عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 17 محرم 1440هـ/27-09-2018م, 04:21 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {قَالَ أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيدًا وَلَبِثْتَ فِينَا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ (18) وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ وَأَنْتَ مِنَ الْكَافِرِينَ (19) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({فأتيا فرعون فقولا إنّا رسول ربّ العالمين}، وقال في الآية الأخرى: {إنّا رسولا ربّك} [طه:47] أي: كلٌّ منّا رسول اللّه إليك، {أن أرسل معنا بني إسرائيل} أي: أطلقهم من إسارك وقبضتك وقهرك وتعذيبك، فإنّهم عباد اللّه المؤمنون، وحزبه المخلصون، وهم معك في العذاب المهين.
فلمّا قال له موسى ذلك أعرض فرعون عمّا هنالك بالكلّيّة، ونظر بعين الازدراء والغمص فقال: {ألم نربّك فينا وليدًا ولبثت فينا من عمرك سنين. [وفعلت فعلتك الّتي فعلت وأنت من الكافرين]} [أي: أما أنت الّذي ربّيناه فينا]، وفي بيتنا وعلى فراشنا [وغذّيناه]، وأنعمنا عليه مدّةً من السّنين، ثمّ بعد هذا قابلت ذلك الإحسان بتلك الفعلة، أن قتلت منّا رجلًا وجحدت نعمتنا عليك؛ ولهذا قال: {وأنت من الكافرين} أي: الجاحدين. قاله ابن عبّاسٍ، وعبد الرّحمن بن زيد بن أسلم، واختاره ابن جريرٍ). [تفسير ابن كثير: 6/ 137]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ فَعَلْتُهَا إِذًا وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ (20) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({قال فعلتها إذًا} أي: في تلك الحال، {وأنا من الضّالّين} أي: قبل أن يوحى إليّ وينعم اللّه عليّ بالرّسالة والنّبوّة.
قال ابن عبّاسٍ، رضي اللّه عنهما، ومجاهدٌ، وقتادة، والضّحّاك، وغيرهم: {وأنا من الضّالّين} أي: الجاهلين.
قال ابن جريج: وهي كذلك في قراءة عبد اللّه بن مسعودٍ رضي اللّه عنه). [تفسير ابن كثير: 6/ 137]

تفسير قوله تعالى: {فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْمًا وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ (21) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({ففررت منكم لـمّا خفتكم فوهب لي ربّي حكمًا وجعلني من المرسلين} أي: الحال الأول انفصل وجاء أمرٌ آخر، فقد أرسلني اللّه إليك، فإن أطعته سلمت، وإن خالفته عطبت). [تفسير ابن كثير: 6/ 137-138]

تفسير قوله تعالى: {وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّهَا عَلَيَّ أَنْ عَبَّدْتَ بَنِي إِسْرَائِيلَ (22) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :(ثمّ قال موسى: {وتلك نعمةٌ تمنّها عليّ أن عبّدت بني إسرائيل} أي: وما أحسنت إليّ وربّيتني مقابل ما أسأت إلى بني إسرائيل، فجعلتهم عبيدًا وخدمًا، تصرّفهم في أعمالك ومشاقّ رعيّتك، أفيفي إحسانك إلى رجلٍ واحدٍ منهم بما أسأت إلى مجموعهم؟ أي: ليس ما ذكرته شيئًا بالنّسبة إلى ما فعلت بهم). [تفسير ابن كثير: 6/ 138]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ (23) قَالَ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ (24) قَالَ لِمَنْ حَوْلَهُ أَلَا تَسْتَمِعُونَ (25) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ( {قال فرعون وما ربّ العالمين (23) قال ربّ السّماوات والأرض وما بينهما إن كنتم موقنين (24) قال لمن حوله ألا تستمعون (25) قال ربّكم وربّ آبائكم الأوّلين (26) قال إنّ رسولكم الّذي أرسل إليكم لمجنونٌ (27) قال ربّ المشرق والمغرب وما بينهما إن كنتم تعقلون (28) }
يقول تعالى مخبرًا عن كفر فرعون، وتمرّده وطغيانه وجحوده، في قوله: {وما ربّ العالمين}؟ وذلك أنّه كان يقول لقومه: {ما علمت لكم من إلهٍ غيري} [القصص:38]، {فاستخفّ قومه فأطاعوه} [الزّخرف:54]، وكانوا يجحدون الصّانع -تعالى-ويعتقدون أنّه لا ربّ لهم سوى فرعون، فلمّا قال له موسى: {إنّي رسول ربّ العالمين} [الزّخرف:46]، قال له: ومن هذا الّذي تزعم أنّه ربّ العالمين غيري؟ هكذا فسّره علماء السّلف وأئمّة الخلف، حتّى قال السّدّيّ: هذه الآية كقوله تعالى: {قال فمن ربّكما يا موسى * قال ربّنا الّذي أعطى كلّ شيءٍ خلقه ثمّ هدى} [طه:49، 50].
ومن زعم من أهل المنطق وغيرهم؛ أنّ هذا سؤالٌ عن الماهيّة، فقد غلط؛ فإنّه لم يكن مقرًّا بالصّانع حتّى يسأل عن الماهيّة، بل كان جاحدًا له بالكلّيّة فيما يظهر، وإن كانت الحجج والبراهين قد قامت عليه،
فعند ذلك قال موسى لـمّا سأله عن رب العالمين: {قال ربّ السّموات والأرض وما بينهما} أي: خالق جميع ذلك ومالكه، والمتصرّف فيه وإلهه، لا شريك له، هو اللّه الّذي خلق الأشياء كلّها، العالم العلويّ وما فيه من الكواكب الثّوابت والسّيّارات النّيّرات، والعالم السّفليّ وما فيه من بحارٍ وقفارٍ، وجبالٍ وأشجارٍ، وحيوانٍ ونباتٍ وثمارٍ، وما بين ذلك من الهواء والطّيور، وما يحتوي عليه الجوّ، الجميع عبيدٌ له خاضعون ذليلون.
{إن كنتم موقنين} أي: إن كانت لكم قلوبٌ موقنةٌ، وأبصارٌ نافذةٌ.
فعند ذلك التفت فرعون إلى من حوله من ملئه ورؤساء دولته قائلًا لهم، على سبيل التّهكّم والاستهزاء والتّكذيب لموسى فيما قاله: {ألا تستمعون} أي: ألا تعجبون ممّا يقول هذا في زعمه: أنّ لكم إلهًا غيري؟). [تفسير ابن كثير: 6/ 138]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آَبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ (26) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (فقال لهم موسى: {ربّكم وربّ آبائكم الأوّلين} أي: خالقكم وخالق آبائكم الأوّلين، الّذي كانوا قبل فرعون وزمانه). [تفسير ابن كثير: 6/ 138]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ (27) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({قال} أي: فرعون لقومه: {إنّ رسولكم الّذي أرسل إليكم لمجنونٌ} أي: ليس له عقلٌ في دعواه أنّ ثمّ ربًّا غيري). [تفسير ابن كثير: 6/ 138-139]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ (28) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({قال} أي: موسى لأولئك الّذين أوعز إليهم فرعون ما أوعز من الشّبهة، فأجاب موسى بقوله: {ربّ المشرق والمغرب وما بينهما إن كنتم تعقلون} أي: هو الّذي جعل المشرق مشرقًا تطلع منه الكواكب، والمغرب مغربًا تغرب فيه الكواكب، ثوابتها وسيّاراتها، مع هذا النّظام الّذي سخّرها فيه وقدّرها، فإن كان هذا الّذي يزعم أنّه ربّكم وإلهكم صادقًا فليعكس الأمر، وليجعل المشرق مغربًا، والمغرب مشرقًا، كما أخبر تعالى عن {الّذي حاجّ إبراهيم في ربّه أن آتاه اللّه الملك إذ قال إبراهيم ربّي الّذي يحيي ويميت قال أنا أحيي وأميت قال إبراهيم فإنّ اللّه يأتي بالشّمس من المشرق فأت بها من المغرب فبهت الّذي كفر واللّه لا يهدي القوم الظّالمين} [البقرة:258]؛ ولهذا لـمّا غلب فرعون وانقطعت حجّته، عدل إلى استعمال جاهه وقوّته وسلطانه، واعتقد أنّ ذلك نافعٌ له ونافذٌ في موسى، عليه السّلام، فقال ما أخبر اللّه تعالى عنه: {قال لئن اتّخذت إلهًا غيري لأجعلنّك من المسجونين (29) }). [تفسير ابن كثير: 6/ 139]

رد مع اقتباس