عرض مشاركة واحدة
  #5  
قديم 2 ربيع الأول 1434هـ/13-01-2013م, 12:28 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

الفصل الرابع


في ذكر شراح الجامع الصغير ومرتبيه وناظميه وغيرهم



أعلم أنه لم يزل هذا الكتاب مطمحا لأنظار الفقهاء، ومنظرا لأفكار الفضلاء فلا يدري كم من شرح له ومحش ومرتب له ومنظم، فأذكر تراجمهم لأن بذكرهم تنزل الرحمة، وتندفع الزحمة، وألخص فيه ما أورده محمود بن سليمان الكفوي في أعلام الأخيار، وما أذكره عن غيره أصرح باسمه.

فمنهم: الإمام أبو جعفر أحمد بن محمد بن سلامة الطحاوي، إمام جليل القدر مشهور في الآفاق ذكره مملوء في بطون الأوراق، ولد سنة تسع وعشرين وقيل: تسع وثلاثين ومائتين ومات سنة إحدى وعشرين وثلاث مائة، أخذ الفقه عن أبي جعفر أحمد بن عمران عن محمد سماعة عن أبي يوسف عن أبي حنيفة، ثم خرج إلى الشام فلقي عبد الحميد قاضي القضاة بالشام، فأخذ عنه عن عيسى بن أبان عن محمد عن أبي حنيفة، وعن عبد الحميد عن بكر بن محمد العمي عن محمد بن سماعة، وكان إماما في الأحاديث والأخبار، أعلم الناس بسير الكوفيين وأخبارهم، وله تصانيف جليلة معتبرة منها أحكام القرآن وكتاب معاني الآثار، ومشكل الآثار وشرح الجامع الكبير وشرح الجامع الصغير، وكتاب الشروط الكبير وكتاب الشروط الصغير والأوسط، وكتاب المحاضر والسجلات والوصايا، والفرائض وكتاب مناقب أبي حنيفة والنوادر الفقهية، واختلاف الروايات على مذهب الكوفيين، وكتاب حكم أراضي مكة، وقسم الغنائم والرد على عيسى بن أبي أبان، والرد على أبي عبيد في ما أخطاه من النسب وغير ذلك.

وفي كتاب الأنساب للسمعاني: الطحاوي (بفتح الطاء) نسبة إلى طحا قرية بأسفل أرض مصر من الصعيد، والمشهور بالانتساب إليها أبو جعفر أحمد بن حمد بن سلامة الأزدي صاحب شرح معاني الآثار كان إماما ثقة فقيها عاقلا لم يخلف مثله انتهى.
وفي حسن المحاضرة في أخبار مصر والقاهرة لجلال الدين السيوطي: كان ثقة ثبتا فقيها لم يخلف بعده مثله انتهى.

وفي غاية البيان شرح الهداية لأمير كاتب الأتقاني في كتاب الصوم: أبو جعفر الطحاوي مؤتمن لأمتهم مع غزارة عمله واجتهاده، وورعه وتقدمه في معرفة المذاهب وغيرها، فإن شككت في أمر فانظر في كتاب شرح معاني الآثار هل ترى له نظيرا في سائر المذاهب فضلا عن مذهبنا هذا انتهى.

وفي مرآة الجنان لليافعي: برع في الحديث والفقه، وصنف التصانيف المفيدة قال الشيخ أبو إسحاق: انتهت إليه رياسة الحنفية بمصر وقال غيره: كان شافعي المذاهب يقرأ على المزني فقال يوما: والله لا جاء منك شئ فغضب أبو جعفر من ذلك، وانتقل إلى الحنفية، واشتغل على أبي جعفر بن عمران فلما صنف مختصره قال: رحم الله أبا إبراهيم (يعني المزني) لو كان حيا لكفر عن يمينه انتهى.

قلت: لو جعل الطحاوي من مجددي الأمة المحمدية على رأس المائة الثالثة، ومصداقا لحديث: [ إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها ] أخرجه أبو داؤد وغيره لم يبعد ذلك بناء على شهرة أمره ورفعة ذكره، وانتفاع الناس بتصانيفه، ولئن أمهلني الله في هذه الدار إلى رأس المائة الآتية لأصنف (إنشاء الله تعالى) رسالة جامعة لأحوال المجددين على رأس المئين من المائة الأولى إلى المائة الآتية.

ومنهم: الجصاص الرازي: وهو الإمام أبو بكر أحمد بن علي، إمام الحنفية في عصره أخذه عن أبي سهل الزجاج، عن أبي الحسن الكرخي عن أبي سعيد البردعي، عن موسى بن نصر الرازي عن محمد عن أبي حنيفة، وتفقه على أبي الحسن الكرخي وبه انتفع واستقر التدريس له ببغداد، وانتهت الرحلة إليه ورياسة الحنفية، وسئل ولاية القضاء فامتنع، وكان على طريق من تقدمه في الزهد والورع، وله تصانيف منها أحكام القرآن، وشرح مختصر الكرخي وشرح مختصر الطحاوي وشرح الجامع الصغير والكبير والصغير، وشرح الأسماء الحسنى وكتاب في أصول الفقه، وأدب القضاء مات سنة سبعين وثلاث مائة، وقال علي القاري المكي في طبقات الحنفية: ذكره بعض الأصحاب بلفظ الرازي، وبعضهم بلفظ الجصاص وهما واحد خلافا لمن توهم أنهما اثنان كما صرح به صاحب القاموس في طبقات الحنفية قال الخطيب: هو إمام أصحاب أبي حنيفة في وقته، وروى الحديث عن عبد الباقي بن قانع وأكثر عنه في أحكام القرآن انتهى.

ومنهم: الإمام أبو عمرو أحمد بن محمد بن عبد الرحمن الطبري، تفقه على أبي سعيد البردعي عن إسماعيل عن حماد بن أبي حنيفة عنه، وكان فقيها ببغداد درس في حياة أبي الحسن الكرخي، وكانت وفاته سنة أربعين وثلاث مائة وله شرح الجامعين.

ومنهم: الظهير البلخي: وهو الإمام أبو بكر أحمد بن علي بن عبد العزيز البلخي، إمام فاضل في الفروع والأصول، وعالم كامل في المعقول والمنقول، أخذ العلم عن الإمام الزاهد نجم الدين أبي حفص عمر النسفي، عن صدر الإسلام أبي اليسر محمد بن محمد البزدوي، عن أبي يعقوب يوسف السياري عن أبي إسحاق النوقدي، عن أبي جعفر الهندواني عن أبي بكر الأعمش، عن أبي بكر الإسكاف عن محمد بن سلمة عن أبي سليمان الجوزجاني، عن محمد عن أبي حنيفة، ودرس بمراغة وقدم حلب، ثم توجه إلى دمشق ودرس، وله شرح الجامع الصغير، ووقف كتبه بحلب سنة ثلاث وخمسين وخمسمائة، ومات في هذه السنة بدمشق.

ومنهم: قاضيخان صاحب الفتاوى المشهورة: وهو الإمام المجتهد والحبر الفهامة سلطان الشريعة برهان الطريقة فخر الدين قاضيخان الحسن بن منصور بن محمود الأوز جندي الفرغاني، كان إماما كبيرا بحرا عميقا فارسا في الأصول والفروع، أخذ عن ظهير الدين الحسن بن علي بن عبد العزيز المرغيناني عن برهان الدين الكبير عبد العزيز بن عمر بن مازة، ومحمد بن عبد العزيز جد قاضيخان، وهما أخذا عن شمس الأئمة السرخسي، عن شمس الأئمة الحلوائي عن أبي علي النسفي، عن أبي بكر محمد بن الفضل، عن الأستاذ عبد الله السبذموني، عن أبي عبد الله بن أبي حفص، عن أبيه أبي حفص الكبير عن محمد، عن أبي حنيفة، وله الفتاوى المشهورة بقاضيخان المعمولة المتداولة والواقعات، والأمالي والمحاضر، وشرح الزيادات وشرح الجامع الصغير، وشرح أدب القضاء للخصاف وغير ذلك، توفي ليلة الإثنين خامس عشر رمضان سنة اثنين وتسعين وخمسمائة.

ومنهم: الصدر برهان الدين محمود، بن الصدر السعيد تاج الدين أحمد، بن الصدر برهان الدين الكبير عبد العزيز، بن عمر بن مازة، كان من كبار الأئمة وأعيان فقهاء الأمة مجتهدا متواضعا عالما عاملا له اليد الباسطة في الخلاف والباع الممتد في حسن الكلام، ومعرفة الأدب أخذ العلم عن أبيه الصدر السعيد، وعن عمه الصدر الشهيد حسام الدين عمر بن عبد العزيز، وهما أخذا عن أبيهما عبد العزيز بن عمر عن شمس الأئمة السرخسي، عن الحلوائي، عن أبي علي النسفي، عن أبي بكر محمد بن الفضل، عن عبد الله السبذموني، ومن تصانيفه المحيط البرهاني والذخيرة البرهانية والتجريد، وتتمة الفتاوى وشرح الجامع الصغير، وشرح الزيادات وشرح أدب القاضي والواقعات وغير ذلك.

ومنهم: شرف القضاة أبو المفاخر عبد الغفور بن لقمان بن محمد الملقب بتاج الدين الكردري (بفتح الكاف) نسبة إلى كردر قرية بخوارزم إمام الحنفية تفقه على أبي الفضل عبد الرحمن، بن محمد بن أميرويه الكرماني المتوفى سنة ثلاث وأربعين وخمسمائة، عن فخر القضاة محمد بن الحسين الأرسابندي، عن أبي منصور السمعاني، عن المستغفري، عن أبي علي النسفي، عن محمد بن الفضل، عن السبذموني، وتولى قضاء حلب للسلطان العامل نور الدين محمود، ومات بها سنة اثنين وستين وخمسمائة، له تصنيف في أصول الفقه وشرح تجريد الكرماني سماه المفيد والمزيد، وشرح الجامع الصغير والجامع الكبير وحيرة الفقهاء وغير ذلك.

ومنهم: بدر الدين عمر بن عبد الكريم الورسكي البخاري: أخذ عن أبي الفضل عبد الرحمن الكرماني له شرح الجامع الصغير، ومن تلامذته شمس الأئمة محمد بن عبد الستار الكردري، ومات ببلخ سنة أربع وتسعين وخمسمائة، وذكر صاحب كشف الظنون: أن شرح الورسكي على شرح الصدر حسام الدين للجامع الصغير المعروف بجامع الصدر.

ومنهم: محمد بن أحمد بن عمر القاضي ظهير الدين البخاري المحتسب ببخارا صاحب الفتاوى المعروفة بالظهيرية، والفوائد الظهيرية شرح الجامع الصغير الحسامي كان أوحد عصره في العلوم الدينية فروعا وأصولا، أخذ العلم عن أبيه أحمد بن عمر الشيرازي، ووصل إلى خدمة ظهير الدين أبي المحاسن الحسن بن علي المرغيناني، وصار من كبار العلماء، وانتهت إليه رياسة العلم بعد الست مائة ومات سنة تسع عشرة وستمائة.

ومنهم: جمال الدين المحبوبي عبيد الله بن أحمد بن عبد الملك بن عمر بن عبد العزيز: كان يشتهر بأبي حنيفة الثاني وينتهي نسبه إلى عبادة بن الصامت رضي الله عنه أخذ العلم عن إمام زاده ركن الإسلام محمد بن أبي بكر الواعظ صاحب شرعة الإسلام، وعماد الدين عمر بن بكر بن محمد بن علي الزرنجري، وهما عن شمس الأئمة بكر بن محمد بن علي الزرنجري، عن شمس الأئمة السرخسي، عن الحلوائي وله تصانيف منها شرح الجامع الصغير، وكتاب الفروق مات سنة ثلاثين وستمائة، ودفن في مقبرة تسمى شرع آبار ببخارا، وممن تفقه عليه ابنه شمس الدين أحمد والد تاج الشريعة صاحب الوقاية محمد بن أحمد جد شارح الوقاية عبيد الله بن مسعود بن محمود المحبوبي، والظهير أبو بكر أحمد بن علي بن عبد العزيز البلخي، وحافظ الدين الكبير محمد بن محمد بن نصر البخاري وغيرهم، وفي العبر بأخبار من غير لأبي عبد الله الذهبي في وقائع سنة ثلاثين وستمائة: فيها توفي جمال الدين عبيد الله بن إبراهيم العبادي المحبوبي البخاري شيخ الحنفية بما وراء النهر، وأحد من انتهى إليه معرفة المذهب أخذ عن أبي العلاء عمر بن بكر بن محمد الزرنجري، وعن قاضيخان الأوزجندي انتهى.

ومنهم: أحمد بن محمد بن عمر أبو نصر العتابي: (بفتح العين وتشديد التاء) نسبة إلى العتابية محلة ببخارا كان من العلماء الزاهدين، وكانت الطلبة من أقطار الأرض ترحل إليه، ومن تصانيفه شرح الزيادات وشرح الجامع الكبير، وجوامع الفقه المعروف بالفتاوى العتابية وتفسير القرآن، أخذ الفقه عن شمس الأئمة الكردري تلميذ صاحب الهداية، ومات سنة ثمانين وخمسمائة ببخارا.

ومنهم: ظهير الدين أحمد بن إسماعيل التمرتاشي الخوارزمي أبو العباس: إمام جليل القدر عالي الإسناد مطلع على حقائق الشريعة الحنفية، له شرح الجامع الصغير وكتاب التواريخ وغير ذلك.

ومنهم: الإمام محمد بن محمد نزيل مرغينان: جامع العلوم ضابط الفنون له الباع الممتد في الفروع والأصول، وله شرح الجامع الكبير، ونظم الجامع الصغير مات سنة ست وعشرين وسبعمائة.

ومنهم: سراج الدين أبو حفص عمر بن إسحاق بن إسحاق بن أحمد الغزنوي الهندي: كان إماما علامة نظارا فارسا في البحث عديم النظير أخذ عن شمس الدين الخطيب الدهلوي، والزاهد وجيه الدين الدهلوي، وملك العلماء بدهلي سراج الدين الثقفي، وهم من تلامذة أبي القاسم التنوخي تلميذ حميد الدين الضرير عن شمس الأئمة الكردري عن صاحب الهداية، ومن تصانيفه شرح الهداية المسمى بالتوشيح، والشامل في الفقه وزبدة الأحكام في اختلاف الأئمة الأعلام، وشرح البديع وشرح المغني، وشرح الجامع الصغير والكبير، ولم يكملهما وغير ذلك مات سنة ثلاث وستين وسبعمائة.

ومنهم: الصدر الشهيد أبو محمد حسام الدين عمر بن عبد العزيز بن عمر بن مازة: إمام الفروع والأصول المبرز في المعقول والمنقول، كان من كبار الأئمة وأعيان الفقهاء، تفقه على أبيه برهان الدين الكبير عبد العزيز عن شمس الأئمة السرخسي عن الحلوائي، واجتهد وبالغ إلى أن صار أوحد زمانه، وناظر الفقهاء، وفاق الفضلاء بخراسان، وغلب عليهم بحسن الكلام، ثم صار أمره إلى ما وراء النهر حتى أن السلطان والموالي كانوا يعظمونه، وعاش مدة محترما إلى أن رزقه الله الشهادة في صفر سنة ست وثلاثين وخمسمائة بسمرقند، وذكره صاحب الهداية في معجم شيوخه، وله الفتاوى الصغرى والكبرى، وشرح أدب القضاء للخصاف، وشرح الجامع الصغير وكتاب الواقعات.

قلت: قد انتفعت بشرحه عند تحشية الجامع الصغير، فوجدته جامعا وسطا فاتحا للمشكلات قال فيه بعد الحمد والصلاة: أما بعد فإن مشايخنا كانوا يعظمون مسائل هذا الكتاب تعظيما، ويقدمونه على سائر الكتب تقديما وكانوا يقولون: لا ينبغي لأحد أن يتقلد القضاء والفتوى ما لم يحفظ مسائل هذا الكتاب، فإن مسائله من أمهات مسائل أصحابنا وعيونها، وكثير الواقعات وفنونها، فمن حوى معانيها ووعى مبانيها صار من علية الفقهاء، ومن زمرة الفضلاء وصار أهلا للفتوى والقضاء، وقد سألني بعض أصحابي أن أذكر لكل مسألة من مسائله على الترتيب الذي رتبه القاضي أبو طاهر الدباس نكتة وجيزة، وأحذف الزوايا من الروايات وأطرح الأحاديث والمعاني، فأجبتهم إلى ذلك، ثم سألني من لم يكفه هذا القدر أن أكتب لهم ثانيا وأزيد الروايات والأحاديث، وشيئا من المعاني، فأجبتهم إلى ذلك أيضا انتهى.

ومنهم: أبو الليث الفقيه نصر بن محمد بن أحمد بن إبراهيم السمرقندي: كان يعرف بإمام الهدى تفقه على أبي جعفر الهندواني، عن أبي القاسم الصفار، عن نصير بن يحيى، عن محمد بن سماعة، عن أبي يوسف، عن أبي حنيفة، وصنف تفسير القرآن والنوازل والعيون والفتاوى وخزانة الفقه، وبستان العارفين، وتنبيه الغافلين، وتأسيس النظائر ومختلف الرواية، وشرح الجامع الصغير وغير ذلك مات سنة ثلاث وسبعين وثلاث مائة.

ومنهم: فخر الإسلام أبو الحسن علي بن محمد بن عبد الكريم البزدوي: إمام الدنيا في الأصول والفروع له تصانيف كثيرة معتبرة منها المبسوط أحد عشر مجلد، وشرح الجامع الكبير والصغير، وكتاب أصول الفقه مشهور بأصول البزدوي، وتفسير القرآن، وغناء الفقهاء وغير ذلك مات سنة اثنين وثمانين وأربعمائة، وحمل تابوته إلى سمرقند.

ومنهم: أخو فخر الإسلام صدر الإسلام أبو اليسر محمد بن محمد بن عبد الكريم البزدوي: نسبة إلى بزدة قلعة على ستة فراسخ من نسف، أخذ عن إسماعيل بن عبد الصادق، عن عبد الكريم بن موسى البزدوي، عن أبي منصور الماتريدي، عن أبي بكر الجوزجاني، عن أبي سليمان الجوزجاني، عن محمد عن أبي حنفية برع في العلوم أصلا وفرعا، وجمع الفنون عقلا وشرعا، انتهت إليه رياسة الحنفية بما وراء النهر توفي ببخارا سنة ثلاث وتسعين وأربعمائة، ذكر صاحب كشف الظنون: أن له ترتيب الجامع الصغير.

ومنهم: القاضي أبو نصر أحمد بن منصور الإسبيجابي أحد شراح مختصر الطحاوي: كان إماما متبحرا تفقه على علماء بلده، ثم رحل إلى سمرقند، وناظر الأئمة والعلماء، وصار الرجوع إليه بعد السيد أبي شجاع ذكر صاحب كشف الظنون أن له شرح الجامع الصغير، وذكر في الأعلام اسبيجابيا آخر، وهو علي بن محمد بن إسماعيل بن علي بن أحمد، المعروف شيخ الإسلام الإسبيجابي ولد يوم الإثنين من الجمادي الأولى سنة أربع وخمسين وأربعمائة، ولم يكن أحد يحفظ مذهب أبي حنيفة ويعرفه مثله غيره، وعمر العمر الطويل مات بسمرقند سنة خمس وثلاثين وخمسمائة، وله شرح مختصر الطحاوي، والمبسوط وتفقه عليه جماعة منهم صاحب الهداية، وذكر صاحب كشف الظنون: أن وفات الاسبيجابي الأول سنة ثمانين وأربعمائة.

ومنهم: الفقيه أبو جعفر الهندواني: ذكر صاحب كشف الظنون أن له مرتب الجامع الصغير، وهو محمد بن عبدالله بن محمد بن عمر أبو جعفر البلخي، وإمام جليل القدر يقال له أبو حنيفة الصغير تفقه على أبي بكر الأعمش، عن أبي بكر الإسكاف، عن محمد بن سلمة، عن أبي سليمان، عن محمد، عن أبي حنيفة توفي ببخارا سنة اثنين وستين وثلاث مائة، وفي أنساب السمعاني: الهندواني (بكسر الهاء وسكون النون وضم الدال) نسبة لأبي جعفر محمد بن عبد الله الفقيه من أهل بلخ، كان إماما فاضلا عارفا حدث بالحديث، وأفتى بالمشكلات وشرح المعضلات، وإنما قيل له الهندواني لأنه من محلة ببلخ يقال لها: باب هندوان ينزل بها الغلمان والجواري يجلب من الهند انتهى.

ومنهم: الكرخي: ذكره صاحب الكشف من مرتبي الجامع الصغير، وهو الإمام الكبير المجتهد أبو الحسن عبيد الله بن حسين بن دلال الكرخي، انتهت إليه رياسة الحنفية بعد أبي حازم القاضي، أخذ الفقه عن أبي سعيد البردعي، عن إسماعيل بن حماد بن أبي حنيفة، عن أبيه عن أبي حنيفة، وكان له طبقة عالية عدوه من المجتهدين في المسائل القادرين على استنباط الأحكام التي لا رواية فيها عن صاحب المذهب حسب أصولهم، وله المختصر والجامع الكبير والصغير مات سنة أربعين وثلاث مائة، وذكر السمعاني: أن الكرخي (بفتح الكاف) منسوب إلى كرخ قرية بنواحي العراق، ومنها أبو الحسين عبيدالله بن الحسين الفقيه سكن بغداد، وحدث بها عن إسماعيل بن إسحاق القاضي، ومحمد بن عبد الله الحضرمي، وحدث عنه أبو حفص بن شاهين.

ومنهم: الفقيه أبو طاهر الدباس: وهو من مرتبي الجامع الصغير، وهو القاضي محمد بن محمد بن سفيان قال ابن النجار: كان أبو طاهر إمام أهل الرأي بالعراق تخرج به جماعة من الأئمة، وأخذ عن القاضي أبي حازم عن عيسى ابن أبان عن محمد عن أبي حنيفة، وكان من أقران أبي الحسن الكرخي، وكان يوصف بالحفظ، ومعرفة الروايات ولي القضاء بالشام، ثم خرج منها إلى مكة فمات بها.

ومنهم: أبو عبد الله الفقيه الحسين بن أحمد بن مالك الزعفران: كان شيخا إماما ثقة رتب الجامع الصغير ترتيبا حسنا، وميز خواص مسائل محمد عما رواه عن أبي يوسف، وجمعها على أحسن ترتيب، وجعله مبوبا، ولم يكن الجامع قبل ذلك مبوبا مرتب المسائل وله كتاب الأضاحي.

ومنهم: شمس الأئمة الحلوائي: ذكره صاحب كشف الظنون من مرتبي الجامع الصغير، وهو الإمام عبد العزيز بن أحمد بن نصر بن صالح الحلوائي (بفتح الحاء نسبة لبيع الحلواء) البخاري تفقه على أبي علي حسين النسفي، عن أبي بكر محمد بن الفضل، عن السبذموني، وانتفع به شمس الأئمة السرخسي وغيره، وقد بسطت في ترجمته، وتحقيق نسبته في مقدمة الهداية، ومقدمة شرح الوقاية.

فائدة: شمس الأئمة لقب جماعة من الفقهاء الكبار مثل: الحلوائي، والسرخسي، ومحمد بن عبد الستار الكردري، ومحمود الأوزجندي، وبكر بن أبو بكر محمد السرخسي، وفي ما عداه يطلق مقيدا بالاسم أو النسبة أو بهما: كشمس الأئمة الحلوائي، وشمس الأئمه الكردري، وشمس الأئمة الزرنجري، وشمس الأئمة محمود الأوزجندي وغير ذلك كذا ذكره الكفوي في ترجمة بكر الزرنجري.

فائدة: كثيرا ما يطلقون في كتبهم: هذا قول السلف، وهذا قول الخلف، وهذا قول المتقدمين، وهذا قول المتأخرين، فيريدون بالسلف من أبي حنيفة إلى محمد، وبالخلف من محمد إلى شمس الأئمة الحلوائي، وبالمتأخرين من الحلوائي إلى حافظ الدين محمد بن محمد البخاري المتوفى سنة ثلاثين وستمائة، كذا في جامع العلوم لعبد النبي الأحمد نكري نقلا عن صاحب الخيالات اللطيفة، وظني أن هذا بحسب الأكثر لا على الإطلاق.

ومنهم: قوام الدين أحمد بن عبد الرشيد بن الحسين البخاري، والد صاحب الخلاصة أخذ الفقه عن أبيه وصنف شرح الجامع الصغير.

ومنهم: جمال الدين قاضي القضاة أبو سعد المطهر بن الحسين بن سعد بن علي بن بندار اليزدي، كان أوحد الزمان ومفتي العصر، وكان من بيت العلم أبوه وجده وجد أبيه كلهم أئمة الدهر، وله شرح الجامع الصغير الذي رتبه الزعفراني سماه التهذيب، ولخص مشكل الآثار للطحاوي والنوادر لأبي الليث.

ومنهم: قاضي القضاة علي بن بندار اليهزدي (بفتح الياء) نسبة إلى يزد من أعمال اصطخر فارس، وهو جد والد المطهر صاحب التهذيب، أخذ عن أبي جعفر النسفي، عن الجصاص، عن الكرخي، عن البردعي، عن أبي علي الدقاق وأبي حازم، وله شرح الجامع الصغير الذي رتبه الزعفراني، ونقل عنه المطهر في التهذيب في مواضع.

ومنهم: شمس الدين أحمد بن محمد العقيلي (بفتح العين نسبة إلى عقيل بن أبي طالب) البخاري كان شيخا عالما فاضلا روى عن جده شرف الدين عمر بن محمد بن عمر العقيلي وتفقه عليه؛ وهو أخذ عن الصدر الشهيد حسام الدين عمر بن عبد العزيز، عن أبيه الصدر الكبير برهان الدين الكبير عبد العزيز، عن شمس الأئمة السرخسي، عن الحلوائي مات ببخارا سنة سبع وخمسين وستمائة، وكان مخصوصا بشرح الجامع الصغير نظمه نظما حسنا.

ومنهم: مفتي الثقلين نجم الدين أبو حفص عمر بن محمد بن أحمد بن إسماعيل بن محمد بن لقمان النسفي، كان إماما فاضلا أصوليا مفسرا محدثا فقيها أحد الأئمة المشهورين بالحفظ الوافر، أخذ الفقه عن صدر الإسلام أبي اليسر البزدوي، ومن تصانيفه التيسير في التفسير والمنظومة، وكتاب المواقيت، وعن السمعاني أنه قال: فقيه فاضل عارف بالمذاهب صنف التصانيف في الفقه والحديث، ونظم الجامع الصغير، وله شيوخ كثيرة أخذ الفقه عن أبيه محمد بن أحمد تلميذ أبي العباس جعفر المستغفري، عن أبي علي النسففي، عن أبي بكر الفضلي، عن السبذموني، ومن تلامذته صاحب الهداية وغيره مات سنة سبع وثلاثين وخمسمائة بسمرقند.

ومنهم: أبو الفضل الكرماني ذكره صاحب الكشف من مرتبي الجامع الصغير، وهو ركن الدين عبد الرحمن بن محمد بن أميرويه، انتهت إليه رياسة المذهب بخراسان، تفقه على فخر القضاة محمد بن الحسين الأرسابندي، عن أبي منصور السمعاني، عن المستغفري، عن النسفي، عن الفضلي، عن السبذموني، وله التصانيف المقبولة منها شرح الجامع الكبير، والتجريد في الفقه وشرحه سماه بالإيضاح والفتاوى وغير ذلك مات بمرو سنة ثلاث وأربعين وخمسمائة.

ومنهم: جمال الدين أبو المحامد محمد بن أحمد بن عبد السيد بن عثمان البخاري الحصيري: ذكره صاحب كشف الظنون من الشراح، كان إماما فاضلا انتهت إليه رياسة الحنفية تفقه علي قاضيخان، وكانت ولادته ببخارا سنة ست وأربعين وخمسمائة، ووالده يعرف بالتاجر كان ساكنا بمحلة يعمل فيها الحصير، ومن تصانيفه شرحان للجامع الكبير: أحدهما مختصر والآخر مطول سماه التحرير وشرح السير الكبير وقدم الشام، ودرس وأفتى، ومات سنة ست وثلاثين وستمائة.

ومنهم: شمس الأئمة السرخي عده أبو المحامد محمود بن محمد اللؤلؤي البخاري: المتوفى سنة إحدى وسبعين وستمائة، في شرح منظومة النسفي المسمى بحقائق المنظومة من جملة من شرح الجامع الصغير، وهو شمس الأئمة أبو بكر محمد بن أحمد بن سهل كان إماما علامة مجتهدا، لازم شمس الأئمة الحلوائي، وصار أوحد زمانه وصنف شرح المبسوط، وشرح السير الكبير وكتاب أصول الفقه وغير ذلك، مات في حدود تسعين وأربعمائة وقيل: في حدود خمسمائة.

ومنهم: أبو المعين النسفي: المتوفى سنة ثمان وخمسمائة ذكره صاحب كشف الظنون، وهو ميمون بن محمد بن محمد بن معتمد بن أحمد بن محمد بن مكحول بن أبي الفضل المكحولي، صاحب كتاب تبصرة الأدلة، وتمهيد قواعد التوحيد إمام فاضل جامع الأصول والفروع، وله شرح الجامع الكبير تفقه عليه علاء الدين أبو بكر محمد بن أحمد السمرقندي.

ومنهم: حيدرة بن عمرو بن الحسن الصغاني: كان من أعيان الفقهاء على مذهب داؤد الظاهري، وله مختصر في مذهبه، ثم ولع بكتب محمد وبكلامه، ووضع علي الجامع الصغير كتابا كذا في طبقات الحنفية لعلي القاري.

ومنهم: الإمام حسين بن محمد: المعروف بالنجم المتوفى سنة ثمانين وخمسمائة وصدر القضاة، ومحمد بن علي: المعروف بعبدك الجرجاني المتوفى سنة سبع وأربعين وثلاث مائة، والقاضي مسعود بن حسين اليزدي: المتوفى سنة إحدى وسبعين وخمسمائة، سماه: التقسيم والتشجير، والإمام أبو الأزهر الخجندي: المتوفى سنة خمسمائة تقريبا، وهو على ترتيب الزعفراني، وأبو محمد بن العدي المصري، والشيخ علاء الدين علي السمرقندي، وأبو سعيد عبد الرحمن بن محمد القزمي المتوفى سنة أربع وسبعين وثلاث مائة له مرتب، وأبو عبد الله محمد بن عيسى بن عبد الله: المعروف بابن أبي موسى المتوفى سنة أربع وثلاثين وثلاث مائة له مرتب والأفطس، والشيخ بدر الدين أبو نصر محمود بن أبي بكر الفراء: له نظم الجامع الصغير سماه لمعة البدر أتمه في الجمادي الآخرة سنة سبع عشرة وستمائة، وشرح هذا المنظوم علاء الدين محمد بن عبد الرحمن الخجندي: سماه ضوء اللمعة كذا في كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون.

ومنهم: ابن هشام النحوي الحنبلي: صاحب مغني اللبيب ذكره صاحب كشف الظنون، وأظن أن شرحه على الجامع الصغير في فروع الحنابلة للقاضي أبي يعلى محمد بن الحسين بن محمد بن خلف البغدادي المتوفى سنة ثمان وخمسين وأربعمائة، لا على الجامع الصغير لمحمد والعلم عند الله، وقال جلال الدين السيوطي في بغية الوعاة في طبقات النحاة: عبد الله بن يوسف بن أحمد بن عبد الله بن هشام الأنصاري الشيخ جمال الدين النحوي، قال ابن حجر في الدرر: ولد في ذي القعدة سنة ثمان وسبعمائة، ولزم الشهاب عبد اللطيف، وتلى على ابن السراج، وأبي حيان، وقرأ على التاج الفاكهاني، وتفقه للشافعي، ثم تحنبل وأتقن العربية، ففاق الأقران، بل الشيوخ قال ابن خلدون: ما زلنا ونحن بالمغرب نسمع أنه ظهر بمصر عالم بالعربية يقال له: ابن هشام أنحى من سيبويه صنف مغني اللبيب، واشتهر في حياته والتوضيح على الألفية، ورفع الخصاصة عن قراءة الخلاصة، وعمدة الطالب في تصريف ابن الحاجب، وشرح التسهيل وقطر الندا وشرحه والجامع الصغير في النحو، وشرح اللمحة لابن حيان، وشرح البردة وشرح بانت سعاد وغير ذلك، توفي في ذي القعدة سنة إحدى وستين وسبعمائة انتهى ملخصا.

[النافع الكبير:1/46-60]


رد مع اقتباس