عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 21 ربيع الثاني 1434هـ/3-03-2013م, 11:51 AM
ريم الحربي ريم الحربي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: بلاد الحرمين
المشاركات: 2,656
افتراضي تفسير السلف

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (24) )
قال عبد الله بن المبارك بن واضح المروزي (ت: 181هـ): (- أخبرنا مسعر، قال: حدثني معن وعون، أو أحدهما، أن رجلًا أتى عبد الله ابن مسعودٍ، فقال: اعهد إلي؟ فقال: إذا سمعت الله يقول: {يا أيها الذين آمنوا} فارعها سمعك، فإنها خيرٌ يأمر به، أو شرٌّ ينهى عنه). [الزهد لابن المبارك: 2/ 18]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر في قوله تعالى {يحول بين المرء وقلبه} قال هي كقوله {أقرب إليه من حبل الوريد}.

عن معمر قال الكلبي يحول بين المؤمن وبين الكفر وبين الكافر والإيمان). [تفسير عبد الرزاق: 1/257]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن الثوري عن الأعمش عن سعيد بن جبير في قوله تعالى {يحول بين المرء وقلبه} قال بين المؤمن وبين الكفر وبين الكافر وبين الإيمان). [تفسير عبد الرزاق: 1/257]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن عبد العزيز بن أبي رواد عن الضحاك بن مزاحم قال سمعته قال {يحول بين المرء وقلبه} قال يحول بين الكافر وطاعة الله وبين المؤمن ومعصية الله). [تفسير عبد الرزاق: 1/257]
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (حدّثنا أبو حذيفة ثنا سفيان [الثوري] عن عبد اللّه بن عبد الله عن سعيد بن جبيرٍ في قوله: {يحول بين المرء وقلبه} قال: يحول بين المؤمن وبين أن يكفر وبين الكافر وبين أن يؤمن [الآية: 24].
سفيان [الثوري] عن ليثٍ قال: سألت مجاهدًا قال: قلنا: ما يحول بين المرء وقلبه قال: إذا حال بين المرء وقلبه هلك). [تفسير الثوري: 117-118]
قال أبو بكرٍ عبدُ الله بنُ محمدٍ ابنُ أبي شيبةَ العبسيُّ (ت: 235هـ): (حدّثنا عبدة بن سليمان، عن الأعمش، عن خيثمة، قال: ما تقرؤون في القرآن: {يا أيّها الّذين آمنوا} فإنّ موضعه في التّوراة: يا أيّها المساكين). [مصنف ابن أبي شيبة: 19/ 318]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (باب {يا أيّها الّذين آمنوا، استجيبوا للّه وللرّسول إذا دعاكم لما يحييكم، واعلموا أنّ اللّه يحول بين المرء وقلبه، وأنّه إليه تحشرون} [الأنفال: 24] "
استجيبوا: أجيبوا لما يحييكم يصلحكم "
- حدّثني إسحاق، أخبرنا روحٌ، حدّثنا شعبة، عن خبيب بن عبد الرّحمن، سمعت حفص بن عاصمٍ، يحدّث عن أبي سعيد بن المعلّى رضي اللّه عنه، قال: كنت أصلّي فمرّ بي رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم فدعاني، فلم آته حتّى صلّيت ثمّ أتيته، فقال: " ما منعك أن تأتي؟ ألم يقل اللّه: {يا أيّها الّذين آمنوا استجيبوا للّه وللرّسول إذا دعاكم} [الأنفال: 24] " ثمّ قال: «لأعلّمنّك أعظم سورةٍ في القرآن قبل أن أخرج» ، فذهب رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم ليخرج فذكرت له، وقال معاذٌ: حدّثنا شعبة، عن خبيب بن عبد الرّحمن، سمع حفصًا، سمع أبا سعيدٍ رجلًا من أصحاب النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم بهذا، وقال: " هي: الحمد للّه ربّ العالمين السّبع المثاني "). [صحيح البخاري: 6/61-62]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): ( (قوله يا أيّها الّذين آمنوا استجيبوا للّه وللرّسول)
استجيبوا أجيبوا لما يحييكم لما يصلحكم قال أبو عبيدة في قوله تعالى استجيبوا لله أي أجيبوا للّه يقال استجبت له واستجبته بمعنى وقوله لما يحييكم أي لما يهديكم ويصلحكم انتهى وقد تقدّم في آل عمران شيءٌ من هذا في قوله تعالى الّذين استجابوا لله والرّسول
[4647] قوله حدثني إسحاق هو بن راهويه وقد تقدّم شرح الحديث في تفسير الفاتحة قوله وقال معاذ هو بن معاذٍ العنبريّ البصريّ وقد وصله الحسن بن سفيان في مسنده عن عبيد اللّه بن معاذٍ عن أبيه وفائدة إيراده ما وقع فيه من تصريح حفصٍ بسماعه من أبي سعيد بن المعلّى). [فتح الباري: 8/308]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قوله فيه
- حدثني إسحاق أنا روح ثنا شعبة عن خبيب بن عبد الرّحمن سمعت حفص بن عاصم يحدث عن أبي سعيد بن المعلّى رضي اللّه عنه قال كنت أصلّي فمر بي رسول الله صلّى اللّه عليه وسلّم فدعاني فلم آته حتّى صليت الحديث
وقال معاذ ثنا شعبة عن حبيب بن عبد الرّحمن سمع حفصا سمع أبا سعيد رجلا من أصحاب رسول الله صلّى اللّه عليه وسلّم بهذا وقال هي الحمد لله رب العالمين السّبع المثاني). [تغليق التعليق: 4/216]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : ( (باب: {يا أيّها الّذين آمنوا استجيبوا لله وللرّسول إذا دعاكم لما يحييكم واعلموا أنّ الله يحول بين المرء وقلبه وأنّه إليه تحشرون} (الأنفال: 24)
(استجيبوا) بمعنى: اجيبوا لله تعالى، يقال: استجبت له وأجبته، والاستجابة هنا بمعنى الإجابة. قوله: (إذا دعاكم) أي: إذا طلبكم. قوله: الآية أي: الآية بتمامها، وهي قوله: (واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه وأنكم إليه تحشرون) ، وفي بعض النّسخ ذكر من قوله: {يا أيها الّذين آمنوا} إلى قوله: {تحشرون} قوله: (يحول بين المرء وقلبه) قال ابن عبّاس: يحول بين المؤمن وبين الكفر وبين الكافر وبين الإيمان، رواه الحاكم في: (مستدركه) موقوفا، وقال: صحيح ولم يخرجاه، ورواه ابن مردويه من وجه آخر مرفوعا ولا يصح لضعف إسناده، والموقوف أصح، وعن مجاهد: يحول بين المرء وقلبه حتّى يتركه لا يعقل، وقال السّديّ: يحول بين الإنسان وقلبه فلا يستطيع أن يؤمن ولا يكفر إلاّ بإذنه.
استجيبوا أجيبوا لما يحييكم يصلحكم
قد مر الآن أن: استجيبو، بمعنى أجيبوا، وكذا قال أبو عبيدة. قوله: (لما يحييكم) فسره بقوله: يصلحكم، وكذا فسره أبو عبيدة، وقال مجاهد: لما يحييكم للحق، وقال قتادة: هو هذا القرآن فيه النجاة والبقاء والحياة، وقال السّديّ: لما يحييكم في الإسلام بعد موتهم بالكفر، وقال محمّد بن إسحاق عن محمّد بن جعفر ابن الزبير عن عروة بن الزبير: إذا دعاكم لما يحييكم، أي: للحرب الّتي أعزكم بها بعد الذل، وقواكم بها بعد الضعف، ومنعكم من عدوكم بعد القهر منهم لكم.
- حدّثني إسحاق أخبرنا روحٌ حدّثنا شعبة عن خبيب بن عبد الرّحمان سمعت حفص بن عاصمٍ يحدّث عن أبي سعيد بن المعلّى رضي الله عنه قال كنت أصلّي فمرّ بي رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعاني فلم آته حتّى صلّيت ثمّ أتيته فقال ما منعك أن تأتى ألم يقل الله {يا أيّها الّذين آمنوا استجيبوا لله وللرّسول إذا دعاكم، ثمّ قال لأعلّمنّك أعظم سورةٍ في القرآن قبل أن أخرج فذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم ليخرج فذكرت له}.
مطابقته للتّرجمة ظاهرة. وإسحاق كذا وقع في غالب النّسخ غير منسوب، وفي نسخة مروية عن طريق أبي ذر: إسحاق ابن إبراهيم هو ابن راهويه، وذكر أبو مسعود الدّمشقي وخلف الواسطيّ أنه إسحاق بن منصور، وكذا نص عليه الحافظ المزي في (الأطراف) ، وروح، بفتح الرّاء ابن عبادة بضم العين المهملة وتخفيف الباء الموحدة، وخبيب بضم الخاء المعجمة وفتح الباء الموحدة الأولى وسكون الياء آخر الحروف الخزرجي، وأبو سعيد اسمه حارث أو رافع أو أوس بن المعلّى بلفظ إسم المفعول من التعلية بالمهملة الأنصاريّ.
والحديث مضى في تفسير سورة الفاتحة فإنّه أخرجه هناك عن مسدّد عن يحيى عن شعبة إلى آخره، ومضى الكلام فيه هناك.
قوله: (أعظم سورة) أي في الثّواب على قراءتها وذلك لما يجمع هذه السّورة من الثّناء والدّعاء والسّؤال. قوله: (قبل أن أخرج) ، أي: من المسجد، وبه صرح في الحديث الّذي مضى في تفسير الفاتحة. قوله: (فذكرت له) ، أي: لرسول الله صلى الله عليه وسلم وهو قوله: لأعلمنك أعظم سورة في القرآن، وفي الّذي مضى في تفسير الفاتحة قلت له: ألم تقل لأعلمنك سورة هي أعظم سورة في القرآن؟ قال: (الحمد لله رب العالمين هي السّبع المثاني والقرآن العظيم الّذي أوتيته) .
وقال معاذٌ حدثنا شعبة عن خبيبٍ سمع حفصاً سمع أبا سعيدٍ رجلاً من أصحاب النبيّ صلى الله عليه وسلم بهاذا وقال هي الحمد لله ربّ العالمين السّبع المثاني.
هذا تعليق رواه معاذ بن معاذ العنبري بسكون النّون وفتح الباء الموحدة عن شعبة بن الحجّاج عن خبيب بن عبد الرّحمن المذكور في الحديث الماضي عن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب أبي سعيد بن المعلّى، ووصله الحسن بن سفيان في مسنده عن عبيد الله بن معاذ عن أبيه عن شعبة إلى آخره، وفائدة إيراد هذا التّعليق ما وقع فيه من تصريح سماع حفص بن عاصم عن أبي سعيد بن المعلّى. قوله: (رجلا) ، بدل من أبي سعيد. قوله: (بهذا) ، أي: بهذا الحديث المذكور. قوله: (وقال) أي: النّبي صلى الله عليه وسلم هي أعظم سورة في القرآن الحمد لله رب العالمين السّبع المثاني بدل قوله: (رب العالمين) ، أو عطف بيان وهي سبع آيات وسميت بالمثاني لأنّها تئني في الصّلاة، والمثاني من التّثنية وهي التكرير لأن الفاتحة تتكرّر في الصّلاة، أو من الثّناء لاشتمالها على الثّناء على الله تعالى). [عمدة القاري: 18/247-248]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : (باب {يا أيّها الّذين آمنوا استجيبوا للّه وللرّسول إذا دعاكم لما يحييكم واعلموا أنّ اللّه يحول بين المرء وقلبه وأنّه إليه تحشرون} [الأنفال: 24] استجيبوا: أجيبوا. لما يحييكم: يصلحكم
({يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم}) الاستجابة هي الطاعة والامتثال والدعوة البعث والتحريض ووحد الضمير ولم يثنه لأن استجابة الرسول كاستجابة الباري جل وعلا وإنما يذكر أحدهما مع الآخر للتوكيد ({لما يحييكم}) من علوم الديانات والشرائع لأن العلم حياة كما أن الجهل موت ({واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه}) أي يحول بينه وبين الكفران أراد سعادته وبينه وبين الإيمان إن قدّر شقاوته والمراد الحث على المبادرة على إخلاص القلب وتصفيته قبل أن يحول الله بينه وبينه بالموت وفيه تنبيه على اطّلاعه تعالى على مكنوناته ({وأنه إليه تحشرون}) [الأنفال: 24] فيجازيكم على ما اطلع عليه في قلوبكم وسقط قوله: {واعلموا} الخ لأبي ذر وقال بعد قوله: {لما يحييكم} الآية.
({استجيبوا}) قال أبو عبيدة أي (أجيبوا) وقوله: ({لما يحييكم}) أي (يصلحكم).
- حدّثني إسحاق قال: أخبرنا روحٌ: حدّثنا شعبة، عن خبيب بن عبد الرّحمن، سمعت حفص بن عاصمٍ يحدّث عن أبي سعيد بن المعلّى -رضي الله عنه- قال: كنت أصلّي فمرّ بي رسول اللّه -صلّى اللّه عليه وسلّم- فدعاني فلم آته حتّى صلّيت، ثمّ أتيته فقال: «ما منعك أن تأتي؟ ألم يقل اللّه: {يا أيّها الّذين آمنوا استجيبوا للّه وللرّسول إذا دعاكم}» ثمّ قال: «لأعلّمنّك أعظم سورةٍ في القرآن قبل أن أخرج» فذهب رسول اللّه -صلّى اللّه عليه وسلّم- ليخرج فذكرت له وقال معاذٌ: حدّثنا شعبة، عن خبيبٍ سمع حفصًا سمع أبا سعيدٍ رجلًا من أصحاب النّبيّ -صلّى اللّه عليه وسلّم- بهذا وقال: «هي الحمد للّه ربّ العالمين السّبع المثاني».
وبه قال: (حدّثني) بالإفراد (إسحاق) بن إبراهيم بن راهويه أو ابن منصور قال: (أخبرنا روح) بفتح الراء بن عبادة بتخفيف الموحدة القيسي البصري قال: (حدّثنا شعبة) بن الحجاج (عن خبيب بن عبد الرحمن) بضم الخاء المعجمة وبعد الموحدة الأولى المفتوحة تحتية ساكنة الخزرجي المدني أنه قال: (سمعت حفص بن عاصم) العمري (يحدث عن أبي سعيد بن المعلى) بضم الميم وفتح اللام المشددة الأنصاري واسمه حارث أو رافع أو أوس (-رضي الله عنه-) أنه (قال: كنت أصلي) زاد في الفاتحة في المسجد (فمرّ بي رسول الله -صلّى اللّه عليه وسلّم- فدعاني فلم آته) بمدّ الهمزة (حتى صليت ثم أتيته فقال): (ما منعك أن تأتي؟) ولأبي ذر والأصيلي وابن عساكر تأتيني. زاد في الفاتحة فقلت: يا رسول الله إني كنت أصلي فقال: (ألم يقل الله {يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم}) رجح بعضهم أن إجابته لا تبطل الصلاة لأن الصلاة إجابة قال: وظاهر الحديث يدل عليه ولذا رجح تفسير الاستجابة بالطاعة والدعوة بالبعث والتحريض وقيل كان دعاه لأمر لا يحتمل التأخير فجاز قطع الصلاة (ثم قال) عليه الصلاة والسلام: (لأعلمنك أعظم سورة في القرآن) من جهة الثواب على قراءتها لما اشتملت عليه من الثناء والدعاء والسؤال (قبل أن أخرج) زاد في الفاتحة: من المسجد (فذهب رسول الله -صلّى اللّه عليه وسلّم- ليخرج) من المسجد (فذكرت له) وفي الفاتحة قلت له: ألم تقل لأعلمنك سورة هي أعظم سورة في القرآن؟.
(وقال معاذ): هو ابن أبي معاذ العنبري (حدّثنا شعبة) بن الحجاج (عن خبيب بن عبد الرحمن) وسقط ابن عبد الرحمن لغير أبي ذر أنه (سمع حفصًا) العمري (سمع أبا سعيد) هو ابن المعلى (رجلًا من أصحاب النبي -صلّى اللّه عليه وسلّم- بهذا) الحديث المذكور (وقال: هي الحمد لله رب العالمين السبع المثاني) بالرفع بدلًا من الحمد لله أو عطف بيان، وهذا وصله الحسن بن أبي سفيان وفائدة إيراده هنا ما فيه من تصريح سماع حفص من أبي سعيد). [إرشاد الساري: 7/134]
قالَ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَائِيُّ (ت: 303هـ): (قوله تعالى: {يا أيّها الّذين آمنوا استجيبوا للّه وللرّسول}
- أخبرنا عمران بن موسى، حدّثنا يزيد، حدّثنا روح بن القاسم، عن العلاء بن عبد الرّحمن، عن أبيه، عن أبي هريرة، قال: خرج رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على أبيّ بن كعبٍ وهو يصلّي، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «إيه أبيّ» فالتفت أبيٌّ ولم يجبه، ثمّ صلّى أبيٌّ فخفّف ثمّ انصرف إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال: سلامٌ عليك يا رسول الله، قال: «ويحك، ما منعك أبيّ أن دعوتك أن لا تجيبني؟» قال: يا رسول الله، كنت في صلاةٍ، قال: " فليس تجد فيما أوحى الله إليّ أن {استجيبوا للّه وللرّسول إذا دعاكم لما يحييكم} [الأنفال: 24] قال: بلى يا رسول الله لا أعود، وإنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «أتحبّ أن أعلّمك سورةً لم ينزل في التّوراة، ولا في الإنجيل، ولا في الزّبور، ولا في الفرقان مثلها؟» قال: نعم، أي رسول الله، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «إنّي لأرجو ألّا تخرج من هذا الباب حتّى تعلمها» أخذ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بيدي يحدّثني وأنا أتباطأ مخافة أن تبلغ الباب قبل أن ينقضي الحديث، فلمّا دنونا من الباب قلت: يا رسول الله، ما السّورة الّتي وعدتني؟ قال: «كيف تقرأ في الصّلاة؟» فقرأت عليه أمّ القرآن، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «والّذي نفسي بيده، ما أنزل في التّوراة، ولا في الإنجيل ولا في الزّبور، ولا في الفرقان مثلها، إنّها السّبع المثاني والقرآن العظيم الّذي أعطيت»). [السنن الكبرى للنسائي: 10/108]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {يا أيّها الّذين آمنوا استجيبوا للّه وللرّسول إذا دعاكم لما يحييكم}.
اختلف أهل التّأويل في تأويل قوله: {إذا دعاكم لما يحييكم} فقال بعضهم: معناه: استجيبوا للّه وللرّسول إذا دعاكم للإيمان.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن الحسين، قال: حدّثنا أحمد بن المفضّل، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: {يا أيّها الّذين آمنوا استجيبوا للّه وللرّسول إذا دعاكم لما يحييكم} قال: لما يحييكم فهو الإسلام، أحياهم بعد موتهم، بعد كفرهم.
وقال آخرون: للحقّ.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، عن ابن أبي نحيحٍ، عن مجاهدٍ، في قول اللّه: {لما يحييكم} قال: الحقّ.
- حدّثني المثنّى قال: حدّثنا أبو حذيفة قال: حدّثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، مثله.
- حدّثني المثنّى قال: حدّثنا إسحاق قال: حدّثنا عبد اللّه، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {إذا دعاكم لما يحييكم} قال: الحقّ.
- حدّثنا ابن حميدٍ قال: حدّثنا حكّامٌ قال: حدّثنا عنبسة، عن محمّد بن عبد الرّحمن، عن القاسم بن أبي بزّة، عن مجاهدٍ، في قوله: {استجيبوا للّه وللرّسول إذا دعاكم لما يحييكم} قال: للحقّ.
وقال آخرون: معناه: إذا دعاكم إلى ما في القرآن.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {يا أيّها الّذين آمنوا استجيبوا للّه وللرّسول إذا دعاكم لما يحييكم} قال: هو هذا القرآن فيه الحياة والعفّة والعصمة في الدّنيا والآخرة.
وقال آخرون: معناه: إذا دعاكم إلى الحرب وجهاد العدوّ.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق: {يا أيّها الّذين آمنوا استجيبوا للّه وللرّسول إذا دعاكم لما يحييكم} أي: للحرب الّذي أعزّكم اللّه بها بعد الذّلّ، وقوّاكم بعد الضّعف، ومنعكم بها من عدوّكم بعد القهر منهم لكم.
وأولى الأقوال في ذلك بالصّواب، قول من قال: معناه: استجيبوا للّه وللرّسول بالطّاعة إذا دعاكم الرّسول لما يحييكم من الحقّ. وذلك أنّ ذلك إذا كان معناه كان داخلاً فيه الأمر بإجابتهم لقتال العدوّ والجهاد، والإجابة إذا دعاكم إلى حكم القرآن، وفي الإجابة إلى كلّ ذلك حياة المجيب. أمّا في الدّنيا، فيقال: الذّكر الجميل، وذلك له فيه حياةٌ. وأمّا في الآخرة، فحياة الأبد في الجنّان والخلود فيها.
وأمّا قول من قال: معناه الإسلام، فقولٌ لا معنًى له؛ لأنّ اللّه قد وصفهم بالإيمان بقوله: {يا أيّها الّذين آمنوا استجيبوا للّه وللرّسول إذا دعاكم لما يحييكم} فلا وجه لأن يقال للمؤمن استجب للّه وللرّسول إذا دعاك إلى الإسلام والإيمان.
- وبعد ففيما: حدّثنا أحمد بن المقدام العجليّ، قال: حدّثنا يزيد بن زريعٍ، قال: حدّثنا روح بن القاسم، عن العلاء بن عبد الرّحمن، عن أبيه، عن أبي هريرة، قال: خرج رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم على أبيٍّ وهو يصلّي، فدعاه: أي أبيّ فالتفت إليه أبيٌّ، ولم يجبه. ثمّ إنّ أبيًّا خفّف الصّلاة، ثمّ انصرف إلى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم فقال: السّلام عليك أي: رسول اللّه قال: وعليك، ما منعك إذ دعوتك أنّ تجيبني؟ قال: يا رسول اللّه كنت أصلّي. قال: أفلم تجد فيما أوحي إليّ {استجيبوا للّه وللرّسول إذا دعاكم لما يحييكم}؟ قال: بلى يا رسول اللّه، لا أعود.
- حدّثنا أبو كريبٍ قال: حدّثنا خالد بن مخلدٍ، عن محمّد بن جعفرٍ، عن العلاء، عن أبيه، عن أبي هريرة قال: مرّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم على أبيٍّ وهو قائمٌ يصلّي، فصرخ به، فلم يجبه، ثمّ جاء فقال: يا أبيّ ما منعك أن تجيبني إذ دعوتك، أليس اللّه يقول {يا أيّها الّذين آمنوا استجيبوا للّه وللرّسول إذا دعاكم لما يحييكم} قال أبيّ: لا جرم يا رسول اللّه، لا تدعوني إلاّ أجبت، وإن كنت أصلّي.
ما يبيّن عن أنّ المعنيّ بالآية هم الّذين يدعوهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم إلى ما فيه حياتهم بإجابتهم إليه من الحقّ بعد إسلامهم؛ لأنّ أبيًّا لا شكّ أنّه كان مسلمًا في الوقت الّذي قال له النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم ما ذكرنا في هذين الخبرين.

القول في تأويل قوله تعالى: {واعلموا أنّ اللّه يحول بين المرء وقلبه وأنّه إليه تحشرون}.
اختلف أهل التّأويل في تأويل ذلك، فقال بعضهم: معناه: يحول بين الكافر والإيمان وبين المؤمن والكفر.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا محمّد بن بشّارٍ، قال: حدّثنا محمّد بن جعفرٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا سفيان، عن الأعمش، عن عبد اللّه بن عبد اللّه الرّازيّ، عن سعيد بن جبيرٍ: {يحول بين المرء وقلبه} قال: بين الكافر أن يؤمن، وبين المؤمن أن يكفر.
- حدّثنا ابن بشّارٍ قال: حدّثنا وكيعٌ، وحدّثنا ابن وكيعٍ قال: حدّثنا أبو أحمد، قالا: حدّثنا سفيان، وحدّثنا الحسن بن يحيى قال: أخبرنا عبد الرّزّاق قال: حدّثنا الثّوريّ، عن الأعمش، عن عبد اللّه بن عبد اللّه الرّازيّ، عن سعيد بن جبيرٍ، بنحوه.
- حدّثني أبو زائدة زكريّا بن أبي زائدة قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، عن سفيان، عن الأعمش، عن عبد اللّه بن عبد اللّه، عن سعيد بن جبيرٍ، مثله.
- حدّثني أبو السّائب وابن وكيعٍ، قالا: حدّثنا أبو معاوية، عن المنهال، عن سعيد بن جبيرٍ: {يحول بين المرء وقلبه} قال: يحول بين المؤمن وبين الكفر، وبين الكافر وبين الإيمان.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا محمّد بن فضيلٍ، عن الأعمش، عن عبد اللّه بن عبد اللّه الرّازيّ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ: {يحول بين المرء وقلبه} يحول بين الكافر والإيمان وطاعة اللّه.
- قال: حدّثنا حفصٌ، عن الأعمش، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ: {يحول بين المرء وقلبه} قال: يحول بين المؤمن والكفر، وبين الكافر والإيمان.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا يحيى بن واضحٍ، قال: حدّثنا عبيد بن سليمان، وعبد العزيز بن أبي روّادٍ، عن الضّحّاك، في قوله: {يحول بين المرء وقلبه} قال: يحول بين الكافر وطاعته، وبين المؤمن ومعصيته.
- حدّثنا ابن وكيعٍ قال: حدّثنا أبو أسامة، عن أبي روقٍ، عن الضّحّاك بن مزاحمٍ، بنحوه.
- قال: حدّثنا المحاربيّ، عن جويبرٍ، عن الضّحّاك قال: يحول بين المرء وبين أن يكفر، وبين الكافر وبين أن يؤمن.
- حدّثنا الحسن بن يحيى قال: أخبرنا عبد الرّزّاق قال: حدّثنا عبد العزيز بن أبي روّادٍ، عن الضّحّاك بن مزاحمٍ {يحول بين المرء وقلبه} قال: يحول بين الكافر وبين طاعة اللّه، وبين المؤمن ومعصية اللّه.
- حدّثنا أحمد بن إسحاق قال: حدّثنا أبو أحمد الزّبيريّ قال: حدّثنا ابن أبي روّادٍ، عن الضّحّاك، نحوه.
- وحدّثت عن الحسين بن الفرج قال: سمعت أبا معاذٍ يقول: حدّثنا عبيد بن سليمان قال: سمعت الضّحّاك بن مزاحمٍ يقول: فذكر نحوه.
- حدّثني المثنّى قال: حدّثنا الحجّاج بن منهالٍ قال: حدّثنا المعتمر بن سليمان قال: سمعت عبد العزيز بن أبي روّادٍ يحدّث عن الضّحّاك بن مزاحمٍ، في قوله: {يحول بين المرء وقلبه} قال: يحول بين المؤمن ومعصيته.
- حدّثني المثنّى قال: حدّثنا أبو صالحٍ قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ: {واعلموا أنّ اللّه يحول بين المرء وقلبه} يقول: يحول بين المؤمن وبين الكفر، ويحول بين الكافر وبين الإيمان.
- حدّثني محمّد بن سعدٍ قال: حدّثني أبي قال: حدّثني عمّي قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ: {واعلموا أنّ اللّه يحول بين المرء وقلبه} يقول: يحول بين الكافر وبين طاعته، ويحول بين المؤمن وبين معصيته.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا المحاربيّ، عن ليثٍ، عن مجاهدٍ: {يحول بين المرء وقلبه} قال: يحول بين المؤمن وبين الكفر، وبين الكافر وبين الإيمان.
- قال: حدّثنا أبي، عن ابن أبي روّادٍ، عن الضّحّاك: {يحول بين المرء وقلبه} يقول: يحول بين الكافر وبين طاعته، وبين المؤمن وبين معصيته.
- قال: حدّثنا إسحاق بن إسماعيل، عن يعقوب القمّيّ، عن جعفرٍ، عن سعيد بن جبيرٍ: {يحول بين المرء وقلبه} يحول بين المؤمن والمعاصي، وبين الكافر والإيمان.
- قال: حدّثنا عبيدة، عن إسماعيل، عن أبي صالحٍ: {يحول بين المرء وقلبه} قال: يحول بينه وبين المعاصي.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: يحول بين المرء وعقله، فلا يدري ما يعمل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا عبيد اللّه بن محمّدٍ الفريابيّ، قال: حدّثنا عبد المجيد، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {يحول بين المرء وقلبه} قال: يحول بين المرء وعقله.
- حدّثنا محمّد بن عمرٍو قال: حدّثنا أبو عاصمٍ قال: حدّثنا عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: {يحول بين المرء وقلبه} حتّى يتركه لا يعقل.
- حدّثنا المثنّى قال: حدّثنا أبو حذيفة قال: حدّثنا عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ مثله.
- حدّثني المثنّى قال: حدّثنا إسحاق قال: حدّثنا عبد اللّه، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قوله: {يحول بين المرء وقلبه} قال: هي يحول بين المرء وقلبه حتّى يتركه لا يعقل.
- حدّثنا أحمد بن إسحاق قال: حدّثنا أبو أحمد قال: حدّثنا معقل بن عبيد اللّه، عن حميدٍ، عن مجاهدٍ: {يحول بين المرء وقلبه} قال: إذا حال بينك وبين قلبك كيف تعمل.
- قال: حدّثنا أبو أحمد قال: حدّثنا شريكٌ، عن خصيفٍ، عن مجاهدٍ: {يحول بين المرء وقلبه} قال: يحول بين قلب الكافر، وأن يعمل خيرًا.
وقال آخرون: معناه يحول بين المرء وقلبه أن يقدر على إيمانٍ أو كفرٍ إلاّ بإذنه.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن الحسين، قال: حدّثنا أحمد بن مفضّلٍ، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: {واعلموا أنّ اللّه، يحول بين المرء وقلبه} قال: يحول بين الإنسان وقلبه، فلا يستطيع أن يؤمن ولا يكفر إلاّ بإذنه.
وقال آخرون: معنى ذلك أنّه قريبٌ من قلبه لا يخفى عليه شيءٌ أظهره أو أسرّه.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا محمّد بن عبد الأعلى، قال: حدّثنا محمّد بن ثورٍ، قال: حدّثنا معمرٌ، عن قتادة، في قوله: {يحول بين المرء وقلبه} قال: هي كقوله {أقرب إليه من حبل الوريد}.
وأولى الأقوال بالصّواب عندي في ذلك أن يقال: إنّ ذلك خبرٌ من اللّه عزّ وجلّ أنّه أملك لقلوب عباده منهم، وأنّه يحول بينهم وبينها إذا شاء، حتّى لا يقدر ذو قلبٍ أن يدرك به شيئًا من إيمانٍ أو كفرٍ، أو أن يعي به شيئًا، أو أن يفهم إلاّ بإذنه ومشيئته. وذلك أنّ الحول بين الشّيء والشّيء إنّما هو الحجز بينهما، وإذا حجز جلّ ثناؤه بين عبدٍ وقلبه في شيءٍ أن يدركه أو يفهمه، لم يكن للعبد إلى إدراك ما قد منع اللّه قلبه إدراكه سبيلٌ، وإذا كان ذلك معناه، دخل في ذلك قول من قال: يحول بين المؤمن والكفر وبين الكافر والإيمان، وقول من قال: يحول بينه وبين عقله، وقول من قال: يحول بينه وبين قلبه حتّى لا يستطيع أن يؤمن ولا يكفر إلاّ بإذنه؛ لأنّ اللّه عزّ وجلّ إذا حال بين عبدٍ وقلبه لم يفهم العبد بقلبه الّذي قد حيل بينه وبينه ما منع إدراكه به على ما بيّنت. غير أنّه ينبغي أن يقال: إنّ اللّه عمّ بقوله: {واعلموا أنّ اللّه يحول بين المرء وقلبه} الخبر عن أنّه يحول بين العبد وقلبه، ولم يخصّص من المعاني الّتي ذكرنا شيئًا دون شيءٍ، والكلام محتملٌ كلّ هذه المعاني، فالخبر على العموم حتّى يخصّه ما يجب التّسليم له.
وأمّا قوله: {وأنّه إليه تحشرون} فإنّ معناه: واعلموا أيّها المؤمنون أيضًا مع العلم بأنّ اللّه يحول بين المرء وقلبه، أنّ اللّه الّذي يقدر على قلوبكم، وهو أملك بها منكم، إليه مصيركم ومرجعكم في القيامة، فيوفّيكم جزاء أعمالكم، المحسن منكم بإحسانه والمسيء بإساءته، فاتّقوه وراقبوه فيما أمركم ونهاكم هو ورسوله أن تضيّعوه، وأن لا تستجيبوا لرسوله إذا دعاكم لما يحييكم، فيوجب ذلك سخطه، وتستحقّوا به أليم عذابه حين تحشرون إليه). [جامع البيان: 11/103-113]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (يا أيّها الّذين آمنوا استجيبوا للّه وللرّسول إذا دعاكم لما يحييكم واعلموا أنّ اللّه يحول بين المرء وقلبه وأنّه إليه تحشرون (24)
قوله تعالى: استجيبوا للّه وللرّسول
- حدّثنا يونس بن حبيبٍ حدّثنا أبو داود حدّثنا شعبة عن خبيب بن عبد الرّحمن قال: سمعت حفص بن عاصمٍ يحدّث عن أبي سعيد بن المعلّى أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم كان في المسجد وأنا أصلّي، فدعاني فصلّيت ثمّ جئت فقال: ما منعكم أن تجيب حين دعوتك؟ أما سمعت اللّه عزّ وجلّ يقول: يا أيّها الّذين آمنوا استجيبوا للّه وللرّسول إذا دعاكم لما يحييكم
قوله تعالى إذا دعاكم
- حدّثنا محمّد بن العبّاس ثنا محمّد بن عمرٍو ثنا سلمة عن محمّد بن إسحاق قال: ثنا محمّد بن جعفر بن الزّبير عن عروة بن الزّبير يا أيّها الّذين آمنوا استجيبوا للّه وللرّسول إذا دعاكم لما يحييكم أي الحرب الّتي أعزّكم اللّه بها بعد الذّلّ وقوّاكم بها بعد الضّعف، ومنعكم بها من عدوّكم بعد القهر منهم لكم.
قوله تعالى: لما يحييكم
[الوجه الأول]
- حدّثنا حجّاج بن حمزة ثنا شبابة ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيحٍ عن مجاهدٍ قوله: لما يحييكم للحق.
الوجه الثّاني:
- حدّثنا محمّد بن يحيى أنبأ العبّاس بن الوليد ثنا يزيد بن زريعٍ عن سعيدٍ عن قتادة قوله: إذا دعاكم لما يحييكم قال: هو هذا القرآن، فيه الحياة والثّقة والنّجاة والعصمة في الدّنيا والآخرة.
الوجه الثّالث:
- أخبرنا أحمد بن عثمان بن حكيمٍ الأوديّ- فيما كتب إليّ- ثنا أحمد بن مفضّلٍ حدثنا أسباط عن السّدّيّ أما يحييكم ففي الإسلام، أحياهم بعد موتهم بعد كفرهم.
الوجه الرّابع:
- حدّثنا أبي حدّثنا الحسن بن الرّبيع حدّثنا ابن إدريس عن ابن إسحاق إذا دعاكم لما يحييكم يقول: للحرب الّذي أعزّكم اللّه بها بعد الذّلّ وقوّاكم بها بعد الضّعف.
قوله تعالى: واعلموا أنّ اللّه يحول بين المرء وقلبه
- حدّثنا أبي ثنا أحمد بن عبد الرّحمن الدّشتكيّ ثنا عبد اللّه بن أبي جعفرٍ الرّازيّ عن أبيه عن الرّبيع بن أنسٍ قوله واعلموا أنّ اللّه يحول بين المرء وقلبه قال: علمه يحول بين المرء وقلبه.
قوله تعالى يحول بين المرء وقلبه
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ ثنا ابن فضيلٍ عن الأعمش عن عبد اللّه بن عبد اللّه الرّازيّ عن سعيد بن جبيرٍ عن ابن عبّاسٍ يحول بين المرء وقلبه قال: يحول بين المؤمن وبين الكفر ومعاصي اللّه، ويحول بين الكافر وبين الإيمان وطاعة اللّه.
- حدّثنا عليّ بن الحسين ثنا محمّد بن سليمان ثنا إسماعيل بن زكريّا عن محمّد بن عونٍ الخراسانيّ عن أبي غالبٍ الخلجيّ قال: سألت ابن عبّاسٍ عن قول اللّه: يحول بين المرء وقلبه قال: يحول بين المؤمن وبين معصيته الّتي يستوجب بها الهلكة، فلا بدّ لابن آدم أن يصيب دون ذلك، ولا يدخل على قلبه الموبقات الّتي يستوجب بها دار الفاسقين، ويحول بين الكافر وبين طاعته فلا يصيب من طاعته ما يستوجب ما يصيب أولياءه من الخير شيئًا وكان ذلك في العلم السّابق الّذي ينتهي إليه أمر اللّه وتستقرّ عنده أعمال العباد.
- حدّثنا حجّاج بن حمزة ثنا شبابة ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيحٍ عن مجاهدٍ قوله: يحول بين المرء وقلبه حتّى يتركه لا يعقل.
- حدّثنا أبي ثنا أبو حذيفة عن شبلٍ عن ابن أبي نجيحٍ عن مجاهدٍ: حتّى يتركه لا يعقل
وروي عن سعيد بن جبيرٍ وعكرمة وأبي صالحٍ ومجاهدٍ والسّدّيّ أنّهم قالوا: يحول بين المؤمن أن يكفر وبين الكافر أن يؤمن.
وقال الضّحّاك وعطيّة ومقاتل بن حيّان: بين الكافر وبين طاعته، وبين المؤمن ومعصيته.
- حدّثنا أبي ثنا أحمد بن عبد الرّحمن ثنا عبد اللّه بن أبي جعفرٍ عن أبيه عن الرّبيع في قوله: واعلموا أنّ اللّه يحول بين المرء وقلبه قال: علمه يحول بين المرء وقلبه.
قوله تعالى: وأنّه إليه تحشرون
- قرأت على محمّد بن الفضل بن موسى ثنا محمّد بن الحسن بن شقيقٍ أنبأ محمّد بن مزاحمٍ عن بكير بن معروفٍ عن مقاتل بن حيّان وأنّه إليه تحشرون يعني: إليه ترجعون). [تفسير القرآن العظيم: 5/1679-1681]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال ثنا آدم قال ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله عز وجل إذا دعاهم لما يحييكم يقول إذا دعاكم للحق يعني الإيمان). [تفسير مجاهد: 260]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم قال ثنا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد يحول بين المرء الكافر وقلبه حتى يتركه لا يعقل). [تفسير مجاهد: 260-261]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (أخبرنا أبو زكريّا العنبريّ، ثنا محمّد بن عبد السّلام، ثنا إسحاق، أنبأ جريرٌ، عن الأعمش، عن عبد اللّه بن عبد اللّه، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما، في قوله عزّ وجلّ {يحول بين المرء وقلبه} [الأنفال: 24] قال: «يحول بين الكافر وبين الإيمان، ويحول بين المؤمن وبين المعاصي» هذا حديثٌ صحيحٌ على شرط الشّيخين ولم يخرجاه "). [المستدرك: 2/358]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 24.
وأخرج ابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {إذا دعاكم لما يحييكم} قال: هو هذا القرآن فيه الحياة والتقه والنجاة والعصمة في الدنيا والآخرة.
وأخرج ابن إسحاق، وابن أبي حاتم عن عروة بن الزبير رضي الله عنه في قوله {إذا دعاكم لما يحييكم} أي للحرب التي أعزكم الله بها بعد الذل وقواكم بها بعد الضعف ومنعكم بها من عدوكم بعد القهر منهم لكم.
وأخرج ابن أبي شيبة وحشيش بن أصرم في الاستقامة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والحاكم وصححه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه} قال: يحول بين المؤمن وبين الكفر ومعاصي الله ويحول بين الكافر وبين الإيمان وطاعة الله.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: سألت النّبيّ صلى الله عليه وسلم عن هذه الآية {يحول بين المرء وقلبه} قال يحول بين المؤمن والكفر ويحول بين الكافر وبين الهدى.
وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه} قال: يحول بين الكافر وبين أن يعي بابا من الخير أو يعمله أو يهتدي له
وأخرج ابن أبي حاتم عن الربيع بن أنس رضي الله عنه في قوله {واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه} قال: علمه يحول بين المرء وقلبه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي غالب الخلجي قال: سألت ابن عباس رضي الله عنهما عن قول الله {يحول بين المرء وقلبه} قال: يحول بين المؤمن وبين معصيته التي يستوجب بها الهلكة فلا بد لابن آدم أن يصيب دون ذلك ولا يدخل على قلبه الموبقات التي يستوجب بها دار الفاسقين ويحول بين الكافر وبين طاعته ما يستوجب ما يصيب أولياءه من الخير شيئا وكان ذلك في العلم السابق الذي ينتهي إليه أمر الله تعالى وتستقر عنده أعمال العباد.
وأخرج أبو الشيخ عن أبي غالب قال: سألت ابن عباس رضي الله عنهما عن قوله {يحول بين المرء وقلبه} قال: قد سبقت بها عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ وصف لهم عن القضاء قال لعمر رضي الله عنه وغيره ممن سأله من أصحابه اعمل فكل ميسر، قال: وما ذاك التيسير قال: صاحب النار ميسر لعمل النار وصاحب الجنة ميسر لعمل الجنة
وأخرج أحمد في الزهد، وابن المنذر عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، أنه سمع غلاما يدعو: اللهم إنك تحول بين المرء وقلبه فحل بيني وبين الخطايا فلا أعمل بسوء منها، فقال عمر رضي الله عنه: رحمك الله ودعا له بخير.
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن الحسن رضي الله عنه في قوله {يحول بين المرء وقلبه} قال: في القرب منه). [الدر المنثور: 7/82-85]

تفسير قوله تعالى: (وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (25) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى {واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة} أن الزبير بن العوام قال لقد نزلت وما نرى أحدا منا بها أو يقع بها قال ثم خلفنا حتى أصابتنا خاصة). [تفسير عبد الرزاق: 1/257]
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] عن جويبرٍ عن الضّحّاك في قوله: {واتّقوا فتنةً لا تصيبنّ الذين ظلموا منكم خاصة} قال: نزلت في أصحاب النّبيّ صلى الله عليه وسلم [الآية: 25].
سفيان [الثوري] قال: أخبرني من سمع عقبة بن صهبان أنّه سمع الزّبير بن العوّام {واتّقوا فتنةً لا تصيبنّ الّذين ظلموا منكم خاصّةً} قال: لقد أتى علينا زمانٌ وما نظنّ أنّا من أهلها فإذا نحن المعنيون بها). [تفسير الثوري: 118]
قالَ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَائِيُّ (ت: 303هـ): (قوله تعالى: {واتّقوا فتنةً}
- أخبرنا إسحاق بن إبراهيم، أخبرنا عبد الرّحمن بن مهديٍّ، حدّثنا جرير بن حازمٍ، قال: سمعت الحسن، عن الزّبير بن العوّام، قال: " لمّا نزلت هذه الآية {واتّقوا فتنةً لا تصيبنّ الّذين ظلموا منكم خاصّةً} [الأنفال: 25] الآية، قال: ونحن يومئذٍ متوافرون، قال: فجعلت أتعجب من هذه الآية: أيّ فتنةٍ تصيبنا، ما هذه الفتنة؟ حتّى رأيناها "). [السنن الكبرى للنسائي: 10/109]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {واتّقوا فتنةً لا تصيبنّ الّذين ظلموا منكم خاصّةً واعلموا أنّ الله شديد العقاب}.
يقول تعالى ذكره للمؤمنين به وبرسوله: اتّقوا أيّها المؤمنون فتنةً يقول: اختبارًا من اللّه يختبركم، وبلاءً يبتليكم، لا تصيبنّ هذه الفتنة الّتي حذّرتكموها الّذين ظلموا، وهم الّذين فعلوا ما ليس لهم فعله، إمّا إجرامٌ أصابوها وذنوبٌ بينهم وبين اللّه ركبوها، يحذّرهم جلّ ثناؤه أن يركبوا له معصيةً أو يأتوا مأثمًا يستحقّون بذلك منه عقوبةً.
وقيل: إنّ هذه الآية نزلت في قومٍ من أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وهم الّذين عنوا بها.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا محمّد بن المثنّى، قال: حدّثنا محمّد بن إبراهيم، قال: حدّثنا الحسن بن أبي جعفرٍ، قال: حدّثنا داود بن أبي هندٍ، عن الحسن، في قوله: {واتّقوا فتنةً لا تصيبنّ الّذين ظلموا منكم خاصّةً} قال: نزلت في عليٍّ وعثمان وطلحة والزّبير، رضي اللّه عنهم.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو صالحٍ، قال: حدّثنا معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ: {واتّقوا فتنةً لا تصيبنّ الّذين ظلموا منكم خاصّةً} قال: أمر اللّه المؤمنين أن لا يقرّوا المنكر بين أظهرهم فيعمّهم اللّه بالعذاب.
- حدّثنا محمّد بن عبد الأعلى، قال: حدّثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ: {واتّقوا فتنةً لا تصيبنّ الّذين ظلموا منكم خاصّةً}، قال قتادة: قال الزّبير بن العوّام: لقد نزلت وما نرى أحدًا منا يقع بها، ثم خلّفنا في إصابتنا خاصة.
- قال: حدّثنا قبيصة، عن سفيان، عن الصّلت بن دينارٍ، عن ابن صبهان قال: سمعت الزّبير بن العوّام يقول: قرأت هذه الآية زمانًا وما أرانا من أهلها، فإذا نحن المعنيّون بها {واتّقوا فتنةً لا تصيبنّ الّذين ظلموا منكم خاصّةً واعلموا أنّ اللّه شديد العقاب}.
- حدّثني محمّد بن الحسين، قال: حدّثنا أحمد بن مفضّلٍ، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: {واتّقوا فتنةً لا تصيبنّ الّذين ظلموا منكم خاصّةً} قال: هذه نزلت في أهل بدرٍ خاصّةً، وأصابتهم يوم الجمل فاقتتلوا.
- حدّثنا ابن وكيعٍ قال: حدّثنا أبي، عن ابن أبي خالدٍ، عن السّدّيّ: {واتّقوا فتنةً لا تصيبنّ الّذين ظلموا منكم خاصّةً واعلموا أنّ اللّه شديد العقاب} قال: أصحاب الجمل.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو صالحٍ، قال: حدّثنا معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ: {واتّقوا فتنةً لا تصيبنّ الّذين ظلموا منكم خاصّةً} قال: أمر اللّه المؤمنين أن لا يقرّوا المنكر بين أظهرهم فيعمّهم اللّه بالعذاب.
- قال: حدّثنا أبو حذيفة، قال: حدّثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: {واتّقوا فتنةً لا تصيبنّ الّذين ظلموا منكم خاصّةً} قال: هي أيضًا لكم.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {واتّقوا فتنةً لا تصيبنّ الّذين ظلموا منكم خاصّةً} قال: الفتنة: الضّلالة.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبي، عن المسعوديّ، عن القاسم، قال: قال عبد اللّه: ما منكم من أحدٍ إلاّ وهو مشتملٌ على فتنةٍ، إنّ اللّه يقول: {إنّما أموالكم وأولادكم فتنةٌ} فليستعذ باللّه من مضلاّت الفتن.
- حدّثني الحارث، قال: حدّثنا عبد العزيز، قال: حدّثنا مبارك بن فضالة، عن الحسن، قال: قال الزّبير: لقد خوّفنا بها، يعني قوله: {واتّقوا فتنةً لا تصيبنّ الّذين ظلموا منكم خاصّةً}.
واختلف أهل العربيّة في تأويل ذلك، فقال بعض نحويّي البصرة: {اتّقوا فتنةً لا تصيبنّ الّذين ظلموا} قوله: لا تصيبنّ، ليس بجوابٍ، ولكنّه نهي بعد أمرٍ، ولو كان جوابًا ما دخلت النّون.
وقال بعض نحويّي الكوفة: قوله: {واتّقوا فتنةً لا تصيبنّ الّذين ظلموا} أمرهم ثمّ نهاهم، ومنكم ظرفٌ من الجزاء وإن كان نهيًا. قال: ومثله قوله: {يا أيّها النّمل ادخلوا مساكنكم لا يحطمنّكم سليمان} أمرهم ثمّ نهاهم، وفيه تأويل الجزاء. وكأنّ معنى الكلام عنده: اتّقوا فتنةً إن لم تتّقوها أصابتكم.
وأمّا قوله: {واعلموا أنّ الله شديد العقاب}، فإنه تحذيرٌ من الله، ووعيدٌ لمن واقع الفتنة التي حذّره إياها بقوله: {واتّقوا فتنةً}، يقول: اعلموا، أيّها المؤمنون، أن ربّكم شديدٌ عقابه لمن افتتن بظلم نفسه، وخالف أمره، فأثم به). [جامع البيان: 11/113-116]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (واتّقوا فتنةً لا تصيبنّ الّذين ظلموا منكم خاصّةً واعلموا أنّ اللّه شديد العقاب (25)
قوله تعالى: واتّقوا فتنةً
[الوجه الأول]
- حدّثنا أبي ثنا محمّد بن عبد الرّحمن الجعفيّ ثنا الحسين الجعفيّ عن إسرائيل بن موسى عن الحسن قال: قرأ الزّبير واتّقوا فتنةً لا تصيبنّ الّذين ظلموا قال: البلاء والأمر الّذي هو كائنٌ.
- أخبرنا أبو يزيد القراطيسيّ- فيما كتب إليّ- أنبأ أصبغ عن ابن زيدٍ في قول اللّه: واتّقوا فتنةً لا تصيبنّ الّذين ظلموا منكم خاصّةً قال: الفتنة: الضّلالة.
- حدّثنا أبي ثنا قبيصة ثنا سفيان عن أبي شعيبٍ الصّلت بن دينارٍ عن عقبة بن صهبان قال: سمعت الزّبير يقول: لقد قرأناها زمانًا وما نرى أنّا من أهلها، فإذا نحن المعنيّين بها واتّقوا فتنةً لا تصيبنّ الّذين ظلموا منكم خاصّةً
- حدّثنا أبي وإسماعيل بن عبد اللّه الأصبهانيّ قالا: ثنا شهاب بن عبّادٍ ثنا إبراهيم بن حميدٍ عن إسماعيل بن أبي خالدٍ عن السّدّيّ واتّقوا فتنةً لا تصيبنّ الّذين ظلموا منكم خاصة قال: أخبرت أنّهم أصحاب الجمل.
الوجه الثّاني:
- حدّثنا أبي ثنا أبو صالحٍ حدّثنا معاوية بن صالحٍ عن عليّ بن أبي طلحة عن ابن عبّاسٍ واتّقوا فتنةً لا تصيبنّ الّذين ظلموا منكم خاصّةً أمر اللّه المؤمنين أن لا يقرّوا المنكر بين أظهرهم فيعمّهم اللّه بالعذاب.
الوجه الثّالث:
- حدّثنا أبي ثنا ابن أبي عمر ثنا سفيان بن عيينة عن الضّحّاك في قوله: واتّقوا فتنةً لا تصيبنّ الّذين ظلموا منكم قال: تصيب الصّالح والظّالم عامّةً.
وروي عن حبيب بن أبي ثابتٍ نحو ذلك). [تفسير القرآن العظيم: 5/1681-1682]
قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : (قوله تعالى: {واتّقوا فتنةً} [الأنفال: 25].
- عن مطرّفٍ قال: قلنا للزّبير: يا أبا عبد اللّه، ما جاء بكم؟ ضيّعتم الخليفة حتّى قتل، ثمّ جئتم تطلبون بدمه، فقال الزّبير: إنّا قرأناها على عهد رسول اللّه - صلّى اللّه عليه وسلّم - وأبي بكرٍ وعمر وعثمان {واتّقوا فتنةً لا تصيبنّ الّذين ظلموا منكم خاصّةً} [الأنفال: 25]، لم نكن نحسب أنّا أهلها حتّى وقعت فينا حيث وقعت.
رواه أحمد بإسنادين، رجال أحدهما رجال الصّحيح). [مجمع الزوائد: 7/27]
قال أحمد بن أبي بكر بن إسماعيل البوصيري (ت: 840هـ) : (وقال أبو داود الطّيالسيّ: ثنا الصّلت بن دينارٍ، ثنا عقبة بن صهبان وأبو رجاءٍ العطّارديّ قالا: "سمعنا الزّبير وهو يتلو هذه الآية (واتّقوا فتنةً لا تصيبنّ الّذين ظلموا منكم خاصة) ولقد تلوت هذه الآية زمانًا وما أراني من أهلها فأصبحنا، من أهلها".
هذا إسنادٌ ضعيفٌ؟ لضعف الصّلت بن دينارٍ). [إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة: 6/212-213]
قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (وقال الطّيالسيّ: حدثنا الصّلت بن دينارٍ، ثنا عقبة بن صهبان، وأبو رجاءٍ العطارديّ، قال: سمعنا الزّبير رضي الله عنه، وهو يتلو هذه الآية: {واتّقوا فتنةً لا تصيبنّ الّذين ظلموا منكم خاصّةً}، فلقد تلوت هذه (الآية زمانًا): (واتّقوا فتنةً) زمانًا وما أراني من أهلها، (فأصبحنا) من أهلها). [المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية: 14/678]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 25
وأخرج أحمد البزار، وابن المنذر، وابن مردويه، وابن عساكر عن مطرف قال: قلنا للزبير: يا أبا عبد الله ضيعتم الخليفة حتى قتل ثم جئتم تطلبون بدمه فقال: الزبير رضي الله عنه: إنا قرأنا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم {واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة} ولم نكن نحسب أنا أهلها حتى وقعت فينا حيث وقعت.
وأخرج ابن أبي شيبة، وعبد بن حميد ونعيم بن حماد في الفتن، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ، وابن مردويه عن الزبير رضي الله عنه قال: لقد قرأنا زمانا وما نرى إنا من أهلها فإذا نحن المعنيون بها {واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه في قوله {واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة} قال: البلاء والأمر الذي هو كائن.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر عن الحسن رضي الله عنه في قوله {واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة} قال: نزلت في علي وعثمان وطلحة والزبير.
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن رضي الله عنه في الآية قال: أما والله لقد علم أقوام حين نزلت أنه سيخص بها قوم.
وأخرج عبد بن حميد وأبو الشيخ عن قتادة رضي الله عنه في الآية قال: علم - والله - ذو الألباب من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم حين نزلت هذه الآية أنه سيكون فتن.
وأخرج عبد بن حميد عن الضحاك قال: نزلت في أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم خاصة.
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن السدي في الآية قال: هذه نزلت في أهل بدر خاصة فأصابتهم يوم الجمل فاقتتلوا فكان من المقتولين طلحة والزبير وهما من أهل بدر.
وأخرج ابن أبي شيبة، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن السدي في قوله {واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة} قال: أخبرت أنهم أصحاب الجمل.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك رضي الله عنه في قوله {واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة} قال: تصيب الظالم والصالح عامة
وأخرج أبو الشيخ عن مجاهد رضي الله عنه {واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة} قال: هي يحول بين المرء وقلبه حتى يتركه لا يعقل.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {واتقوا فتنة} الآية، قال: أمر الله المؤمنين أن لا يقروا المنكر بين أظهرهم فيعمهم الله بالعذاب). [الدر المنثور: 7/85-88]

تفسير قوله تعالى: (وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ تَخَافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآَوَاكُمْ وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (26) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن الكلبي أو قتادة أو كلاهما في قوله تعالى {واذكروا إذ أنتم قليل مستضعفون في الأرض} أنها في يوم بدر كانوا يومئذ يخافون أن يتخطفهم الناس فآواهم الله وأيدهم بنصره). [تفسير عبد الرزاق: 1/258]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أخبرني أبي وهب في قوله تعالى {تخافون أن يتخطفكم الناس} قال فارس). [تفسير عبد الرزاق: 1/258]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {واذكروا إذ أنتم قليلٌ مستضعفون في الأرض تخافون أن يتخطّفكم النّاس فآواكم وأيّدكم بنصره ورزقكم من الطّيّبات لعلّكم تشكرون}.
وهذا تذكيرٌ من اللّه عزّ وجلّ أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ومناصحةٌ. يقول: أطيعوا اللّه ورسوله أيّها المؤمنون، واستجيبوا له إذا دعاكم لما يحييكم ولا تخالفوا أمره، وإن أمركم بما فيه عليكم المشقّة والشّدّة، فإنّ اللّه يهوّنه عليكم بطاعتكم إيّاه ويعجّل لكم منه ما تحبّون، كما فعل بكم إذ آمنتم به واتّبعتموه وأنتم قليلٌ يستضعفكم الكفّار فيفتنونكم عن دينكم وينالونكم بالمكروه في أنفسكم وأعراضكم تخافون منهم أن يتخطّفوكم فيقتلوكم ويصطلموا جميعكم {فآواكم} يقول: فحمل لكم مأوًى تأوون إليه منهم. {وأيّدكم بنصره} يقول: وقوّاكم بنصره عليهم، حتّى قتلتم منهم من قتلتم ببدرٍ. {ورزقكم من الطّيّبات} يقول: وأطعمكم غنيمتهم حلالاً طيّبًا. {لعلّكم تشكرون} يقول: لكي تشكروا على ما رزقكم وأنعم به عليكم من ذلك وغيره من نعمه عندكم.
واختلف أهل التّأويل في النّاس الّذين عنوا بقوله: {أن يتخطّفكم النّاس} فقال بعضهم: كفّار قريشٍ.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن عكرمة، قوله: {واذكروا إذ أنتم قليلٌ مستضعفون في الأرض تخافون أن يتخطّفكم النّاس} قال: يعني بمكّة مع النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم ومن تبعه من قريشٍ وحلفائها ومواليها قبل الهجرة.
- حدّثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدّثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، عن الكلبيّ، أو قتادة أو كليهما: {واذكروا إذ أنتم قليلٌ مستضعفون} أنّها نزلت في يوم بدرٍ، كانوا يومئذٍ يخافون أن يتخطّفهم النّاس، فآواهم اللّه وأيّدهم بنصره.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا إسحاق، قال: حدّثنا عبد الرّزّاق، عن معمرٍ، عن قتادة، بنحوه.
وقال آخرون: بل عني به غير قريشٍ.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا إسحاق، قال: حدّثنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرني أبي قال: سمعت وهب بن منبّهٍ، يقول في قوله عزّ وجلّ: {تخافون أن يتخطّفكم النّاس} قال: فارس.
- قال: حدّثنا إسحاق، قال: حدّثنا إسماعيل بن عبد الكريم، قال: حدّثني عبد الصّمد، أنّه سمع وهب بن منبّهٍ يقول، وقرأ: {واذكروا إذ أنتم قليلٌ مستضعفون في الأرض تخافون أن يتخطّفكم النّاس} والنّاس إذ ذاك: فارس، والرّوم.
- قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {واذكروا إذ أنتم قليلٌ مستضعفون في الأرض} قال: كان هذا الحيّ من العرب أذلّ النّاس ذلًّا، وأشقاه عيشًا، وأجوعه بطونًا، وأعراه جلودًا، وأبينه ضلالاً، من عاش منهم عاش شقيًّا، ومن مات منهم ردّي في النّاس، يؤكلون ولا يأكلون، واللّه ما نعلم قبيلاً من حاضر أهل الأرض يومئذٍ كانوا أشرّ منهم منزلاً. حتّى جاء اللّه بالإسلام، فمكّن به في البلاد، ووسّع به في الرّزق، وجعلكم به ملوكًا على رقاب النّاس، فبالإسلام أعطى اللّه ما رأيتم، فاشكروا اللّه على نعمه، فإنّ ربّكم منعمٌ يحبّ الشّكر، وأهل الشّكر في مزيدٍ من اللّه تبارك وتعالى.
وأولى القولين في ذلك عندي بالصّواب قول من قال: عني بذلك مشركو قريشٍ؛ لأنّ المسلمين لم يكونوا يخافون على أنفسهم قبل الهجرة من غيرهم؛ لأنّهم كانوا أدنى الكفّار منهم إليهم، وأشدّهم عليهم يومئذٍ مع كثرة عددهم وقلّة عدد المسلمين.
وأمّا قوله: {فآواكم} فإنّه يعني: آواكم المدينة، وكذلك قوله: {وأيّدكم بنصره} بالأنصار.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن الحسين، قال: حدّثنا أحمد بن مفضّلٍ، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: {فآواكم} قال: إلى الأنصار بالمدينة. {وأيّدكم بنصره} وهؤلاء أصحاب محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم أيّدهم بنصره يوم بدرٍ.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن عكرمة: {فآواكم وأيّدكم بنصره ورزقكم من الطّيّبات} يعني بالمدينة). [جامع البيان: 11/117-120]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (واذكروا إذ أنتم قليلٌ مستضعفون في الأرض تخافون أن يتخطّفكم النّاس فآواكم وأيّدكم بنصره ورزقكم من الطّيّبات لعلّكم تشكرون (26)
قوله تعالى واذكروا إذ أنتم قليلٌ مستضعفون
- أخبرنا موسى بن هارون الطّوسيّ- فيما كتب إليّ- ثنا الحسين بن محمّدٍ المرّوذيّ ثنا شيبان عن قتادة قوله: واذكروا إذ أنتم قليلٌ مستضعفون في الأرض قال: كان أصحاب النّبيّ- صلّى اللّه عليه وسلّم- يومئذٍ ثلاثمائةٍ وبضعة عشر، والمشركون ألفًا يومئذٍ أو راهقوا ذلك، وكان أوّل قتالٍ قاتله نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يوم بدرٍ.
قوله تعالى: تخافون أن يتخطّفكم النّاس
- حدّثنا أبي ثنا محمّد بن عبد الأعلى أنبأ محمّد بن ثورٍ عن معمرٍ عن قتادة أو رجلٍ نسيه أو كلاهما واذكروا إذ أنتم قليلٌ مستضعفون إنّها نزلت في يوم بدرٍ وكانوا يومئذٍ يخافون أن يتخطّفهم النّاس.
قوله تعالى: النّاس
- أخبرنا أبو عبد اللّه الطّهرانيّ- فيما كتب إليّ- أنبأ إسماعيل بن عبد الكريم حدّثنا عبد الصّمد بن معقلٍ أنّه سمع وهبًا يقول: قرأ واذكروا إذ أنتم قليلٌ مستضعفون في الأرض تخافون أن يتخطّفكم النّاس والنّاس إذ ذاك فارس والرّوم
قوله تعالى: فآواكم
- أخبرنا أحمد بن عثمان بن حكيمٍ الأوديّ- فيما كتب إليّ- ثنا أحمد بن مفضّلٍ ثنا أسباطٌ عن السّدّيّ قوله: فآواكم قال: إلى الأنصار بالمدينة.
قوله تعالى: وأيّدكم بنصره
- وبه عن السّدّيّ قوله: وأيّدكم بنصره هؤلاء أصحاب النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أيّدهم بنصره يوم بدرٍ.
قوله تعالى ورزقكم من الطّيّبات
- قرأت على محمّد بن الفضل ثنا محمّد بن عليٍّ أنبأ محمّد بن مزاحمٍ عن بكير بن معروفٍ عن مقاتل بن حيّان قوله: من الطّيّبات يعني: الحلال من الرّزق.
قوله تعالى لعلّكم
- حدّثنا أبو بكر بن أبي موسى ثنا هارون بن حاتمٍ ثنا عبد الرّحمن بن أبي حمّادٍ عن أسباطٍ عن السّدّيّ عن أبي مالكٍ قوله: لعلّكم يعني: كي.
قوله تعالى: تشكرون
- حدّثنا محمّد بن العبّاس ثنا زنيجٌ ثنا سلمة قال محمّد بن إسحاق لعلّكم تشكرون أي فاتقوني، فإنه يشكر نعمتي). [تفسير القرآن العظيم: 5/1682-1683]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 26.
وأخرج ابن المنذر، وابن جرير وأبو الشيخ عن قتادة رضي الله عنه في قوله {واذكروا إذ أنتم قليل} الآية، قال: كان هذا الحي أذل الناس ذلا وأشقاه عيشا وأجوعه بطونا وأعراه جلودا وأبينه ضلالة معكوفين على رأس حجر بين فارس والروم، لا والله ما في بلادهم يحسدون عليه من عاش منهم عاش شقيا ومن مات منهم ردى في النار يؤكلون ولا يأكلون، لا والله ما نعلم قبيلا من حاضر الأرض يومئذ كان أشر منزلا منهم حتى جاء الله بالإسلام فمكن به في البلاد ووسع به في الرزق وجعلكم به ملوكا على رقاب الناس وبالإسلام أعطى الله ما رأيتم فاشكروا لله نعمه فإن ربكم منعم يحب الشكر وأهل الشكر في مزيد من الله عز وجل.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله {يتخطفكم الناس} قال: في الجاهلية بمكة فآواكم إلى الإسلام.
وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن وهب رضي الله عنه في قوله {يتخطفكم الناس} قال: الناس إذ ذاك: فارس والروم.
وأخرج أبو الشيخ وأبو نعيم والديلمي في مسند الفردوس عن ابن عباس رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله {واذكروا إذ أنتم قليل مستضعفون في الأرض تخافون أن يتخطفكم الناس} قيل: يا رسول الله ومن الناس قال أهل فارس.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن السدي رضي الله عنه في قوله {فآواكم} قال: إلى الأنصار بالمدينة {وأيدكم بنصره} قال: يوم بدر). [الدر المنثور: 7/88-89]


رد مع اقتباس