عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 28 محرم 1440هـ/8-10-2018م, 11:53 AM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ (14) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {ولقد أرسلنا نوحا} الآية. قصة فيها تسلية لمحمد صلى الله عليه وسلم عما تضمنته الآيات قبلها من تعنت قومه، وفتنتهم للمؤمنين وغير ذلك، وفيها وعيد لهم بتمثيل أمرهم بأمر قوم نوح، والواو في قوله: "ولقد" عاطفة جملة كلام على جملة كلام، والقسم فيها بعيد. وقوله تعالى: "أرسلنا"، "فلبث"، هذا العطف بالفاء يقتضي ظاهره أنه لبث هذه المدة رسولا يدعو، وقد يحتمل أن تكون المدة المذكورة مدة إقامته، من لدن مولده إلى غرق قومه، وأما على التأويل الأول فاختلف في سنه التي بعث عندها، فقيل: أربعون، وقيل: ثمانون، وقال عون بن أبي شداد: ثلاثمائة وخمسون، ولذلك يحتمل أن تكون وفاته عليه السلام عند غرق قومه بعد ذلك بيسير، وقد روي أنه عمر بعد ذلك ثلاثمائة وخمسين عاما، وأنه عاش ألف سنة وستمائة سنة وخمسين سنة. وقوله تبارك وتعالى: {فأخذهم الطوفان} يقتضي أنه أخذ قومه فقط، وقد اختلف في ذلك، فقالت فرقة: إنما غرق في الطوفان طائفة من الأرض وهي المختصة بقوم نوح، وقالت فرقة -هي الجمهور-: إنما غرقت المعمورة كلها.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وهذا هو ظاهر الأمر; لاتخاذه السفينة، ولبعثه الطير ترتاد زوال الماء، ولغير ذلك من الدلائل، وبقي أن يعترض هذا بأن يقال: كيف غرق الجميع والرسالة إلى البعض؟ فالوجه في ذلك أن يقال: إن اختصاص نبي بأمة ليس هو بألا يهدي غيرها، ولا يدعوها إلى توحيد الله تعالى، وإنما هو بألا يأخذ بقتل غيرها، ولا يبث العبادات فيهم، ولم يكن الناس يومئذ كثيرين بحكم القرب من آدم عليه السلام، فلا محالة أن دعاءه إلى توحيد الله تعالى قد كان بلغ الكل، فنالهم الغرق لإعراضهم وتماديهم.
و "الطوفان": العظيم الطامي، ويقال ذلك لكل طام خرج عن العادة من ماء أو نار أو موت، ومنه قول الشاعر:
أفناهم طوفان موت جارف
و "طوفان" وزنه فعلان بناء مبالغة من: طاف يطوف إذا عم من كل جهة، ولكنه كثر استعماله في الماء خاصة، وقوله تعالى: {وهم ظالمون} يريد: بالشرك). [المحرر الوجيز: 6/ 631-632]

تفسير قوله تعالى: {فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَصْحَابَ السَّفِينَةِ وَجَعَلْنَاهَا آَيَةً لِلْعَالَمِينَ (15) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) :(و " أصحاب السفينة " تقدم في غير هذه السورة الخلاف في عددهم، وهم بنوه وقوم آمنوا، والضمير في قوله: "وجعلناها" يحتمل أن يعود على السفينة، و"الآية" هنا العبرة والعلامة على قدرة الله تبارك وتعالى في شدة بطشه، قال قتادة: أبقاها آية على الجودي). [المحرر الوجيز: 6/ 633]

تفسير قوله تعالى: {وَإِبْرَاهِيمَ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (16) إِنَّمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثَانًا وَتَخْلُقُونَ إِفْكًا إِنَّ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقًا فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (17) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {وإبراهيم إذ قال لقومه اعبدوا الله واتقوه ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون إنما تعبدون من دون الله أوثانا وتخلقون إفكا إن الذين تعبدون من دون الله لا يملكون لكم رزقا فابتغوا عند الله الرزق واعبدوه واشكروا له إليه ترجعون}
يجوز أن يكون " إبراهيم " معطوفا على " نوح "، ويجوز أن يكون معطوفا على الضمير في "أنجيناه"، ويجوز أن ينصبه فعل تقديره: واذكر إبراهيم. وهذه القصة أيضا تمثيل لقريش، وكان نمروذ وأهل مدينته عبدة أصنام، فدعاهم إبراهيم عليه السلام إلى توحيد الله تعالى وعبادته، ثم قرر لهم ما هم عليه من الضلال.
وقرأ جمهور الناس: "تخلقون إفكا"، وقرأ ابن الزبير، وفضيل: "أفكا" على وزن (فعل)، وهو مصدر كالكذب والضحك ونحوه، واختلف في معنى "تخلقون"، فقيل: هو نحت الأصنام وخلقها. سماها إفكا توسعا من حيث يفترون بها الإفك في أنها آلهة، وقال مجاهد: هو اختلاق الكذب في أمر الأوثان، وغير ذلك. وقرأ أبو عبد الرحمن السلمي، وعون العقيلي، وقتادة، وابن أبي ليلى: "وتخلقون إفكا" بفتح الخاء وشد اللام وفتحها، و"الإفك" -على هذه القراءة- الكذب.
ثم وقفهم على جهة الاحتجاج عليهم بأمر يفهمه عامتهم وخاصتهم، وهو أمر الرزق، فقرر أن الأصنام لا ترزق، وأمر الخير عند الله تبارك وتعالى، وخصص الرزق لمكانته من الخلق، فهو خير يدل على جنسه كله. ويقال: شكرت لك، وشكرتك، بمعنى واحد. ثم أخبرهم بالمعاد والحشر إليه). [المحرر الوجيز: 6/ 633]

تفسير قوله تعالى: {وَإِنْ تُكَذِّبُوا فَقَدْ كَذَّبَ أُمَمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ (18) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {وإن تكذبوا فقد كذب أمم من قبلكم وما على الرسول إلا البلاغ المبين أولم يروا كيف يبدئ الله الخلق ثم يعيده إن ذلك على الله يسير قل سيروا في الأرض فانظروا كيف بدأ الخلق ثم الله ينشئ النشأة الآخرة إن الله على كل شيء قدير}
في قوله تعالى: {وإن تكذبوا} الآية ... وعيد، أي: قد كذب غيركم وعذب، وإنما على الرسول البلاغ، وكل أحد -بعد ذلك- مأخوذ بعمله). [المحرر الوجيز: 6/ 634]

رد مع اقتباس