عرض مشاركة واحدة
  #8  
قديم 3 محرم 1436هـ/26-10-2014م, 08:09 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {فَأَمَّا الْإِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ (15) وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ (16)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله عزّ وجلّ: {فأمّا الإنسان إذا ما ابتلاه ربّه فأكرمه ونعّمه فيقول ربّي أكرمن * وأمّا إذا ما ابتلاه فقدر عليه رزقه فيقول ربّي أهانن * كلّا بل لّا تكرمون اليتيم * ولا تحاضّون على طعام المسكين * وتأكلون التّراث أكلًا لّمًّا * وتحبّون المال حبًّا جمًّا * كلّا إذا دكّت الأرض دكًّا دكًّا * وجاء ربّك والملك صفًّا صفًّا}
ذكر اللّه تعالى في هذه الآية ما كانت قريشٌ تقوله وتستدلّ به على إكرام اللّه [تعالى] وإهانته لعبده؛ وذلك أنهم كانوا يرون أنّ من عنده الغنى والثّروة والأولاد فهو المكرم، وبضدّه المهان.
ومن حيث كان هذا المقطع غالبًا على كثيرٍ من الكفار جاء التوبيخ في هذه الآية لاسم الجنس؛ إذ قد يقع بعض المؤمنين في شيءٍ من هذا المنزع، ومن ذلك حديث الأعراب الذين كانوا يقصدون المدينة على النبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، فمن نال خيرًا قال: هذا دينٌ حسنٌ. ومن ناله شرٌّ قال: هذا دين سوءٍ.
و{ابتلاه} معناه: اختبره، و(نعّمه) معناه: جعله ذا نعمةٍ.
وقرأ ابن كثيرٍ: (أكرمني) بالياء في وصلٍ ووقفٍ، وحذفها عاصمٌ، وابن عامرٍ، وحمزة، والكسائيّ في الوجهين، وقرأ نافعٌ بالياء في الوصل وحذفها في الوقف.
وكذلك {أهانن}، وخيّر في الوجهين أبو عمرٍو.
وقرأ جمهور الناس: {فقدر}؛ بتخفيف الدال ـ بمعنى: ضيّق، وقرأ الحسن - بخلافٍ - وأبو جعفرٍ، وعيسى، وخالدٌ: (فقدّر) ـ بشدّ الدال ـ بمعنى: جعله على قدرٍ.
وقيل: هما بمعنًى واحدٍ في معنى التضييق؛ لأنه ضعّف (قدّر) مبالغةً لا تعديةً، ويقتضي ذلك قول الإنسان: {أهانن}؛ لأنّ (قدّر) معدًّى، إنما معناه: أعطاه ما يكفيه، ولا إهانة مع ذلك). [المحرر الوجيز: 8/ 610-611]

تفسير قوله تعالى: {كَلَّا بَل لَا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ (17)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (ثم قال تعالى: {كلاّ}؛ ردًّا على قولهم ومعتقدهم، أي: ليس إكرام اللّه -تعالى- وإهانته كذلك، وإنما ذلك ابتلاءٌ، فحقّ من ابتلي بالغنى أن يشكر ويطيع، ومن ابتلي بالفقر أن يشكر ويصبر.
وأما إكرام اللّه تعالى فهو بالتقوى، وإهانته فبالمعصية.
ثمّ أخبرهم تعالى بأعمالهم؛ من أنهم لا يكرمون اليتيم، وهو من بني آدم الذي فقد أباه وكان غير بالغٍ، ومن البهائم ما فقد أمّه، وقال النبيّ -صلّى اللّه عليه وسلّم-: «أحبّ البيوت إلى اللّه تعالى بيتٌ فيه يتيمٌ مكرمٌ
»). [المحرر الوجيز: 8/ 611]

تفسير قوله تعالى: {وَلَا تَحَاضُّونَ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ (18)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقرأ ابن كثيرٍ، ونافعٌ، وابن عامرٍ: (تحضّون) بمعنى: يحضّ بعضكم بعضًا، أو تحضّون أنفسكم. وقرأ عاصمٌ، وحمزة، والكسائيّ: {تحاضّون}؛ بفتح التاء ـ بمعنى تتحاضّون، أي: يحضّ قومٌ قومًا.
وقرأ أبو عمرٍو: (يحضّون) بياءٍ من تحت مفتوحةً وبغير ألفٍ، وقرأ عبد اللّه بن المبارك: (تحاضّون) ؛ بضمّ التاء - على وزن تقاتلون، أي: أنفسكم، أي: بعضكم بعضًا، ورواها الشّيرزيّ عن الكسائيّ.
وقد يجيء (فاعلت) بمعنى (فعلت) وهذا منه، وإلى هذا ذهب أبو عليٍّ وأنشد:
تحاسنت به ... ... ... ....... ... ... ... ...
أي: حسنت، وأنشد أيضًا:
إذا تخازرت وما بي من خزر
ويحتمل أن يكون مفاعلةً، ويتّجه ذلك على رجف. فتأمّله.
وقرأ الأعمش: (تتحاضّون) بتاءين.
و{طعام}؛ في هذه الآية بمعنى: إطعام. وقال قومٌ: أراد نفس طعامه الذي يأكل، ففي الكلام حذفٌ، تقديره: على بذل طعام المسكين. وقد تقدّم القول في سورة (براءةٌ) في المسكين والفقير بما يغني عن إعادته). [المحرر الوجيز: 8/ 611-612]

تفسير قوله تعالى: {وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ أَكْلًا لَمًّا (19)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وعدّد تعالى عليهم جدّهم في أكل التراث؛ لأنّهم كانوا لا يورّثون النساء ولا صغار الأولاد، وإنما كان يأخذ المال من يقاتل ويحمي الحوزة.
و(اللّمّ): الجمع واللّفّ، قال الحسن: هو أن يأخذ في الميراث حظّه وحظّ غيره. وقال أبو عبيدة: (لممت ما على الخوان) إذا أكلت جميع ما عليه بأسره، ومنه: (لمّ الشّعث)، ومنه قول الشاعر:
ولست بمستبقٍ أخًا لا تلمّه ....... على شعثٍ أيّ الرّجال المهذّب؟).
[المحرر الوجيز: 8/ 612]

تفسير قوله تعالى: {وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا (20)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (و(الجمّ): الكثير الشديد، ومنه قول الشاعر:
إن تغفر اللّهمّ تغفر جمّا ....... وأيّ عبدٍ لك لا ألمّا؟
ومنه: الجمّ من الناس). [المحرر الوجيز: 8/ 612-613]


رد مع اقتباس