عرض مشاركة واحدة
  #10  
قديم 4 شوال 1435هـ/31-07-2014م, 10:54 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (18)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ( {ويعبدون من دون اللّه ما لا يضرّهم ولا ينفعهم ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند اللّه قل أتنبّئون اللّه بما لا يعلم في السّماوات ولا في الأرض سبحانه وتعالى عمّا يشركون (18) وما كان النّاس إلّا أمّةً واحدةً فاختلفوا ولولا كلمةٌ سبقت من ربّك لقضي بينهم فيما فيه يختلفون (19) }
ينكر تعالى على المشركين الّذين عبدوا مع اللّه غيره، ظانّين أنّ تلك الآلهة تنفعهم شفاعتها عند اللّه، فأخبر تعالى أنّها لا تنفع ولا تضرّ ولا تملك شيئًا، ولا يقع شيءٌ ممّا يزعمون فيها، ولا يكون هذا أبدًا؛ ولهذا قال تعالى: {قل أتنبّئون اللّه بما لا يعلم في السّماوات ولا في الأرض}.
وقال ابن جريرٍ: معناه أتخبّرون اللّه بما لا يكون في السّماوات ولا في الأرض؟ ثمّ نزّه نفسه عن شركهم وكفرهم، فقال: {سبحانه وتعالى عمّا يشركون}). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 256]

تفسير قوله تعالى: {وَمَا كَانَ النَّاسُ إِلَّا أُمَّةً وَاحِدَةً فَاخْتَلَفُوا وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ فِيمَا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (19)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :(ثمّ أخبر تعالى أنّ هذا الشّرك حادثٌ في النّاس، كائنٌ بعد أن لم يكن، وأنّ النّاس كلّهم كانوا على دينٍ واحدٍ، وهو الإسلام؛ قال ابن عبّاسٍ: كان بين آدم ونوحٍ عشرة قرونٍ، كلّهم على الإسلام، ثمّ وقع الاختلاف بين النّاس، وعبدت الأصنام والأنداد والأوثان، فبعث اللّه الرّسل بآياته وبيّناته وحججه البالغة وبراهينه الدّامغة، {ليهلك من هلك عن بيّنةٍ ويحيا من حيّ عن بيّنةٍ} [الأنفال: 42].
وقوله: {ولولا كلمةٌ سبقت من ربّك لقضي بينهم فيما فيه يختلفون} أي: لولا ما تقدّم من اللّه تعالى أنّه لا يعذّب أحدًا إلّا بعد قيام الحجّة عليه؛ وأنّه قد أجّل الخلق إلى أجلٍ معدودٍ لقضى بينهم فيما فيه اختلفوا، فأسعد المؤمنين، وأعنت الكافرين). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 257]

تفسير قوله تعالى: {وَيَقُولُونَ لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آَيَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَقُلْ إِنَّمَا الْغَيْبُ لِلَّهِ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ (20)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ( {ويقولون لولا أنزل عليه آيةٌ من ربّه فقل إنّما الغيب للّه فانتظروا إنّي معكم من المنتظرين (20) }
أي: ويقول هؤلاء الكفرة [الملحدون] المكذّبون المعاندون: "لولا أنزل على محمّدٍ آيةٌ من ربّه"، يعنون كما أعطى اللّه ثمود النّاقة، أو أن يحوّل لهم الصّفا ذهبا، أو يزيح عنهم جبال مكّة ويجعل مكانها بساتين وأنهارًا، ونحو ذلك ممّا اللّه عليه قادرٌ ولكنّه حكيمٌ في أفعاله وأقواله، كما قال تعالى: {تبارك الّذي إن شاء جعل لك خيرًا من ذلك جنّاتٍ تجري من تحتها الأنهار ويجعل لك قصورًا} [الفرقان: 10، 11] وقال تعالى: {وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذّب بها الأوّلون وآتينا ثمود النّاقة مبصرةً فظلموا بها وما نرسل بالآيات إلا تخويفًا} [الإسراء: 59]، يقول تعالى: إنّ سنّتي في خلقي أنّي إذا آتيتهم ما سألوا، فإن آمنوا وإلّا عاجلتهم بالعقوبة. ولهذا لمّا خيّر رسول اللّه، عليه الصّلاة والسّلام، بين أن يعطى ما سألوا، فإن أجابوا وإلّا عوجلوا، وبين أن يتركهم وينظرهم، اختار إنظارهم، كما حلم عنهم غير مرّةٍ، صلوات اللّه عليه؛ ولهذا قال تعالى إرشادًا لنبيّه إلى الجواب عمّا سألوا: {فقل إنّما الغيب للّه} أي: الأمر كلّه للّه، وهو يعلم العواقب في الأمور، {فانتظروا إنّي معكم من المنتظرين} أي: إن كنتم لا تؤمّنون حتّى تشاهدوا ما سألتم فانتظروا حكم اللّه فيّ وفيكم. هذا مع أنّهم قد شاهدوا من معجزاته، عليه السّلام أعظم ممّا سألوا حين أشار بحضرتهم إلى القمر ليلة إبداره، فانشقّ باثنتين فرقةٍ من وراء الجبل، وفرقةٍ من دونه. وهذا أعظم من سائر الآيات الأرضيّة ممّا سألوا وما لم يسألوا، ولو علم اللّه منهم أنّهم سألوا ذلك استرشادًا وتثبّتًا لأجابهم، ولكن علم أنّهم إنّما يسألون عنادًا وتعنّتًا، فتركهم فيما رابهم، وعلم أنّهم لا يؤمن منهم أحدٌ، كما قال تعالى: {إنّ الّذين حقّت عليهم كلمة ربّك لا يؤمنون ولو جاءتهم كلّ آيةٍ حتّى يروا العذاب الأليم} [يونس: 96، 97]، وقال تعالى: {ولو أنّنا نزلنا إليهم الملائكة وكلّمهم الموتى وحشرنا عليهم كلّ شيءٍ قبلا ما كانوا ليؤمنوا إلا أن يشاء اللّه ولكنّ أكثرهم يجهلون} [الأنعام: 111]، ولما فيهم من المكابرة، كما قال تعالى: {ولو فتحنا عليهم بابًا من السّماء فظلّوا فيه يعرجون لقالوا إنّما سكّرت أبصارنا بل نحن قومٌ مسحورون} [الحجر: 14، 15]، وقال تعالى: {وإن يروا كسفًا من السّماء ساقطًا يقولوا سحابٌ مركومٌ} [الطّور: 44]، وقال تعالى: {ولو نزلنا عليك كتابًا في قرطاسٍ فلمسوه بأيديهم لقال الّذين كفروا إن هذا إلا سحرٌ مبينٌ} [الأنعام: 7]، فمثل هؤلاء أقلّ من أن يجابوا إلى ما سألوه؛ لأنّه لا فائدة في جواب هؤلاء؛ لأنّه دائرٌ على تعنّتهم وعنادهم، لكثرة فجورهم وفسادهم؛ ولهذا قال: {فانتظروا إنّي معكم من المنتظرين} ). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 257-258]


رد مع اقتباس