عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 19 رجب 1434هـ/28-05-2013م, 11:23 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي جمهرة تفاسير السلف

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ (14) )

قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وسمعت مالكا وسئل عن الطوفان، فقال: هو الماء). [الجامع في علوم القرآن: 2/136] (م)
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن قتادة في قوله تعالى فأخذهم الطوفان قال الماء). [تفسير عبد الرزاق: 2/100]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ولقد أرسلنا نوحًا إلى قومه فلبث فيهم ألف سنةٍ إلاّ خمسين عامًا فأخذهم الطّوفان وهم ظالمون}.
وهذا وعيدٌ من اللّه تعالى ذكره هؤلاء المشركين من قريشٍ، القائلين للّذين آمنوا: اتّبعوا سبيلنا ولنحمل خطاياكم، يقول لنبيّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم: لا يحزنك يا محمّد ما تلقى من هؤلاء المشركين أنت وأصحابك من الأذى، فإنّي وإن أمليت لهم فأطلت إملاءهم، فإنّ مصير أمرهم إلى البوار، ومصير أمرك وأمر أصحابك إلى العلوّ والظّفر بهم والنّجاة ممّا يحلّ بهم من العقاب، كفعلنا ذلك بنوحٍ، إذ أرسلناه إلى قومه، فلبث فيهم ألف سنةٍ إلاّ خمسين عامًا يدعوهم إلى التّوحيد، وفراق الآلهة والأوثان، فلم يزدهم ذلك من دعائه إيّاهم إلى اللّه من الإقبال إليه، وقبول ما أتاهم به من النّصيحة من عند اللّه إلاّ فرارًا.
وذكر أنّه أرسل إلى قومه وهو ابن ثلاث مائةٍ وخمسين سنةً.
- كما حدّثنا نصر بن عليٍّ الجهضميّ، قال: حدّثنا نوح بن قيسٍ، قال: حدّثنا عون بن أبي شدّادٍ، قال: إنّ اللّه أرسل نوحًا إلى قومه وهو ابن خمسين وثلاث مائة سنةٍ فلبث فيهم ألف سنةٍ إلاّ خمسين عامًا، ثمّ عاش بعد ذلك خمسين وثلاث مائة سنةٍ.
{فأخذهم الطّوفان} يقول تعالى ذكره: فأهلكهم الماء الكثير، وكلّ ماءٍ كثيرٍ فاشٍ طامٍ، فهو عند العرب طوفانٌ، سيلاً كان أو غيره، وكذلك الموت إذا كان فاشيًا كثيرًا، فهو أيضًا عندهم طوفانٌ؛ ومنه قول الرّاجز:
أفناهم طوفان موتٍ جارف
وبنحو قولنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {فأخذهم الطّوفان} قال: هو الماء الّذي أرسل عليهم.
- حدّثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذٍ، يقول: أخبرنا عبيدٌ، قال: سمعت الضّحّاك، يقول: الطّوفان: الغرق.
وقوله: {وهم ظالمون} يقول: وهم ظالمون أنفسهم بكفرهم بربّهم). [جامع البيان: 18/370-371]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (ولقد أرسلنا نوحًا إلى قومه فلبث فيهم ألف سنةٍ إلّا خمسين عامًا فأخذهم الطّوفان وهم ظالمون (14)
قوله تعالى: ولقد أرسلنا نوحًا إلى قومه
تقدّم تفسيره.
قوله تعالى: فلبث فيهم ألف سنةٍ إلا خمسين عامًا
- حدّثنا أحمد بن سنانٍ، ثنا عبد الرّحمن بن مهديٍّ، عن سفيان، عن سلمة بن كهيلٍ، عن مجاهدٍ قال: قال لي ابن عمر. كم لبث نوحٌ في قومه قال: قلت ألف سنةٍ ألا خمسين عامًا قال: فإنّ النّاس لم يزالوا في نقصان أعمارهم وأحلامهم وأخلاقهم إلى يومك هذا.
- حدّثنا أبي، ثنا موسى بن إسماعيل، ثنا حمّادٌ، عن عليّ بن زيدٍ، عن يوسف بن مهران ، عن ابن عبّاسٍ قال: بعث نوحٌ وهو لأربعين سنةً ولبث في قومه ألف سنةٍ إلا خمسين عامًا، وعاش بعد الطّوفان ستّين عامًا حتّى كثر النّاس أو فشوا.
- أخبرنا عبيد بن محمّد بن يحيى بن حمزة الدّمشقيّ فيما كتب إليّ ثنا أبو الجماهر، ثنا سعيد بن بشرٍ، ثنا قتادة قوله: ولقد أرسلنا نوحًا إلى قومه فلبث فيهم ألف سنةٍ إلا خمسين عامًا وعاش بعد الطّوفان ستّين عامًا يقال إنّ عمره كلّه.
- قال قتادة لبث فيهم قبل أن يدعوهم ثلاثمائة سنةٍ ودعاهم ثلاثمائة سنةٍ ولبث بعد الطّوفان ثلاثمائةٍ وخمسين سنةً.
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا صفوان، ثنا الوليد، ثنا أبو رافعٍ إسماعيل بن رافعٍ، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسارٍ، عن كعب الأحبار في قول اللّه: فلبث فيهم ألف سنةٍ إلا خمسين عامًا قال: عاش بعد ذلك سبعين عامًا.
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا نصر بن عليٍّ، ثنا نوح بن قيسٍ، ثنا عون ابن شدّادٍ قال: إنّ اللّه تبارك وتعالى أرسل نوحا إلى قومه وهو ابن خمسين وثلاثمائة سنةٍ فدعاهم ألف سنةٍ إلا خمسين عامًا، ثم عاش بعد ذلك خمسين وثلاثمائة سنة.
قوله تعالى: فأخذهم الطوفان
[الوجه الأول]
- حدّثنا أبي ثنا محمّد بن سعيدٍ الأصبهانيّ، ثنا يحيى بن ثمان، عن المنهال ابن خليفة، عن الحجّاج، عن الحكيم بن ميتا، عن عائشة، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم يعني قوله: فأخذهم الطّوفان قال: الطّوفان: الموت.
الوجه الثّاني:
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا منجاب بن الحارث، ثنا بشرٌ، عن أبي روقٍ، عن الضّحّاك، عن ابن عباس قوله: الطّوفان قال: مطرٌ باللّيل والنّهار ثمانية أيّامٍ.
وروي، عن سعيد بن جبيرٍ والسّدّيّ قالا: المطر.
الوجه الثّالث:
- حدّثنا أبي ثنا يحيى بن المغيرة، ثنا جريرٌ، عن قابوس، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ قوله: الطّوفان أمرٌ من أمر ربّك، ثمّ قرأ فطاف عليها طائفٌ من ربّك.
الوجه الرّابع:
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا أبو عبد الرّحمن الحارثيّ، عن جويبرٍ، عن الضّحّاك الطّوفان الغرق.
الوجه الخامس:
- ذكر، عن أبي عاصمٍ، عن عيسى بن ميمونٍ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ الطّوفان الماء والطّاعون.
- حدّثنا أبي ثنا محمّد بن وهب بن عطيّة الدّمشقيّ، ثنا الهيثم بن عمران العبسيّ قال: سمعت إسماعيل بن عبيد يقول: كان الطّوفان الّذي أغرق النّاس في نيسان.
قوله تعالى: وهم ظالمون
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا منجابٌ، ثنا بشرٌ، عن أبي روقٍ، عن الضّحّاك، عن ابن عبّاسٍ الظّالمون الكافرون). [تفسير القرآن العظيم: 9/3041-3043]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما فأخذهم الطوفان وهم ظالمون * فأنجيناه وأصحاب السفينة وجعلناه آية للعالمين.
أخرج ابن أبي شيبه، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والحاكم وصححه، وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: بعث الله نوحا وهو ابن أربعين سنة ولبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما يدعوهم إلى الله وعاش بعد الطوفان ستين سنة حتى كثر الناس وفشوا). [الدر المنثور: 11/536]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة رضي الله عنه قال: كان عمر نوح عليه السلام قبل أن يبعث إلى قومه وبعدما بعث ألفا وسبعمائة سنة). [الدر المنثور: 11/536]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج سعيد بن منصور، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد قال: قال لي ابن عمر رضي الله عنهما كم لبث نوح عليه السلام في قومه قلت: ألف سنة إلا خمسين عاما قال: فان من كان قبلكم كانوا أطول أعمارا ثم لم يزل الناس ينقصون في الأخلاق والآجال والأحلام والأجسام إلى يومهم هذا). [الدر المنثور: 11/536]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن عون بن أبي شداد رضي الله تعالى عنه قال: إن الله أرسل نوحا عليه السلام إلى قومه وهو ابن خمسين وثلاثمائة سنة فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما ثم عاش بعد ذلك خمسين وثلاثمائة سنة). [الدر المنثور: 11/537]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي الدنيا في كتاب ذم الدنيا عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: جاء ملك الموت إلى نوح عليه السلام فقال: يا أطول النبيين عمرا كيف وجدت الدنيا ولذتها قال: كرجل دخل بيتا له بابان فوقف وسط الباب هنيهة ثم خرج من الباب الآخر). [الدر المنثور: 11/537]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله {فأخذهم الطوفان} قال: الماء الذي أرسل عليهم). [الدر المنثور: 11/537]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن الضحاك رضي الله عنه قال {الطوفان} الغرق). [الدر المنثور: 11/537]

تفسير قوله تعالى: (فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَصْحَابَ السَّفِينَةِ وَجَعَلْنَاهَا آَيَةً لِلْعَالَمِينَ (15) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن في قوله تعالى فأنجيناه وأصحاب السفينة قال أخبرني يونس بن خباب عن مجاهد قال كانوا سبعة نوح وثلاثة بنيه ونساء بنيه.
قال معمر وحسبت أني سمعت الكلبي يذكر أنهم كانوا ثلاثين أو نحو ذلك). [تفسير عبد الرزاق: 2/99]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {فأنجيناه وأصحاب السّفينة وجعلناها آيةً للعالمين}.
يقول تعالى ذكره: فأنجينا نوحًا وأصحاب سفينته، وهم الّذين حملهم في سفينته من ولده وأزواجهم.
وقد بيّنّا ذلك فيما مضى قبل، وذكرنا الرّوايات فيه، فأغنى ذلك عن إعادته في هذا الموضع.
{وجعلناها آيةً للعالمين} يقول: وجعلنا السّفينة الّتي أنجيناه وأصحابه فيها عبرةً وعظةً للعالمين، وحجّةً عليهم.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله {فأنجيناه وأصحاب السّفينة} الآية. قال: أبقاها اللّه آيةً للنّاس بأعلى الجوديّ.
ولو قيل: معنى: {وجعلناها آيةً للعالمين} وجعلنا عقوبتنا إيّاهم آيةً للعالمين، وجعل الهاء والألف في قوله {وجعلناها} كنايةً عن العقوبة أو السّخط، ونحو ذلك، إذ كان قد تقدّم ذلك في قوله: {فأخذهم الطّوفان وهم ظالمون} كان وجهًا من التّأويل). [جامع البيان: 18/371-372]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (فأنجيناه وأصحاب السّفينة وجعلناها آيةً للعالمين (15)
قوله تعالى: فأنجيناه وأصحاب السّفينة
- حدّثنا محمّد بن يحيى، ثنا عليّ بن عثمان، ثنا داود بن أبي الفرات، عن علياء بن أحمر، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ قال: كان مع نوحٍ في السّفينة ثمانون رجلا معهم أهلوهم، وأنّهم كانوا في السّفينة مائةً وخمسين يومًا.
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {فأنجيناه وأصحاب السفينة} قال: نوح وبنوه ونساء بنيه). [الدر المنثور: 11/537]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {وجعلناها آية للعالمين} قال: أبقاها الله آية فهي على الجودي، والله أعلم). [الدر المنثور: 11/537-538]
قوله تعالى: وجعلناها آيةً للعالمين
- حدّثنا محمّد بن يحيى، ثنا العبّاس بن الوليد، ثنا يزيد، ثنا سعيدٌ، عن قتادة قوله وجعلناها آيةً للعالمين قال: أبقاها اللّه آيةً للعالمين بأعلى الجوديّ للعالمين أي للنّاس). [تفسير القرآن العظيم: 9/3043]

تفسير قوله تعالى: (وَإِبْرَاهِيمَ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (16) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وإبراهيم إذ قال لقومه اعبدوا اللّه واتّقوه ذلكم خيرٌ لكم إن كنتم تعلمون}.
يقول تعالى ذكره لنبيّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم: واذكر أيضًا يا محمّد إبراهيم خليل الرّحمن، إذ قال لقومه: اعبدوا اللّه أيّها القوم دون غيره من الأوثان والأصنام، فإنّه لا إله لكم غيره، {واتّقوه} يقول: واتّقوا سخطه بأداء فرائضه، واجتناب معاصيه {ذلكم خيرٌ لكم إن كنتم تعلمون} ما هو خيرٌ لكم ممّا هو شرٌّ لكم). [جامع البيان: 18/372]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله تعالى: وإبراهيم إذ قال لقومه اعبدوا اللّه واتّقوه
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا عمرو بن حمّادٍ، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ قال: ولد إبراهيم عليه السّلام فكان في كلّ يومٍ مرّ به كأنّه جمعةٌ والجمعة كالشّهر من سرعة شبابه، وكبر إبراهيم عليه السّلام ثمّ أتى قومه فدعاهم. فقال: يا قوم، إنّي بريءٌ ممّا تشركون.
قوله تعالى: ذلكم خيرٌ لكم إن كنتم تعلمون
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى بن عبد اللّه بن بكيرٍ حدّثني ابن لهيعة حدّثني عطاءٌ، عن سعيد بن جبيرٍ في قول اللّه: خيرٌ لكم يعني: أفضل لكم). [تفسير القرآن العظيم: 9/3043]

تفسير قوله تعالى: (إِنَّمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثَانًا وَتَخْلُقُونَ إِفْكًا إِنَّ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقًا فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (17) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن الحسن في قوله وتخلقون إفكا قال تنحتون إفكا). [تفسير عبد الرزاق: 2/96]
قالَ مُحَمَّدُ بنُ أَحمدَ بنِ نَصْرٍ الرَّمْلِيُّ (ت:295هـ): (ثنا يوسف بن عديٍّ، قال: ثنا رشدين بن سعدٍ، عن يونس بن يزيد، عن عطاءٍ الخراساني في قول الله عز وجل: {تخلقون إفكاً} قال: تنحتون وتصوّرون إفكًا). [جزء تفسير عطاء الخراساني: 100]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {إنّما تعبدون من دون اللّه أوثانًا وتخلقون إفكًا إنّ الّذين تعبدون من دون اللّه لا يملكون لكم رزقًا فابتغوا عند اللّه الرّزق واعبدوه واشكروا له إليه ترجعون}.
يقول تعالى ذكره مخبرًا عن قيل خليله إبراهيم لقومه: إنّما تعبدون أيّها القوم من دون اللّه أوثانًا، يعني مثلاً.
- كما حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله {إنّما تعبدون من دون اللّه أوثانًا} أصنامًا.
- واختلف أهل التّأويل في تأويل قوله: {وتخلقون إفكًا} فقال بعضهم: معناه: وتصنعون كذبًا.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا عليٌّ، قال: حدّثنا أبو صالحٍ، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، في قوله: {وتخلقون إفكًا} يقول: تصنعون كذبًا.
وقال آخرون: وتقولون كذبًا.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، {وتخلقون إفكًا} يقول: وتقولون إفكًا.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، {وتخلقون إفكًا} يقول: تقولون كذبًا.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: وتنحتون إفكًا.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن عطاءٍ الخراسانيّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله {وتخلقون إفكًا} قال: تنحتون، تصوّرون إفكًا.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {وتخلقون إفكًا} أي تصنعون أصنامًا.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {وتخلقون إفكًا} الأوثان الّتي ينحتونها بأيديهم.
وأولى الأقوال في ذلك بالصّواب قول من قال: معناه: وتصنعون كذبًا. وقد بيّنّا معنى الخلق فيما مضى، بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع.
فتأويل الكلام إذن: إنّما تعبدون من دون اللّه أوثانًا، وتصنعون كذبًا وباطلاً. و(إنّما) في قوله {إفكًا} مردودٌ على {إنّما}، كقول القائل: إنّما تفعلون كذا، وإنّما تفعلون كذا.
وقرأ جميع قرّاء الأمصار: {وتخلقون إفكًا} بتخفيف الخاء من قوله: {وتخلقون} وضمّ اللاّم من (الخلق). وذكر عن أبي عبد الرّحمن السّلميّ أنّه قرأ: (وتخلّقون إفكًا) بفتح الخاء، وتشديد اللاّم من (التّخليق).
والصّواب من القراءة في ذلك عندنا ما عليه قرّاء الأمصار، لإجماع الحجّة من القرّاء عليه.
وقوله: {إنّ الّذين تعبدون من دون اللّه لا يملكون لكم رزقًا} يقول جلّ ثناؤه: إنّ أوثانكم الّتي تعبدونها، لا تقدر أن ترزقكم شيئًا {فابتغوا عند اللّه الرّزق} يقول: فالتمسوا عند اللّه الرّزق لا من عند أوثانكم، تدركوا ما تبتغون من ذلك {واعبدوه} يقول: وذلّوا له {واشكروا له} على رزقه إيّاكم، ونعمه الّتي أنعمها عليكم.
يقال: شكرته و(شكرت له)، والثّانية أفصح من (شكرته).
وقوله: {إليه ترجعون} يقول: إلى اللّه تردّون من بعد مماتكم، فيسائلكم عمّا أنتم عليه من عبادتكم غيره، وأنتم عباده وخلقه، وفي نعمه تتقلّبون، ورزقه تأكلون). [جامع البيان: 18/373-375]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله تعالى: إنّما تعبدون من دون اللّه أوثانًا
- حدّثنا محمّد بن يحيى أنبأ العبّاس بن الوليد، ثنا يزيد قال: سمعت سعيدًا يقول: عن قتادة قوله: أوثانًا أي أصناما.
قوله تعالى: وتخلقون إفكا
[الوجه الأول]
- حدّثنا أبي، ثنا أبو صالحٍ حدّثني معاوية بن صالح بن عليّ بن أبي طلحة عن ابن عبّاسٍ قوله: وتخلقون إفكًا يقول: وتضعون. وروي عن قتادة مثل ذلك.
الوجه الثّاني:
- أخبرنا محمّد بن سعدٍ فيما كتب إليّ، حدّثني أبي حدّثني عمّي حدّثني أبي، عن عطيّة، عن ابن عبّاسٍ قوله: وتخلقون إفكًا قال: يقولون إفكًا. وروي، عن السّدّيّ مثل ذلك.
الوجه الثّالث:
- أخبرنا العبّاس بن الوليد، أخبرني محمّد بن شعيبٍ أخبرني عثمان بن عطا، عن أبيه وتخلقون إفكًا قال: وتصوّرون إفكًا.
- حدّثنا أبي، ثنا أبو صالحٍ حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ قوله: وتخلقون إفكًا يقول: وتضعون كذبًا، وروي عن مجاهدٍ، والحسن، وعكرمة، مثل ذلك.
الوجه الرّابع:
- حدّثنا محمّد بن يحيى أنبأ العبّاس بن الوليد، ثنا يزيد قال: سمعت، عن قتادة قوله: وتخلقون إفكًا أي تضعون أصنامًا.
قوله تعالى: إنّ الّذين تعبدون من دون الله الآية
- حدّثنا أبي، ثنا هشام بن خالدٍ، ثنا شعيب بن إسحاق، ثنا سعيدٌ، عن قتادة قوله: إنّ الّذين تعبدون من دون اللّه هذا الوثن وهذا الحجر.
قوله تعالى: واعبدوه واشكروا له إليه ترجعون
- وبه، عن قتادة قال: كرامةٌ أكرمكم اللّه بها، فاشكروا للّه نعمه.
- حدّثنا أبي ثنا محمّد بن آدم المصّيصيّ، ثنا زيدٌ، عن موسى بن عبيدة قال: سمعت محمّد بن كعبٍ القرظيّ وهو يقول: إنّ كلّ عملٍ عمل للّه فهو شكرٌ لأنعم اللّه.
قوله تعالى: إليه ترجعون
تقدّم تفسيره). [تفسير القرآن العظيم: 9/3043-3045]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيمنا آدم نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد وتخلقون إفكا قال تقولون كذبا). [تفسير مجاهد: 494-495]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن قتادة في قوله {إنما تعبدون من دون الله أوثانا} قال: أصناما {وتخلقون إفكا} قال: تصنعون أصناما). [الدر المنثور: 11/538]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وابن المنذر عن الحسن في قوله {وتخلقون إفكا} قال: تنحتون). [الدر المنثور: 11/538]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {وتخلقون إفكا} قال: تصنعون كذبا.
وأخرج الفريابي، وابن جرير عن مجاهد، مثله). [الدر المنثور: 11/538]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن عاصم بن أبي النجود رضي الله عنه أنه قرأ {وتخلقون إفكا} خفيفتين وقرأ {أوثانا مودة} منصوبة منونة {بينكم} نصب). [الدر المنثور: 11/539]

تفسير قوله تعالى: (وَإِنْ تُكَذِّبُوا فَقَدْ كَذَّبَ أُمَمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ (18) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وإن تكذّبوا فقد كذّب أممٌ من قبلكم وما على الرّسول إلاّ البلاغ المبين}.
يقول تعالى ذكره: وإن تكذّبوا أيّها النّاس رسولنا محمّدًا صلّى اللّه عليه وسلّم فيما دعاكم إليه من عبادة ربّكم الّذي خلقكم ورزقكم، والبراءة من الأوثان، فقد كذّبت جماعاتٌ من قبلكم رسلها فيما دعتهم إليه الرّسل من الحقّ، فحلّ بها من اللّه سخطه، ونزل بها منه عاجل عقوبته، فسبيلكم سبيلها فيما هو نازلٌ بكم بتكذيبكم إيّاه {وما على الرّسول إلاّ البلاغ المبين} يقول: وما على محمّدٍ إلاّ أن يبلّغكم عن اللّه رسالته، ويؤدّي إليكم ما أمره بأدائه إليكم ربّه.
ويعني بالبلاغ المبين: الّذي يبيّن لمن سمعه ما يراد به، ويفهم به ما يعني به). [جامع البيان: 18/376]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (وإن تكذّبوا فقد كذّب أممٌ من قبلكم وما على الرّسول إلّا البلاغ المبين (18)
قوله تعالى: وإن تكذّبوا فقد كذّب أممٌ من قبلكم
- حدّثنا محمّد بن يحيى، ثنا العبّاس بن الوليد، ثنا يزيد بن زريعٍ، ثنا سعيدٌ، عن قتادة قوله: إن تكذّبوا فقد كذّب أممٌ من قبلكم قال: يعزّي نبيّه صلّى اللّه عليه وسلّم.
قوله تعالى: وما على الرّسول إلا البلاغ المبين
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى بن عبد اللّه، حدّثني ابن لهيعة حدّثني عطاءٌ، عن سعيد بن جبيرٍ المبين يعني البيّن). [تفسير القرآن العظيم: 9/3045]


رد مع اقتباس