عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 29 صفر 1440هـ/8-11-2018م, 09:36 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {قَالَتِ الْأَعْرَابُ آَمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَإِنْ تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (14) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله تعالى: {قالت الأعراب آمنا}، قال مجاهد: نزلت في بنى أسد بن خزيمة، وهى قبيلة كانت تجاور المدينة، وكانوا قد أظهروا الإسلام، وكانت نفوسهم مع ذلك- دخلة، إنما يحبون المغانم وعرض الدنيا، قال ابن عباس رضي الله عنهما: وذهبوا مرة إلى أن يتسموا بالمهاجرين، فنزلت هذه الآية مسمية لهم بالأعراب، معرفة لهم بذلك أقدارهم، ومخرجة ما في صدورهم من صور معتقدهم، وهم أعراب مخصوصون كما ذكرنا، قال أبو حاتم عن ابن الزبير: سمع النبي صلى الله عليه وسلم رجلا يقرأ: "قالت الأعراب" بغير همز، فرد عليه بهمز قطع. وقد أخبر الله تعالى أن يقول لهؤلاء المدعين في الإيمان: "لم تؤمنوا"، أي: لم تصدقوا بقلوبكم، ولكن قولوا أسلمنا.
والإسلام يقال بمعنيين: أحدهما الذي يعم الإيمان والأعمال، وهو الذي في قوله تعالى: {إن الدين عند الله الإسلام}، والذي في قوله صلى الله عليه وسلم: "بني الإسلام على خمس"، والذي في تعليم النبي صلى الله عليه وسلم لجبريل عليه السلام حين قال: ما الإسلام؟ قال: "أن تعبد الله وحده ولا تشرك به شيئا، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا"، والذي في قوله صلى الله عليه وسلم لسعد بن أبي وقاص رضي الله عنه: "أو مسلما، إني لأعطي الرجل وغيره أحب إلي منه" الحديث، فهذا الإسلام ليس هو في قوله تعالى: {ولكن قولوا أسلمنا} والمعنى الثاني للفظ الإسلام هو الاستسلام والإظهار الذي يستعصم به ويحقن الدم، وهذا هو الإسلام في قوله تعالى: {ولكن قولوا أسلمنا}، والإيمان الذي هو التصديق أخص من الأول.
ثم صرح تعالى لهم بأن الإيمان لم يدخل قلوبهم، ثم فتح تعالى لهم باب التوبة بقوله سبحانه: {وإن تطيعوا الله ورسوله} الآية، وطاعة الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم في ضمنها الإيمان والأعمال.
وقرأ جمهور القراء: "لا يلتكم"، من "لات يليت" إذا نقص، يقال: "لاته حقه" إذا نقصه منه، وقرأ أبو عمرو، والأعرج، والحسن، وعمرو: "لا يألتكم" من "ألت يألت" وهو بمعنى "لات"، وكذلك يقال: "ألت" بكسر اللام "يألت"، ويقال أيضا في معنى "لات: "ألت يولت"، ولم يقرأ بهذه اللغة. وباقي الآية بين في الترجية). [المحرر الوجيز: 8/ 25-27]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آَمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ (15) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله أولئك هم الصادقون * قل أتعلمون الله بدينكم والله يعلم ما في السماوات وما في الأرض والله بكل شيء عليم * يمنون عليك أن أسلموا قل لا تمنوا علي إسلامكم بل الله يمن عليكم أن هداكم للإيمان إن كنتم صادقين * إن الله يعلم غيب السماوات والأرض والله بصير بما تعملون}
"إنما" في هذه الآية حاصرة تعطي ذلك المعنى. وقوله تعالى: {ثم لم يرتابوا} أي: لم يشكوا في إيمانهم، ولم يداخلهم ريب، وهم الصادقون إذ جاء فعلهم مصدقا لقولهم). [المحرر الوجيز: 8/ 27]

تفسير قوله تعالى: {قُلْ أَتُعَلِّمُونَ اللَّهَ بِدِينِكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (16) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ثم أمر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم بتوبيخهم بقوله: {أتعلمون الله بدينكم} أي بقولكم: "آمنا" وهو يعلم منكم خلاف ذلك لأنه العليم بكل شيء).[المحرر الوجيز: 8/ 27]

تفسير قوله تعالى: {يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (17) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {يمنون عليك أن أسلموا} نزلت في بني أسد أيضا، وذلك أنهم قالوا في بعض الأوقات للنبي صلى الله عليه وسلم: إنا آمنا بك واتبعناك ولم نحاربك كما فعلت محارب وحصفة وهوازن وغطفان وغيرهم، فنزلت هذه الآية، حكاه الطبري وغيره. وقرأ ابن مسعود رضي الله عنه: "يمنون عليك إسلامه".
وقوله تعالى: "أن" يحتمل أن يكون مفعولا من أجله، وقوله تعالى: {بل الله يمن عليكم أن هداكم للإيمان} أي: بزعمكم إذ تقولون آمنا، فقد لزمكم أن الله تعالى مان عليكم، ويدلك على هذا المعنى قوله تعالى: {إن كنتم صادقين}، فعلق عليهم الحكمين: هم ممنون عليهم على الصدق، وأهل أن يقولوا أسلمنا من حيث هم كذبة، وقرأ ابن مسعود: "إذ هداكم".
وقوله تعالى: "يمن عليكم" يحتمل أن يكون بمعنى: ينعم، كما تقول: من الله عليك، ويحتمل أن يكون بمعنى: يذكر إحسانه فيجيء معادلا لـ "يمنون عليك"، وقال الناس قديما: إذا كفرت النعمة حسنت المنة، وإنما المنة المبطلة للصدقة المكروهة ما وقع دون كفر النعمة). [المحرر الوجيز: 8/ 27]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (18) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقرأ أبو جعفر، ونافع، وشيبة، وقتادة، وابن وثاب: "تعملون" بالتاء على الخطاب، وقرأ ابن كثير، وعاصم -في رواية أبي بكر -: "بما يعملون" بالياء من تحت على ذكر الغائب.
كمل تفسير سورة الحجرات والحمد لله رب العالمين).[المحرر الوجيز: 8/ 28]

رد مع اقتباس