عرض مشاركة واحدة
  #8  
قديم 20 جمادى الآخرة 1440هـ/25-02-2019م, 10:28 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

التلقي من المصحف
قال صَالِحٌ بْنُ مُحَمَّدِ الرَّشيدِ(م): (المستقريء لكلام أهل العلم في مسألة تلقي القرآن من المصحف فقط والتعويل عليه دون الأخذ عن شيخ متقن يلحظ أن ثمة فرقا في الحكم بين حال الاختيار وبين حال العجز والضرورة، حيث شددوا في الأولى وسهلوا في الثانية، وقد ألف ابن بطة الحنبلي مصنفا في الإنكار على من أخذ القرآن من المصحف.
وقد نقل أبو عمرو الداني وغيره آثارا كثيرة عن السلف في النهي عن أخذ القراءة من مصحفي. وقال أبو الحسن السخاوي: (ليست معرفة القرآن راجعة إلى المصحف المجموع والأصل المذكور)يعني أصل الرسوم.
وقد قال أبو العباس بن تيمية: (والاعتماد في نقل القرآن على حفظ القلوب لا على المصاحف "). وصرح ابن الحاج في المدخل بمنع التلقي من المصحف في حق من لا يعرف مرسوم المصحف، قال لأن من لا يعرف المرسوم من الأمة يجب عليه أن لا يقرأ في المصحف إلا بعد أن يتعلم القراءة على وجهها، أو يتعلم مرسوم المصحف، فإن فعل غير ذلك فقد خالف ما اجتمعت عليه الأمة، وحكمه معلوم في الشرع الشريف.
وفي فضائل القرآن لابن كثير عند كلامه عن المفاضلة بين القراءة عن ظهر قلب، والقراءة نظرا في المصحف قال: (فأما تلقين القرآن فمن فم الملقن أحسن، لأن الكتابة لا تدل على الأداء كما أن المشاهد من كثير ممن يحفظ من الكتابة فقط يكثر تصحيفه وغلطه، وإذا أدى الحال إلى هذا منع منه إذا وجد شيخا يوقفه على ألفاظ القرآن، فأما عند العجز عما يلقن فلا يكلف الله نفسا إلا وسعها، فيجوز عند الضرورة ما لا يجوز عند الرفاهية، فإذا قرأ في المصحف والحالة هذه فلا حرج عليه، ولو فرض أنه قد يحرف بعض الكلمات عن لفظها على لغته ولفظه، فقد قال الإمام أبو عبيد: حدثني هشام بن إسماعيل الدمشقي عن محمد بن شعيب عن الأوزاعي: أن رجلا صحبهم في سفر قال: فحدثنا حديثا ما أعلمه إلا رفعه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن العبد إذا قرأ فحرف أو أخطأ كتبه الملك كما أنزل").أ.ه
وقال السيوطي في الإتقان: (ويحصل الأمن من تحريف ألفاظ القرآن بالتلقي من أفواه الرجال العالمين بالقراءة، ولا ينبغي الاكتفاء بمجرد النظر في المصحف).
قال الزرقاني في المناهل: قال المحقق ابن الجزري: (ثم إن الاعتماد في نقل القرآن على حفظ القلوب والصدور لا على حفظ المصاحف والكتب وهذه أشرف خصيصة من الله تعالى لهذه الأمة، ففي الحديث الذي رواه مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم : قال "أن ربي قال لي: قم في قريش فأنذرهم. فقلت له: أي رب إذا يثلغوا رأسي
[448]
حتى يدعوه خبزة. فقال إني مبتليك ومبتل بك ومنزل عليك كتابا لا يغسله الماء، تقرؤه نائما ويقظان، فأبعث جندا أبعث مثلهم، وقاتل بمن أطاعك من عصاك، وأنفق ينفق عليك"). كذا في المناهل.
قال الزرقاني في موضع من المناهل أيضا وعنه الشيخ صبحي الصالح: (ولكي يزيد إقبال عثمان من إقبال الناس على تلقي القرآن من صدور الرجال واعتمادهم على الحفظ وعدم اتكالهم على النسخ والكتابة راح يرسل في الأكثر الأغلب مع المصحف الخاص بكل أقليم حافظا يوافق قراءته، فكان زيد بن ثابت مقريء المصحف المدني،وعبد الله بن السائب مقريء المكي، والمغيرة بن شهاب مقريء الشامي، وأبو عبد الرحمن السلمي مقريء الكوفي، وعامر بن عبد القيس مقريء البصري). فتبين مما مضى أن التعويل قبل كل شيء كان على الحفظ والاستظهار، ولا يزال التعويل حتى الآن على التلقي من صدور الرجال ثقة عن ثقة، وإماما عن إمام إلى النبي صلى الله عليه وسلم. وقد وردت آثار عديدة تتضمن هذا المعنى.
الآثار الواردة في تلقي القرآن عن القراء
أخرج الإمام أحمد والشيخان وغيرهما من حديث ابن عمر واللفظ للبخاري بسنده عن مسروق قال: (ذكر عبد الله عند عبد الله بن عمر فقال: ذاك رجل لا أزال أحبه بعدما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "استقرئوا القرآن من أربعة: من عبد الله بن مسعود فبدأ به، وسالم مولى أبي حذيفة، وأبي بن كعب، ومعاذ بن جبل". قال: لا أدري بدأ بأبي أو بمعاذ). وفي لفظ: "خذوا القرآن من أربعة....". وأخرج
[449]
البزار وعنه الهيثمي في المجمع عن عبد الله بن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "خذوا القرآن من أربعة من أبي بن كعب، وعبد الله بن مسعود، ومعاذ بن جبل، وسالم مولى أبي حذيفة". قال الهيثمي: رجاله ثقات. وأخرج أبو عبيد في فضائل القرآن في باب عرض القراء للقرآن وما يستحب لهم من أخذه عن أهل القراءة واتباع السلف فيها والتمسك بما يعلم منها، قال: (حدثنا ابن أبي مريم وحجاج عن ابن لهيعة عن خالد بن أبي عمران عن عروة بن الزبير قال: "إن قراءة القرآن سنة من السنن، فاقرؤه كما اقرئتموه").
وقال أبو عبيد أيضا: (حدثنا حجاج عن بن أبي الزناد عن أبيه قال: قال لي خارجة بن زيد: قال لي زيد بن ثابت: "القراءة سنة").
وأخرج أبو عبيد في الفضائل أيضا قال: (حدثني هوذة بن خليفة عن عوف بن أبي جميلة عن خليد العصري قال: لما ورد علينا سلمان أتيناه نستقرئه القرآن، فقال: إن القرآن عربي فاستقرؤه رجلا عربيا".قال: فكان زيد بن صوحان يقرئنا، ويأخذ عليه سلمان فإذا أخطأ غير عليه، وإذا أصاب قال: نعم إيم الإله).
[450]

رد مع اقتباس