّثنا أبي ثنا محمّد بن عبد الرّحمن بن ابنة عبد الملك بن أبي سليمان العرزميّ ثنا أبي عن جدّي عن ابن أبي نجيحٍ عن مجاهدٍ: {فاتّقوا النّار الّتي وقودها النّاس والحجارة} قال: «حجارةٌ أنتن من الجيفة- من كبريتٍ».
قال أبو محمّدٍ: وروي عن أبي جعفرٍ محمّد بن عليٍّ قال: «حجارةٌ من كبريتٍ».
- أخبرنا عليّ بن المبارك فيما كتب إليّ ثنا زيد بن المبارك ثنا ابن ثورٍ عن ابن جريجٍ عن عمرو بن دينارٍ {فاتّقوا النّار الّتي وقودها النّاس والحجارة} قال: «حجارةٌ أصلب من هذه الحجارة وأعظم».). [تفسير القرآن العظيم: 1 / 64 - 65]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله تعالى: {أعدّت للكافرين}
- حدّثنا محمّد بن يحيى أنبأ أبو غسّان ثنا سلمة عن محمّد بن إسحاق قال فيما حدّثني محمّد بن أبي محمّدٍ عن عكرمة أو سعيد بن جبيرٍ عن ابن عبّاسٍ:{أعدّت للكافرين} «أي لمن كان على مثل ما أنتم عليه من الكفر». ). [تفسير القرآن العظيم: 1 / 65]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (حدّثنا أبو العبّاس محمّد بن يعقوب، ثنا الحسن بن عليّ بن عفّان، ثنا محمّد بن عبيدٍ، ثنا مسعرٌ، عن عبد الملك بن ميسرة، عن عبد الرّحمن بن سابطٍ، عن عمرو بن ميمونٍ، عن عبد اللّه بن مسعودٍ رضي اللّه عنه، قال: «إنّ الحجارة الّتي سمّى اللّه في القرآن وقودها النّاس والحجارة، حجارةٌ من كبريتٍ، خلقها اللّه تعالى عنده كيف شاء أو كما شاء» هذا حديثٌ صحيحٌ على شرط الشّيخين، ولم يخرّجاه "). [المستدرك: 2 / 287]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن إسحاق، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {وادعوا شهداءكم} قال: «أعوانكم على ما أنتم عليه {فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا} فقد بين لكم الحق».
وأخرج عبد بن حميد، وابن جريج عن قتادة {فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا} يقول: «لن تقدروا على ذلك ولن تطيقوه».). [الدر المنثور: 1 / 190]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أما قوله تعالى: {فاتقوا النار}.
أخرج ابن أبي شيبة في المصنف عن ابن مسعود قال: «إذا مر أحدكم في الصلاة بذكر النار فليستعذ بالله من النار وإذا مر أحدكم بذكر الجنة فليسأل الله الجنة».
وأخرج ابن أبي شيبة وأبو داود، وابن ماجه عن أبي ليلى قال صليت إلى جنب النّبيّ صلى الله عليه وسلم فمر بآية فقال: «أعوذ بالله من النار ويل لأهل النار».
وأخرج ابن أبي شيبة عن النعمان بن بشير قال سمعت النّبيّ صلى الله عليه وسلم وهو على المنبر يقول: «أنذركم النار أنذركم النار حتى سقط أحد عطفي ردائه على منكبيه».). [الدر المنثور: 1 / 190 - 191]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأمّا قوله تعالى {التي وقودها الناس والحجارة}.
أخرج عبد بن حميد من طريق طلحة عن مجاهد، أنه كان يقرأ كل شيء في القرآن {وقودها} برفع الواو الأولى إلا التي في والسماء ذات البروج {النار ذات الوقود} [البروج الآية 5] بنصب الواو.
وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور والفريابي وهناد بن السري في كتاب الزهد، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والطبراني في الكبير والحاكم وصححه والبيهقي في الشعب عن ابن مسعود قال: «إن الحجارة التي ذكرها الله في القرآن في قوله {وقودها الناس والحجارة} حجارة من كبريت خلقها الله عنده كيف شاء».
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في الآية قال: «هي حجارة في النار من كبريت أسود يعذبون به مع النار».
وأخرج ابن جرير عن عمرو بن ميمون قال: «هي حجارة من كبريت خلقها الله يوم خلق السموات والأرض في السماء الدنيا فأعدها للكافرين».
وأخرج ابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن أنس قال: تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية {وقودها الناس والحجارة} فقال: «أوقد عليها ألف عام حتى احمرت وألف عام حتى ابيضت وألف عام حتى اسودت فهي سوداء مظلمة لا يطفأ لهبها».
وأخرج ابن أبي شيبة والترمذي، وابن مردويه والبيهقي في الشعب عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أوقدت النار ألف سنة حتى احمرت ثم أوقد عليها ألف سنة حتى ابيضت ثم أوقد عليها ألف سنة حتى اسودت فهي سوداء مظلمة».
وأخرج أحمد ومالك والبخاري ومسلم والبيهقي في البعث عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «نار بني آدم التي توقدون جزء من سبعين جزء من نار جهنم».
فقالوا: يا رسول الله إن كانت لكافية قال: «فإنها فضلت عليها بتسعة وستين جزءا كلهن مثل حرها».
وأخرج مالك في الموطأ والبيهقي في البعث عن أبي هريرة قال: «أترونها حمراء مثل ناركم هذه التي توقدون إنها لأشد سوادا من القار».
وأخرج الترمذي وحسنه عن أبي سعيد عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «ناركم هذه جزء من سبعين جزءا من نار جهنم لكل جزء منها حرها».
وأخرج ابن ماجه والحاكم وصححه عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « إن ناركم هذه جزء من سبعين جزءا من نار جهنم لولا أنها أطفئت بالماء مرتين ما انتفعتم منها بشيء وإنها لتدعو الله أن لا يعيدها فيها».
وأخرج البيهقي في البعث عن ابن مسعود قال: «إن ناركم هذه جزء من سبعين جزءا من تلك النار ولولا أنها ضربت في البحر مرتين ما انتفعتم منها بشيء».
وأخرج البيهقي عن أبي هريرة عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «إن ناركم هذه جزء من سبعين جزءا من نار جهنم ضربت بماء البحر مرتين ولولا ذلك ما جعل الله فيها منفعة لأحد».
وأخرج ابن أبي شيبة عن مجاهد قال: «إن ناركم هذه تعوذ من نار جهنم».). [الدر المنثور: 1 / 191 - 194]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأمّا قوله تعالى: {أعدت للكافرين}
أخرج ابن إسحاق، وابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {أعدت للكافرين} قال: «أي لمن كان على مثل ما أنتم عليه من الكفر». ). [الدر المنثور: 1 / 194 - 195]

تفسير قوله تعالى: (وَبَشِّرِ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقًا قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (25) )

قال عبد الله بن المبارك بن واضح المروزي (ت: 181هـ): (أخبرنا ابن جريج، عن مجاهد في قوله: {فيها أزواجٌ مطهرةٌ} [سورة البقرة: 25، وسورة النساء: 57]، قال: مطهرة من الحيض، والغائط، والبول، والمخاط، والنخام، والبصاق، والمني، والولد).[الزهد لابن المبارك: 2/ 558]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ):
(أخبرنا معمر قال: قال الحسن: {وأتوا به متشبها} قال: « يشبه بعضه بعضا ليس فيه مرذول».).
[تفسير عبد الرزاق: 1 / 40]

قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنبأنا الثوري عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله: {متشابها} قال: « مشتبها في اللون ومختلفا في الطعم».). [تفسير عبد الرزاق: 1 / 41]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن الثوري عن أبي نجيح عن مجاهد ويحيى بن سعيد {متشابها} قالا: «في اللون والطعم». ). [تفسير عبد الرزاق: 1 / 41]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أخبرنا معمر عن قتادة {وأتوا به متشابها} قال: «يشبه ثمر الدنيا غير أن ثمر الجنة أطيب». ). [تفسير عبد الرزاق: 1 / 41]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أخبرنا الثوري عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قال: «لا يبلن ولا يتغوطن ولا يحضن ولا يلدن ولا يمنين ولا يبزقن». ). [تفسير عبد الرزاق: 1 / 41]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أخبرنا معمر عن قتادة في قوله: {ولهم فيها أزوج مطهرة} قال: «طهرهن الله من كل بول وغائط وقذر ومن كل مأثم». ). [تفسير عبد الرزاق: 1 / 41]
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] في قوله: {وأتوا به متشابهًا} قال: «متشابها لونه واحد مختلف طعمه».). [تفسير الثوري: 42]
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (قال سفيان [الثوري] في قول اللّه جلّ وعزّ: {لهم فيها أزواج مطهرة} قال: «لا يمنين ولا يتغوّطن ولا يمتخطن ولا يتطهرن».). [تفسير الثوري: 43]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وبشّر الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات أنّ لهم جنّاتٍ تجري من تحتها الأنهار}.
قال أبو جعفرٍ: أمّا قوله تعالى: {وبشّر} فإنّه يعني: أخبرهم. والبشارة أصلها الخبر بما يسرّ المخبر به إذا كان سابقًا به كلّ مخبرٌ سواه.
وهذا أمرٌ من اللّه نبيّه محمّدًا صلّى اللّه عليه وسلّم بإبلاغ بشارته خلقه الّذين آمنوا به وبمحمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم وبما جاء به من عند ربّه، وصدّقوا إيمانهم ذلك وإقرارهم بأعمالهم الصّالحة، فقال له: يا محمّد بشّر من صدّقك أنّك رسولي وأنّ ما جئت به من الهدى والنّور فمن عندي، وحقّق تصديقه ذلك قولاً بأداء الصّالح من الأعمال الّتي افترضتها عليه وأوجبتها في كتابي على لسانك عليه، أنّ له جنّاتٍ تجري من تحتها الأنهار خاصّةً، دون من كذّب بك وأنكر ما جئت به من الهدى من عندي وعاندك، ودون من أظهر تصديقك وأقرّ بأنّ ما جئته به فمن عندي قولاً، وجحده اعتقادًا ولم يحقّقه عملاً. فإنّ لأولئك النّار الّتي وقودها النّاس والحجارة معدّةٌ عندي.
والجنّات جمع جنّةٍ، والجنّة: البستان.
وإنّما عنى جلّ ذكره بذكر الجنّة ما في الجنّة من أشجارها وثمارها وغروسها دون أرضها، فلذلك قال عزّ ذكره: {تجري من تحتها الأنهار} لأنّه معلومٌ أنّه إنّما أراد جلّ ثناؤه الخبر عن ماء أنهارها أنّه جارٍ تحت أشجارها وغروسها وثمارها، لا أنّه جارٍ تحت أرضها؛ لأنّ الماء إذا كان جاريًا تحت الأرض، فلا حظّ فيها لعيونٍ من فوقها إلاّ بكشف السّاتر بينها وبينه. على أنّ الّذي توصف به أنهار الجنّة أنّها جاريةٌ في غير أخاديد.
- كما حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا الأشجعيّ، عن سفيان، عن عمرو بن مرّة، عن أبي عبيدة، عن مسروقٍ، قال: «نخل الجنّة نضيدٌ من أصلها إلى فرعها، وثمرها أمثال القلال، كلّما نزعت ثمرةٌ عادت مكانها أخرى، وماؤها يجري في غير أخدودٍ».
- وحدّثنا مجاهدٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: أخبرنا مسعر بن كدامٍ، عن عمرو بن مرّة، عن أبي عبيدة بنحوه.
- وحدّثنا محمّد بن بشّارٍ قال: حدّثنا ابن مهديٍّ، قال: حدّثنا سفيان، قال: سمعت عمرو بن مرّة يحدّث عن أبي عبيدة، فذكر مثله قال: فقلت لأبي عبيدة: من حدّثك، فغضب وقال: مسروقٌ.
فإذا كان الأمر كذلك في أنّ أنهارها جاريةٌ في غير أخاديد، فلا شكّ أنّ الّذي أريد بالجنّات أشجار الجنّات وغروسها وثمارها دون أرضها، إذ كانت أنهارها تجري فوق أرضها وتحت غروسها وأشجارها، على ما ذكره مسروقٌ. وذلك أولى بصفة الجنّة من أن تكون أنهارها جاريةً تحت أرضها.
وإنّما رغّب اللّه جلّ ثناؤه بهذه الآية عباده في الإيمان وحضّهم على عبادته، بما أخبرهم أنّه أعدّه لأهل طاعته والإيمان به عنده، كما حذّرهم في الآية الّتي قبلها بما أخبر من إعداده ما أعدّ لأهل الكفر به الجاعلين معه الآلهة والأنداد من عقابه عن إشراك غيره معه، والتّعرّض لعقوبته بركوب معصيته وترك طاعته). [جامع البيان: 1 / 405 - 407]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {كلّما رزقوا منها من ثمرةٍ رزقًا قالوا هذا الّذي رزقنا من قبل وأتوا به متشابهًا}.
يعني بقوله: {كلّما رزقوا منها} من الجنّات، والهاء راجعةٌ على الجنّات، وإنّما المعنيّ أشجارها، فكأنّه قال: كلّما رزقوا من أشجار البساتين الّتي أعدّها اللّه للّذين آمنوا وعملوا الصّالحات في جنّاته من ثمرةٍ من ثمارها رزقًا قالوا: هذا الّذي رزقنا من قبل.
ثمّ اختلف أهل التّأويل في تأويل قوله: {هذا الّذي رزقنا من قبل} فقال بعضهم: تأويل ذلك هذا الّذي رزقنا من قبل في الدّنيا.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني موسى بن هارون، قال: حدّثنا عمرو بن حمّادٍ، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، في خبرٍ ذكره عن أبي مالكٍ، وعن أبي صالحٍ، عن ابن عبّاسٍ، وعن مرّة، عن ابن مسعودٍ، وعن ناسٍ، من أصحاب النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قالوا: {هذا الّذي رزقنا من قبل} قال: «إنّهم أتوا بالثّمرة في الجنّة، فلمّا نظروا إليها قالوا: هذا الّذي رزقنا من قبل في الدّنيا».
- حدّثنا بشر بن معاذٍ، قال: حدّثنا يزيد بن زريعٍ، عن سعيدٍ، عن قتادة، قالوا: {هذا الّذي رزقنا من قبل}: «أي في الدّنيا».
- وحدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، عن عيسى بن ميمونٍ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: «قالوا: {هذا الّذي رزقنا من قبل} يقولون: ما أشبهه به».
- وحدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ مثله.
- وحدّثني يونس بن عبد الأعلى، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، «قالوا: {هذا الّذي رزقنا من قبل} في الدّنيا، قال: {وأتوا به متشابهًا} يعرفونه».
وقال آخرون: بل تأويل ذلك: هذا الّذي رزقنا من قبل من ثمار الجنّة من قبل هذا، لشدّة مشابهة بعض ذلك في اللّون والطّعم بعضًا. ومن علّة قائل هذا القول أنّ ثمار الجنّة كلّما نزع منها شيءٌ عاد مكانه آخر مثله.
- كما حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا ابن مهديٍّ، قال: حدّثنا سفيان، قال: سمعت عمرو بن مرّة، يحدّث عن أبي عبيدة، قال: «نخل الجنّة نضيدٌ من أصلها إلى فرعها، وثمرها مثل القلال، كلّما نزعت منها ثمرةٌ عادت مكانها أخرى».
قالوا: فإنّما اشتبهت عند أهل الجنّة، لأنّ الّتي عادت نظيرة الّتي نزعت فأكلت في كلّ معانيها. قالوا: ولذلك قال اللّه جلّ ثناؤه: {وأتوا به متشابهًا} لاشتباه جميعه في كلّ معانيه.
وقال بعضهم: بل قالوا: {هذا الّذي رزقنا من قبل} لمشابهته الّذي قبله في اللّون وإن خالفه في الطّعم.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا القاسم بن الحسين، قال: حدّثنا الحسين بن داود، قال: حدّثنا شيخٌ من المصّيصة عن الأوزاعيّ، عن يحيى بن أبي كثيرٍ، قال: يؤتى أحدهم بالصّحفة فيأكل منها، ثمّ يؤتى بأخرى فيقول: هذا الّذي أتينا به من قبل، فيقول الملك: كل فاللّون واحدٌ والطّعم مختلفٌ.
قال أبو جعفرٍ: وهذا التّأويل مذهب من تأوّيل الآية. غير أنّه يدفع صحّته ظاهر التّلاوة والّذي يدلّ على صحّته ظاهر الآية ويحقّق صحّته قول القائلين إنّ معنى ذلك: هذا الّذي رزقنا من قبل في الدّنيا. وذلك أنّ اللّه جلّ ثناؤه قال: {كلّما رزقوا منها من ثمرةٍ رزقًا} فأخبر جلّ ثناؤه أنّ من قيل أهل الجنّة كلّما رزقوا من ثمر الجنّة رزقًا أن يقولوا: {هذا الّذي رزقنا من قبل}. ولم يخصّص بأنّ ذلك من قيلهم في بعض ذلك دون بعضٍ فإذ كان قد أخبر جلّ ذكره عنهم أنّ ذلك من قيلهم في كلّ ما رزقوا من ثمرها، فلا شكّ أنّ ذلك من قيلهم في أوّل رزقٍ رزقوه من ثمارها أتوا به بعد دخولهم الجنّة واستقرارهم فيها، الّذي لم يتقدّمه عندهم من ثمارها ثمرةٌ.
فإذ كان لا شكّ أنّ ذلك من قيلهم في أوّله، كما هو من قيلهم في وسطه وما يتلوه، فمعلومٌ أنّه محالٌ أن يكون من قيلهم لأوّل رزقٍ رزقوه من ثمار الجنّة: {هذا الّذي رزقنا من قبل} هذا من ثمار الجنّة. وكيف يجوز أن يقولوا لأوّل رزقٍ رزقوه من ثمارها ولمّا يتقدّمه عندهم غيره: هذا هو الّذي رزقناه من قبل؛ إلاّ أن ينسبهم ذو عته وضلالٍ إلى قيل الكذب الّذي قد طهّرهم اللّه منه، أو يدفع دافعٌ أن يكون ذلك من قيلهم لأوّل رزقٍ رزقوه منها من ثمارها، فيدفع صحّة ما أوجب اللّه صحّته بقوله: {كلّما رزقوا منها من ثمرةٍ رزقًا} من غير نصب دلالةٍ على أنّه معنيٌّ به حالٌ من أحوالٍ دون حالٍ. فقد تبيّن بما بيّنّا أنّ معنى الآية: كلّما رزق الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات من ثمرةٍ من ثمار الجنّة في الجنّة رزقًا، قالوا: هذا الّذي رزقنا من قبل هذا في الدّنيا.
فإن سألنا سائلٌ فقال: وكيف قال القوم: {هذا الّذي رزقنا من قبل} والّذي رزقوه من قبل قد عدم بأكلهم إيّاه؟ وكيف يجوز أن يقول أهل الجنّة قولاً لا حقيقة له؟
قيل: إنّ الأمر على غير ما ذهبت إليه في ذلك، وإنّما معناه: هذا من النّوع الّذي رزقناه من قبل هذا من الثّمار والرّزق، كالرّجل يقول لآخر: قد أعدّ لك فلانٌ من الطّعام كذا وكذا من ألوان الطّبيخ والشّواء والحلوى، فيقول المقول له ذاك: هذا طعامي في منزلي. يعني بذلك أنّ النّوع الّذي ذكر له صاحبه أنّه أعدّه له من الطّعام هو طعامه، لاأنّ أعيان ما أخبره صاحبه أنّه قد أعدّه له هو طعامه. بل ذلك ممّا لا يجوز لسامعٍ سمعه يقول ذلك أن يتوهّم أنّه أراده أو قصده؛ لأنّ ذلك خلاف مخرج كلام المتكلّم؛ وإنّما يوجّه كلام كلّ متكلّمٍ إلى المعروف في النّاس من مخارجه دون المجهول من معانيه. فكذلك ذلك في قوله: {قالوا هذا الّذي رزقنا من قبل} إذ كان ما كانوا رزقوه من قبل قد فني وعدم؛ فمعلومٌ أنّهم عنوا بذلك هذا من النّوع الّذي رزقناه من قبل، ومن جنسه في التسّميات والألوان على ما قد بيّنّا من القول في ذلك في كتابنا هذا). [جامع البيان: 1 / 407 - 412]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله: {وأتوا به متشابهًا}.
والهاء في قوله: {وأتوا به متشابهًا} عائدةٌ على الرّزق، فتأويله: وأتوا بالّذي رزقوا من ثمارها متشابهًا.
وقد اختلف أهل التّأويل في تأويل التشابه في ذلك، فقال بعضهم: تشابهه أنّ كلّه خيارٌ لا رذل فيه.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا خلاّد بن أسلم، قال: أخبرنا النّضر بن شميلٍ، قال: أخبرنا أبو عامرٍ، عن الحسن في قوله: {متشابهًا} قال: «خيارًا كلّها لا رذل فيها».
- وحدّثني يعقوب بن إبراهيم، قال: حدّثنا ابن عليّة، عن أبي رجاءٍ: قرأ الحسن آياتٍ من البقرة، فأتى على هذه الآية: {وأتوا به متشابهًا} قال: «ألم تروا إلى ثمار الدّنيا كيف ترذلون بعضه؟ وإنّ ذلك ليس فيه رذلٌ».
- وحدّثنا الحسن بن يحيى، قال: حدّثنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، قال: قال الحسن: {وأتوا به متشابهًا} قال: «يشبه بعضه بعضًا ليس فيه مرذولٍ».
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، عن سعيدٍ، عن قتادة: {وأتوا به متشابهًا} «أي خيار لا رذل فيه، وإنّ ثمار الدّنيا ينقّى منها ويرذل منها، وثمار الجنّة خيارٌ كلّه لا يرذل منه شيءٌ».
- وحدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، قال: «ثمر الدّنيا منه ما يرذل ومنه نقاوةٌ، وثمر الجنّة نقاوةٌ كلّه يشبه بعضه بعضًا في الطّيب ليس منه مرذولٌ».
وقال بعضهم: تشابهه في اللّون وهو مختلفٌ في الطّعم.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني موسى، قال: حدّثنا عمرٌو، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، في خبرٍ ذكره، عن أبي مالكٍ، وعن أبي صالحٍ، عن ابن عبّاسٍ، وعن مرّة، عن ابن مسعودٍ، وعن ناسٍ، من أصحاب النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: {وأتوا به متشابهًا} «في اللّون والمرأى، وليس يشبه الطّعم».
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، عن عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: {وأتوا به متشابهًا} «مثل الخيار».
- وحدّثنا المثنّى، قال: حدّثنا أبو حذيفة، قال: حدّثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: {وأتوا به متشابهًا}«لونه، مختلفًا طعمه، مثل الخيار من القثّاء».
- وحدّثت عن عمّار بن الحسن، قال: حدّثنا ابن أبي جعفرٍ، عن أبيه، عن الرّبيع بن أنسٍ: {وأتوا به متشابهًا} «يشبه بعضه بعضًا ويختلف الطّعم».
- وحدّثنا الحسن بن يحيى، قال: حدّثنا عبد الرّزّاق، قال: أنبأنا الثّوريّ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قوله: {متشابهًا} قال: «مشتبهًا في اللّون ومختلفًا في الطّعم».
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ: {وأتوا به متشابهًا} «مثل الخيار».
وقال بعضهم: تشابه في اللّون والطّعم.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا سفيان ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبي، عن سفيان، عن رجلٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {متشابهًا} قال: «اللّون والطّعم».
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا إسحاق، قال: حدّثنا عبد الرّزّاق، عن الثّوريّ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، ويحيى بن سعيدٍ: {متشابهًا} قالا: «في اللّون والطّعم».
وقال بعضهم: تشابهه تشابه ثمر الجنّة وثمر الدّنيا في اللّون وإن اختلف طعومهما.
ذكر من قال ذلك.
- حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أنبأنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن قتادة: {وأتوا به متشابهًا} قال: « يشبه ثمر الدّنيا غير أنّ ثمر الجنّة أطيب».
- وحدّثنا المثنّى، قال: حدّثنا إسحاق، قال: قال حفص بن عمر، قال: حدّثنا الحكم بن أبان، عن عكرمة، في قوله: {وأتوا به متشابهًا} قال: «يشبه ثمر الدّنيا، غير أنّ ثمر الجنّة أطيب».
وقال بعضهم: لا يشبه شيءٌ ممّا في الجنّة ما في الدّنيا إلاّ الأسماء.
ذكر من قال ذلك
- حدّثني أبو كريبٍ، قال: حدّثنا الأشجعيّ، ح وحدّثنا محمّد بن بشّارٍ، قال: حدّثنا مؤمّلٌ، قالا جميعًا: حدّثنا سفيان، عن الأعمش، عن أبي ظبيان، عن ابن عبّاسٍ، قال أبو كريبٍ في حديثه عن الأشجعيّ: «لا يشبه شيءٌ ممّا في الجنّة ما في الدّنيا إلاّ الأسماء»، وقال ابن بشّارٍ في حديثه عن مؤمّلٍ قال: «ليس في الدّنيا ممّا في الجنّة إلاّ الأسماء».
- حدّثنا عبّاس بن محمّدٍ، قال: حدّثنا محمّد بن عبيدٍ، عن الأعمش، عن أبي ظبيان، عن ابن عبّاسٍ، قال: «ليس في الدّنيا من الجنّة شيءٌ إلاّ الأسماء».
- وحدّثني يونس بن عبد الأعلى، قال: أنبأنا ابن وهبٍ، قال: قال عبد الرّحمن بن زيدٍ في قوله: {وأتوا به متشابهًا} قال: « يعرفون أسماءه كما كانوا في الدّنيا، التّفّاح بالتّفّاح، والرّمّان بالرّمّان، قالوا في الجنّة: {هذا الّذي رزقنا من قبل} في الدّنيا {وأتوا به متشابهًا} يعرفونه، وليس هو مثله في الطّعم».
قال أبو جعفرٍ: وأولى هذه التّأويلات بتأويل الآية، تأويل من قال: {وأتوا به متشابهًا} في اللّون والمنظر، والطّعم مختلفٌ. يعني بذلك اشتباه ثمر الجنّة وثمر الدّنيا في المنظر واللّون، مختلفًا في الطّعم والذّوق؛ لما قدّمنا من العلّة في تأويل قوله: {كلّما رزقوا منها من ثمرةٍ رزقًا قالوا هذا الّذي رزقنا من قبل} وأنّ معناه: كلّما رزقوا من الجنّان من ثمرةٍ من ثمارها رزقًا قالوا: هذا الّذي رزقنا من قبل هذا في الدّنيا. فأخبر اللّه جلّ ثناؤه عنهم أنّهم قالوا ذلك من أجل أنّهم أتوا بما أتوا به من ذلك في الجنّة متشابهًا، يعني بذلك تشابه ما أتوا به في الجنّة منه والّذي كانوا رزقوه في الدّنيا في اللّون والمرأى والمنظر وإن اختلفا في الطّعم والذّوق فتباينا، فلم يكن لشيءٍ ممّا في الجنّة من ذلك نظيرٌ في الدّنيا.
وقد دلّلنا على فساد قول من زعم أنّ معنى قوله: {قالوا هذا الّذي رزقنا من قبل} إنّما هو قولٌ من أهل الجنّة في تشبيههم بعض ثمرات الجنّة ببعضٍ، وتلك الدّلالة على فساد ذلك القول هي الدّلالة على فساد قول من خالف قولنا في تأويل قوله: {وأتوا به متشابهًا} لأنّ اللّه جلّ ثناؤه إنّما أخبر عن المعنى الّذي من أجله قال القوم: {هذا الّذي رزقنا من قبل} بقوله: {وأتوا به متشابهًا}.
ويسأل من أنكر ذلك فيزعم أنّه غير جائزٍ أن يكون شيءٌ ممّا في الجنّة نظير الشّيء ممّا في الدّنيا بوجهٍ من الوجوه، فيقال له: أيجوز أن يكون أسماء ما في الجنّة من ثمارها وأطعمتها وأشربتها نظائر أسماء ما في الدّنيا منها؟
فإن أنكر ذلك خالف نصّ كتاب اللّه، لأنّ اللّه جلّ ثناؤه إنّما عرّف عباده في الدّنيا ما هو عتيد في الجنّة بالأسماء الّتي يسمّي بها ما في الدّنيا من ذلك.
وإن قال: ذلك جائزٌ، بل هو كذلك.
قيل: فما أنكرت أن يكون ألوان ما فيها من ذلك نظائر ألوان ما في الدّنيا منه بمعنى البياض والحمرة والصّفرة وسائر صنوف الألوان وإن تباينت فتفاضلت بفضل حسن المرآة والمنظر، فكان لما في الجنّة من ذلك من البهاء والجمال وحسن المرآة والمنظر خلاف الّذي لما في الدّنيا منه كما كان جائزًا ذلك في الأسماء مع اختلاف المسمّيات بالفضل في أجسامها؟ ثمّ يعكس عليه القول في ذلك، فلن يقول في أحدهما شيئًا إلاّ ألزم في الآخر مثله.
وكان أبو موسى الأشعريّ يقول في ذلك بما؛ حدّثني به ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا ابن أبي عديٍّ، وعبد الوهّاب، ومحمّد بن جعفرٍ، عن عوفٍ، عن قسامة، عن الأشعريّ، قال: «إنّ اللّه لمّا أخرج آدم من الجنّة زوّده من ثمار الجنّة، وعلّمه صنعة كلّ شيءٍ، فثماركم هذه من ثمار الجنّة، غير أنّ هذه تغيّر وتلك لا تتغيّر».
وقد زعم بعض أهل العربيّة أنّ معنى قوله: {وأتوا به متشابهًا} أنّه متشابهٌ في الفضل: أي كلّ واحدٍ منه له من الفضل في نحوه مثل الّذي للآخر في نحوه.
وليس هذا قولاً نستجيز التّشاغل بالدّلالة على فساده لخروجه عن قول جميع علماء أهل التّأويل، وحسب قولٍ بخروجه عن قول أهل العلم دلالةً على خطئه). [جامع البيان: 1 / 412 - 418]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ولهم فيها أزواجٌ مطهّرةٌ}.
قال أبو جعفرٍ: والهاء والميم اللّتان في لهم عائدتان على الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات، والهاء والألف اللّتان في فيها عائدتان على الجنّات. وتأويل ذلك: وبشّر الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات أنّ لهم جنّاتٍ فيها أزواجٌ مطهّرةٌ.
والأزواج جمع زوجٍ، وهي امرأة الرّجل يقال: فلانةٌ زوج فلانٍ وزوجته.
وأمّا قوله: {مطهّرةٌ} فإنّ تأويله أنّهنّ طهرن من كلّ أذًى وقذًى وريبةٍ، ممّا يكون في نساء أهل الدّنيا من الحيض والنّفاس والغائط والبول والمخاط والبصاق والمنيّ، وما أشبه ذلك من الأذى والأدناس والرّيب والمكاره.
- كما حدّثنا به، موسى بن هارون، قال: حدّثنا عمرو بن حمّادٍ، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، في خبرٍ ذكره عن أبي مالكٍ، وعن أبي صالحٍ، عن ابن عبّاسٍ، وعن مرّة، عن ابن مسعودٍ، وعن ناسٍ، من أصحاب النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: «أمّا {أزواجٌ مطهّرةٌ} فإنّهنّ لا يحضن ولا يحدثن ولا يتنخّمن».
- وحدّثني المثنّى، قال: حدّثنا عبد اللّه بن صالحٍ، قال: حدّثنا معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {أزواجٌ مطهّرةٌ} يقول: «مطهّرةٌ من القذر والأذى».
- حدّثنا محمّد بن بشّارٍ، قال: حدّثنا يحيى القطّان، عن سفيان، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: {ولهم فيها أزواجٌ مطهّرةٌ} قال: «لا يبلن ولا يتغوّطن ولا يمذين».
- وحدّثنا أحمد بن إسحاق الأهوازيّ، قال: حدّثنا أبو أحمد الزّبيريّ، قال: حدّثنا سفيان، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، نحوه، إلاّ أنّه زاد فيه: «ولا يمنين ولا يحضن».
- وحدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، عن عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: في قول اللّه: {ولهم فيها أزواجٌ مطهّرةٌ} قال: «مطهّرةٌ من الحيض والغائط والبول والنّخام والبزاق والمنيّ والولد».
- حدّثنا المثنّى بن إبراهيم، قال: حدّثنا سويد بن نصرٍ، قال: حدّثنا ابن المبارك، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ مثله.
- وحدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا الثّوريّ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، نحو حديث أحمد بن إسحاق، عن الزبيري، غير أنه زاد فيه: «ولا يلدن، ولا يبزقن».
- حدّثنا المثنّى، قال: حدّثنا أبو حذيفة، قال: حدّثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ نحو حديث محمّد بن عمرٍو، عن أبي عاصمٍ.
- حدّثنا بشر بن معاذٍ، قال: حدّثنا يزيد بن زريعٍ، عن سعيدٍ، عن قتادة: {ولهم فيها أزواجٌ مطهّرةٌ} «إي واللّه من الإثم والأذى».
- وحدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن قتادة في قوله: {ولهم فيها أزواجٌ مطهّرةٌ} قال: «طهّرهنّ اللّه من كلّ بولٍ وغائطٍ وقذرٍ، ومن كلّ مأثمٍ».
- حدّثت عن عمّار بن الحسن، قال: حدّثنا ابن أبي جعفرٍ، عن أبيه، عن قتادة، قال: «مطهّرةٌ من الحيض والحبل، والأذى».
- وحدّثت عن عمّار بن الحسن، قال: حدّثني ابن أبي جعفرٍ، عن أبيه، عن ليثٍ، عن مجاهدٍ، قال: «المطهّرة من الحيض والحبل».
- وحدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، عن عبد الرّحمن بن زيدٍ: {ولهم فيها أزواجٌ مطهّرةٌ} قال: «المطهّرة: الّتي لا تحيض؛ قال: وأزواج الدّنيا ليست بمطهّرةٍ، ألا تراهنّ يدمين ويتركن الصّلاة والصّيام؟»، قال ابن زيدٍ: «وكذلك خلقت حوّاء حتّى عصت، فلمّا عصت قال اللّه: إنّي خلقتك مطهّرةً وسآدميك كما آدميت هذه الشّجرة».
- وحدّثت عن عمّارٍ، قال: حدّثنا ابن أبي جعفرٍ، عن أبيه، عن الرّبيع، عن الحسن: في قوله: {ولهم فيها أزواجٌ مطهّرةٌ} قال: «يقول: مطهّرةٌ من الحيض».
- حدّثنا عمرو بن عليٍّ، قال: حدّثنا خالد بن يزيد، قال: حدّثنا أبو جعفرٍ الرّازيّ، عن الرّبيع بن أنسٍ، عن الحسن: في قوله: {ولهم فيها أزواجٌ مطهّرةٌ} قال: «من الحيض».
- وحدّثنا عمرٌو، قال: حدّثنا أبو معاوية، قال: حدّثنا ابن جريجٍ، عن عطاءٍ: قوله: {لهم فيها أزواجٌ مطهّرةٌ} قال: «من الولد والحيض والغائط والبول». وذكر أشياء من هذا النّحو). [جامع البيان: 1 / 419 - 422]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وهم فيها خالدون}.
يعني تعالى ذكره بذلك: والّذين آمنوا وعملوا الصّالحات في الجنّات خالدون، فالهاء والميم من قوله {وهم} عائدةٌ على الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات، والهاء والألف في فيها على الجنّات، وخلودهم فيها: دوام بقائهم فيها على ما أعطاهم اللّه فيها من الحبرة والنّعيم المقيم). [جامع البيان: 1 / 422]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): ( {وبشّر الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات أنّ لهم جنّاتٍ تجري من تحتها الأنهار كلّما رزقوا منها من ثمرةٍ رزقًا قالوا هذا الّذي رزقنا من قبل وأتوا به متشابهًا ولهم فيها أزواجٌ مطهّرةٌ وهم فيها خالدون (25) }
قوله تعالى: {وبشّر الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات أنّ لهم جنّاتٌ تجري من تحتها الأنهار}
- حدّثنا أبو زرعة ثنا يحيى بن عبد اللّه بن بكيرٍ حدّثني عبد اللّه بن لهيعة حدّثني عطاء بن دينارٍ عن سعيد بن جبيرٍ في قول اللّه: {وبشّر الّذين آمنوا} يقول: «بشّرهم بالنّصر في الدّنيا، والجنّة في الآخرة».). [تفسير القرآن العظيم: 1 / 65]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله: {الّذين آمنوا}
- حدّثنا أبي ثنا نصر بن عليٍّ، أخبرني أبي عن خالد بن قيسٍ عن قتادة في قوله: (المؤمن) قال:« يعني الّذي آمن بكتابه». ). [تفسير القرآن العظيم: 1 / 65]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله: {وعملوا الصّالحات}
- حدّثنا أبي ثنا إبراهيم بن موسى ثنا هشام بن يوسف عن ابن جريجٍ قال: وقال عطاءٌ: عن ابن عبّاسٍ قال: «أعمال الصّالحة: سبحان اللّه، والحمد للّه، ولا إله إلا اللّه واللّه أكبر».). [تفسير القرآن العظيم: 1 / 65]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله: {لهم جنّاتٍ تجري من تحتها الأنهار}
- قرئ على الرّبيع بن سليمان: ثنا أسد بن موسى ثنا ابن ثوبان عن عطاء بن قرّة عن عبد اللّه بن ضمرة عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «أنهار الجنّة تفجر من تحت تلالٍ، أو من تحت جبال المسك».
- حدّثنا أبو بكر بن أبي موسى الأنصاريّ ثنا هارون بن حاتمٍ ثنا عبد الرّحمن ابن أبي حمّادٍ عن أسباطٍ عن السّدّيّ عن أبي مالكٍ: قوله: {تجري من تحتها الأنهار} «يعني المساكن تجري أسفلها أنهارها».
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ ثنا وكيعٌ عن الأعمش عن عبد اللّه بن مرّة عن مسروقٍ قال: قال عبد اللّه: «أنهار الجنّة تفجّر من جبل المسك». ). [تفسير القرآن العظيم: 1 / 65 - 66]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله: {كلّما رزقوا منها من ثمرةٍ رزقًا}
[الوجه الأوّل]
- حدّثنا عصام بن روّادٍ ثنا آدم ثنا أبو جعفرٍ عن الرّبيع عن أبي العالية- يعني {كلّما رزقوا منها من ثمرةٍ رزقا} قال: «كلما أتوا منه بشيء، ثم أتوا بآخر قالوا هذا الّذي أوتينا من قبل».
الوجه الثّاني:
- حدّثنا المنذر بن شاذان ثنا هوذة ثنا عوفٌ عن عليّ بن زيدٍ قال: {كلّما رزقوا منها من ثمرةٍ رزقًا} قال:« يعني به ما رزقوا به من فاكهة الدّنيا قبل الجنّة». ). [تفسير القرآن العظيم: 1 / 66]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله تعالى: {قالوا هذا الّذي رزقنا من قبل}
- حدّثنا أبو زرعة ثنا عمرو بن حمّادٍ ثنا أسباطٌ عن السّدّيّ: «أمّا قوله: {هذا الّذي رزقنا من قبل} فإنّهم أتوا بالتّمرة في الجنّة فلمّا نظروا إليها قالوا هذا الّذي رزقنا من قبل من الدّنيا».
- حدّثنا الحسن بن محمّد بن الصّبّاح ثنا شبابة ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيحٍ عن مجاهدٍ: {كلّما رزقوا منها من ثمرةٍ رزقًا قالوا هذا الّذي رزقنا من قبل} «يقولون ما أشبهه به، يقول من كلّ صنفٍ مثلٌ».
- حدّثني أبو عبد اللّه الطّهرانيّ أنبأ حفص بن عمر العدنيّ ثنا الحكم بن أبان عن عكرمة في قوله: {هذا الّذي رزقنا من قبل} قال:«معناه مثل الّذي كان بالأمس».
وروي عن قتادة والرّبيع بن أنسٍ نحو ذلك). [تفسير القرآن العظيم: 1 / 66]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله: {وأتوا به متشابهًا}
- حدّثنا أحمد بن سنانٍ الواسطيّ ثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي ظبيان عن ابن عبّاسٍ قال: «ليس في الجنّة شيءٌ يشبه ما في الدّنيا إلا الأسماء».
- حدّثنا أبي ثنا سعيد بن سليمان ثنا عامر بن يسافٍ عن يحيى بن أبي كثيرٍ قال: «عشب الجنّة الزّعفران، وكثبانها المسك، ويطوف عليهم الولدان بالفواكه فيأكلونها ثمّ يؤتون بمثلها فيقول لهم أهل الجنّة: هذا الّذي آتيتمونا به آنفًا. فيقول لهم الولدان: كلوا فإنّ اللّون واحدٌ، والطّعم مختلفٌ. وهو قول اللّه: {وأتوا به متشابهًا}».
- حدّثنا عصام بن روّادٍ ثنا آدم ثنا أبو جعفرٍ عن الرّبيع عن أبي العالية: {وأتوا به متشابهًا} «يشبه بعضه بعضًا»، ويختلف في الطّعم. وروي عن مجاهدٍ والضّحّاك والرّبيع بن أنسٍ والسّدّيّ نحو ما حكينا عن أبي العالية.
- أخبرنا العبّاس بن الوليد بن مزيدٍ قراءةً أخبرنا ابن شعيبٍ- يعني محمّد بن شعيب بن شابور- أخبرني سعيد بن بشيرٍ عن قتادة
أنّه حدّثهم عن قول اللّه: {وأتوا به متشابهًا}يقول: «شبه ثمار الدّنيا، وهي خيارٌ كلّها ليس يرذل منها شيءٌ».- وروي عن عكرمة نحو قول ابن عبّاسٍ). [تفسير القرآن العظيم: 1 / 66 - 67]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله: {ولهم فيها أزواجٌ مطهّرةٌ}
- حدّثنا أبي ثنا أبو صالحٍ حدّثني معاوية بن صالحٍ عن عليّ بن أبي طلحة عن ابن عبّاسٍ {أزواجٌ مطهّرةٌ} يقول: «مطهّرةٌ من القذر والأذى».
- حدّثنا الحسن بن محمّد بن الصّبّاح ثنا شبابة ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيحٍ عن مجاهدٍ في قوله: {أزواجٌ مطهّرةٌ} قال: «مطهّرةٌ من الحيض والغائط والبول والنّخام والبزاق والمنيّ والولد».
- حدّثنا الحسن بن محمّد بن الصّبّاح ثنا عبد الوهّاب بن عطاءٍ عن سعيدٍ وأبان عن قتادة: {لهم فيها أزواجٌ مطهّرةٌ} قال: «مطهّرةٌ من الأذى والمأثم».
- حدّثنا أبي ثنا ابن نفيل خليدٌ عن قتادة: {أزواجٌ مطهّرةٌ} قال: «لا حيض، ولا كلف»، قال أبو محمّدٍ: وروي عن عطاءٍ والحسن والضّحّاك وأبي صالحٍ وعطيّة والسّدّيّ نحو ما تقدّم من التفسير). [تفسير القرآن العظيم: 1 / 67]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله: {وهم فيها خالدون}
- حدّثنا محمّد بن يحيى أنبأ أبو غسّان ثنا سلمة بن الفضل عن محمّدٍ- يعني ابن إسحاق- قال فيما حدّثني محمّد بن أبي محمّدٍ عن عكرمة أو سعيد بن جبيرٍ عن ابن عبّاسٍ: {وهم فيها خالدون} «أي خالدون أبدًا، يخبرهم أنّ الثّواب بالخير والشّرّ مقيمٌ على أهله أبدًا لا انقطاع له».
- حدّثنا أبو زرعة ثنا يحيى بن عبد اللّه بن بكيرٍ حدّثني عبد اللّه بن لهيعة حدّثني عطاء بن دينارٍ عن سعيد بن جبيرٍ في قول اللّه: {وهم فيها خالدون} « يعني: لا يموتون».). [تفسير القرآن العظيم: 1 / 68]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله: {الذي رزقنا من قبل} يقول: «ما أشبهه به يقول من كل صنف مثل».). [تفسير مجاهد: 71]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله: {وأتوا به متشابها} قال:«خيار أيضا»، وفي قوله: {ولهم فيها أزواج مطهرة} قال:«طهرن من الحيض والغائط والبول والبزاق والنخامة والمني والولد».). [تفسير مجاهد: 71 - 72]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم نا آدم قال ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله: {وأتوا به متشابها} قال: «خيار أيضا».). [تفسير مجاهد: 73]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: {وبشر الذين أمنوا وعملوا الصالحات أن لهم جنات تجري من تحتها الأنهار كلما رزقوا منها من ثمرة رزقا قالوا هذا الذي رزقنا من قبل وأتوا به متشابها ولهم فيها أزواج مطهرة وهم فيها خالدون}
أخرج ابن ماجه، وابن أبي الدنيا في صفة الجنة ة البزار، وابن أبي حاتم، وابن حبان، وابن أبي داود والبيهقي كلاهما في البعث وأبو الشيخ في العظمة، وابن مردويه عن أسامة ابن زيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ألا هل مشمر للجنة فإن للجنة لا خطر لها هي ورب الكعبة نور يتلألأ وريحانة تزهر وقصر مشيد ونهر مطرد وثمرة نضيجة وزوجة حسناء جميلة وحلل كثيرة ومقام في أبد في فاكهة دار سليمة وفاكهة خضرة وخيرة ونعمة في محلة عالية بهية»، قالوا: نعم يا رسول الله قال: «قولوا إن شاء الله»، قال القوم: إن شاء الله.
وأخرج أحمد، وعبد بن حميد في مسنده والترمذي، وابن حبان في صحيحه والبيهقي في البعث عن أبي هريرة قال: قلنا يا رسول الله حدثنا عن الجنة ما بناؤها، قال: «لبنة من ذهب ولبنة من فضة وحصباؤها اللؤلؤ والياقوت وملاطها المسك وترابها الزعفران من يدخلها ينعم لا ييأس ويخلد لا يموت، لا تبلى ثيابه ولا يفنى شبابه».
وأخرج ابن أبي شيبة، وابن أبي الدنيا والطبراني، وابن مردويه عن ابن عمر قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الجنة كيف هي؟ قال: «من يدخل الجنة يحيا لا يموت وينعم لا ييأس، لا تبلى ثيابه ولا يفنى شبابه»، قيل يا رسول الله كيف بناؤها؟ قال: «لبنة من ذهب ولبنة من فضة وملاطها مسك أذفر وحصباؤها اللؤلؤ والياقوت وترابها الزعفران».
أخرج البزار والبيهقي في البعث عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن حائط الجنة لبنة من ذهب ولبنة من فضة ومجامرهم الألوه وأمشاطهم الذهب ترابها زعفران وطيبها مسك».
وأخرج ابن المبارك في الزهد، وابن أبي الدنيا في صفة الجنة عن أبي هريرة قال: «حائط الجنة لبنة من ذهب ولبنة من فضة ودرمها اللؤلؤ والياقوت ورضاضها اللؤلؤ وترابها الزعفران».
وأخرج ابن أبي الدنيا عن أبي هريرة عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «أرض الجنة بيضاء عرصتها صخور الكافور وقد أحاط به المسك مثل كثبان الرمل فيها أنهار مطردة، فيجتمع أهل الجنة أولهم وآخرهم يتعارفون فيبعث الله عليهم ريح الرحمة فتهيج عليهم المسك فيرجع الرجل إلى زوجه وقد ازداد حسنا وطيبا فتقول: لقد خرجت من عندي وأنا بك معجبة وأنا بك الآن أشد إعجابا».
وأخرج أبو نعيم عن سعيد بن جبير قال: «أرض الجنة فضة».
وأخرج البزار والطبراني، وابن مردويه والبيهقي في البعث عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله أحاط حائط الجنة لبنة من ذهب ولبنة من فضة ثم شقق فيها الأنهار وغرس فيها الأشجار فلما نظرت الملائكة إلى حسنها وزهرتها قالت: طوباك منازل الملوك».
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد ومسلم عن أبي سعيد، أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم سأله ابن صائد عن تربة الجنة، فقال: «درمكة بيضاء مسك خالص».
وأخرج ابن أبي الدنيا في صفة الجنة وأبو الشيخ في العظمة عن أبي زميل، أنه سأل ابن عباس ما أرض الجنة؟ قال: «مرمرة بيضاء من فضة كأنها مرآة»، قال: ما نورها؟ قال: «ما رأيت الساعة التي يكون فيها طلوع الشمس فذلك نورها إلا أنه ليس فيها شمس ولا زمهرير»، قال: فما أنهارها أفي أخدود؟ قال: «لا ولكنها نقيض على وجه الأرض لا تفيض ههنا ولا ههنا »، قال: فمن حللها؟ قال: «فيها الشجر الثمر كأنه الرمان فإذا أراد ولي الله منها كسوة انحدرت إليه من أغصانها فانفلقت له من سبعين حلة ألوانا بعد ألوان ثم لتطبق فترجع كما كانت».
وأخرج الطبراني عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «خلق الله جنة عدن بيده وذلل فيها ثمارها وشق فيها أنهارها ثم نظر إليها فقال لها تكلمي فقالت {قد أفلح المؤمنون} [المؤمنون الآية 1] فقال وعزتي وجلالي لا يجاورني فيك بخيل».
وأخرج البزار عن ابن عباس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن الله خلق جنة عدن بيضاء.
وأخرج أحمد والبخاري ومسلم والترمذي، وابن ماجه عن سهل بن سعد الساعدي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «موضع سوط في الجنة خير من الدنيا وما فيها».
وأخرج أحمد والبخاري ومسلم عن أبي هريرة قال: قال رسول صلى الله عليه وسلم: «الله لقاب قوس أحدكم في الجنة خير مما طلعت عليه الشمس أو تغرب».
وأخرج ابن أبي شيبة وهناد بن السري في الزهد، وابن ماجه عن أبي سعيد عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «الشبر في الجنة خير من الدنيا وما فيها».
وأخرج الترمذي، وابن أبي الدنيا عن سعد بن أبي وقاص عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم: « لو أن ما يقل ظفر مما في الجنة بدا لتزخرفت له مابين خوافق السموات والأرض ولو أن رجلا من أهل الجنة اطلع فبدا أساوره لطمس ضوء الشمس كما تطمس الشمس ضوء النجوم».
وأخرج البخاري عن أنس قال: أصيب حارثة يوم بدر فجاءت أمه فقالت: يا رسول الله قد علمت منزلة حارثة مني فإن يكن في الجنة صبرت وإن يكن غير ذلك ترى ما أصنع، فقال: «إنها ليست بجنة واحدة إنها جنان كثيرة وإنه في الفردوس الأعلى».
وأخرج الترمذي وحسنه والحاكم وصححه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من خاف أدلج ومن أدلج بلغ المنزل إلا إن سلعة الله غالية».
وأخرج الحاكم عن أبي كعب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من خاف ادلج ومن ادلج بلغ المنزل، إلا إن سلعة الله غالية إلا أن سلعة الله الجنة، جاءت الراجفة تتبعها الرادفة جاء الموت بما فيه».
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي هريرة قال: «والذي أنزل الكتاب على محمد صلى الله عليه وسلم إن أهل الجنة ليزدادون حسنا وجمالا كما يزدادون في الدنيا قباحة وهرما».). [الدر المنثور: 1 / 195 - 202]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أما قوله تعالى: {تجري من تحتها الأنهار}.
أخرج ابن أبي حاتم، وابن حبان والطبراني والحاكم، وابن مردويه والبيهقي في البعث عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أنهار الجنة تفجر من تحت جبال مسك».
وأخرج ابن أبي شيبة، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ بن حبان في التفسير والبيهقي في البعث وصححه عن ابن مسعود قال: «إن أنهار الجنة تفجر من جبل مسك».
وأخرج أحمد مسلم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «سيحان وجيحان والفرات والنيل كل من أنهار الجنة».
وأخرج ابن أبي الدنيا في صفة الجنة عن ابن عباس قال: «إن في الجنة نهرا يقال له البيدخ عليه قباب من ياقوت تحته جوار نابتات يقول: أهل الجنة انطلقوا بنا إلى البيدخ فيجيئون فيتصفحون تلك الجواري فإذا أعجب رجل منهم بجارية مس معصمها فتبعته وتنبت مكانها أخرى».
وأخرج أحمد، وعبد بن حميد في مسنده والنسائي وأبو يعلى والبيهقي في الدلائل والضياء المقدسي في صفة الجنة وصححه عن أنس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم تعجبه الرؤيا الحسنة فجاءت امرأة فقالت: يا رسول الله رأيت في المنام كأني أخرجت فأدخلت الجنة فسمعت وجبة التجت لها الجنة فإذا أنا بفلان وفلان حتى عدت اثني عشر رجلا وقد بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية قبل ذلك فجيء بهم عليهم ثياب طلس تشخب أوداجهم فقيل: اذهبوا بهم إلى نهر البيدخ فغمسوا فيه فخرجوا ووجوههم كالقمر ليلة البدر وأتوا بكراسي من ذهب فقعدوا عليها وجيء بصحفة من ذهب فيها بسرة فأكلوا من بسره ما شاؤا فما يقبلونها لوجهة إلا أكلوا من فاكهة ما شاؤا فجاء البشير فقال: يا رسول الله كان كذا وكذا، وأصيب فلان وفلان حتى عد اثني عشر رجلا فقال: «علي بالمرأة»، فجاءت فقال: «قصي رؤياك على هذا»، فقال الرجل: هو كما قالت أصيب فلان وفلان.
وأخرج البيهقي في البعث عن أبي هريرة قال: «إن في الجنة نهرا طول الجنة حافتاه العذارى قيام متقابلات يغنين بأحسن أصوات يسمعها الخلائق حتى ما يرون أن في الجنة لذة مثلها»، قلنا: يا أبا هريرة وما ذاك الغناء قال: «إن شاء الله التسبيح والتحميد والتقديس وثناء على الرب».
وأخرج أحمد بن حنبل في الزهد والدارقطني في المديح عن المعتمر بن سليمان قال: «إن في الجنة نهرا ينبت الحواري الأبكار».
وأخرج ابن عساكر في تاريخه عن أنس مرفوعا: «في الجنة نهر يقال له الريان عليه مدينة من مرجان لها سبعون ألف باب من ذهب وفضة لحامل القرآن».
وأخرج ابن المبارك، وابن أبي شيبة وهناد، وابن جرير، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والبيهقي في البعث عن مسروق قال: «أنهار الجنة تجري في غير أخدود ونخل الجنة نضيد من أصلها إلى فرعها، وثمرها أمثال القلال كلما نزعت ثمرة عادت مكانها أخرى والعنقود اثنا عشر ذراعا».
وأخرج ابن مردويه وأبو نعيم والضياء المقدسي كلاهما في صفة الجنة عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « لعلكم تظنون أن أنهار الجنة أخدود في الأرض لا، والله إنها لسائحة على وجه الأرض افتاه خيام اللؤلؤ وطينها المسك الأذفر»، قلت: يا رسول الله ما الأذفر؟ قال: «الذي لا خلط معه».
وأخرج ابن أبي الدنيا، وابن مردويه والضياء عن أبي موسى عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: « إن أنهار الجنة تشخب من جنة عدن في حوبة ثم تصدع بعد أنهارا».). [الدر المنثور: 1 / 202 - 206]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأما قوله تعالى {كلما رزقوا منها} الآية.
وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود وناس من الصحابة في قوله {كلما رزقوا منها من ثمرة رزقا} قال: «أتوا بالثمرة في الجنة فينظروا إليها فقالوا {هذا الذي رزقنا من قبل} في الدنيا وأتوا به متشابها اللون والمرأى وليس يشبه الطعم».
وأخرج عبد بن حميد عن علي بن زيد {كلما رزقوا منها من ثمرة رزقا قالوا هذا الذي رزقنا من قبل} «يعني به ما رزقوا به من فاكهة الدنيا قبل الجنة».
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن جرير، وابن الأنباري في كتاب الأضداد عن قتادة في قوله: {هذا الذي رزقنا من قبل} «أي في الدنيا»، {وأتوا به متشابها} قال: « يشبه ثمار الدنيا غير أن ثمر الجنة أطيب».
وأخرج مسدد وهناد في الزهد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والبيهقي في البعث عن ابن عباس قال: «ليس في الدنيا مما في الجنة شيء إلا الأسماء».
وأخرج الديلمي عن عمر سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «في طعام العرس مثقال من ريح الجنة».
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة في قوله: {هذا الذي رزقنا من قبل} قال: «قولهم من قبل معناه، مثل الذي كان بالأمس».
وأخرج ابن جرير عن يحيى بن كثير قال: «يؤتى أحدهم بالصحفة فيأكل منها ثم يؤتى بأخرى فيقول: هذا الذي أتينا به من قبل فيقول الملك: كل اللون واحد والطعم مختلف».
وأخرج وكيع وعبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير عن مجاهد في قوله: {وأتوا به متشابها} قال: «متشابها في اللون مختلفا في الطعم، مثل الخيار من القثاء».
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن قتادة في قوله: {وأتوا به متشابها} قال: ».«خيارا كله لا رذل فيه».«.
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن الحسن في قوله: {وأتوا به متشابها} قال: «خيار كله يشبه بعضه بعضا لا رذل فيه ألم تر إلى ثمار الدنيا كيف ترذلون بعضه».
وأخرج البزار والطبراني عن ثوبان، أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لا ينزع رجل من أهل الجنة من ثمره إلا أعيد في مكانها مثلاها».
وأخرج ابن عساكر في تاريخه من طريق ابن حيوة عن خالد بن يزيد بن معاوية ابن أبي سفيان قال: بينا أسير في أرض الجزيرة إذ مررت برهبان وقسيسين وأساقفة فسلمت فردوا السلام فقلت: أين تريدون فقالوا: نريد راهبا في هذا الدير نأتيه في كل عام فيخبرنا بما يكون في ذلك العام لمثله من قابل فقلت: لآتين هذا الراهب فلأنظرن ما عنده - وكنت معنيا بالكتب - فأتيته وهو على باب ديره فسلمت فرد السلام ثم قال: ممن أنت فقلت: من المسلمين قال: أمن أمة محمد فقلت: نعم، فقال: من علمائهم أنت أم من جهالهم قلت: ما أنا من علمائهم ولا من
جهالهم قال: فإنكم تزعمون أنكم تدخلون الجنة فتأكلون من طعامها وتشربون من شرابها ولا تبولوا ولا تتغوطون قلت: نحن نقول ذلك وهو كذلك قال: فإن له مثلا في الدنيا فأخبرني ما هو قلت: مثله كمثل الجنين في بطن أمه إنه يأتيه رزق الله ولا يبول ولا يتغوط، قال: فتربد وجهه ثم قال لي: أما أخبرتني أنك لست من علمائهم قلت: ما كذبتك قال: فإنكم تزعمون أنكم تدخلون الجنة فتأكلون من طعامها وتشربون من شرابها ولا ينقص ذلك منها شيئا قلت: نحن نقول ذلك وهو كذلك قال: فإن له مثلا في الدنيا فأخبرني ما هو قلت: مثله في الدنيا كمثل الحكمة لو تعلم منها الخلق أجمعون لم ينقص ذلك منها شيئا فتربد وجهه ثم قال: أما أخبرتني أنك لست من علمائهم قلت: وما كذبتك ما أنا من علمائهم ولا من جهالهم.
وأخرج الحاكم، وابن مردويه وصححه عن أبي سعيد الخدري عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم في قوله: {ولهم فيها أزواج مطهرة} قال: «من الحيض والغائط والنخامة والبزاق».
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن المنذر عن ابن عباس في قوله: {ولهم فيها أزواج مطهرة} قال: «من القذر والأذى».
وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود في قوله: {ولهم فيها أزواج مطهرة} قال: «لا يحضن ولا يحدثن ولا يتنخمن».
وأخرج وكيع وعبد الرزاق وهناد في الزهد، وعبد بن حميد، وابن جرير عن مجاهد في قوله: {ولهم فيها أزواج مطهرة} قال: «من الحيض والغائط والبول والمخاط والنخامة والبزاق والمني والولد».
وأخرج وكيع وهناد عن عطاء في قوله: {ولهم فيها أزواج مطهرة} قال: «لا يحضن ولا يمنين ولا يلدن ولا يتغوطن ولا يبلن ولا يبزقن».
وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير عن قتادة في قوله: {ولهم فيها أزواج مطهرة} قال: «طهرهن الله من كل بول وغائط وقذر ومآثم».
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والبخاري ومسلم، وابن ماجه والبيهقي في البعث عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « أول زمرة تلج الجنة صورتهم على صورة القمر ليلة البدر لا يبصقون فيها ولا يتمخطون ولا يتغوطون آنيتهم وأمشاطهم من الذهب والفضة ومجامرهم من الألوة ورضخهم المسك ولكل واحد مهم زوجتان يرى مخ ساقها من وراء اللحم من الحسن لا اختلاف بينهم ولا تباغض قلوبهم على قلب رجل واحد يسبحون الله بكرة وعشيا».
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والترمذي وصححه والبيهقي في البعث عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أول زمرة تدخل الجنة وجوههم كالقمر ليلة البدر، والزمرة الثانية أحسن كوكب دري في السماء لكل امرئ زوجتان على كل زوجة سبعون حلة يرى مخ ساقهن من وراء الحلل».
وأخرج أحمد والترمذي عن أبي سعيد الخدري، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن أدنى أهل الجنة منزلة الذي له ثمانون ألف خادم واثنتان وسبعون زوجة ومنصب له قبة من لؤلؤ وياقوت وزبرجد كما بين الجابية وصنعاء».
وأخرج أحمد والبخاري ومسلم والبيقهي في النعت عن أبي هريرة أنهم تذاكروا الرجال أكثر في الجنة أم النساء فقال: «ألم يقل رسول الله صلى الله عليه وسلم ما في الجنة أحد إلا له زوجتان، إنه ليرى مخ ساقهما من وراء سبعين حلة ما فيها عزب».
وأخرج الترمذي وصححه والبزار عن أنس عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «يزوج العبد في الجنة سبعين زوجة فقيل: يا رسول الله يطيقها قال: يعطى قوة مائة».
وأخرج ابن السكن في المعرفة، وابن عساكر في تاريخه عن حاطب بن أبي بلتعة سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: « يزوج المؤمن في الجنة اثنتين وسبعين زوجة من نساء الآخرة واثنتين من نساء الدنيا».
وأخرج ابن ماجه، وابن عدي في الكامل والبيهقي في البعث عن أبي أمامة الباهلي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما من أحد يدخله الله الجنة إلا زوجه اثنتين وسبعين زوجة، اثنتين من الحور العين وسبعين من ميراثه من أهل الجنة ما منهن واحدة إلا ولها قبل شهي وله ذكر لا ينثني».
وأخرج أحمد عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن أدنى أهل الجنة منزلة من له سبع درجات وهو على السادسة وفوقه السابعة وإن له لثلاثمائة خادم ويغدى عليه كل يوم ويراح بثلاثمائة صحفة من ذهب في كل صحفة لون ليس في الأخرى وأنه ليلذ أوله كما يلذ آخره وأنه ليقول: يا رب لو أذنت لي لأطعمت أهل الجنة وسقيتهم لم ينقص مما عندي شيء وإن له من الحور العين لاثنتين وسبعين زوجة وإن الواحدة منهن لتأخذ مقعدتها قدر ميل من الأرض».
وأخرج البيهقي في البعث عن أبي عبد الله بن أبي أوفى قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يزوج كل رجل من أهل الجنة بأربعة آلاف بكر وثمانية آلاف أيم ومائة حوراء، فيجتمعن في كل سبعة أيام فيقلن بأصوات حسان لم يسمع الخلائق بمثلهن: نحن الخالدات فلا نبيد ونحن الناعمات فلا نبأس ونحن الراضيات فلا نسخط ونحن المقيمات فلا نظعن طوبى لمن كان لنا وكنا له».
وأخرج أحمد والبخاري عن أنس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «غدوة في سبيل الله أو روحة خير من الدنيا وما فيها ولقاب قوس أحدكم في الجنة خير من الدنيا وما فيها ولو أن امرأة من نساء أهل الجنة اطلعت إلى الأرض لأضاءت ما بينهما ولملأت ما بينهما ريحا ولنصيفها على رأسها - يعني الخمار - خير من الدنيا وما فيها».
وأخرج ابن أبي الدنيا في صفة الجنة عن ابن عباس، «لو أن امرأة من نساء أهل الجنة بصقت في سبعة أبحر كانت تلك الأبحر أحلى من العسل».
وأخرج أحمد في الزهد عن عمر بن الخطاب، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لو اطلعت امرأة من نساء أهل الجنة إلى الأرض لملأت الأرض ريح مسك».
وأخرج ابن أبي شيبة وهناد بن السري عن كعب قال: «لو أن امرأة من أهل الجنة اطلعت كفها لأضاء ما بين السماء والأرض».
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد وهناد بن السري في الزهد والنسائي، وعبد بن حميد في مسنده، وابن المنذر، وابن أبي حاتم قال: جاء رجل من أهل الكتاب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يا أبا القاسم تزعم أن أهل الجنة يأكلون ويشربون فقال: «والذي نفسي بيده إن الرجل ليؤتى قوة مائة رجل منكم، في الأكل والشرب والجماع والشهوة»، قال: فإن الذي يأكل ويشرب يكون له الحاجة والجنة طاهرة ليس فيها قذر ولا أذى فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «حاجتهم عرق يفيض مثل ريح مسك فإذا كان ذلك ضمر له بطنه».
وأخرج أبو يعلى والطبراني، وابن عدي في الكامل والبيهقي في البعث عن أبي أمامة إن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم: هل تتناكح أهل الجنة فقال: «دحاما دحاما، لا مني ولا منية».
وأخرج البزار والطبراني والخطيب والبغدادي في تاريخه عن أبي هريرة قال: قيل يا رسول الله هل نصل إلى نسائنا في الجنة فقال: « إن الرجل ليصل في اليوم إلى مائة عذراء».
وأخرج أبو يعلى والبيهقي في البعث عن ابن عباس قال: قيل يا رسول الله أنفضي إلى نسائنا في الجنة كما نفضي إليهن في الدنيا، قال: «والذي نفس محمد بيده إن الرجل ليفضي في الغداة الواحدة إلى مائة عذراء».
وأخرج ابن أبي حاتم والطبراني عن أبي أمامة قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم يتناكح أهل الجنة فقال: «نعم، بفرج لا يمل وذكر لا ينثني وشهوة لا تنقطع دحما دحما».
وأخرج عبد بن حميد، وابن أبي الدنيا والبزار عن أبي هريرة قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم هل تمس أهل الجنة أزواجهم، قال: « نعم، بذكر لا يمل وفرج لا يحفى وشهوة لا تنقطع».
وأخرج الحرث بن أبي أسامة، وابن أبي حاتم عن سليم بن عامر والهيثم الطائي أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم سئل عن البضع في الجنة، قال: «نعم بقبل شهي وذكر لا يمل وإن الرجل ليتكئ فيها المتكأ مقدار أربعين سنة لا يتحول عنه ولا يمله يأتيه فيه ما اشتهت نفسه ولذت عينه».
وأخرج البيهقي في البعث، وابن عساكر في تاريخه عن خارجة العذري قال: سمعت رجلا بتبوك قال: يا رسول الله أيباضع أهل الجنة، قال: «يعطى الرجل منهم من القوة في اليوم الواحد أفضل من سبعين منكم».
وأخرج الطبراني عن زيد بن أرقم، أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «إن البول والجنابة عرق يسيل من تحت ذوائبهم إلى أقدامهم مسك».
وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد والأصبهاني في الترغيب عن أبي الدرداء قال: «ليس في الجنة مني ولا منية إنما يدحمونهن دحما».
وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، عن طاووس قال: «أهل الجنة ينكحون النساء ولا يلدن ليس فيها مني ولا منية».
وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد عن عطاء الخراساني، مثله.
وأخرج وكيع وعبد الرزاق وهناد، وابن أبي شيبة، وعبد بن حميد عن إبراهيم النخعي قال: «في الجنة جماع ما شئت ولا ولد قال: فيلتفت فينظر النظرة فتنشأ له الشهوة ثم ينظر النظرة فتنشأ له شهوة أخرى.».
وأخرج الضياء المقدسي في صفة الجنة عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه سئل أنطأ في الجنة، قال: «نعم، والذي نفسي بيده دحما دحما، فإذا قام عنها رجعت مطهرة بكرا».
وأخرج البزار والطبراني في الصغير وأبو الشيخ في العظمة عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أهل الجنة إذا جامعوا نساءهم عادوا أبكارا».
وأخرج عبد بن حميد وأحمد بن حنبل في زوائد الزهد، وابن المنذر عن عبد الله ابن عمرو قال: «إن المؤمن كلما أراد زوجته وجدها بكرا».
وأخرج ابن أبي شيبة عن سعيد بن جبير قال: «طول الرجل من أهل الجنة تسعون ميلا، وطول المرأة ثلاثون ميلا، ومقعدتها جريب وإن شهوته لتجري في جسدها سبعين عاما تجد اللذة».
وأخرج أحمد والترمذي وحسنه، وابن ماجه، وابن أبي داود في البعث عن معاذ ابن جبل عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «لا تؤذي امرأة زوجها في الدنيا إلا قالت زوجته من الحور العين: قاتلك الله فإنما هو عندك دخيل يوشك أن يفارقك إلينا».). [الدر المنثور: 1 / 206 - 221]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أما قوله تعالى: {وهم فيها خالدون}
أخرج ابن إسحاق، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {وهم فيها خالدون} «أي خالدون أبدا، يخبرهم أن الثواب بالخير والشر مقيم على أهله لا انقطاع له».
وأخرج أحمد، وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله: {وهم فيها خالدون} «يعني لا يموتون».
وأخرج الطستي في مسائله عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له: أخبرني عن قوله عز وجل: {وهم فيها خالدون} قال: «ماكثون لا يخرجون منها أبدا»، قال: وهل تعرف العرب ذلك؟ قال: «نعم، أما سمعت قول عدي بن زيد:

فهل من خالد إما هلكنا ....... وهل بالموت يا للناس عار».

وأخرج عبد بن حميد والبخاري ومسلم، وابن مردويه عن عمر عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «يدخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار، ثم يقول مؤذن بينهم: يا أهل النار لا موت ويا أهل الجنة لا موت كل خالد فيما هو فيه».
وأخرج البخاري عن أبي هريرة قال: قال النّبيّ صلى الله عليه وسلم: «يقال لأهل الجنة خلود ولا موت ولأهل النار خلود ولا موت».
وأخرج عبد بن حميد، وابن ماجه والحاكم وصححه، وابن مردويه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يؤتى بالموت في هيئة كبش أملح فيوقف على الصراط فيقال: يا أهل الجنة، فيطلعون خائفين وجلين مخافة أن يخرجوا مما هم فيه فيقال: تعرفون هذا فيقولون: نعم هذا الموت فيقال: يا أهل النار، فيطلعون مستبشرين فرحين أن يخرجوا مما هم فيه، فيقال: أتعرفون هذا فيقولون: نعم، هذا الموت، فيؤمر به فيذبح على الصراط فيقال للفريقين: خلود فيما تجدون لا موت فيها أبدا».
وأخرج الطبراني والحاكم وصححه عن معاذ بن جبل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثه إلى اليمن فلما قدم عليهم قال: «يا أيها الناس إني رسول الله إليكم إن المرد إلى الله إلى جنة أو نار خلود بلا موت وإقامة بلا ظعن وأجساد لا تموت».
وأخرج الطبراني، وابن مردويه وأبو نعيم عن ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لو قيل لأهل النار ماكثون في النار عدد كل حصاة في الدنيا لفرحوا بها ولو قيل لأهل الجنة إنكم ماكثون عدد كل حصاة لحزنوا ولكن جعل لهم الأبد».). [الدر المنثور: 1 / 221 - 223]


رد مع اقتباس