عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 5 ربيع الأول 1440هـ/13-11-2018م, 12:49 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَإِنْ يَرَوْا كِسْفًا مِنَ السَّمَاءِ سَاقِطًا يَقُولُوا سَحَابٌ مَرْكُومٌ (44) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({وإن يروا كسفًا من السّماء ساقطًا يقولوا سحابٌ مركومٌ (44) فذرهم حتّى يلاقوا يومهم الّذي فيه يصعقون (45) يوم لا يغني عنهم كيدهم شيئًا ولا هم ينصرون (46) وإنّ للّذين ظلموا عذابًا دون ذلك ولكنّ أكثرهم لا يعلمون (47) واصبر لحكم ربّك فإنّك بأعيننا وسبّح بحمد ربّك حين تقوم (48) ومن اللّيل فسبّحه وإدبار النّجوم (49)}
يقول تعالى مخبرًا عن المشركين بالعناد والمكابرة للمحسوس: {وإن يروا كسفًا من السّماء ساقطًا يقولوا} أي: عليهم يعذّبون به، لـمّا صدقوا ولـمّا أيقنوا، بل يقولون: هذا {سحابٌ مركومٌ} أي: متراكمٌ. وهذه كقوله تعالى: {ولو فتحنا عليهم بابًا من السّماء فظلّوا فيه يعرجون. لقالوا إنّما سكّرت أبصارنا بل نحن قومٌ مسحورون} [الحجر: 14، 15]). [تفسير ابن كثير: 7/ 438]

تفسير قوله تعالى: {فَذَرْهُمْ حَتَّى يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ (45) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (قال اللّه تعالى: {فذرهم} أي: دعهم -يا محمّد- {حتّى يلاقوا يومهم الّذي فيه يصعقون}، وذلك يوم القيامة). [تفسير ابن كثير: 7/ 438]

تفسير قوله تعالى: {يَوْمَ لَا يُغْنِي عَنْهُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ (46) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({يوم لا يغني عنهم كيدهم شيئًا} أي: لا ينفعهم كيدهم ومكرهم الّذي استعملوه في الدّنيا، لا يجدي عنهم يوم القيامة شيئًا، {ولا هم ينصرون}).[تفسير ابن كثير: 7/ 438]

تفسير قوله تعالى: {وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا عَذَابًا دُونَ ذَلِكَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (47) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :(ثمّ قال: {وإنّ للّذين ظلموا عذابًا دون ذلك} أي: قبل ذلك في الدّار الدّنيا، كقوله: {ولنذيقنّهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر لعلّهم يرجعون} [السّجدة: 21]، ولهذا قال: {ولكنّ أكثرهم لا يعلمون} أي: نعذّبهم في الدّنيا، ونبتليهم فيها بالمصائب، لعلّهم يرجعون وينيبون، فلا يفهمون ما يراد بهم، بل إذا جلّي عنهم ممّا كانوا فيه، عادوا إلى أسوأ ما كانوا عليه، كما جاء في بعض الأحاديث: "إنّ المنافق إذا مرض وعوفي مثله في ذلك كمثل البعير، لا يدري فيما عقلوه ولا فيما أرسلوه". وفي الأثر الإلهيّ: كم أعصيك ولا تعاقبني؟ قال اللّه: يا عبدي، كم أعافيك وأنت لا تدري؟).[تفسير ابن كثير: 7/ 438]

تفسير قوله تعالى: {وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ (48) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {واصبر لحكم ربّك فإنّك بأعيننا} أي: اصبر على أذاهم ولا تبالهم، فإنّك بمرأًى منّا وتحت كلاءتنا، واللّه يعصمك من النّاس.
وقوله: {وسبّح بحمد ربّك حين تقوم} قال الضّحّاك: أي إلى الصلاة: سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدّك، ولا إله غيرك.
وقد روي مثله عن الرّبيع بن أنسٍ، وعبد الرّحمن بن زيد بن أسلم، وغيرهما.
وروى مسلمٌ في صحيحه، عن عمر أنّه كان يقول هذا في ابتداء الصّلاة. ورواه أحمد وأهل السّنن، عن أبي سعيدٍ وغيره، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه كان يقول ذلك.
وقال أبو الجوزاء: {وسبّح بحمد ربّك حين تقوم} أي: من نومك من فراشك. واختاره ابن جريرٍ: ويتأيّد هذا القول بما رواه الإمام أحمد:
حدّثنا الوليد بن مسلمٍ، حدّثنا الأوزاعيّ، حدّثني عمير بن هانئٍ، حدّثني جنادة بن أبي أميّة، حدّثنا عبادة بن الصّامت عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: "من تعارّ من اللّيل فقال: لا إله إلّا اللّه وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كلّ شيءٍ قديرٌ. سبحان اللّه، والحمد للّه، ولا إله إلّا اللّه، واللّه أكبر، ولا حول ولا قوّة إلّا باللّه، ثمّ قال: ربّ اغفر لي -أو قال: ثمّ دعا-استجيب له، فإن عزم فتوضّأ، ثمّ صلّى تقبّلت صلاته".
وأخرجه البخاريّ في صحيحه، وأهل السّنن، من حديث الوليد بن مسلمٍ، به.
وقال ابن أبي نجيح، عن مجاهدٍ: {وسبّح بحمد ربّك حين تقوم} قال: من كلّ مجلسٍ.
وقال الثّوريّ، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص: {وسبّح بحمد ربّك حين تقوم} قال: إذا أراد الرّجل أن يقوم من مجلسه قال: سبحانك اللّهمّ وبحمدك.
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أبي، حدّثنا أبو النّضر إسحاق بن إبراهيم الدّمشقيّ، حدثنا محمد ابن شعيبٍ، أخبرني طلحة بن عمرو الحضرميّ، عن عطاءٍ بن أبي رباحٍ؛ أنّه حدّثه عن قول اللّه: {وسبّح بحمد ربّك حين تقوم} يقول: حين تقوم من كلّ مجلسٍ، إن كنت أحسنت ازددت خيرًا، وإن كان غير ذلك كان هذا كفّارةً له.
وقد قال عبد الرّزّاق في جامعه: أخبرنا معمرٍ، عن عبد الكريم الجزري، عن أبي عثمان الفقير؛ أنّ جبريل علّم النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم إذا قام من مجلسه أن يقول: سبحانك اللّهمّ وبحمدك، أشهد أن لا إله إلّا أنت، أستغفرك وأتوب إليك. قال معمرٌ: وسمعت غيره يقول: هذا القول كفّارة المجالس
وهذا مرسلٌ، وقد وردت أحاديث مسندةٌ من طرقٍ -يقوّي بعضها بعضًا- بذلك، فمن ذلك حديث ابن جريج، عن سهيل بن أبي صالحٍ، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه قال: من جلس في مجلسٍ فكثر فيه لغطه فقال قبل أن يقوم من مجلسه: سبحانك اللّهمّ وبحمدك، أشهد أن لا إله إلّا أنت، أستغفرك وأتوب إليك، إلّا غفر له ما كان في مجلسه ذلك".
رواه التّرمذيّ -وهذا لفظه-والنّسائيّ في اليوم واللّيلة، من حديث ابن جريجٍ. وقال التّرمذيّ: حسنٌ صحيحٌ. وأخرجه الحاكم في مستدركه وقال: إسنادٌ على شرط مسلمٍ، إلّا أنّ البخاريّ علّله.
قلت: علّله الإمام أحمد، والبخاريّ، ومسلمٌ، وأبو حاتمٍ، وأبو زرعة، والدّارقطنيّ، وغيرهم. ونسبوا الوهم فيه إلى ابن جريج. على أنّ أبا داود قد رواه في سننه من طريقٍ غير ابن جريجٍ إلى أبي هريرة، رضي اللّه عنه، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم بنحوه ورواه أبو داود -واللّفظ له-والنّسائيّ، والحاكم في المستدرك، من طريق الحجّاج بن دينارٍ، عن هاشمٍ عن أبي العالية، عن أبي برزة الأسلميّ قال: كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول بأخرةٍ إذا أراد أن يقوم من المجلس: "سبحانك اللّهمّ وبحمدك، أشهد أن لا إله إلّا أنت، أستغفرك وأتوب إليك". فقال رجلٌ: يا رسول اللّه، إنّك لتقول قولًا ما كنت تقوله فيما مضى؟! قال: "كفّارةٌ لما يكون في المجلس".
وقد روي مرسلًا عن أبي العالية، واللّه أعلم. وهكذا رواه النّسائيّ والحاكم، من حديث الرّبيع بن أنسٍ، عن أبي العالية، عن رافع بن خديج، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم مثله سواءً وروي مرسلًا أيضًا، واللّه أعلم. وكذا رواه أبو داود عن عبد اللّه بن عمرٍو؛ أنّه قال: "كلمات لا يتكلّم بهنّ أحدٌ في مجلسه عند قيامه ثلاث مرّاتٍ، إلّا كفّر بهنّ عنه، ولا يقولهنّ في مجلس خيرٍ ومجلس ذكرٍ، إلّا ختم له بهنّ كما يختم بالخاتم على الصّحيفة: سبحانك اللّهمّ وبحمدك، لا إله إلّا أنت، أستغفرك وأتوب إليك" وأخرجه الحاكم من حديث أمّ المؤمنين عائشة، وصحّحه، ومن رواية جبير بن مطعمٍ ورواه أبو بكرٍ الإسماعيليّ عن أمير المؤمنين عمر بن الخطّاب، كلّهم عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم. وقد أفردت لذلك جزءًا على حدةٍ بذكر طرقه وألفاظه وعلله، وما يتعلّق به، وللّه الحمد والمنّة). [تفسير ابن كثير: 7/ 438-440]

تفسير قوله تعالى: {وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَارَ النُّجُومِ (49) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :(وقوله: {ومن اللّيل فسبّحه} أي: اذكره واعبده بالتّلاوة والصّلاة في اللّيل، كما قال: {ومن اللّيل فتهجّد به نافلةً لك عسى أن يبعثك ربّك مقامًا محمودًا} [الإسراء: 79].
وقوله: {وإدبار النّجوم} قد تقدّم في حديث ابن عبّاسٍ أنّهما الرّكعتان اللّتان قبل صلاة الفجر، فإنّهما مشروعتان عند إدبار النّجوم، أي: عند جنوحها للغيبوبة. وقد روي [في حديث] ابن سيلان، عن أبي هريرة مرفوعًا: "لا تدعوهما، وإن طردتكم الخيل". يعني: ركعتي الفجر رواه أبو داود. ومن هذا الحديث حكي عن بعض أصحاب الإمام أحمد القول بوجوبهما، وهو ضعيفٌ لحديث: "خمس صلواتٍ في اليوم واللّيلة". قال: هل عليّ غيرها ؟ قال: "لا إلّا أنّ تطوّع" وقد ثبت في الصّحيحين عن عائشة، رضي اللّه عنها، أنّها قالت: لم يكن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم على شيءٍ من النّوافل أشدّ تعاهدًا منه على ركعتي الفجر وفي لفظٍ لمسلمٍ: "ركعتا الفجر خيرٌ من الدّنيا وما فيها"). [تفسير ابن كثير: 7/ 440-441]

رد مع اقتباس