عرض مشاركة واحدة
  #90  
قديم 1 صفر 1439هـ/21-10-2017م, 06:16 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

بيان معنى العبادة شرعاً
قال عبد العزيز بن داخل المطيري: (بيان معنى العبادة شرعاً

والعبادة في الشرع لها تعريفات متعددة ذكرها أهل العلم، وقد سلكوا مسالك في تعريفها، ومن أحسنها تعريف شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في رسالة (العبودية)؛ إذ قال رحمه الله تعالى: (العبادة هي اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الباطنة والظاهرة)ا.هـ.

قوله: (من الأعمال والأقوال) هذا قيد يخرج الأشخاص والأمكنة والأزمنة التي يحبها الله فلا توصف بأنها عبادة، لأن العبادة تتعلق بما يُتعبَّد به.
وتعريف شيخ الإسلام للعبادة حسن بديع، وهو وصف جامع مانع للعبادات الشرعية، وأما العبادات الشركية والبدعية فلا يشملها هذا التعريف لأن الله تعالى لا يحبها ولا يرضاها ولا يقبلها، وإن كانت داخلةً في اسم العبادة لغة؛ لأن كلَّ ما يُتقرَّب به إلى المعبود فهو عبادة؛ كما قال الله تعالى: ﴿قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1) لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ﴾ ؛ فسمَّى ما يفعلونه عبادة، وقال تعالى: ﴿ أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ﴾ وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (( من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد)) رواه مسلم.
فالعبادات الشركية والبدعية وإن كان يشملها اسم العبادة لغة وحقيقة من جهة كونها صادرة عن تذلل وخضوع للمعبود، لكنها عبادات باطلة عند الله؛ فمن عبد اللهَ عبادةً غير خالصة له فهي مردودة عليه، وكذلك من عبد الله بعبادة لم يأذن الله بها فهي مردودة عليه.
فتعريف شيخ الإسلام للعبادة تعريف بالحدّ الرسميّ لغرض بيان ما يشمله اسم العبادة الشرعية، وتعريف ابن جرير وأبي منصور للعبادة تعريف بالحد الحقيقي لغرض بيان ماهية العبادة وحقيقتها؛ فهي لا تكون إلا بتذلل وخضوع.

ويصحب هذه الذلة في العبادات الشرعية التي أمر الله بها ثلاثة أمور: المحبة، والانقياد، والتعظيم.
والعبادةُ تكونُ بالقلبِ واللسانِ والجوارحِ، وقد أمَرَ اللهُ تعالى بإخلاصِ العبادةِ له وَحْدَه لا شَريكَ له؛ قال اللهُ تعالى: ﴿هُوَ الْحَيُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (65)﴾
وقال تعالى: ﴿قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ﴾.
وقال تعالى:
﴿وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ (5) ). [تفسير سورة الفاتحة:173 - 175]


رد مع اقتباس