عرض مشاركة واحدة
  #6  
قديم 11 جمادى الأولى 1435هـ/12-03-2014م, 01:05 AM
أروى المطيري أروى المطيري غير متواجد حالياً
فريق تنسيق النصوص
 
تاريخ التسجيل: Sep 2013
المشاركات: 405
افتراضي

الفرق بين العين والحسد

قالَ ابْنُ القَيِّمِ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الزُّرَعِيُّ الدِّمَشْقِيُّ (ت: 751 هـ): (فصلٌ: والعائِنُ والحاسِدُ يَشترِكانِ في شيءٍ ويَفترِقانِ في شيءٍ، فيَشتركانِ في أنَّ كلَّ واحدٍ منهما تَتَكَيَّفُ نفسُه وتَتَوَجَّهُ نحوَ مَن يُريدُ أَذاه، فالعائِنُ تَتَكَيَّفُ نفسُه عندَ مُقابَلَةِ المَعينِ ومُعَايَنَتِه، والحاسِدُ يَحْصُلُ له ذلك عندَ غَيْبِ المحسودِ وحُضورِه أيضًا، ويَفترقان في أنَّ العائِنَ قد يُصيبُ مَن لا يَحْسُدُه من جَمَادٍ أو حيوانٍ أو زَرْعٍ أو مالٍ، وإن كان لا يَكادُ يَنْفَكُّ من حَسَدِ صاحبِه، وربما أصابَتْ عينُه نفسَه، فإنَّ رؤيتَه للشيءِ رؤيةُ تَعَجُّبٍ وتحديقٍ مع تَكيُّفِ نفسِه بتلك الكَيْفِيَّةِ تُؤَثِّرُ في المَعينِ). [بدائع الفوائد: 231]
قالَ ابْنُ القَيِّمِ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الزُّرَعِيُّ الدِّمَشْقِيُّ (ت: 751 هـ): (والمقصودُ أنَّ العائِنَ حاسدٌ خاصٌّ، وهو أَضَرُّ من الحاسِدِ، ولهذا – واللهُ أَعْلَمُ – إنما جاءَ في السورةِ ذِكْرُ الحاسِدِ دونَ العائِنِ؛ لأنه أَعَمُّ، فكُلُّ عائنٍ حاسِدٌ ولا بُدَّ، وليس كلُّ حاسِدٍ عائنًا، فإذا استعاذَ من شَرِّ الحسَدِ دَخَلَ فيه العَينُ، وهذا من شُمولِ القرآنِ وإعجازِه وبَلاغتِه). [بدائع الفوائد: 233]
قالَ أَبو الثَّناءِ مَحْمُودُ بنُ عبدِ اللهِ الآلُوسِيُّ (ت: 1270هـ): (وذَكَرُوا أنَّ العائنَ والحاسدَ يَشترِكانِ في أنَّ كُلاًّ منهما تَتكيَّفُ نفسُه وتَتوَجَّهُ نحوَ مَن تريدُ أَذاهُ، إلا أنَّ العائنَ تَتَكَيَّفُ نفسُه عندَ مُقابَلَةِ العينِ والمُعاينَةِ، والحاسدَ يَحْصُلُ حَسدُه في الغَيْبَةِ والحضورِ، وأيضًا العائنُ قد يَعِينُ مَن لا يَحْسُدُه مِن حيوانٍ وزَرعٍ، وإن كان لا يَنْفَكُّ مِن حَسَدِ صاحبِه والتَّقْيِيد بذلكَ إذْ لا ضَرَرَ قبلَه، بل قيلَ: إنَّ ضَرَرَ الحسَدِ إنما يَحِيقُ بالحاسدِ لا غيرُ، كما قالَ عليٌّ كَرَّمَ اللهُ تعالى وَجْهَه: للهِ دَرُّ الحسَدِ ما أعدلَه، بَدَأَ بصاحبِه فقَتَلَه. وقالَ ابنُ المعتَزِّ:
اصْبِرْ على حَسَدِ الحسو.....دِ فإنَّ صَبْرَك قاتِلُهْ
فالنارُ تأكلُ بعضَها.....إن لم تَجِدْ ما تَأْكُلُهْ


ولْيُعْلَمْ أنَّ الحَسَدَ يُطْلَقُ على تَمَنِّي زوالِ نِعمةِ الغيرِ وعلى تَمَنِّي استصحابِ عَدَمِ النعمةِ ودَوامِ ما في الغيرِ مِن نَقْصٍ أو فَقْرٍ أو نحوِه، والإطلاقُ الأوَّلُ هو الشائعُ، والحاسدُ بِكِلا الإطلاقينِ مَمْقوتٌ عندَ اللهِ تعالى وعندَ عِبادِه عزَّ وجلَّ، آتٍ بابًا مِن الكبائرِ على ما اشْتُهِرَ بينَهم، لكنَّ التحقيقَ أنَّ الحَسَدَ الغريزيَّ الجِبِلِّيَّ إذا لم يُعملْ بِمُقتضاهُ مِن الأذَى مُطْلَقًا بل عاملَ المُتَّصِفُ به أخاهُ بما يُحِبُّ اللهُ تعالى، مُجاهدًا نفسَه لا إِثْمَ فيه، بل يُثابُ صاحبُه على جِهادِ نفسِه وحُسْنِ معاملته أخاه ثوابًا عظيمًا لِمَا في ذلك مِن مَشَقَّةِ مَخالَفَةِ الطبعِ كما لا يَخْفَى). [روح المعاني: 29/284]
قالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ نَاصِرٍ السّعْدِيُّ (ت: 1376هـ):(ويَدْخُلُ في الحاسدِ العايِنُ؛ لأنَّه لا تَصْدُرُ العينُ إلاَّ مِن حاسدٍ شِرِّيرِ الطبعِ خَبِيثِ النَّفْسِ). [تيسير الكريم الرحمن: 4/2001] (م)
قالَ عَطِيَّة مُحَمَّد سَالِم (ت: 1420هـ): (تنبيهٌ آخَرُ: تُوجَدُ العينُ كما يُوجَدُ الحَسَدُ، ولم أَجِدْ مَن فَرَّقَ بينَهما معَ وُجودِ الفَرْقِ.
وقد جاءَ في الصحيحِ: ((إِنَّ العَيْنَ لَحَقٌّ)).
كما جاءَ في السُّنَنِ: ((لَوْ أَنَّ شَيْئاً يَسْبِقُ القَدَرَ لَسَبَقَتْهُ العَيْنُ)).
ويُقالُ في الحَسَدِ: حاسِدٌ. وفي العَيْنِ: عائِنٌ.
ويَشتركانِ في الأَثَرِ، ويَختَلِفانِ في الوَسيلةِ والمُنْطَلَقِ.
فالحاسِدُ: قد يَحْسُدُ ما لم يَرَهُ، ويَحْسُدُ في الأمْرِ المُتَوَقَّعِ قَبْلَ وُقوعِه، ومَصْدَرُه تَحَرُّقُ القلْبِ واستكثارُ النِّعمةِ على المَحْسودِ، وبتَمَنِّي زوالِها عنه أو عَدَمِ حصولِها له، وهو غايةٌ في حِطَّةِ النفْسِ.
والعائنُ: لا يَعِينُ إلاَّ ما يَراهُ والموجودَ بالفعْلِ، ومَصْدَرُه انقداحُ نَظْرَةِ العَيْنِ، وقد يَعِينُ ما يَكْرَهُ أنْ يُصابَ بأذًى منه كولَدِه ومالِه.
وقد يُطْلَقُ عليه أيضاً الحَسَدُ). [تتمة أضواء البيان: 9/345]


رد مع اقتباس