عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 2 جمادى الآخرة 1434هـ/12-04-2013م, 08:40 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
Post

التفسير اللغوي

تفسير قوله تعالى: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى (124)}

قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {ومن أعرض عن ذكري} [طه: 124] فلم يبّتع هداي، لم يؤمن.
{فإنّ له معيشةً ضنكًا} [طه: 124]
- حدّثني عبد اللّه بن عرادة، عن محمّد بن عمرٍو، عن أبي سلمة بن عبد الرّحمن قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: " {معيشةً ضنكًا} [طه: 124] : عذاب القبر ".
- وحدّثني المسعو....
، عن القاسم بن عبد الرّحمن، عن عبد اللّه بن مسعودٍ قال: {معيشةً ضنكًا} [طه: 124] : عذاب القبر.
- وحدّثني حمّاد بن سلمة، عن أبي جارمٍ، عن النّعمان بن أبي عيّاشٍ، عن أبي سعيدٍ الخدريّ قال: {معيشةً ضنكًا} [طه: 124] : عذاب القبر، يلتئم على صاحبه حتّى تختلف أضلاعه.
- حدّثني عاصم بن حكيمٍ، عن أبي زرعة يحيى بن أبي عمرٍو السّيبانيّ، عن شيخٍ من أهل دمشق، عن رجلٍ من قيسٍ قال: قدمت المدينة ومعي ابن أخٍ لي فلمّا غشينا الحرّة إذا قبرٌ يحفر، فقلت لابن أخي: هل لك أن نحضر هذه الجنازة؟ فملنا إلى القبر وهو يحفر، وعنده قومٌ جلوسٌ فقلت: اجلس بنا إلى الشّمط فإنّ الشّمط من أهلها أصحاب النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم.
قال: فنظرنا إلى شيخٍ من أدنى القوم من الأنصار، فجلسنا إليه فأخذ ينظر إلينا مرّةً وإلى القبر مرّةً، ثمّ قال: ألا أحدّثكم ما حدّثني به خليلي أبو القاسم؟ قال: قلت: بلى.
قال: فإنّه حدّثنا أنّ الرّجل المؤمن إذا وضع في قبره فانصرف النّاس، أتاه صاحب القبر الّذي وكّل به، فأتاه من قبل جانبه الأيمن، فقالت الزّكاة الّتي كان يعطي: لا تفزّعه من قبلي اليوم.
ثمّ أتاه من قبل رأسه، فقال القرآن الّذي كان يقرأ: لا تفزّعه من قبلي اليوم.
ثمّ جاءه من قبل رجليه، فقالت الصّلاة الّتي كان يصلّي: لا تفزّعه
[تفسير القرآن العظيم: 1/286]
من قبلي اليوم.
ثمّ جاءه من جانبه الأيسر، فأيقظه إيقاظك الرّجل لا يحبّ أن تفزّعه فقال له: من ربّك؟ قال: اللّه وحده لا شريك له.
قال: من نبيّك؟ قال: محمّدٌ.
قال: فما كان دينك؟ قال: الإسلام.
قال: وعلى ذلك حييت، وعلى ذلك متّ؟ قال: نعم.
قال: وعلى ذلك تبعث؟ قال: نعم.
قال: صدقت.
قال: فيفتح له في جنب قبره، فيريه منزله من الجنّة وما أعدّ اللّه له من الكرامة، فيشرق وجهه، وتفرح نفسه، ثمّ يقال له: نم نوم العروس الّذي لا يوقظه إلا أعزّ أهله عليه.
ويؤتى بالكافر، فلا يجد شيئًا يحول دونه، لا صلاة، ولا قراءة، ولا زكاة.
فيوقظه إيقاظك الرّجل تحبّ أن تفزّعه فيقول: من ربّك؟ فيقول: أنت.
ومن نبيّك فيقول: أنت.
وما كان دينك؟ فيقول: أنت.
قال: فيقول: صدقت، لو كان لك إلهٌ تعبده لاهتديت له اليوم.
فيفتح له في جانب قبره بابٌ فيريه منزله من النّار وما أعدّ اللّه له من العذاب، فيظلم وجهه، وتخبث نفسه ويضربه ضربةً يتناصل منها كلّ عظمٍ من موضعه، فيسمعه الخلق إلا الثّقلين: الإنس والجنّ، ثمّ يقذف في مقلاةٍ ينفخه نافخان، لا يميل إلى هذا إلا ردّه إلى هذا، ولا يميل إلى هذه إلا ردّه إلى هذا، حتّى ينفخ في الصّور النّفخة الأولى، فيقال له: اخمد، فيخمد حتّى
ينفخ في الصّور النّفخة الثّانية.
فيبعث مع الخلق، فيقضى له كما يقضى لهم، لا راحة إلا ما بين النّفختين.
- وحدّثني أبو أميّة، عن يونس بن خبّابٍ، عن المنهال بن عمرٍو، عن زاذان، عن
[تفسير القرآن العظيم: 1/287]
البراء بن عازبٍ، أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم اتّبع جنازة رجلٍ من الأنصار، فلمّا انتهى إلى قبره وجده لمّا يلحد، فجلس وجلسنا حوله كأنّما على رءوسنا الطّير، وبيده عودٌ فهو ينكت به في الأرض، ثمّ رفع رأسه فقال: " اللّهمّ إنّي أعوذ بك من عذاب القبر.
قالها ثلاثًا.
- إنّ المؤمن إذا كان في قبلٍ من الآخرة وانقطاعٍ من الدّنيا، أتته ملائكةٌ، وجوههم كالشّمس بحنوطه وكفنه، فجلسوا منه بالمكان الّذي يراهم منه، فإذا خرج روحه صلّى عليه كلّ ملكٍ بين السّماء والأرض، وكلّ ملكٍ في السّموات، وفتحت أبواب السّماء، كلّ بابٍ منها يعجبه أن يصعد روحه منه.
فينتهي الملك إلى ربّه فيقول: يا ربّ، هذا روح عبدك فلانٍ، فيصلّي اللّه عليه وملائكته ويقول: ارجعوا بعبدي فأروه ماذا أعددت له من الكرامة، فإنّي عهدت إلى عبادي أنّي منها خلقتكم وفيها أعيدكم.
فيردّ إليه روحه حتّى يوضع في قبره، فإنّه ليسمع قرع نعالهم حين ينصرفون عنه، قال: فيقال له: ما ربّك؟ وما دينك؟ ومن نبيّك؟ فيقول: اللّه ربّي، والإسلام ديني، ومحمّدٌ نبيّي.
فينتهر انتهارًا شديدًا ثمّ يقال له: ما دينك، ومن ربّك، ومن نبيّك؟ فيقول: اللّه ربّي، والإسلام ديني، ومحمّدٌ نبيّي، فينادي منادٍ: {يثبّت اللّه الّذين آمنوا بالقول الثّابت في الحياة الدّنيا وفي الآخرة} [إبراهيم: 27].
ويأتيه عمله في صورةٍ حسنةٍ وريحٍ طيّبةٍ فيقول: أبشر بجنّاتٍ فيها نعيمٌ مقيمٌ، فقد كنت سريعًا في طاعة اللّه، بطيئًا عن معصية اللّه فيقول: وأنت فبشّرك اللّه بخيرٍ فمثل وجهك بشّر بالخير، ومن أنت؟ فيقول: أنا عملك الحسن.
ثمّ يفتح له بابٌ من أبواب النّار فيقال له: هذا كان منزلك فأبدلك اللّه به خيرًا منه.
ثمّ يفتح له بابٌ من أبواب الجنّة فيريه منزله في الجنّة، فينظر إلى ما أعدّ اللّه له من الكرامة فيقول: يا ربّ متى تقوم السّاعة كي أرجع إلى أهلي ومالي، فيوسّع له في قبره ويرقد.
[تفسير القرآن العظيم: 1/288]
وأمّا الكافر فإذا كان في قبلٍ من الآخرة وانقطاعٍ من الدّنيا، أتته ملائكةٌ بسرابيل من قطرانٍ، ومقطّعاتٍ من نارٍ، فجلسوا منه بالمكان الّذي يراهم منه وينتزع روحه كما ينتزع السّفّود الكثير شعبه من الصّوف المبتلّ، من عروقه وقلبه، فإذا خرج روحه لعنه كلّ ملكٍ بين السّماء والأرض، وكلّ ملكٍ في السّموات، وغلّقت أبواب السّماء دونه كلّ بابٍ يكره أن يصعد روحه منه.
فينتهي الملك إلى ربّه فيقول: يا ربّ هذا روح فلانٍ عندك، لا تقبله أرضٌ ولا سماءٌ، فيلعنه اللّه وملائكته ويقول: ارجعوا بعبدي فأروه ماذا أعددت له من الهوان، فإنّي عهدت إلى عبادي أنّي منها خلقتكم وفيها أعيدكم.
فيردّ إليه روحه حتّى يوضع في قبره، فإنّه يسمع قرع نعالهم حين ينصرفون عنه فيقال له: ما دينك؟ ومن ربّك؟ ومن نبيّك؟ فيقول: اللّه ربّي والإسلام ديني، ومحمّدٌ نبيّي.
فينتهر انتهارًا شديدًا.
ثمّ يقال له: ما دينك؟ ومن ربّك؟ ومن نبيّك؟ فيقول: لا أدري، فيقال له: لا دريت.
ويأتيه عمله في صورةٍ قبيحةٍ وريحٍ منتنةٍ فيقول: أبشر بعذابٍ مقيمٍ.
فيقول: وأنت فبشّرك اللّه بشرٍّ، فمثل وجهك بشّر بالشّرّ، ومن أنت؟ فيقول: أنا عملك الخبيث، ثمّ يفتح له بابٌ من أبواب الجنّة فيقال له: هذا كان منزلك لو أطعت اللّه، ثمّ يفتح له منزله من النّار، فينظر إلى ما أعدّ اللّه له من الهوان، ويقيّض له أصمّ أعمى بيده مرزبّةٌ لو توضع على جبلٍ لصار رفاتًا، فيضربه ضربةً فيصير رفاتًا، ثمّ يعاد فيضربه بين عينيه
ضربةً يضجّ منها ضجّةً يسمعها من على الأرض إلى الثّقلين، وينادي منادٍ: أن افرشوه لوحين من نارٍ، فيفرش لوحين من نارٍ ويضيق عليه قبره حتّى تختلف أضلاعه ".
قوله: {ونحشره يوم القيامة أعمى} [طه: 124] يعني عن حجّته كقوله:
[تفسير القرآن العظيم: 1/289]
{ومن يدع مع اللّه إلهًا آخر لا برهان له به} [المؤمنون: 117] لا حجّة له به). [تفسير القرآن العظيم: 1/290]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {معيشةً ضنكاً...}

والضّنك: الضّيّقة الشديدة.
وقوله: {ونحشره يوم القيامة أعمى} أعمى عن الحجّة، ويقال: إنه يخرج من قبره بصيراً فيعمى في حشره). [معاني القرآن: 2/194]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {فإنّ له معٍيشةً ضنكاً} مجازه معيشة ضيقة، والضّنك توصف به الأنثى، والمذكّر بغير الهاء وكل عيش أو منزلٍ أو مكان ضيق فهو ضنكٌ،
قال عنترة:
إن المنيّة لو تمثّل مثّلت=مثلي إذا نزلوا بضنك المنزل
وقال:
وإن نزلوا بضنكٍ أنزل). [مجاز القرآن: 2/32]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {معيشة ضنكا}: ضيقة). [غريب القرآن وتفسيره: 252]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) :( {معيشةً ضنكاً} أي ضيّقة). [تفسير غريب القرآن: 283]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {ومن أعرض عن ذكري فإنّ له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى}
الضّنك: أصله في اللغة الضيق والشدة، ومعناه - واللّه أعلم - أن هذه المعيشة الضنك في نار جهنم.
وأكثر ما جاء في التفسير أنّه عذاب القبر.
وقوله: {ونحشره يوم القيامة أعمى}.
مثل ونحشر المجرمين يومئذ زرقا، وقيل أعمى عن حجته، وتأويله أنه لا حجة له يهتدي إليها، لا أن له حجة، وأنه يعمى عنها.
ما للناس على اللّه حجة بعد الرسل، ولله الحجة البالغة وقد بشّر وأنذر، ووعد وأوعد.
وقوله عزّ وجلّ {لعلّهم يتّقون أو يحدث لهم ذكرا}.
أي لعل الوعيد يحدث لهم تذكر العذاب، فيزجرهم عن المعاصي وقيل: {أو يحدث لهم ذكرا} أي: شرفا.
وقوله عزّ وجلّ: {ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضى إليك وحيه}.
أي من قبل أن يبيّن لك بيانه، ويقرأ من قبل أن نقضي إليك وحيه بالنون، ويجوز من قبل أن يقضي إليك وحيه، أي من قبل أن يقضي اللّه إليك وحيه،
ولم تقرأ " تقضي " وقرئت يقضى ونقضي - بالياء والنون).[معاني القرآن: 3/379،378]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {معيشة ضنكا} أي: معيشة ضيقة). [ياقوتة الصراط: 354]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {ضَنكًا}: أي ضيقة). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 154]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {ضَنْـكا}: ضيّـقة). [العمدة في غريب القرآن: 204]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا (125)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {قال ربّ لم حشرتني أعمى} [طه: 125] عن الحجّة في تفسير قتادة والسّدّيّ.
{وقد كنت بصيرًا} [طه: 125] في الدّنيا، عالمًا بحجّتي في الدّنيا، وإنّما علمه ذلك عند نفسه في الدّنيا.
كان يحاجّ في الدّنيا جاحدًا لما جاءه من اللّه.
وقال قتادة: عمي عن الحقّ، أي في الدّنيا). [تفسير القرآن العظيم: 1/290]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آَيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى (126)}

قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال اللّه تبارك وتعالى: {قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى} [طه: 126] أي: لأنّه أتتك آياتنا في الدّنيا.
{فنسيتها} [طه: 126] فتركتها، لم تؤمن بها.
{وكذلك اليوم تنسى} [طه: 126] تترك في النّار.
نا سفيان، عن جابرٍ، عن عكرمة قال: {وكذلك اليوم تنسى} [طه: 126] قال: في النّار.
وقال قتادة: نسي من الخير أي: ترك من الخير ولم ينس من الشّرّ، أي: ولم يترك من الشّرّ). [تفسير القرآن العظيم: 1/290]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) :
(وقوله عزّ وجلّ: {قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى}

أي كذلك تترك في النار كما تركت آياتنا).[معاني القرآن: 3/379]

تفسير قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِآَيَاتِ رَبِّهِ وَلَعَذَابُ الْآَخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى (127)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {وكذلك نجزي من أسرف} [طه: 127] من أشرك، أسرف على نفسه بالشّرك.
{ولم يؤمن بآيات ربّه ولعذاب الآخرة أشدّ} [طه: 127] من عذاب الدّنيا {وأبقى} [طه: 127] أي: لا ينقطع أبدًا). [تفسير القرآن العظيم: 1/290]

تفسير قوله تعالى: {أَفَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِأُولِي النُّهَى (128)}

قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {أفلم يهد لهم} [طه: 128]
[تفسير القرآن العظيم: 1/290]
نا سعيدٌ، عن قتادة وهو تفسير السّدّيّ قالا: أفلم نبيّن لهم.
ومن قرأها بالياء يقول: {أفلم يهد لهم} [طه: 128] أفلم يبيّن اللّه لهم.
قال يحيى: ولا أعرف أيّ القرائتين قرأ قتادة.
{كم أهلكنا قبلهم من القرون} [طه: 128] قال الحسن: أي بيّنّا لهم، فقرأه على النّون، كيف أهلكنا القرون الأولى، نحذّرهم ونخوّفهم العذاب إن لم يؤمنوا.
قال: {يمشون في مساكنهم} [طه: 128] تمشي هذه الأمّة في مساكن من مضى، أي: يمرّون عليها وإن لم تكن الدّيار قائمةً ولكنّ المواضع كقوله: {ذلك من أنباء القرى نقصّه عليك} [هود: 100] ثمّ قال: {منها قائمٌ} [هود: 100] تراه {وحصيدٌ} [هود: 100] لا تراه.
وقال السّدّيّ: {يمشون في مساكنهم} [طه: 128] يعني يمرّون، يعني ممرّ أهل مكّة على مساكنهم، يعني على قراهم.
قال: {إنّ في ذلك لآياتٍ لأولي النّهى} [طه: 128] لأولي الورع في تفسير قتادة.
وقال الحسن: لأولي العقول، وهم المؤمنون). [تفسير القرآن العظيم: 1/291]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {أفلم يهد لهم...}

يبيّن لهم إذا نظروا {كم أهلكنا} و(كم) في موضع نصب لا يكون غيره. ومثله في الكلام: أو لم يبيّن لك من يعمل خيرا يجز به، فجملة الكلام فيها معنى رفع.
ومثله أن تقول: قد تبيّن لي أقام عبد الله أم زيد، في الاستفهام معنى رفع. وكذلك قوله: {سواءٌ عليكم أدعوتموهم أم أنتم صامتون} فيه شيء برفع {سواءٌ عليكم}،
لا يظهر مع الاستفهام.
ولو قلت: سواء عليكم صمتكم ودعاؤكم تبيّن الرّفع الذي في الجملة.
وقوله: {يمشون في مساكنهم} يعني أهل مكّة. وكانوا يتّجرون ويسيرون في مساكن عاد وثمود، فيمرّون فيها. فالمشي لكفّار أهل مكّة (والمساكن) للمهلكين.
فقال: أفلم يخافوا أن يقع بهم ما وقع بالذين رأوا مساكنهم وآثار عذابهم).[معاني القرآن: 2/195]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {أفلم نهد لهم} أي نبين لهم ونوضح لهم). [مجاز القرآن: 2/32]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {أفلم نهد لهم}: نبين لهم ونوضح لهم). [غريب القرآن وتفسيره: 252]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {أفلم يهد لهم} أي يبيّن لهم). [تفسير غريب القرآن: 283]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {أفلم يهد لهم كم أهلكنا قبلهم من القرون يمشون في مساكنهم إنّ في ذلك لآيات لأولي النّهى}
قرئت بالنون والياء، فمن قرأ بالنّون فمعناه أفلم نبين لهم بيانا يهتدون به، ومن قرأ أفلم يهد - بالياء - فالمعنى أفلم يبيّن لهم الأمر بإهلاك من قبلهم من القرون.
و " كم " في موضع نصب بـ {أهلكنا}.
وكانت قريش تتجر وترى مساكن عاد وثمود وبها علامات الإهلاك، فذلك قوله: {يمشون في مساكنهم}
ويجوز {في مسكنهم} أي في موضع سكناهم ولم يقرأ بها.
ويقرأ: (يمشّون في مساكنهم) بالتشديد.
وقوله: {إنّ في ذلك لآيات لأولي النّهى}.
أي لذوي العقول والمعرفة، يقال: فلان ذو نهية إذا كان له عقل ينتهي به عن المقابح).[معاني القرآن: 3/380،379]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {يَهْدِ لَهُمْ}: يوضح لهم).[العمدة في غريب القرآن: 205]

تفسير قوله تعالى: {وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَكَانَ لِزَامًا وَأَجَلٌ مُسَمًّى (129)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {ولولا كلمةٌ سبقت من ربّك} [طه: 129] تفسير الحسن: ألا تعذّب هذه الأمّة بعذاب الاستئصال، إلا بالسّاعة، يعني: النّفخة الأولى.
{لكان لزامًا وأجلٌ مسمًّى} [طه: 129] {لكان لزامًا} [طه: 129] يعني أخذًا بالعذاب، يلزمون عقوبة كفرهم.
[تفسير القرآن العظيم: 1/291]
وليس هذا من تفسير الحسن.
وفي الآخرة النّار.
قال: {لكان لزامًا وأجلٌ مسمًّى} [طه: 129] وقال قتادة: {وأجلٌ مسمًّى} [طه: 129] السّاعة.
وهذا من تقديم الكلام.
يقول: ولولا كلمةٌ سبقت من ربّك وأجلٌّ مسمًّى لكان لزامًا.
قال يحيى: ولذلك ارتفع الأجل والكلمة أي: إذًا لأهلكناهم بجحودهم جميعًا ما جاء به النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم.
وقد كان اللّزام خاصّةً فيمن أهلك اللّه يوم بدرٍ في قول عبد اللّه بن مسعودٍ.
- نا عثمان، عن سعيدٍ المقبريّ أنّ أبا هريرة قال لكعبٍ: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: «خير يومٍ طلعت فيه الشّمس وغابت يوم الجمعة».
فقال كعبٌ: نعم، إنّ اللّه خلق الخلق يوم الأحد، حتّى انتهى إلى الجمعة، فخلق آدم آخر ساعات النّهار يوم الجمعة.
فلمّا استوى عطس فقال: الحمد للّه، فقال اللّه له: يرحمك اللّه، فهي الآية: {ولولا كلمةٌ سبقت من ربّك لكان لزامًا وأجلٌ مسمًّى} [طه: 129]
- حدّثنا الحسن بن دينارٍ، عن محمّد بن سيرين قال: قال عبد اللّه بن مسعودٍ: كان اللّزام يوم بدرٍ.
وقال الحسن في تفسير عمرٍو: وهو هلاك آخر كفّار هذه الأمّة بالنّفخة الأولى الدّائنين بدين أبي جهلٍ وأصحابه). [تفسير القرآن العظيم: 1/292]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {ولولا كلمةٌ سبقت من رّبّك لكان لزاماً وأجلٌ مّسمًّى...}

يريد: ولولا كلمة وأجلٌ مسمّى لكان لزاما (مقدّم ومؤخّر) وهو - فيما ذكروا - ما نزل بهم في وقعة بدر من القتل). [معاني القرآن: 2/195]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {لكان لزاماً} أي فيصلا يلزم كل إنسان طائره إن خيرا فخير وإن شراً فشر فلازمه.[مجاز القرآن: 2/32]
قال حجل بن نضلة الباهلي:
لا زلت محتملاً على ضغينةً=حتى الممات يكون منك لزاما
فأخرجه مخرج قطام ورقاش). [مجاز القرآن: 2/33]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {ولولا كلمةٌ سبقت من رّبّك لكان لزاماً وأجلٌ مّسمًّى}
وقال: {ولولا كلمةٌ سبقت من رّبّك لكان لزاماً} يريد: ولولا {أجلٌ مّسمًّى} لكان لزاما).[معاني القرآن: 3/6]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {لزاما}: اللزام الأمر الذي قد وجب). [غريب القرآن وتفسيره: 252]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {ولولا كلمةٌ سبقت من ربّك لكان لزاماً وأجلٌ مسمًّى} أي لولا أن اللّه جعل الجزاء يوم القيامة، وسبقت بذلك كلمته لكان العذاب لزاما، أي ملازما لا يفارق. مصدر لازمته. وفيه تقديم وتأخير. أراد: لولا كلمة سبقت وأجل مسمى - لكان العذاب لزاما. وفي تفسير أبي صالح:
لزاما: أخذا). [تفسير غريب القرآن: 283]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (ومنه قوله سبحانه: {وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَكَانَ لِزَامًا وَأَجَلٌ مُسَمًّى}،
أي: ولولا كلمة سبقت وأجل مسمّى، لكان العذاب لزاما). [تأويل مشكل القرآن: 209]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {ولولا كلمة سبقت من ربّك لكان لزاما وأجل مسمّى}
أي لكان القتل الذي نالهم لازما أبدا، ولكان العذاب لازما لهم.
{وأجل مسمّى} معطوف على {كلمة} المعنى لولا كلمة سبقت وأجل مسمى لكان لزاما، يعنى بالأجل المسمى أن الله وعدهم العذاب يوم القيامة.
وذلك قوله: {بل السّاعة موعدهم والسّاعة أدهى وأمرّ} ). [معاني القرآن: 3/380]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {لكان لزاما} أي: فصلا، ويقال: لكان لزاما، أي: ملازما، والأول عليه العمل). [ياقوتة الصراط: 354]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( (اللِّـزام): الذي قد وجب). [العمدة في غريب القرآن: 205]

رد مع اقتباس