عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 3 صفر 1440هـ/13-10-2018م, 03:52 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {قُلْ مَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (47) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {قل ما سألتكم من أجر فهو لكم إن أجري إلا على الله وهو على كل شيء شهيد * قل إن ربي يقذف بالحق علام الغيوب * قل جاء الحق وما يبدئ الباطل وما يعيد * قل إن ضللت فإنما أضل على نفسي وإن اهتديت فبما يوحي إلي ربي إنه سميع قريب * ولو ترى إذ فزعوا فلا فوت وأخذوا من مكان قريب}
أمره الله تعالى في هذه الآية بالتبري من طلب الدنيا وطلب الأجر على الرسالة، وتسليم كل دنيا إلى أربابها، والتوكل على الله في الأجر وجزاء الحد، والإقرار بأنه شهيد على كل شيء من أفعال البشر وأقوالهم وغير ذلك). [المحرر الوجيز: 7/ 195]

تفسير قوله تعالى: {قُلْ إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَّامُ الْغُيُوبِ (48) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {يقذف بالحق} يريد: بالوحي وآيات القرآن، واستعار له القذف من حيث كان الكفار يرمون بآياته وحكمه، وقرأ الجمهور: "علام" بالرفع، أي: هو علام، ونصبها عيسى بن عمر، وابن أبي إسحاق، إما على البدل من اسم "إن"، أو على المدح، وقرأ الأعمش: "وهو علام الغيوب"، وقرأ عاصم: "الغيوب" بكسر الغين). [المحرر الوجيز: 7/ 195]

تفسير قوله تعالى: {قُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَمَا يُبْدِئُ الْبَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ (49) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله: {قل جاء الحق} يريد الشرع وأمر الله ونهيه، وقال قوم: يعني السيف. وقوله: {وما يبدئ الباطل وما يعيد}، قالت فرقة: الباطل غير الحق، من الكذب والكفر ونحوه، استعار له الإبداء والإعادة ونفاهما عنه، كأنه قال: وما يصنع الباطل شيئا. وقالت فرقة: الباطل: الشيطان، والمعنى: ما يفعل الباطل شيئا مفيدا، أي: ليس يخلق ولا يرزق. وقالت فرقة: "ما" استفهام، كأنه قال: وأي شيء يصنع الباطل؟). [المحرر الوجيز: 7/ 195]

تفسير قوله تعالى: {قُلْ إِنْ ضَلَلْتُ فَإِنَّمَا أَضِلُّ عَلَى نَفْسِي وَإِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِمَا يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ (50) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقرأ الجمهور: "ضللت" بفتح اللام، "فإنما أضل" بكسر الضاد، وقرأ الحسن، وابن وثاب: "ضللت" بكسر اللام "أضل" بفتح اللام، وهي لغة بني تميم.
وقوله: "فبما" يحتمل أن يكون بمعنى الذي، ويحتمل أن تكون "ما" مصدرية، و"قريب" معناه: بإحاطته وإجابته وقدرته). [المحرر الوجيز: 7/ 195]

تفسير قوله تعالى: {وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُوا فَلَا فَوْتَ وَأُخِذُوا مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ (51) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (واختلف المتأولون في قوله تعالى: {ولو ترى} الآية، فقال ابن عباس، والضحاك: هذا في عذاب الدنيا، وروي أن ابن أبزى قال: ذلك في جيش يغزو الكعبة فيخسف بهم في بيداء من الأرض، ولا ينجو إلا رجل من جهينة، فيخبر الناس بما نال الجيش، قالوا: بسببه قيل:
وعند جهينة الخبر اليقين
وهذا قول بعيد، وروي في هذا المعنى حديث مطول عن حذيفة، وروى الطبري أنه ضعيف السند مكذوب فيه على داود بن الجراح وقال قتادة: ذلك في الكفار في بدر ونحوها. وقال الحسن بن أبي الحسن: ذلك في الكفار عند خروجهم من القبور في القيامة. وهذا أرجح الأقوال عندي.
وأما معنى الآية فهو التعجب من حالهم إذا فزعوا من أخذ الله إياهم، ولم يتمكن لهم أن يفوت منهم أحد، وقوله: {من مكان قريب} معناه: أنهم للقدرة قريب حيث كانوا، قيل: من تحت الأقدام، وهذا يتوجه على بعض الأقوال، والذي يعم جميعها أن يقال: إن الأخذ يجيئهم من قرب في طمأنينتهم، بينا الكافر يؤمل ويظن ويترجى إذ غشيه الأخذ، ومن غشيه أخذ من قريب فلا حيلة له ولا روية، وقرأ الجمهور: "وأخذوا"، وقرأ طلحة بن مصرف: "فلا فوت وأخذ"، كأنه قال: وحالهم أخذ).[المحرر الوجيز: 7/ 195-196]

تفسير قوله تعالى: {وَقَالُوا آَمَنَّا بِهِ وَأَنَّى لَهُمُ التَّنَاوُشُ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ (52) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {وقالوا آمنا به وأنى لهم التناوش من مكان بعيد * وقد كفروا به من قبل ويقذفون بالغيب من مكان بعيد * وحيل بينهم وبين ما يشتهون كما فعل بأشياعهم من قبل إنهم كانوا في شك مريب}
الضمير في به عائد على الله تعالى في قوله: "به"، وقيل: على محمد صلى الله عليه وسلم وشرعه والقرآن. وقرأ ابن كثير، ونافع، وعاصم، وابن عامر، وعامة القراء: "التناوش" بضم الواو دون همز، وقرأ أبو عمرو، وحمزة، والكسائي، وعاصم أيضا بالهمز، والأولى معناها: التناول، من قولهم: ناش ينوش إذا تناول، وتناوش القوم في الحرب إذا تناول بعضهم بعضا بالسلاح، ومنه قول الشاعر:
فهي تنوش الحوض نوشا من علا ... نوشا به تقطع أجواز الفلا
فكأنه قال: وأنى لهم تناول مرادهم وقد بعدوا عن مكان إمكان ذلك. وأما الهمز فيحتمل أن يكون مما تقدم وهمزت الواو لما كانت مضمومة بضمة لازمة، كما قالوا: أقتت وغير ذلك، ويحتمل أن يكون من الطلب، تقول: "تناءشت الشيء" إذا طلبته من بعيد. وقال ابن عباس رضي الله عنهما: تناؤش الشيء: رجوعه، حكاه عنه ابن الأنباري، وأنشد:
تمنى أن تؤوب إليك مي ... وليس إلى تناوشها سبيل
وكأنه قال في الآية: وأنى لهم طلب مرادهم وقد بعد؟ قال مجاهد: المعنى: من الآخرة إلى الدنيا). [المحرر الوجيز: 7/ 197-198]

تفسير قوله تعالى: {وَقَدْ كَفَرُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ (53) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقرأ الجمهور: "ويقذفون" بفتح الياء وكسر الذال، على إسناد الفعل إليهم، أي: يرجمون بظنونهم، ويرمون بها الرسول وكتاب الله، وذلك غيب عنهم، في قولهم: سحر وافتراء وغير ذلك، قاله مجاهد، وقال قتادة: قذفهم بالغيب هو قولهم: لا بعث ولا جنة ولا نار. وقرأ مجاهد بضم الياء وفتح الذال، على معنى: ويرجمهم الوحي بما يكرهون من السماء). [المحرر الوجيز: 7/ 198]

تفسير قوله تعالى: {وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ كَمَا فُعِلَ بِأَشْيَاعِهِمْ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا فِي شَكٍّ مُرِيبٍ (54) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله: {وحيل بينهم} الآية. قال الحسن: معناه: من الإيمان والتوبة والرجوع إلى الأمانة والعمل الصالح، وذلك أنهم اشتهوه في وقت لا تنفع فيه التوبة، وقاله أيضا قتادة، وقال مجاهد: معناه: وحيل بينهم وبين نعيم الدنيا ولذاتها، وقيل: حيل بينهم وبين الجنة ونعيمها، وهذا يتمكن جدا على القول بأن الأخذ والفزع المذكور هو في يوم القيامة.
وقوله: {كما فعل بأشياعهم} أي الفرق المشابهة لهم من كل أمة، وهو جمع شيعة، وقوله: "من قبل" يصلح على بعض الأقوال المتقدمة تعلقه بـ"فعل"، ويصلح - على قول من قال: إن الفزع هو في يوم القيامة - تعلقه بـ"أشياعهم"، أي: بمن اتصف بصفتهم من قبل في الزمن الأول، لأن ما يفعل بجميعهم إنما هو في وقت واحد، لا يقال فيه: من قبل.
و"الشك المريب": أقوى ما يكون من الشك وأشده إظلاما، والله أعلم.
كمل بعون الله وتوفيقه تفسير سورة سبأ
والحمد لله رب العالمين).[المحرر الوجيز: 7/ 198-199]

رد مع اقتباس