عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 21 ربيع الثاني 1434هـ/3-03-2013م, 11:31 AM
ريم الحربي ريم الحربي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: بلاد الحرمين
المشاركات: 2,656
افتراضي تفسير السلف

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: {وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ (80)}

قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ولوطًا إذ قال لقومه أتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحدٍ من العالمين}.
يقول جلّ ثناؤه: ولقد أرسلنا لوطًا. ولو قيل: معناه: واذكر لوطًا يا محمّد إذ قال لقومه إذ لم يكن في الكلام صلة الرّسالة كما كان في ذكر عادٍ وثمود كان مذهبًا.
وقوله: {إذ قال لقومه} يقول: حين قال لقومه من سدوم، وإليهم كان أرسل لوطٌ: {أتأتون الفاحشة}، وكانت فاحشتهم الّتي كانوا يأتونها الّتي عاقبهم اللّه عليها: إتيان الذّكور, {ما سبقكم بها من أحدٍ من العالمين}، يقول: ما سبقكم بفعل هذه الفاحشة أحدٌ من العالمين.
- وذلك كالّذي حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا إسماعيل ابن عليّة، عن ابن أبي نجيحٍ، عن عمرو بن دينارٍ، قوله: {ما سبقكم بها من أحدٍ من العالمين}، قال: ما رؤي ذكرٌ على ذكرٍ حتّى كان قوم لوطٍ). [جامع البيان: 10/ 304-305]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): ({ولوطًا إذ قال لقومه أتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحدٍ من العالمين (80)}
قوله تعالى: {ولوطًا إذ قال لقومه}
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا إسحاق بن منصورٍ، عن الحكم بن عبد الملك، عن قتادة قال: قرية لوطٍ حين رفعها جبريل وفيها أربعمائة ألفٍ، فسمع أهل السّماء نباح الكلاب، وأصوات الدّيكة، ثمّ قلب أسفلها أعلاها.
- حدّثنا أبي، ثنا اللّيث بن خالدٍ، ثنا خالد بن زيادٍ التّرمذيّ، ثنا قتادة قال: كان في مدينة لوط التي جعل الله عاليها سافلها أربعة آلاف ألف نفسٍ.
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا إبراهيم بن موسى، أنبأ ابن أبي زائدة، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ قال: كانوا يعني قوم لوطٍ أربعمائة ألف بيتٍ في كلّ بيتٍ عشرة مردةٍ فذلك أربعة آلاف ألفٍ.
قوله تعالى: {أتأتون الفاحشة}
- حدّثنا محمّد بن إسماعيل الأحمسيّ، ثنا وكيعٌ، حدثني الصلت ابن بهرام، عن عبد الرّحمن بن مسعودٍ العبديّ، عن أبي المعتمر، أو عن أبي الجويرية شكّ الصّلت قال: قال عليٌّ رضي اللّه عنه على المنبر: سلوا فقال ابن الكوّاء: تؤتى النّساء في أعجازهنّ؟ فقال عليٌّ: سفلت سفل اللّه بك، ألم تسمع إلى قوله:
{أتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحدٍ من العالمين}
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا منجاب بن الحارث، أنبأ بشر بن عمارة، عن أبي روقٍ، عن الضّحّاك، عن ابن عبّاسٍ في قوله: {أتأتون الفاحشة}، قال: يعني الأدبار
قوله تعالى: {ما سبقكم بها من أحدٍ من العالمين}
- حدّثنا عليّ بن الحسن الهسنجانيّ، ثنا مسدّدٌ، ثنا إسماعيل بن عليه قال: سمعت ابن أبي نجيحٍ يقول: {أتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحدٍ من العالمين}؛ قال: قال عمرو بن دينارٍ: ما نزلوا ذكر على ذكرٍ حتّى كان قوم لوطٍ). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 1517]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أخرج ابن عساكر عن سليمان بن صرد قال: أبو لوط هو عم إبراهيم.
- وأخرج إسحاق بن بشر، وابن عساكر عن ابن عباس قال: أرسل لوط إلى المؤتفكات وكانت قرى لوط أربع مدائن. سدوم وأمورا وعامورا وصبوير، وكان في كل قرية مائة ألف مقاتل وكانت أعظم مدائنهم سدوم وكان لوط يسكنها وهي من بلاد الشام ومن فلسطين مسيرة وليلة وكان إبراهيم خليل الرحمن عم لوط بن هاران بن تارح وكان إبراهيم ينصح قوم لوط وكان الله قد أمهل قوم لوط فخرقوا حجاب الإسلام وانتهكوا المحارم وأتوا الفاحشة الكبرى فكان إبراهيم يركب على حماره حتى يأتي مدائن قوم لوط فينصحهم فيأبون أن يقبلوا فكان بعد ذلك يجيء على حماره فينظر إلى سدوم فيقول: يا سدوم أي يوم لك من الله سدوم إنما أنهاكم أن لا تتعرضوا لعقوبة الله حتى بلغ الكتاب أجله فبعث الله جبريل في نفر من الملائكة فهبطوا في صورة الرجال حتى انتهوا إلى إبراهيم وهو في زرع له يثير الأرض فلما بلغ الماء إلى سكته من الأرض ركز مسحاته في الأرض فصلى خلفها ركعتين فنظرت الملائكة إلى إبراهيم فقالوا: لو كان الله يبتغي أن يتخذ خليلا لاتخذ هذا العبد خليلا ولا يعلمون أن الله قد اتخذه خليلا.
- وأخرج ابن أبي الدنيا، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والبيهقي في ذم الملاهي والشعب، وابن عساكر عن ابن عباس في قوله: {أتأتون الفاحشة}، قال: أدبار الرجال.
- وأخرج ابن أبي شيبة، وابن أبي الدنيا، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والبيهقي، وابن عساكر عن عمرو بن دينار في قوله: {ما سبقكم بها من أحد من العالمين}، قال: ما نزا ذكر على ذكر حتى كان قوم لوط.
- وأخرج ابن أبي الدنيا، وابن أبي حاتم والبيهقي، وابن عساكر عن أبي صخرة جامع بن شداد رفعه قال: كان اللواط في قوم لوط في النساء قبل أن يكون في الرجال بأربعين سنة.
- وأخرج ابن أبي الدنيا، وابن عساكر، عن طاووس، أنه سئل عن الرجل يأتي المرأة في عجيزتها قال: إنما بدء قوم لوط ذاك صنعته الرجال بالنساء ثم صنعته الرجال بالرجال.
- وأخرج ابن أبي شيبة، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والبيهقي في "سننه" عن علي أنه قال على المنبر: سلوني، فقال ابن الكواء: تؤتي النساء في أعجازهن فقال علي: سفلت سفل الله بك ألم تسمع إلى قوله: {أتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين}.
- وأخرج إسحاق بن بشر، وابن عساكر عن ابن عباس قال: كان الذي حملهم على إتيان الرجال دون النساء أنهم كانت لهم ثمار في منازلهم وحوائطهم وثمار خارجة على ظهر الطريق وأنهم أصابهم قحط وقلة من الثمار فقال بعضهم لبعض: إنكم إن منعتم ثماركم هذه الظاهرة من أبناء السبيل كان لكم فيها عيش، قالوا: بأي شيء نمنعها قالوا: اجعلوا سنتكم من أخذتم في بلادكم غريبا سننتم فيه أن تنكحوه وأغرموه أربعة دراهم فإن الناس لا يظهرون ببلادكم إذا فعلتم ذلك فذلك الذي حملهم على ما ارتكبوا من الأمر العظيم الذي لم يسبقهم إليه أحد من العالمين.
- وأخرج إسحاق بن بشر، وابن عساكر من طريق محمد بن إسحاق عن بعض رواة ابن عباس قال: إنما كان بدء عمل قوم لوط أن إبليس جاءهم عند ذكرهم ما ذكروا في هيئة صبي أجمل صبي رآه الناس فدعاهم إلى نفسه فنكحوه ثم جروا على ذلك). [الدر المنثور: 6/ 465-468]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ (81)}
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {إنّكم لتأتون الرّجال شهوةً من دون النّساء بل أنتم قومٌ مسرفون}.
يخبر بذلك تعالى ذكره عن لوطٍ أنّه قال لقومه، توبيخًا منه لهم على فعلهم: {إنّكم} أيّها القوم {لتأتون الرّجال} في أدبارهم، {شهوةً} منكم لذلك، {من دون} الّذي أباحه اللّه لكم وأحلّه من {النّساء بل أنتم قومٌ مسرفون}، يقول: إنّكم لقومٌ تأتون ما حرّم اللّه عليكم وتعصونه بفعلكم هذا، وذلك هو الإسراف في هذا الموضع.
والشّهوة: الفعلة، وهي مصدرٌ من قول القائل: شهيت هذا الشّيء أشهاه شهوةً، ومن ذلك قول الشّاعر:
وأشعث يشهى النّوم قلت له ارتحل ....... إذا ما النّجوم أعرضت واسبطرّت
فقام يجرّ البرد لو أنّ نفسه ....... يقال له خذها بكفّيك خرّت).
[جامع البيان: 10/ 305]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): ({إنّكم لتأتون الرّجال شهوةً من دون النّساء بل أنتم قومٌ مسرفون (81)}
قوله تعالى: {إنّكم لتأتون الرّجال شهوةً من دون النّساء بل أنتم قوم مسرفون}
- حدّثنا أبي، ثنا عليّ بن محمّدٍ الطّنافسيّ، ثنا محمّد بن فضيلٍ، عن عمر بن أبي زائدة، عن جامع بن شدّادٍ أبي صخرة قال: كانت اللّوطيّة في قوم لوطٍ في النّساء قبل أن تكون في الرّجال بأربعين سنةً.
- أخبرنا أبو عبد اللّه محمّد بن حمّادٍ الطّهرانيّ فيما كتب أبى، ثنا إسماعيل بن عبد الكريم، حدّثني عبد الصّمد بن معقلٍ قال: سمعت وهب بن منبّهٍ يقول: كان سدوم الّذين فيهم لوطٌ قومٌ سوءٌ قد استغنوا، عن النّساء بالرّجال). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 1518]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي الدنيا وأبو الشيخ والبيهقي، وابن عساكر عن حذيفة قال: إنما حق القول على القول على قوم لوط حين استغنى النساء بالنساء والرجال بالرجال.
- وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي، وابن عساكر عن أبي حمزة قال: قلت لمحمد بن علي: عذب الله نساء قوم لوط بعمل رجالهم قال: الله أعدل من ذلك استغنى الرجال بالرجال والنساء بالنساء). [الدر المنثور: 6/ 468]

تفسير قوله تعالى: {وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوهُمْ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ (82)}

قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وما كان جواب قومه إلاّ أن قالوا أخرجوهم من قريتكم إنّهم أناسٌ يتطهّرون}.
يقول تعالى ذكره: وما كان جواب قوم لوطٍ للوطٍ إذ وبّخهم على فعلهم القبيح وركوبهم ما حرّم اللّه عليهم من العمل الخبيث إلاّ أن قال بعضهم لبعضٍ: أخرجوا لوطًا وأهله، ولذلك قيل: أخرجوهم، فجمع، وقد جرى قبل ذكر لوطٍ وحده دون غيره.
وقد يحتمل أن يكون إنّما جمع بمعنى: أخرجوا لوطًا ومن كان على دينه من قريتكم، فاكتفى بذكر لوطٍ في أوّل الكلام عن ذكر أتباعه، ثمّ جمع في آخر الكلام، كما قيل: {يا أيّها النّبيّ إذا طلّقتم النّساء}.
وقد بيّنّا نظائر ذلك فيما مضى بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع.
{إنّهم أناسٌ يتطهّرون}، يقول: إنّ لوطًا ومن تبعه أناسٌ يتنزّهون عمّا نفعله نحن من إتيان الرّجال في الأدبار.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا هانئ بن سعيدٍ النّخعيّ، عن الحجّاج، عن القاسم بن أبي بزّة، عن مجاهدٍ: {إنّهم أناسٌ يتطهّرون}، قال: من أدبار الرّجال وأدبار النّساء.
- حدّثنا ابن وكيعٍ قال: حدّثنا أبي، عن سفيان، عن مجاهدٍ: {إنّهم أناسٌ يتطهّرون} من أدبار الرّجال وأدبار النّساء.
- حدّثني المثنّى قال: حدّثنا الحجّاج قال: حدّثنا حمّادٌ، عن الحجّاج، عن القاسم بن أبي بزّة، عن مجاهدٍ في قوله: {إنّهم أناسٌ يتطهّرون}، قال: يتطهّرون من أدبار الرّجال والنّساء.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا إسحاق، قال: حدّثنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا الحسن بن عمارة، عن الحكم، عن مجاهدٍ، عن ابن عبّاسٍ، في قوله: {إنّهم أناسٌ يتطهّرون}، قال: من أدبار الرّجال ومن أدبار النّساء.
- حدّثني محمّد بن الحسين، قال: حدّثنا أحمد بن المفضّل، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: {إنّهم أناسٌ يتطهّرون}، قال: يتحرّجون.
- حدّثنا بشر بن معاذٍ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة: {إنّهم أناسٌ يتطهّرون}، يقول: عابوهم بغير عيبٍ، وذمّوهم بغير ذمٍّ). [جامع البيان: 10/ 306-307]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): ({وما كان جواب قومه إلّا أن قالوا أخرجوهم من قريتكم إنّهم أناسٌ يتطهّرون (82)}
قوله تعالى: {وما كان جواب قومه إلا أن قالوا أخرجوهم}
- حدّثنا حجّاج بن حمزة العجليّ، ثنا شبابة بن سوّارٍ، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قوله: {أخرجوهم من قريتكم إنّهم أناسٌ يتطهّرون}؛ قال من أدبار الرّجال وأدبار النّساء استهزأ بهم.
- أخبرنا أحمد بن عثمان بن حكيمٍ الأوديّ فيما كتب أبي، ثنا أحمد بن مفضّلٍ، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ قوله: {أخرجوهم من قريتكم إنّهم أناسٌ يتطهّرون} قال: يتحرّجون.
- أخبرنا أبو يزيد القراطيسيّ فيما كتب إليّ، ثنا أصبغ بن الفرج قال: سمعت عبد الرّحمن بن زيد بن أسلم يقول في قول اللّه: {إنّهم أناسٌ يتطهّرون}؛ قال: من أعمالهم الخبيثة الّتي كانوا يعملون إتيانهم الرّجال). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 1518]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد إنهم أناس يتطهرون يقول يتطهرون من أدبار النساء والرجال استهزاء بهم).[تفسير مجاهد: 240]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وابن المنذر عن ابن عباس في قوله: {إنهم أناس يتطهرون}؛ قال: من أدبار الرجال ومن أدبار النساء.
- وأخرج الفريابي، وابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله: {إنهم أناس يتطهرون}؛ قال: من أدبار الرجال وأدبار النساء استهزاء بهم.
- وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير وأبو الشيخ عن قتادة: {إنهم أناس يتطهرون}؛ قال: عابوهم بغير عيب وذموهم بغير ذم). [الدر المنثور: 6/ 469]

تفسير قوله تعالى: {فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ (83)}
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {فأنجيناه وأهله إلاّ امرأته كانت من الغابرين}.
يقول تعالى ذكره: فلمّا أبى قوم لوطٍ مع توبيخ لوطٍ إيّاهم على ما يأتون من الفاحشة، وإبلاغه إيّاهم رسالة ربّه بتحريم ذلك عليهم، إلاّ التّمادي في غيّهم، أنجينا لوطًا وأهله المؤمنين به إلاّ امرأته فإنّها كانت للوطٍ خائنةً وباللّه كافرةً.
وقوله: {من الغابرين} يقول: من الباقين.
وقيل: {من الغابرين} ولم يقل: الغابرات، لأنّه يريد أنّها ممّن بقي مع الرّجال، فلمّا ضمّ ذكرها إلى ذكر الرّجال قيل {من الغابرين}، والفعل منه: غبر يغبر غبورًا وغبرًا، وذلك إذا بقي، كما قال الأعشى:
عضّ بما أبقى المواسي له ....... من أمّه في الزّمن الغابر
وكما قال الآخر:
وأبي الّذي فتح البلاد بسيفه ....... فأذلّها لبني أبان الغابر
يعني: الباقي.
فإن قال قائلٌ: فكانت امرأة لوطٍ ممّن نجا من الهلاك الّذي هلك به قوم لوطٍ؟
قيل: لا، بل كانت فيمن هلك.
فإن قال: فكيف قيل: {إلاّ امرأته كانت من الغابرين}، وقد قلت إنّ معنى الغابر الباقي، فقد وجب أن تكون قد بقيت؟
قيل: إنّ معنى ذلك غير الّذي ذهبت إليه، وإنّما عنى بذلك: إلاّ امرأته كانت من الباقين قبل الهلاك والمعمّرين الّذين قد أتى عليهم دهرٌ كبيرٌ ومرّ بهم زمنٌ كثيرٌ، حتّى هرمت فيمن هرم من النّاس، فكانت ممّن غبر الدّهر الطّويل قبل هلاك القوم، فهلكت مع من هلك من قوم لوطٍ حين جاءهم العذاب.
وقيل: معنى ذلك: من الباقين في عذاب اللّه.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن عبد الأعلى، قال: حدّثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة: {إلاّ عجوزًا في الغابرين}: في عذاب اللّه). [جامع البيان: 10/ 307-309]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): ({فأنجيناه وأهله إلّا امرأته كانت من الغابرين (83)}
قوله تعالى: {فأنجيناه وأهله إلا امرأته}
- حدّثنا أبي، ثنا محمّد بن كثيرٍ أنبأ سليمان يعني ابن كثيرٍ أخاه أنبأ حصينٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ قال: لمّا ولج رسل اللّه على لوطٍ ظنّ أنّهم ضيفانٌ قال: فأخرج بناته بالطّريق وجعل ضيفانه بينه وبين بناته، قال: وجاءه قومه يهرعون إليه فقال: هؤلاء بناتي هنّ أطهر لكم إلى قوله: أو آوي إلى ركنٍ شديدٍ قال: فالتفت إليه جبريل فقال: لا تخف إنّا رسل ربّك لن يصلوا إليك قال: فلمّا دنوا طمس أعينهم فانطلقوا عميًا يركب بعضهم بعضًا، حتّى خرجوا إلى الّذين بالباب، فقالوا: جئناكم من عند أسحر النّاس طمست أبصارنا، قال: فانطلقوا يركب بعضكم بعضًا حتّى دخلوا المدينة. فكان في جوف اللّيل، فرفعت حتّى إنّهم ليسمعون صوت الطّير في جوّ السّماء، ثمّ قلبت عليهم فمن أصابته الائتفاكة أهلكته، قال: ومن خرج منها اتّبعه حجرٌ حيث كان فقتله. قال: وخرج لوطٌ منها ببناته وهنّ ثلاثٌ، فلمّا بلغ مكانًا من الشّام ماتت الكبرى فدفنها، فخرج عندها عينٌ يقال لها عين الرّبة، قال: سمعت ابن عبّاسٍ يقول: ربثًا قال: ثمّ انطلق حتى إذا بلغ مكانًا آخر ماتت الصّغرى، فدفنها، فخرج عندها عينٌ يقال لها الزّغريّة، قال: سمعت ابن عبّاسٍ يقول: رغرثا، قال: ولم يبق غير الوسطى.
قوله تعالى: {كانت من الغابرين}
- حدّثنا أبي، ثنا محمّد بن عبد الأعلى، ثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة في {الغابرين}؛ قال: في الباقين في عذاب اللّه). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 1518-1519]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {إلا امرأته كانت من الغابرين} قال: من الباقين في عذاب الله {وأمطرنا عليهم مطرا}
قال: أمطر الله على بقايا قوم لوط حجارة من السماء فأهلكتهم). [الدر المنثور: 6/ 469]

تفسير قوله تعالى: {وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَرًا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ (84)}
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وأمطرنا عليهم مطرًا فانظر كيف كان عاقبة المجرمين}.
يقول جلّ ثناؤه: وأمطرنا على قوم لوطٍ الّذين كذّبوا لوطًا ولم يؤمنوا به مطرًا من حجارةٍ من سجّيلٍ أهلكناهم به. {فانظر كيف كان عاقبة المجرمين}، يقول جلّ ثناؤه: فانظر يا محمّد إلى عاقبة هؤلاء الّذين كذّبوا اللّه ورسوله من قوم لوطٍ، فاجترموا معاصي اللّه وركبوا الفواحش واستحلّوا ما حرّم اللّه من أدبار الرّجال، كيف كانت وإلى أيّ شيءٍ صارت، هل كانت إلاّ البوار والهلاك؟ فإنّ ذلك أو نظيره من العقوبة، عاقبة من كذّبك واستكبر عن الإيمان باللّه وتصديقك إن لم يتوبوا، من قومك). [جامع البيان: 10/ 309]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): ({وأمطرنا عليهم مطرًا فانظر كيف كان عاقبة المجرمين (84)}
قوله تعالى: {وأمطرنا عليهم مطرًا فانظر كيف كان عاقبة المجرمين}
- أخبرنا أبو عبد اللّه محمّد بن حمّادٍ الطّهرانيّ فيما كتب إليّ، ثنا ابن عبد الكريم، حدّثني عبد الصّمد بن معقلٍ، عن وهب بن منبّهٍ قال: فأدخل ميكائيل وهو صاحب العذاب جناحه حتّى بلغ أسفل الأرض، ثمّ حمل قراهم فقلبها عليهم، ونزلت حجارةٌ من السّماء فتبعث من لم يكن منهم في القرية حيث كانوا، فأهلكهم اللّه عزّ وجلّ ونجا لوطٌ وأهله إلّا امرأته). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 1519]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله: {إلا امرأته كانت من الغابرين}؛ قال: من الباقين في عذاب الله، {وأمطرنا عليهم مطرا}
قال: {أمطر الله على بقايا قوم لوط حجارة من السماء فأهلكتهم}.
- وأخرج إسحاق بن بشر، وابن عساكر عن الزهري أن لوطا عذب الله قومه لحق بإبراهيم فلم يزل معه حتى قبضه الله إليه.
- وأخرج ابن أبي حاتم عن كعب في قوله: {وأمطرنا عليهم مطرا}؛ قال: على أهل بواديهم وعلى رعاتهم وعلى مسافريهم فلم ينفلت منهم أحد.
- وأخرج ابن أبي حاتم عن وهب في قوله: {وأمطرنا عليهم مطرا}؛ قال: الكبريت والنار.
- وأخرج أبو الشيخ عن سعيد بن أبي عروبة قال: كان قوم لوط أربعة آلاف ألف.
- وأخرج ابن أبي الدنيا في ذم الملاهي والحاكم وصححه والبيهقي في الشعب عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
«لعن الله من تولى غير مواليه ولعن الله من غير تخوم الأرض ولعن الله من كمه أعمى عن السبيل ولعن الله من لعن والديه ولعن الله من ذبح لغير الله ولعن الله من وقع على بهيمة ولعن الله من عمل عمل قوم لوط ثلاث مرات».
- وأخرج أحمد والترمذي وحسنه، وابن ماجة، وابن أبي الدنيا في ذم الملاهي والبيهقي، عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«إن من أخوف ما أخاف على أمتي عمل قوم لوط»
- وأخرج ابن عدي والبيهقي عن أبي هريرة عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال:
«أربعة يصبحون في غضب الله ويمسون في سخط الله»، قيل: من هم يا رسول الله؟ قال: «المتشبهون من الرجال بالنساء والمتشبهات من النساء بالرجال والذي يأتي البهيمة والذي يأتي الرجل».
- وأخرج عبد الرزاق وأبو داود والترمذي والنسائي، وابن ماجة، وابن أبي الدنيا والحاكم وصححه والبيهقي عن ابن عباس أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال:
«من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوه الفاعل والمفعول به».
- وأخرج ابن أبي شيبة، وابن أبي الدنيا والبيهقي عن أبي نضرة، أن ابن عباس سئل ما حد اللوطي قال:
«ينظر أعلى بناء في القرية فيلقي منه منكسا ثم يتبع بالحجارة».
- وأخرج ابن أبي شيبة، وابن أبي الدنيا والبيهقي عن يزيد بن قبس: أن عليا رجم لوطيا
- وأخرج ابن ابي الدنيا والبيهقي عن ابن شهاب قال: اللوطي يرجم أحصن أم لم يحصن سنة ماضية.
- وأخرج ابن أبي شيبة، وابن أبي الدنيا والبيهقي عن إبراهيم قال: لو كان أحد ينبغي له أن يرجم مرتين لرجم اللوطي.
- وأخرج ابن أبي شيبة عن عبيد الله بن عبد الله بن معمر قال: علة الرجم قتلة قوم لوط.
- وأخرج ابن أبي شيبة، وابن أبي الدنيا والبيهقي عن الحسن وإبراهيم قالا: حد اللوطي حد الزاني إن كان قد أحصن فالرجم وإلا فالحد.
- وأخرج البيهقي عن عائشة رضي الله عنها قالت:
«أول من اتهم بالأمر القبيح - يعني عمل قوم لوط - اتهم به رجل على عهد عمر رضي الله عنه فأمر عمر بعض شباب قريش أن لا يجالسوه».
- وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي عن الوضين بن عطاء عن بعض التابعين قال: كانوا يكرهون أن يحد الرجل النظر إلى وجه الغلام الجميل
- وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي عن بقية قال بعض التابعين: ما أنا بأخوف على الشاب الناسك من سبع ضار من الغلام الأمرد يقعد إليه.
- وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي عن الحسن بن ذكوان قال: لا تجالسوا أولاد الأغنياء فإن لهم صور كصور النساء وهم أشد فتنة من العذارى.
- وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي عن النجيب ابن السدي قال: كان يقال لا يبيت الرجل في بيت مع المرد.
- وأخرج البيهقي عن عبد الله بن المبارك قال: دخل سفيان الثوري الحمام فدخل عليه غلام صبيح فقال: أخرجوه فإني أرى مع كل امرأة شيطانا ومع كل غلام بضعة عشر شيطانا.
- وأخرج ابن أبي الدنيا والحكيم الترمذي والبيهقي عن ابن سيرين قال: ليس شيء من الدواب يعمل عمل قوم لوط إلا الخنزير والحمار.
- وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي عن ابن سهل قال: سيكون في هذه الأمة قوم يقال لهم اللوطيون على ثلاثة أصناف، صنف ينظرون وصنف يصافحون وصنف يعملون ذلك العمل.
- وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي عن مجاهد قال:
«لو أن الذي يعمل ذلك العمل - يعني عمل قوم لوط - اغتسل بكل قطرة في السماء وكل قطرة في الأرض لم يزل نجسا».
- وأخرج ابن أبي شيبة، وابن أبي الدنيا، عن جابر بن زيد قال: حرمة الدبر أشد من حرمة الفرج.
- وأخرج الحاكم وصححه والبيهقي في الشعب عن أبي هريرة عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال:
«لعن الله سبعة من خلقه فوق سبع سموات فردد لعنته على واحدة منها ثلاثا ولعن بعد كل واحدة لعنة لعنة، قال: ملعون ملعون ملعون من عمل عمل قوم لوط ملعون من أتى شيئا من البهائم ملعون من جمع بين امرأة وابنتها ملعون من عق والديه ملعون من ذبح لغير الله ملعون من غير حدود الأرض ملعون من تولى غير مواليه».
- وأخرج ابن ماجة والحاكم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«من عمل قوم لوط فارجموا الفاعل والمفعول به».
- وأخرج عبد الرزاق، وابن أبي شيبة في المصنف وأبو داود عن ابن عباس، في البكر يوجد على اللوطية قال: يرجم
- وأخرج عبد الرزاق عن عائشة أنها رأت النّبيّ صلى الله عليه وسلم حزينا فقالت: يا رسول الله وما الذي يحزنك؟ قال:
«شيء تخوفته على أمتي أن يعملوا بعدي بعمل قوم لوط.»
- وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي حصين، أن عثمان أشرف على الناس يوم الدار فقال: أما علمتم أنه لا يحل دم امرئ مسلم إلا أربعة، رجل قتل فقتل أو رجل زنى بعدما أحصن أو رجل ارتد بعد إسلامه أو رجل عمل عمل قوم لوط). [الدر المنثور: 6/ 469-475]


رد مع اقتباس