عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 13 محرم 1432هـ/19-12-2010م, 08:16 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي [الآيات من 1 إلى 29]

{اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ (1) مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ (2) لَاهِيَةً قُلُوبُهُمْ وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا هَلْ هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ (3) قَالَ رَبِّي يَعْلَمُ الْقَوْلَ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (4) بَلْ قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ بَلِ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ شَاعِرٌ فَلْيَأْتِنَا بِآَيَةٍ كَمَا أُرْسِلَ الْأَوَّلُونَ (5) مَا آَمَنَتْ قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَفَهُمْ يُؤْمِنُونَ (6) وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (7) وَمَا جَعَلْنَاهُمْ جَسَدًا لَا يَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَمَا كَانُوا خَالِدِينَ (8) ثُمَّ صَدَقْنَاهُمُ الْوَعْدَ فَأَنْجَيْنَاهُمْ وَمَنْ نَشَاءُ وَأَهْلَكْنَا الْمُسْرِفِينَ (9) لَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (10) وَكَمْ قَصَمْنَا مِنْ قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً وَأَنْشَأْنَا بَعْدَهَا قَوْمًا آَخَرِينَ (11) فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنَا إِذَا هُمْ مِنْهَا يَرْكُضُونَ (12) لَا تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلَى مَا أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَسَاكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُونَ (13) قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ (14) فَمَا زَالَتْ تِلْكَ دَعْوَاهُمْ حَتَّى جَعَلْنَاهُمْ حَصِيدًا خَامِدِينَ (15) وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ (16) لَوْ أَرَدْنَا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْوًا لَاتَّخَذْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا إِنْ كُنَّا فَاعِلِينَ (17) بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ (18) وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ عِنْدَهُ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلَا يَسْتَحْسِرُونَ (19) يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ (20) أَمِ اتَّخَذُوا آَلِهَةً مِنَ الْأَرْضِ هُمْ يُنْشِرُونَ (21) لَوْ كَانَ فِيهِمَا آَلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ (22) لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ (23) أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آَلِهَةً قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ هَذَا ذِكْرُ مَنْ مَعِيَ وَذِكْرُ مَنْ قَبْلِي بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ الْحَقَّ فَهُمْ مُعْرِضُونَ (24) وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ (25) وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ (26) لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ (27) يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ (28) وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلَهٌ مِنْ دُونِهِ فَذَلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ (29)}

تفسير قوله تعالى: {اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ (1)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {اقترب للنّاس حسابهم} [الأنبياء: 1] أي: إنّ ذلك قريبٌ.
- حدّثني أبو الأشهب والمبارك عن الحسن قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «إنّما مثلي ومثل السّاعة كهاتين فما فضل إحداهما على الأخرى».
وجمع بين إصبعه الوسطى والّتي يقول النّاس: السّبّابة.
في حديث أبي الأشهب.
وقال المبارك: قال: كهاتين يعني: إصبعه الوسطى والّتي تلي الإبهام.
- نا خداشٌ، عن أبي عامرٍ، عن أبي عمران الجونيّ قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «حين بعث إليّ، بعث إلى صاحب الصّور، فأهوى به إلى فيه وقدّم رجلًا، وأخّر أخرى، متى يؤمر ينفخ، ألا فاتّقوا النّفخة».
قوله: {وهم في غفلةٍ معرضون} [الأنبياء: 1] يعني المشركين في غفلةٍ من
[تفسير القرآن العظيم: 1/297]
الآخرة معرضون عن القرآن). [تفسير القرآن العظيم: 1/298]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) :
( {اقترب للنّاس حسابهم} أي قربت القيامة {وهم في غفلةٍ}).
[تفسير غريب القرآن: 284]

قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (قوله عزّ وجلّ: {اقترب للنّاس حسابهم وهم في غفلة معرضون}
معناه اقتربت القيامة، ومثله: {اقتربت السّاعة وانشقّ القمر}.
والمعنى - واللّه أعلم - اقترب للناس وقت حسابهم). [معاني القرآن: 3/383]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {اقترب} أخبرنا أبو عمر - قال: أنا ثعلب، عن ابن الأعرابي، قال: يقال: اقترب الشيء وقرب بمعنى واحد.

تفسير قوله تعالى: {مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ (2)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ( {ما يأتيهم من ذكرٍ من ربّهم محدثٍ} [الأنبياء: 2] يعني القرآن، تفسير السّدّيّ.
وقال قتادة: كلّما نزل من القرآن شيءٌ أعرضوا عنه.
قال: {إلا استمعوه وهم يلعبون} [الأنبياء: 2] يسمعونه بآذانهم ولا تقبله قلوبهم.
نا سعيدٌ، عن قتادة قال: لمّا نزلت هذه الآية، قال أناسٌ من أهل الضّلالة: زعم صاحبكم هذا أنّ السّاعة قد اقتربت، فتناهوا قليلًا.
قال يحيى: ليس يعني عن شركهم.
قال قتادة: ثمّ عادوا إلى أعمالهم، أعمال السّوء.
فلمّا نزل: {أتى أمر اللّه فلا تستعجلوه} [النحل: 1] قال أناسٌ من أهل الضّلالة: يزعم هذا الرّجل أنّه قد أتى أمر اللّه، فتناهوا قليلًا ثمّ عادوا، فأنزل اللّه تبارك وتعالى في سورة هودٍ: {ولئن أخّرنا عنهم العذاب إلى أمّةٍ معدودةٍ ليقولنّ ما يحبسه} [هود: 8] قال اللّه: {ألا يوم يأتيهم ليس مصروفًا عنهم} [هود: 8] يعني العذاب). [تفسير القرآن العظيم: 1/298]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {ما يأتيهم مّن ذكرٍ مّن رّبّهم مّحدثٍ...}

لو كان المحدث نصباً أو رفعاً لكان صواباً. النصب على الفعل: ما يأتيهم محدثاً. والرفع على الردّ على تأويل الذكر؛ لأنك لو ألقيت (من)
لرفعت الذكر. وهو كقولك: ما من أحد قائمٍ وقائمٌ وقائماً. النصب في هذه على استحسان الباء، وفي الأولى على الفعل). [معاني القرآن: 2/197-198]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {ما يأتيهم من ذكر من ربّهم محدث إلّا استمعوه وهم يلعبون}
الخفض القراءة، ويجوز في غير القراءة (محدثا ومحدث).
النصب على الحال، والرفع بإضمار هو). [معاني القرآن: 3/383]

تفسير قوله تعالى: {لَاهِيَةً قُلُوبُهُمْ وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا هَلْ هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ (3)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {لاهيةً قلوبهم} [الأنبياء: 3] قال قتادة: غافلةً قلوبهم عنه.
قوله: {وأسرّوا النّجوى الّذين ظلموا} [الأنبياء: 3] الّذين أشركوا، أسرّوا ذلك فيما بينهم يقول بعضهم لبعضٍ: {هل هذا} [الأنبياء: 3] يعنون محمّدًا صلّى اللّه عليه وسلّم.
{إلا بشرٌ مثلكم أفتأتون السّحر} [الأنبياء: 3] يعنون القرآن، أي:
[تفسير القرآن العظيم: 1/298]
أفتصدّقون به.
{وأنتم تبصرون} [الأنبياء: 3] أنّه سحرٌ). [تفسير القرآن العظيم: 1/299]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {لاهيةً قلوبهم...}

منصوبة على العطف على قوله: {وهم يلعبون} لأن قوله وهم يلعبون بمنزلة لاعبين. فكأنه: إلاّ استمعوه لاعبين لاهيةً قلوبهم. ونصبه أيضاً من إخراجه من الاسم المضمر في (يلعبون) يلعبون كذلك لاهيةً قلوبهم. ولو رفعت (لاهية) تتبعها يلعبون كان صواباً؛ كما تقول: عبد الله يلهوا ولاعبٌ. ومثله قول الشاعر:

* يقصد في أسوقها وجائر *
ورفع أيضاً على الاستئناف لا بالردّ على يلعبون.
وقوله: {وأسرّوا النّجوى} إنما قيل: وأسرّوا لأنها للناس وصفوا باللهو واللعب و(الذين) تابعة للناس مخفوضة؛ كأنك قلت: اقترب للناس الذين هذه حالهم. وإن شئت جعلت (الذين) مستأنفة مرفوعة، كأنك جعلتها تفسيراً للأسماء التي في أسرّوا؛ كما قال {فعموا وصمّوا ثمّ تاب الله عليهم ثم عموا وصمّوا كثير منهم} ). [معاني القرآن: 2/198]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {وأسرّوا النجوى الذّين ظلموا} خرج تقدير فعل الجميع هاهنا على غير المستعمل في المنطق لأنهم يقولون في الكلام وأسروا النجوى الذين ظلموا مجازه مجاز إضمار القوم فيه وإظهار كفايتهم فيه التي ظهرت في آخر الفعل ثم جعلوا {الذين} صفة الكناية المظهرة، فكان مجازه: " وأسرّ القوم الذين ظلموا النجوى " فجاءت " الذين " صفة لهؤلاء المضمرين، لأن فعلوا ذلك في موضع فعل القوم ذلك، وقال آخرون: بل قد تفعل العرب هذا فيظهرون عدد القوم في فعلهم إذا بدءوا بالفعل قال أبو عمرو الهذلي: " أكلوني البراغيث " يلفظ الجميع في الفعل وقد أظهر الفاعلين بعد الفعل ومجازه مجاز ما يبدأ بالمفعول قبل الفاعل لأن النجوى المفعولة جاءت قبل الذين أسروها والعرب قد تفعل ذلك وقال:
فجذّ حبل الوصل منها الواشي
" أسرّوا " من حروف الأضداد، أي أظهروا). [مجاز القرآن: 2/34]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {لاهيةً قلوبهم وأسرّوا النّجوى الّذين ظلموا هل هذا إلاّ بشرٌ مّثلكم أفتأتون السّحر وأنتم تبصرون}
قال: {وأسرّوا النّجوى} كأنه قال: {وأسرّوا} ثم فسره بعد فقال: "هم {الّذين ظلموا} أو جاء هذا على لغة الذين يقولون "ضربوني قومك"). [معاني القرآن: 3/6]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {لاهية قلوبهم وأسرّوا النّجوى الّذين ظلموا هل هذا إلّا بشر مثلكم أفتأتون السّحر وأنتم تبصرون }
{لاهية قلوبهم}معطوف على معنى {إلّا استمعوه وهم يلعبون} معناه استمعوه لاعبين
(لاهية قلوبهم) ويجوز أن يكون (لاهية قلوبهم) منصوبا بقوله (يلعبون).
{وأسرّوا النّجوى الّذين ظلموا} في (أسرّوا) قولان أجودهما أن يكون (الّذين ظلموا) في موضع رفع بدلا من الواو من (أسرّوا) ومبيّنا عن معنى الواو.
والمعنى إلا استمعوه وهم يلعبون.
{وأسرّوا النّجوى}، ثم بين من هم هؤلاء فكان بدلا من الواو.
ويجوز أن يكون رفعا على الذم على معنى هم الذين ظلموا.
ويجوز أن يكون في موضع نصب على معنى أعني الذين ظلموا.
وقوله: {هل هذا إلّا بشر مثلكم} بين ما أسروه، والمعنى قالوا سرّا هل هذا إلا بشر مثلكم، يعنون النبي - صلى الله عليه وسلم - أعلمهم الله عزّ وجلّ أنه يعلم القول في السماء والأرض، وأطلع النبيّ - صلى الله عليه وسلم - على قيلهم، وسرّهم). [معاني القرآن: 3/383-384]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ رَبِّي يَعْلَمُ الْقَوْلَ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (4)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال اللّه للنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: {قل ربّي يعلم القول} يعني: السّرّ.
{في السّماء والأرض وهو السّميع العليم} [الأنبياء: 4] لا أسمع منه ولا أعلم منه). [تفسير القرآن العظيم: 1/299]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {قال ربّي...}

و{قل ربّي} وكلّ صواب). [معاني القرآن: 2/199]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {قال ربّي يعلم القول في السّماء والأرض وهو السّميع العليم}
وقرئت (قل ربّي يعلم القول)، و (قال ربّي) ). [معاني القرآن: 3/384]

تفسير قوله تعالى: {بَلْ قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ بَلِ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ شَاعِرٌ فَلْيَأْتِنَا بِآَيَةٍ كَمَا أُرْسِلَ الْأَوَّلُونَ (5)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (ثمّ قال: {بل قالوا أضغاث أحلامٍ} [الأنبياء: 5] يعنون القرآن، أي أخلاط أحلامٍ.
وقال بعضهم: كذب أحلامٍ.
وقال قتادة: فعل أحلامٍ.
وقال ابن مجاهدٍ عن أبيه: {أضغاث أحلامٍ} [الأنبياء: 5] أهاويلها.
قال: {بل افتراه} [الأنبياء: 5] محمّدٌ.
{بل هو} [الأنبياء: 5] بل محمّدٌ.
{شاعرٌ فليأتنا بآيةٍ كما أرسل الأوّلون} [الأنبياء: 5] قال قتادة: كما أرسل موسى وعيسى فيما يزعم محمّدٌ). [تفسير القرآن العظيم: 1/299]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {أضغاث أحلامٍ بل افتراه بل هو شاعرٌ...}

ردّ ببل على معنى تكذيبهم، وإن لم يظهر قبله الكلام بجحودهم، لأن معناه خطاب وإخبار عن الجاحدين.
وقوله: {فليأتنا بآيةٍ كما أرسل الأوّلون} كالآيات التي جاء بها الأوّلون.
فقال الله {ما آمنت قبلهم مّن قريةٍ أهلكناها...}
ممّن جاءته آية فكيف يؤمن هؤلاء). [معاني القرآن: 2/199]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {أضغاث أحلامٍ} واحدها ضغث وهو ما لم يكن له تأويل ولا تفسير، قال:
كضغث حلم غرّ منه حالمه). [مجاز القرآن: 2/35]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {أضغاث أحلام}:واحدها ضغث وهو ما لم يكن له تأويل). [غريب القرآن وتفسيره: 253]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( وقوله: {بل قالوا أضغاث أحلام بل افتراه بل هو شاعر فليأتنا بآية كما أرسل الأوّلون}
أي قالوا: الذي يأتي به النبي - صلى الله عليه وسلم - أضغاث أحلام. وجاء في التفسير أهاويل أحلام، والأضغاث في اللغة الأشياء المختلطة.
{بل افتراه بل هو شاعر} أي أخذوا ينقضون أقوالهم بعضها ببعض، فيقولون مرة: هذه أحلام.
ومرة هذا شعر ومرة مفترى
{فليأتنا بآية كما أرسل الأوّلون}فاقترحوا الآيات التي لا يقع معها إمهال إذا كذّب بها،
فقال اللّه عزّ وجلّ: {ما آمنت قبلهم من قرية أهلكناها أفهم يؤمنون }. [معاني القرآن: 3/384]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {أَضْغاثُ}: لا تأويل له). [العمدة في غريب القرآن: 206]

تفسير قوله تعالى: {مَا آَمَنَتْ قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَفَهُمْ يُؤْمِنُونَ (6)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال اللّه: {ما آمنت قبلهم من قريةٍ أهلكناها أفهم يؤمنون} [الأنبياء: 6] سعيدٌ، عن قتادة قال: يقول: إنّ الرّسل إذا جاءت بالآيات هلكت الأمم فهم لا يؤمنون عند ذلك يؤمنون.
أي: إنّ القوم إذا كذّبوا رسولهم وسألوه الآية، فجاءتهم الآية، فلم
[تفسير القرآن العظيم: 1/299]
يؤمنوا أهلكهم اللّه، أفهم يؤمنون إن جاءتهم آيةٌ؟ أي: لا يؤمنون إن جاءتهم الآية). [تفسير القرآن العظيم: 1/300]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {أضغاث أحلامٍ بل افتراه بل هو شاعرٌ...}

ردّ ببل على معنى تكذيبهم، وإن لم يظهر قبله الكلام بجحودهم، لأن معناه خطاب وإخبار عن الجاحدين.
وقوله: {فليأتنا بآيةٍ كما أرسل الأوّلون} كالآيات التي جاء بها الأوّلون.
فقال الله {ما آمنت قبلهم مّن قريةٍ أهلكناها...}
ممّن جاءته آية فكيف يؤمن هؤلاء). [معاني القرآن: 2/199] (م)
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {ما آمنت قبلهم من قريةٍ أهلكناها} أي ما آمنت بالآيات). [تفسير غريب القرآن: 284]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {ما آمنت قبلهم من قرية أهلكناها أفهم يؤمنون}
أي ما آمن أهل قرية أتتهم هذه الآيات حتى أوجب الله استئصالهم وإهلاكهم بالعذاب، واللّه جعل موعد هذه الأمة القيامة.
فقال:{بل السّاعة موعدهم والسّاعة أدهى وأمرّ}.
واللّه قد أعطاهم الآيات التي تبينوا بها نبوة النبي - صلى الله عليه وسلم - من القرآن الذي دعوا أن يأتوا بسورة مثله، ومن انشقاق القمر، ومن قوله: {ليظهره على الدّين كلّه}
فظهر أهل الإسلام حتى صاروا أكثر من كل فرقة فليس أهل ملّة واحدة لهم كثرة أهل الإسلام، وأظهره اللّه أيضا بالحجة القاطعة). [معاني القرآن: 3/384-385]

تفسير قوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (7)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (ثمّ قال: {وما أرسلنا قبلك إلا رجالا نوحي إليهم فاسألوا أهل الذّكر} [الأنبياء: 7] يعني أهل الكتاب عن ذلك، وهو أهل التّوراة والإنجيل في تفسير قتادة.
أهل التّوراة عبد اللّه بن سلامٍ وأصحابه المؤمنون، يعني من آمن منهم.
وقوله: {إن كنتم لا تعلمون} [الأنبياء: 7] وهم لا يعلمون.
وهي كلمةٌ عربيّةٌ.
يقول: إن كنت لا تصدّق فاسأل، وهو يعلم أنّه قد كذّب). [تفسير القرآن العظيم: 1/300]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {فاسألوا أهل الذّكر...}

أي أهل الكتب التوراة والإنجيل). [معاني القرآن: 2/199]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله تعالى: {وما أرسلنا قبلك إلّا رجالا نوحي إليهم فاسألوا أهل الذّكر إن كنتم لا تعلمون}
أي سلوا كل من يقر برسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - من أهل التوراة والإنجيل.
{إن كنتم لا تعلمون} أي إن كنتم لم تعلموا أنّ الرسل بشر.
وهذا السؤال واللّه أعلم لمن كان مؤمنا من أهل هذه الكتب، لأن القبول يكون من أهل الصدق والثقة). [معاني القرآن: 3/385]

تفسير قوله تعالى: {وَمَا جَعَلْنَاهُمْ جَسَدًا لَا يَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَمَا كَانُوا خَالِدِينَ (8)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {وما جعلناهم جسدًا} [الأنبياء: 8] يعني النّبيّين.
{لا يأكلون الطّعام} [الأنبياء: 8] أي: ولكنّا جعلناهم جسدًا يأكلون الطّعام.
وقد قال المشركون: قال: {مال هذا الرّسول يأكل الطّعام ويمشي في الأسواق} [الفرقان: 7] نا سفيان، عن الأعمش، عن مجاهدٍ قال: جسدًا ليس فيه روحٌ.
قوله: {وما كانوا خالدين} [الأنبياء: 8] نا سعيدٌ، عن قتادة قال: وما كانوا يخلّدون في الدّنيا، لا يموتون). [تفسير القرآن العظيم: 1/300]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {وما جعلناهم جسداً لاّ يأكلون الطّعام...}

وحّد الجسد ولم يجمعه وهو عربيّ لأن الجسد كقولك شيئا مجسّدا لأنه مأخوذ من فعل فكفى من الجمع، وكذلك قراءة من قرأ {لبيوتهم سقفاً من فضّةٍ} والمعني سقوف،
ثم قال {لا يأكلون الطعام} يقول: لم نجعلهم جسداً إلاّ ليأكلوا الطعام {وما كانوا خالدين} بأكلهم وشربهم، يعني الرجال المرسلين،
ولو قيل: لا يأكل الطعام كان صوابا تجعل الفعل للجسد، كما تقول. أنتما شيئان صالحان، وشيء صالح وشيء صالحان.
ومثله {أمنةً نعاساً تغشى طائفةً} و{يغشى} مثله {إنّ شجرة الزقّوم طعام الأثيم} قال {كالمهل تغلي} للشجرة و(يغلي) للطعام،
وكذلك قوله: {ألم يك نطفةً من منيّ يمنى} وتمنى). [معاني القرآن: 2/199-200]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {وما جعلناهم جسداً لا يأكلون الطّعام} كقوله: {ما هذا إلّا بشرٌ مثلكم}.
فقال اللّه: ما جعلنا الأنبياء قبله أجساما لا تأكل الطعام ولا تموت، فنجعله كذلك). [تفسير غريب القرآن: 284]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {وما جعلناهم جسدا لا يأكلون الطّعام وما كانوا خالدين}
{جسدا} هو واحد ينبئ عن جماعة، أي وما جعلناهم ذوي أجساد إلا ليأكلوا الطعام، وذلك أنهم قالوا: {مال هذا الرّسول يأكل الطّعام} فأعلموا أن الرسل أجمعين يأكلون الطعام، وأنهم يموتون وهو قوله تعالى:
{وما كانوا خالدين}. [معاني القرآن: 3/385]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {وما جعلناهم جسدا لا يأكلون الطعام} قال ثعلب والمبرد جميعا: العرب إذا جاءت بين الكلام بجحدين كان الكلام إخبارا، فمعناه: وإنما جعلناهم جسدا ليأكلوا الطعام، قالا: ومثله في الكلام: ما سمعت منك أقبل منك [أي] إنما سمعت منك لأقبل منك،
قالا: فإذا كان في أول الكلام جحد كان الكلام مجحودا جحدا حقيقيا، وهو مثل قولك: ما زيد بخارج، فإذا جمعت العرب الجحدين في أول الكلام كان أحدهما صله: ما قمت تريد: ما قمت، ومثله: ما إن قمت، تريد: ما قمت). [ياقوتة الصراط: 357-359]

تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ صَدَقْنَاهُمُ الْوَعْدَ فَأَنْجَيْنَاهُمْ وَمَنْ نَشَاءُ وَأَهْلَكْنَا الْمُسْرِفِينَ (9)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {ثمّ صدقناهم الوعد} [الأنبياء: 9] كانت الرّسل تحذّر قومها عذاب اللّه في الدّنيا وعذابه في الآخرة إن لم يؤمنوا.
فلمّا لم يؤمنوا صدق اللّه رسله الوعد، فأنزل العذاب على قومهم.
[تفسير القرآن العظيم: 1/300]
قال: {فأنجيناهم ومن نشاء} [الأنبياء: 9] يعني النّبيّ والمؤمنين.
{وأهلكنا المسرفين} [الأنبياء: 9] قال قتادة: المشركين). [تفسير القرآن العظيم: 1/301]

تفسير قوله تعالى: {لَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (10)}

قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {لقد أنزلنا إليكم كتابًا} [الأنبياء: 10] القرآن.
{فيه ذكركم} [الأنبياء: 10] فيه شرفكم، يعني: قريشًا، أي لمن آمن به.
{أفلا تعقلون} [الأنبياء: 10] يقوله للمشركين). [تفسير القرآن العظيم: 1/301]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {كتاباً فيه ذكركم...}
شرفكم). [معاني القرآن: 2/200]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {لقد أنزلنا إليكم كتاباً فيه ذكركم} أي شرفكم وكذلك قوله: {وإنّه لذكرٌ لك ولقومك} ). [تفسير غريب القرآن: 284]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (قال تعالى: {لَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ} أي شرفكم). [تأويل مشكل القرآن: 147]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (وأما قوله سبحانه: {فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ}
ففيه تأويلان:
أحدهما: أن تكون المخاطبة لرسول الله، صلّى الله عليه وسلم، والمراد غيره من الشّكّاك، لأنّ القرآن نزل عليه بمذاهب العرب كلهم، وهم قد يخاطبون الرّجل بالشيء ويريدون غيره، ولذلك يقول متمثّلهم: «إيّاك أعني واسمعي يا جارة».
ومثله قوله: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا}.
الخطاب للنبي، صلّى الله عليه وسلم، والمراد بالوصية والعظة المؤمنون، يدلك على ذلك أنه قال: {وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا}.
ولم يقل بما تعمل خبيرا.
ومثل هذه الآية قوله: {وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا أَجَعَلْنَا مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ آَلِهَةً يُعْبَدُونَ}، أي سل من أرسلنا إليه من قبلك رسلا من رسلنا، يعني أهل الكتاب، فالخطاب للنبي صلّى الله عليه وسلم والمراد المشركون.
ومثل هذا قول الكميت في مدح رسول الله، صلّى الله عليه وسلم:

إلى السّراج المنير أحمد لا = يعدلني رغبةٌ ولا رَهَبُ
عنه إلى غيره ولو رفع النَّـ = ـاسُ إليَّ العيون وارتقبوا
وقيل: أفرطتَ، بل قصدتُ = ولو عنَّفني القائلون أو ثلبوا
لَجَّ بتفضيلك اللّسانُ ولو = أُكثرَ فيك اللَّجاجُ واللَّجَبُ
أنت المصفَّى المحضُ المهذَّب في النِّسْـ = ـبَةِ إنْ نصَّ قومك النَّسَبُ
فالخطاب للنبي صلّى الله عليه وسلم، والمراد أهل بيته، فورّى عن ذكرهم به، وأراد بالعائبين واللائمين بني أمية.
وليس يجوز أن يكون هذا للنبي، صلّى الله عليه وسلم، لأنه ليس أحد من المسلمين يسوءه مدح رسول الله صلّى الله عليه وسلم، ولا يعنّف قائلا عليه، ومن ذا يساوى به،
ويفضّل عليه، حتى يكثر في مدحه الضّجاج واللّجب؟.
وإن الشعراء ليمدحون الرجل من أوساط الناس فيفرطون ويفرّطون فيغلون وما يرفع الناس إليهم العيون ولا يرتقبون، فكيف يلام هذا على الاقتصاد في مدح من الإفراط في مدحه غير تفريط، ولكنه أراد أهل بيته.
والتأويل الآخر: أن الناس كانوا في عصر النبي صلّى الله عليه وسلم أصنافا: منهم كافر به مكذّب، لا يرى إلا أن ما جاء به الباطل، وآخر: مؤمن به مصدّق يعلم أن ما جاء به الحق،
وشاك في الأمر لا يدري كيف هو، فهو يقدّم رجلا ويؤخّر أخرى.
فخاطب الله سبحانه هذا الصّنف من الناس فقال: فإن كنت أيها الإنسان في شك مما أنزلنا إليك من الهدى على لسان محمد صلّى الله عليه وسلم فسل الأكابر من أهل الكتاب والعلماء الذين يقرؤون الكتاب من قبلك، مثل: عبد الله بن سلام، وسلمان الفارسي، وتميم الدّاري وأشباههم، ولم يرد المعاندين منهم فيشهدون على صدقه، ويخبرونك بنبوّته،
وما قدّمه الله في الكتب من ذكره فقال: {إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ} ، وهو يريد غير النبي، صلّى الله عليه وسلم.
كما قال في موضع آخر: {لَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ}
وحّد وهو يريد الجمع، كما قال: {يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ}.
و{يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ}.
وقال: {وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ ضُرٌّ دَعَا رَبَّهُ}.
ولم يرد في جميع هذا إنسانا بعينه، إنما هو لجماعة الناس.
ومثله قول الشاعر:
إذا كنت متّخذا صاحبا = فلا تصحبنَّ فتى دارميّا
لم يرد بالخطاب رجلا بعينه، إنما أراد: من كان متّخذا صاحبا فلا يجعله من دارم.
وهذا، وإن كان جائزا حسنا، فإنّ المذهب الأول أعجب إليّ، لأنّ الكلام اتصل حتى قال: {أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ}.
وهذا لا يجوز أن يكون إلّا لرسول الله، صلّى الله عليه وسلم). [تأويل مشكل القرآن: 269-274] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {لقد أنزلنا إليكم كتابا فيه ذكركم أفلا تعقلون }
أي فيه تذكرة لكم بما تلقونه من رحمة أو عذاب، كما قال عزّ وجلّ: {كلّا إنّها تذكرة}
وقد قيل {فيه ذكركم} فيه شرفكم). [معاني القرآن: 3/385]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {فيه ذكركم} قال ثعلب: معناه: فيه شرفكم). [ياقوتة الصراط: 359]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {فِيهِ ذِكْرُكُمْ}: أي شرفكم). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 155]

تفسير قوله تعالى: {وَكَمْ قَصَمْنَا مِنْ قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً وَأَنْشَأْنَا بَعْدَهَا قَوْمًا آَخَرِينَ (11)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {وكم قصمنا} [الأنبياء: 11] أي أهلكنا.
{من قريةٍ كانت ظالمةً} [الأنبياء: 11] يعني مشركةً، يعني أهلها.
{وأنشأنا} [الأنبياء: 11] أي: وخلقنا.
{بعدها قومًا آخرين} [الأنبياء: 11] ). [تفسير القرآن العظيم: 1/301]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ):
( {قصمنا} أهلكنا
). [مجاز القرآن: 2/35]

قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {قصمنا}: أهلكنا). [غريب القرآن وتفسيره: 253]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {قصمنا من قريةٍ} أي أهلكنا. وأصل القصم: الكسر). [تفسير غريب القرآن: 284]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {وكم قصمنا من قرية كانت ظالمة وأنشأنا بعدها قوما آخرين }
" كم " في موضع نصب بـ (قصمنا) ومعنى قصمنا أهلكنا وأذهبنا، يقال قصم اللّه عمر الكافر أي أذهبه). [معاني القرآن: 3/385-386]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {وَكَمْ قَصَمْنَا}: كم أهلكنا). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 155]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {قَصَمْنَا}: أهلكنا). [العمدة في غريب القرآن: 206]

تفسير قوله تعالى: {فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنَا إِذَا هُمْ مِنْهَا يَرْكُضُونَ (12)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {فلمّا أحسّوا} [الأنبياء: 12] رأوا.
{بأسنا} [الأنبياء: 12] يعني عذابنا، يعني قبل أن يهلكوا.
رجع إلى قصّة من هلك.
{إذا هم منها} [الأنبياء: 12] من القرية.
{يركضون} [الأنبياء: 12] يفرّون من العذاب حين جاءهم). [تفسير القرآن العظيم: 1/301]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {إذا هم مّنها يركضون...}:
يهربون وينهزمون). [معاني القرآن: 2/200]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {فلمّا أحسّوا بأسنا} أي لقوه ورأوه، يقال: هل أحسست فلاناً، أي هل وجدته ورأيته ولقيته،
ويقال: هل أحسست مني ضعفاً، وهل أحسست من نفسك برءاً، قال الشاعر:
أحسن به فهن إليه شوس). [مجاز القرآن: 2/35]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {إذا هم منها يركضون} أي يهربون ويسرعون ويعدون ويعجلون، والمرأة تركض ذيلها برجلها إذا مشت، أي تحركه.
قال الأعشى:
والراكضات ذيول الخزّ آونةً=والرافلات على أعجازها العجل
العجل: القرب واحدتها عجلة). [مجاز القرآن: 2/35]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {يركضون}: يعدون ويقال للبعير ركض برجله إذا ضرب ومنه قول الله جل وعز:{أركض برجلك}).[غريب القرآن وتفسيره: 253]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {إذا هم منها يركضون} أي يعدون. وأصل الرّكض: تحريك الرجلين، تقول: ركضت الفرس: إذا أعديته بتحريك رجليك فعدا. ولا يقال فركض.
ومنه قوله: {اركض برجلك هذا مغتسلٌ باردٌ} ). [تفسير غريب القرآن: 284]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ( والبأس: الشدة بالعذاب، قال الله تعالى: {فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا} أي عذابنا.
وقال تعالى: {فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنَا} وقال: {فَمَنْ يَنْصُرُنَا مِنْ بَأْسِ اللَّهِ} أي: يمنعنا من عذاب الله). [تأويل مشكل القرآن: 505]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( وقوله: {فلمّا أحسّوا بأسنا إذا هم منها يركضون} أي يهربون من العذاب). [معاني القرآن: 3/386]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {يَرْكُضُونَ}: أي يعدون. وأصل الركض تحريك الرجلين). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 155]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {يَرْكُضُونَ}: يعدون). [العمدة في غريب القرآن: 206]

تفسير قوله تعالى: {لَا تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلَى مَا أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَسَاكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُونَ (13)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (يقول اللّه: {لا تركضوا} [الأنبياء: 13] قال مجاهدٌ: لا تفرّوا.
{وارجعوا إلى ما أترفتم فيه} [الأنبياء: 13] يعني نعيمهم الّذي كانوا فيه.
نا سعيدٌ، عن قتادة قال: يقول: ارجعوا إلى دنياكم الّتي أترفتم فيها.
{ومساكنكم لعلّكم تسألون} [الأنبياء: 13] من دنياكم شيئًا، استهزاءً بهم.
أي: لا
[تفسير القرآن العظيم: 1/301]
تقدرون على ذلك، ولا يكون ذلك). [تفسير القرآن العظيم: 1/302]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) :
( {وارجعوا إلى ما أترفتم فيه} أي إلى نعمكم التي أترفتكم).
[تفسير غريب القرآن: 284]

قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (باب المقلوب
ومن المقلوب: أن يوصف الشيء بضدّ صفته للتطيّر والتفاؤل، كقولهم للَّديغ: سَليم، تطيُّراً من السَّقَم، وتفاؤلا بالسَّلامة.
وللعطشان: ناهل أي سينهل. يعنون: يروى.
وللفلاة: مفازة. أي منجاة، وهي مهلكة.
وللمبالغة في الوصف، كقولهم للشمس: جَونة، لشدّة ضوئها.
وللغراب: أعور، لحدّة بصره.
وللاستهزاء، كقولهم للحَبَشيّ: أبو البيضاء. وللأبيض: أبو الجون.
ومن هذا قول قوم شعيب: {إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ}.
كما تقول للرجل تستجهِله: يا عاقل، وتستخفُّه: يا حليم.
قال الشاعر:
فقلت لسيِّدنا: يا حليـ = ـم إنَّك لم تَأْسَ أَسْوًا رفيقا
قال قتادة: ومن الاستهزاء قول الله تعالى: {فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنَا إِذَا هُمْ مِنْهَا يَرْكُضُونَ * لَا تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلَى مَا أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَسَاكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُونَ}.
وفي قول عبيد بن الأبرص لكندة- طرف من هذا المعنى:
هلاَّ سألتَ جُموعَ كِنـ = ـدةَ يومَ ولّوا: أَيْنَ أَيْنَا؟
يستهزئ بهم حين انهزموا، يريد أين تذهبون؟ ارجعوا). [تأويل مشكل القرآن: 185-186] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {لا تركضوا وارجعوا إلى ما أترفتم فيه ومساكنكم لعلّكم تسألون }
جاء في التفسير أنه قيل لهم ذلك على جهة الاستهزاء بهم.
وقيل لعلكم تسألون شيئا مما أترفتم فيه.
ويجوز لعلكم تسألون فتجيبون عما تشاهدون إذا رأيتم ما نزل بمساكنكم وما أترفتم فيه). [معاني القرآن: 3/386]

تفسير قوله تعالى: {قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ (14)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({قالوا يا ويلنا} [الأنبياء: 14] وهذا حين جاءهم العذاب.
{إنّا كنّا ظالمين} [الأنبياء: 14] ). [تفسير القرآن العظيم: 1/302]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) :
(وقوله: {قالوا يا ويلنا إنّا كنّا ظالمين}

{ويل} كلمة تقال لكل من وقع في هلكة، وكذلك يقولها كل من وقع في هلكة). [معاني القرآن: 3/386]

تفسير قوله تعالى: {فَمَا زَالَتْ تِلْكَ دَعْوَاهُمْ حَتَّى جَعَلْنَاهُمْ حَصِيدًا خَامِدِينَ (15)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال اللّه تبارك وتعالى: {فما زالت تلك دعواهم} [الأنبياء: 15] يعني قولهم: {يا ويلنا إنّا كنّا ظالمين} [الأنبياء: 14] يعني: فما زال ذلك قولهم.
{حتّى جعلناهم حصيدًا خامدين} [الأنبياء: 15] نا سعيدٌ، عن قتادة قال: يقول: لمّا رأوا العذاب لم يكن لهم هجّيرى إلا قولهم: {يا ويلنا إنّا كنّا ظالمين} [الأنبياء: 14]، {يا ويلنا إنّا كنّا ظالمين} [الأنبياء: 14]، حتّى أهلكوا.
وقوله: {حتّى جعلناهم حصيدًا خامدين} [الأنبياء: 15] حتّى أهلكوا). [تفسير القرآن العظيم: 1/302]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {فما زالت تلك دعواهم...}

يعني قولهم: إنا كنّا ظالمين، أي لم يزالوا يردّدونها. وفي هذا الموضع يصلح التذكير. وهو مثل قوله: {ذلك من أنباء الغيب} و{تلك من أنباء الغيب} ). [معاني القرآن: 2/200]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {حتّى جعلناهم حصيداً خامدين} مجاز الخامد مجاز الهامد كما يقال للنار إذا طفئت: خمدت النار.
والحصيد: مجازه مجاز المستأصل وهو يوصف بلفظ الواحد والاثنين والجميع من الذكر والأنثى سواء ،كأنه أجرى مجرى المصدر الذي يوصف به الذكر والأنثى والاثنان والجميع منه على لفظه، وفي آية أخرى: {كانتا رتقاً} مثله).
[مجاز القرآن: 2/36]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {حصيدا خامدين}: مستأصلين وهو للواحد والاثنين سواء.
{لا يستحسرون}: لا يعيون ولا يملون، ومنه ناقة حسير وحسرت بعيري:
أتعبته). [غريب القرآن وتفسيره: 253-254]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {خامدين} قد ماتوا فسكنوا وخمدوا). [تفسير غريب القرآن: 284]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {فما زالت تلك دعواهم حتّى جعلناهم حصيدا خامدين}
أي ما زالت الكلمة التي هي قولهم: {يا ويلنا إنا كنا ظالمين} دعواهم.
يجوز أن تكون (تلك) في موضع رفع اسم زالت و (دعواهم) في موضع نصب خبر زالت وجائز أن يكون (دعواهم) الاسم في موضع رفع، و (تلك) في موضع نصب على الخبر لا اختلاف بين النحويين في الوجهين).
[معاني القرآن: 3/386]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {حَصِيداً}: مستأصلين). [العمدة في غريب القرآن: 206]

تفسير قوله تعالى: {وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ (16)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {وما خلقنا السّماء والأرض وما بينهما لاعبين} [الأنبياء: 16] تفسير مجاهدٍ: ما خلقنا من جنّةٍ، ولا نارٍ، ولا موتٍ، ولا بعثٍ، ولا حسابٍ لاعبين.
وقال السّدّيّ: أي: إنّا لم نخلقهما وما بينهما باطلًا.
قال يحيى: أي: إنّما خلقناهما للبعث والحساب، والجنّة والنّار). [تفسير القرآن العظيم: 1/302]

تفسير قوله تعالى: {لَوْ أَرَدْنَا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْوًا لَاتَّخَذْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا إِنْ كُنَّا فَاعِلِينَ (17)}

قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {لو أردنا أن نتّخذ لهوًا} [الأنبياء: 17] واللّهو: المرأة بلسان اليمن، فيما حدّثنا الحسن بن دينارٍ عن الحسن.
[تفسير القرآن العظيم: 1/302]
قال السّدّيّ: لهوًا، يعني صاحبةً وولدًا.
قال: {لاتّخذناه من لدنّا} [الأنبياء: 17] قال مجاهدٌ والسّدّيّ: من عندنا.
{إن كنّا فاعلين} [الأنبياء: 17] قال قتادة والسّدّيّ: أي ما كنّا فاعلين، وذلك أنّ المشركين قالوا: إنّ الملائكة بنات اللّه.
وقد قال في آيةٍ أخرى: {أنّى يكون له ولدٌ ولم تكن له صاحبةٌ} [الأنعام: 101] ). [تفسير القرآن العظيم: 1/303]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {لو أردنا أن نّتّخذ لهواً...}

... حدثني حبّان عن الكلبيّ عن أبي صالح عن ابن عباس قال: اللهو: الولد بلغة حضرموت.
وقوله: {إن كنّا فاعلين} جاء في التفسير: ما كنا فاعلين و(إن) قد تكون في معنى (ما) كقوله: {إن أنت إلاّ نذيرٌ} وقد تكون إن التي في مذهب جزاء فيكون: إن كنّا فاعلين
وكنا لا نفعل. وهو أشبه الوجهين بمذهب العربيّة والله أعلم). [معاني القرآن: 2/200]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {لو أردنا أن نتّخذ لهواً} أي ولدا. ويقال: امرأة. وأصل اللهو: النكاح. وقد ذكرت هذا في كتاب «تأويل المشكل».
{لاتّخذناه من لدنّا} أي من عندنا لا عندكم). [تفسير غريب القرآن: 285]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (ومنه قوله سبحانه: {لَوْ أَرَدْنَا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْوًا لَاتَّخَذْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا إِنْ كُنَّا فَاعِلِينَ}.
قال قتادة والحسن: اللهو: المرأة.
وقال ابن عباس: هو الولد.
والتفسيران متقاربان، لأن امرأة الرجل لَهْوُهُ، وولده لَهْوُهُ ولذلك يقال: امرأة الرجل وولده ريحانتاه.
وأصل اللهو: الجماع، فكنّي عنه باللهو، كما كني عنه بالسِّرِّ، ثم قيلَ للمرأة: لَهْوٌ؛ لأنها تُجَامع.
قال امرؤ القيس:
ألا زَعَمَتْ بَسباسَةُ اليوم أنّني = كَبَرْتُ وألا يُحْسِنَ اللهوَ أمثالي
أي النكاح.
ويروى أيضا: (وألا يحسن السرَّ أمثالي): أي النكاح.
وتأويل الآية: أن النّصارى لما قالت في المسيح وأمّه ما قالت، قال الله جل وعز: {لَوْ أَرَدْنَا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْوًا}، أي صاحبة وولدا، كما يقولون، لاتخذنا ذلك {مِنْ لَدُنَّا}، أي من عندنا، ولم نتّخذه من عندكم لو كنّا فاعلين ذلك، لأنكم تعلمون أن ولد الرجل وزوجه يكونان عنده وبحضرته لا عند غيره.
وقال الله في مثل هذا المعنى: {إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ}، يعني الملائكة). [تأويل مشكل القرآن: 163]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ( (لدن): بمعنى عند، قال تعالى: {قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْرًا} أي بلغت من عندي.
وقال: {لَوْ أَرَدْنَا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْوًا لَاتَّخَذْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا} أي من عندنا.
وقد تحذف منها النون، كما تحذف من (لم يكن) قال الشاعر:
مِن لَدُ لَحْيَيْهِ إِلَى مَنْحُورِهِ
أي: من عند لحييه.
وفيها لغة أخرى أيضا: لدى، قال الله تعالى: {وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ} أي عند الباب). [تأويل مشكل القرآن: 563] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {لو أردنا أن نتّخذ لهوا لاتّخذناه من لدنّا إن كنّا فاعلين}
اللّهو في لغة حضرموت الولد، وقيل اللهو المرأة، وتأويله أن الولد لهو الدنيا، فلو أردنا أن نتخذ ذا لهو يلهى به.
ومعنى {لاتّخذناه من لدنّا} أي لاصطفيناه مما نخلق.
{إن كنّا فاعلين} معناه ما كنا فاعلين.
وكذلك جاء في التفسير.
ويجوز أن يكون للشرط أي: إن كنا ممن يفعل ذلك ولسنا ممن يفعله. والقول الأول قول المفسرين، والقول الثاني قول النحويين، وهم أجمعون يقولون القول الأول ويستجيدونه.
لأن (إن) تكون في معنى النفي، إلا أن أكثر ما تأتي مع اللام تقول: إن كنت لصالحا، معناه ما كنت إلا صالحا). [معاني القرآن: 3/386-387]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {أَن نَّتَّخِذَ لَهْوًا}: أي ولدا وقيل: امرأة، وأصل اللهو: النكاح). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 155]

تفسير قوله تعالى: {بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ (18)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {بل نقذف بالحقّ} [الأنبياء: 18] بالقرآن.
{على الباطل} [الأنبياء: 18] على باطلهم، يعني شركهم.
نا سعيدٌ، عن قتادة قال: {بل نقذف بالحقّ} [الأنبياء: 18] وهو كتاب اللّه، قذفه اللّه على باطلهم.
قال: {فيدمغه فإذا هو زاهقٌ} [الأنبياء: 18] داحضٌ، أي: ذاهبٌ.
قال: {ولكم الويل} [الأنبياء: 18] العذاب.
{ممّا تصفون} [الأنبياء: 18] قال قتادة: ممّا تكذبون، لقولهم: إنّ الملائكة بنات اللّه). [تفسير القرآن العظيم: 1/303]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) :
( {فيدمغه} أي يكسره. وأصل هذا إصابة الرأس والدماغ بالضرب وهو مقتل.

{فإذا هو زاهقٌ} أي زائل ذاهب). [تفسير غريب القرآن: 285]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ( {الويل}: كلمة جامعة للشر كله. قال الأصمعي: ويل تقبيح، قال الله تعالى: {وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ}. تقول العرب: له الويل، والأليل والأليل: الأنين.
وقد توضع في موضع التّحسّر والتّفجع، كقوله: {يَا وَيْلَنَا}. و{يَا وَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ}.
وكذلك: ويح وويس، تصغير). [تأويل مشكل القرآن: 561] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {بل نقذف بالحقّ على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق ولكم الويل ممّا تصفون}
يعنى بالحق القرآن على باطلهم {فيدمغه} فيذهبه ذهاب الصغار والإذلال.
{فإذا هو زاهق} أي ذاهب.
{ولكم الويل ممّا تصفون} أي ممّا تكذبون في وصفكم في قولكم إنّ للّه ولدا). [معاني القرآن: 3/387]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {فَيَدْمَغُهُ}: أي يكسره، من دمغته: إذا ضربت دماغه). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 155]

تفسير قوله تعالى: {وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ عِنْدَهُ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلَا يَسْتَحْسِرُونَ (19)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {وله من في السّموات والأرض ومن عنده} [الأنبياء: 19] يعني الملائكة.
{لا يستكبرون عن عبادته ولا يستحسرون} [الأنبياء: 19]
[تفسير القرآن العظيم: 1/303]
قال مجاهدٌ: ولا يحسرون أي: لا يعيون.
وقال قتادة: أي: ولا يعيون). [تفسير القرآن العظيم: 1/304]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ):
( {لا يستحسرون} أي لا يفترون ولا يعيون ولا يملون، ويقال: حسرت البعير).
[مجاز القرآن: 2/36]

قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {لا يستحسرون} أي لا يعيون. والحسير: المنقطع به الواقف إعياء أو كلالا). [تفسير غريب القرآن: 285]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {وله من في السّماوات والأرض ومن عنده لا يستكبرون عن عبادته ولا يستحسرون}
أي هؤلاء الذين ذكرتم أنهم أولاد اللّه - عزّ وجلّ - عباد اللّه، وهم الملائكة.
وقوله: {لا يستكبرون عن عبادته ولا يستحسرون} أي لا يعيون، يقال حسر واستحسر إذا تعب وأعيا، فالملائكة لا يعيون). [معاني القرآن: 3/387]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {ولا يستحسرون} أي: لا يملون ولا يعيون ولا يفشلون). [ياقوتة الصراط: 359]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {لَا يَسْتَحْسِرُونَ}: أي لا يعيون ويقطعون). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 155]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {لا يسْتَحْسِرونَ}: لا يعيون). [العمدة في غريب القرآن: 206]

تفسير قوله تعالى: {يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ (20)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ( {يسبّحون اللّيل والنّهار لا يفترون} [الأنبياء: 20] حدّثني حمّاد بن سلمة، عن حميدٍ الطّويل، عن رجلٍ، عن ابن عبّاسٍ في تفسيرها قال: انظر إلى بصرك هل يئودك؟ أي: هل يثقل عليك؟ وانظر إلى سمعك هل يئودك؟ وانظر إلى نفسك هل يئودك؟ فكذلك الملائكة.
- نا الفرات بن سلمان، عن عبد الكريم الجزريّ عن من حدّثه، عن جابر بن عبد اللّه وأبي سعيدٍ الخدريّ أنّهما قالا: إنّ أهل الجنّة يلهمون الحمد والتّسبيح كما تلهمون النّفس.
نا ابن لهيعة، عن أبي الزّبير، عن جابر بن عبد اللّه مثل ذلك.
- نا الحسن، عن الحسن قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «إنّ أهل الجنّة يلهمون الحمد والتّسبيح كما تلهمون النّفس».
- وحدّثني إبراهيم بن محمّدٍ، عن محمّد بن المنكدر قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «أطّت السّماء وحقّ لها أن تئطّ، ليس فيها موضع شبرٍ إلا وعليه ملكٌ ساجدٌ أو راكعٌ».
- وفي حديث سعيدٍ، عن قتادة أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: «إنّي أسمع أطيط السّماء وليس فيها موضعٌ إلا وعليه ملكٌ قائمٌ، أو راكعٌ أو ساجدٌ».
[تفسير القرآن العظيم: 1/304]
وحدّثني الفرات بن سلمان، عن عبد الكريم الجزريّ، عن عطاءٍ قال: ليس في السّموات السّبع موضع شبرٍ إلا وعليه ملكٌ قائمٌ أو راكعٌ أو ساجدٌ). [تفسير القرآن العظيم: 1/305]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) :
( {يسبّحون اللّيل والنّهار لا يفترون}

أي لا يشغلهم عن التسبيح رسالة، ومجرى التسبيح منهم كمجرى النفس منا، لا يشغلنا عن النفس شيء، فكذلك تسبيحهم دائم). [معاني القرآن: 3/387-388]

تفسير قوله تعالى: {أَمِ اتَّخَذُوا آَلِهَةً مِنَ الْأَرْضِ هُمْ يُنْشِرُونَ (21)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {أم اتّخذوا آلهةً من الأرض هم ينشرون} [الأنبياء: 21] تفسير مجاهدٍ: هم يحيون الموتى، على الاستفهام.
أي: قد اتّخذوا آلهةً لا ينشرون ولا يحيون الموتى.
وقال قتادة: {هم ينشرون} [الأنبياء: 21] الموتى، أي إنّهم لا يبعثون الأموات.
وقال السّدّيّ: {هم ينشرون} [الأنبياء: 21] يعني هم يبعثون، أي يبعثون الأموات). [تفسير القرآن العظيم: 1/305]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) :
( {هم ينشرون} أي يحيون الموتى).
[تفسير غريب القرآن: 285]

قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {أم اتّخذوا آلهة من الأرض هم ينشرون}
و (ينشرون)، فمن قرأ (ينشرون) فمعناه أم اتخذوا آلهة يحيون الموتى.
يقال: أنشر اللّه الموتى ونشروا هم، ومن قرأ ينشرون بفتح الياء، فمعناه: أم اتخذوا آلهة لا يموتون يحيون أبدا). [معاني القرآن: 3/388]

تفسير قوله تعالى: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آَلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ (22)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {لو كان فيهما} [الأنبياء: 22] يعني: في السّموات وفي الأرض.
{آلهةٌ إلا اللّه} [الأنبياء: 22] غير اللّه.
وهو تفسير السّدّيّ.
{لفسدتا} [الأنبياء: 22] لهلكتا.
تفسير السّدّيّ.
{فسبحان اللّه ربّ العرش} [الأنبياء: 22] ينزّه نفسه عمّا يقولون.
{عمّا يصفون} [الأنبياء: 22] أي: عمّا يكذبون). [تفسير القرآن العظيم: 1/305]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {لو كان فيهما آلهةٌ إلاّ اللّه لفسدتا...}

إلاّ في هذا الموضع بمنزله سوى كأنك قلت: لو كان فيهما آلهة سوى (أو غير) الله لفسد أهلهما (يعني أهل السماء والأرض) ). [معاني القرآن: 2/200]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {لو كان فيهما آلهة إلّا اللّه لفسدتا فسبحان اللّه ربّ العرش عمّا يصفون }
{فيهما} في السماء والأرض.
و {إلّا} في معنى " غير "، المعنى لو كان فيهما آلهة غير الله لفسدتا.
ف " إلّا " صفة في معنى غير، فلذلك ارتفع ما بعدها على لفظ الذي قبلها قال الشاعر:
وكلّ أخ مفارقه أخوه=لعمر أبيك إلاّ الفرقدان
المعنى وكل أخ غير الفرقدين مفارقه أخوه.
وقوله: {فسبحان اللّه ربّ العرش عمّا يصفون} (سبحان اللّه) معناه تنزيه الله من السوء وقد فسرنا ذلك.
وهذا تفسير عن النبي - صلى الله عليه وسلم -). [معاني القرآن: 3/388]

تفسير قوله تعالى: {لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ (23)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {لا يسأل عمّا يفعل وهم يسألون} [الأنبياء: 23]
[تفسير القرآن العظيم: 1/305]
قال قتادة: أي: لا يسأل عمّا يفعل بعباده، والعباد يسألون عن أعمالهم). [تفسير القرآن العظيم: 1/306]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) :
(وقوله: {لا يسأل عمّا يفعل وهم يسألون}

أي لا يسأل في القيامة عن حكمه في عباده، ويسأل عباده عن أعمالهم سؤال موبّخ لمن يستحق التوبيخ، ومجازيا بالمغفرة لمن استحق ذلك، لأن اللّه عزّ وجلّ قد علم أعمال العباد، ولكن يسألهم إيجابا للحجة عليهم، وهو قوله: {وقفوهم إنّهم مسئولون}أي سؤال الحجة التي ذكرنا،
فأما قوله: {فيومئذ لا يسأل عن ذنبه إنس ولا جانّ} فهذا معناه لا يسأل عن ذنبه ليستعلم منه، لأن الله قد علم أعمالهم قبل وقوعها وحين وقوعها وبعد وقوعها.
{عالم الغيب والشهادة} ). [معاني القرآن: 3/388-389]

تفسير قوله تعالى: {أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آَلِهَةً قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ هَذَا ذِكْرُ مَنْ مَعِيَ وَذِكْرُ مَنْ قَبْلِي بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ الْحَقَّ فَهُمْ مُعْرِضُونَ (24)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {أم اتّخذوا من دونه آلهةً} [الأنبياء: 24] على الاستفهام، أي: قد اتّخذوا من دونه آلهةً.
وهذا الاستفهام وما أشباهه استفهامٌ على معرفةٍ.
قال: {قل هاتوا برهانكم} [الأنبياء: 24] يعني: بيّنتكم في تفسير قتادة.
وقال الحسن: حجّتكم على ما تقولون إنّ اللّه أمركم أن تتّخذوا من دونه آلهةً.
قال قتادة: أي: ليست عندهم بذلك بيّنةٌ ولا حجّةٌ.
وقال السّدّيّ يعني: حجّتكم بأنّ معه آلهةً.
قوله: {هذا ذكر من معي} [الأنبياء: 24] قال قتادة: يعني القرآن فيه ذكر من معي.
يعني ما فيه من الحلال والحرام.
{وذكر من قبلي} [الأنبياء: 24] يقول: من أخبار الأمم السّالفة وأعمالهم، يعني من أهلك اللّه من الأمم ومن نجّى من المؤمنين، ليس فيه اتّخاذ آلهةٍ دون اللّه.
وقال السّدّيّ: {هذا ذكر من معي وذكر من قبلي} [الأنبياء: 24] يقول: خبر من معي وخبر من كان قبلي.
[تفسير القرآن العظيم: 1/306]
قال: {بل أكثرهم لا يعلمون الحقّ فهم معرضون} [الأنبياء: 24] يعني بقوله: أكثرهم جماعتهم.
وقوله: {فهم معرضون} [الأنبياء: 24] يعني: عن القرآن.
وقال قتادة: عن كتاب اللّه وهو واحدٌ). [تفسير القرآن العظيم: 1/307]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) :
( {قل هاتوا برهانكم} أي حجّتكم.

{هذا ذكر من معي} يعني القرآن {وذكر من قبلي} يعني الكتب المتقدمة من كتب اللّه. يريد أنه ليس في شيء منها أنه اتخذ ولدا). [تفسير غريب القرآن: 285]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {أم اتّخذوا من دونه آلهة قل هاتوا برهانكم هذا ذكر من معي وذكر من قبلي بل أكثرهم لا يعلمون الحقّ فهم معرضون}
قد أبان اللّه الحجة عليهم في تثبيت توحيده وأن آلهتهم لا تغني عنهم شيئا، ثم قيل لهم: هاتوا برهانكم بأنّ رسولا من الرسل أنبأ أمّتة بأنّ لهم إلها غير اللّه،
فهل في ذكر من معي وذكر من قبلي إلا توحيد الله عزّ وجلّ، وقد قرئت: هذا ذكر من معي وذكر من قبلي، ووجهها جيد.
ومعناه: هذا ذكر مما أنزل على ممّا هو معي، وذكر من قبلي.
قال أبو إسحاق: يريد بقوله {من معي} أي من الذي عندي، أو من الذي قبلي.
ثم بين فقال:{وما أرسلنا من قبلك من رسول إلّا نوحي إليه أنّه لا إله إلّا أنا فاعبدون}. [معاني القرآن: 3/389]

تفسير قوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ (25)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {وما أرسلنا من قبلك من رسولٍ إلا نوحي إليه أنّه لا إله إلا أنا فاعبدون} [الأنبياء: 25] أي: لا تعبدوا غيري، بذلك أرسل الرّسل جميعًا.
ابن لهيعة....
يزيد بن أبي حبيبٍ أنّ عبد اللّه بن عمرٍو قال: إنّ إدريس كان قبل نوحٍ، بعثه اللّه إلى قومه، يأمرهم أن يقولوا: لا إله إلا اللّه، ويعملوا ما شاءوا، فأبوا، فأهلكهم اللّه). [تفسير القرآن العظيم: 1/307]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) :
( {وما أرسلنا من قبلك من رسول إلّا نوحي إليه أنّه لا إله إلّا أنا فاعبدون}

و{نوحي إليه} ويجوز يوحي إليه أنّه لا إله إلّا أنا فاعبدون). [معاني القرآن: 3/389]

تفسير قوله تعالى: {وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ (26)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {وقالوا اتّخذ الرّحمن ولدًا} [الأنبياء: 26] سعيدٌ، عن قتادة قال: قالت اليهود: إنّ اللّه تبارك وتعالى صاهر الجنّ فكانت من بينهم الملائكة.
قال اللّه: {سبحانه} [الأنبياء: 26] ينزّه نفسه عمّا قالوا.
{بل عبادٌ مكرمون} [الأنبياء: 26] يعني الملائكة هم كرامٌ على اللّه). [تفسير القرآن العظيم: 1/307]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {سبحانه بل عبادٌ مّكرمون...}

معناه: بل هم عباد مكرمون. ولو كانت: بل عبادا مكرمين مردودة على الولد أي لم نتّخذهم ولداً ولكن اتخذناهم عباداً مكرمين (كان صوابا) ). [معاني القرآن: 2/201]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {وقالوا اتّخذ الرّحمن ولدا سبحانه بل عباد مكرمون}يعنى الملائكة وعيسى ابن مريم عليه السلام.
والذي في التفسير أنهم الملائكة، ولو قرئت بل عبادا مكرمين لم يجز لمخالفة المصحف، وهي في العربية جائزة ويكون المعنى: بل اتخذ عبادا مكرمين، والرفع أجود وأحسن).[معاني القرآن: 3/389]

تفسير قوله تعالى: {لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ (27)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({لا يسبقونه بالقول} [الأنبياء: 27] فيقولون شيئًا لم يقبلوه عن اللّه). [تفسير القرآن العظيم: 1/307]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) :
( {لا يسبقونه بالقول} لا يقولون حتى يقول ويأمر وينهي، ثم يقولون عنه.

ونحوه قوله: {لا تقدّموا بين يدي اللّه ورسوله}: أي لا تقدموا القول بالأمر والنهي قبله). [تفسير غريب القرآن: 285]

تفسير قوله تعالى: {يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ (28)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {وهم بأمره يعملون {27} يعلم ما بين أيديهم} [الأنبياء: 27-28] من أمر الآخرة.
[تفسير القرآن العظيم: 1/307]
{وما خلفهم} [الأنبياء: 28] من أمر الدّنيا إذا كانت الآخرة.
وتفسير السّدّيّ: {يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم} [الأنبياء: 28] يعني: يعلم ما كان من قبل خلق الملائكة، وما كان بعد خلقهم.
قال: {ولا يشفعون إلا لمن ارتضى} [الأنبياء: 28] لمن رضي عنه.
تفسير مجاهدٍ.
{وهم من خشيته مشفقون} [الأنبياء: 28] أي: خائفون في تفسير مجاهدٍ). [تفسير القرآن العظيم: 1/308]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) :
( {وهم من خشيته مشفقون} أي خائفون
). [تفسير غريب القرآن: 285]


تفسير قوله تعالى: {وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلَهٌ مِنْ دُونِهِ فَذَلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ (29)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ( {ومن يقل منهم إنّي إلهٌ من دونه فذلك نجزيه جهنّم كذلك نجزي الظّالمين} [الأنبياء: 29] وقال قتادة وغيره: هذه في إبليس خاصّةً لمّا قال ما قال دعا إلى عبادة نفسه.
وقال الحسن: ومن يقل ذلك منهم، إن قالوه ولا يقوله أحدٌ منهم.
وكان يقول: إنّ إبليس لم يكن منهم). [تفسير القرآن العظيم: 1/308]


رد مع اقتباس