عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 2 محرم 1440هـ/12-09-2018م, 05:56 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمُ الْهُدَى إِلَّا أَنْ قَالُوا أَبَعَثَ اللَّهُ بَشَرًا رَسُولًا (94)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({وما منع النّاس أن يؤمنوا إذ جاءهم الهدى إلا أن قالوا أبعث اللّه بشرًا رسولا (94) قل لو كان في الأرض ملائكةٌ يمشون مطمئنّين لنزلنا عليهم من السّماء ملكًا رسولا (95)}
يقول تعالى: {وما منع النّاس} أي: أكثرهم {أن يؤمنوا} ويتابعوا الرّسل، إلّا استعجابهم من بعثته البشر رسلًا كما قال تعالى: {أكان للنّاس عجبًا أن أوحينا إلى رجلٍ منهم أن أنذر النّاس وبشّر الّذين آمنوا} [يونس: 2].
وقال تعالى: {ذلك بأنّه كانت تأتيهم رسلهم بالبيّنات فقالوا أبشرٌ يهدوننا فكفروا وتولّوا واستغنى اللّه واللّه غنيٌّ حميدٌ} [التّغابن: 6]، وقال فرعون وملؤه: {أنؤمن لبشرين مثلنا وقومهما لنا عابدون} [المؤمنون: 47]، وكذلك قالت الأمم لرسلهم: {إن أنتم إلا بشرٌ مثلنا تريدون أن تصدّونا عمّا كان يعبد آباؤنا فأتونا بسلطانٍ مبينٍ} [إبراهيم: 10]، والآيات في هذا كثيرةٌ). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 121]

تفسير قوله تعالى: {قُلْ لَوْ كَانَ فِي الْأَرْضِ مَلَائِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ لَنَزَّلْنَا عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ مَلَكًا رَسُولًا (95)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (ثمّ قال تعالى منبّهًا على لطفه ورحمته بعباده: إنّه يبعث إليهم الرّسول من جنسهم، ليفقهوا عنه ويفهموا منه، لتمكّنهم من مخاطبته ومكالمته، ولو بعث إلى البشر رسولًا من الملائكة لما استطاعوا مواجهته ولا الأخذ عنه، كما قال تعالى: {لقد منّ اللّه على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم} [آل عمران: 164]، وقال تعالى: {لقد جاءكم رسولٌ من أنفسكم} [التّوبة: 128]، وقال تعالى: {كما أرسلنا فيكم رسولا منكم يتلو عليكم آياتنا ويزكّيكم ويعلّمكم الكتاب والحكمة ويعلّمكم ما لم تكونوا تعلمون * فاذكروني أذكركم واشكروا لي ولا تكفرون} [البقرة: 151، 152]؛ ولهذا قال هاهنا: {لو كان في الأرض ملائكةٌ يمشون مطمئنّين} أي: كما أنتم فيها {لنزلنا عليهم من السّماء ملكًا رسولا} أي: من جنسهم، ولـمّا كنتم أنتم بشرًا، بعثنا فيكم رسلنا منكم لطفًا ورحمة). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 121]

تفسير قوله تعالى: {قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا (96)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({قل كفى باللّه شهيدًا بيني وبينكم إنّه كان بعباده خبيرًا بصيرًا (96)}
يقول تعالى مرشدًا نبيّه إلى الحجّة على قومه، في صدق ما جاءهم به: أنّه شاهدٌ عليّ وعليكم، عالمٌ بما جئتكم به، فلو كنت كاذبًا [عليه] انتقم منّي أشدّ الانتقام، كما قال تعالى: {ولو تقوّل علينا بعض الأقاويل * لأخذنا منه باليمين * ثمّ لقطعنا منه الوتين} [الحاقّة: 44 -46].
وقوله: {إنّه كان بعباده خبيرًا بصيرًا} أي: عليمٌ بهم بمن يستحقّ الإنعام والإحسان والهداية، ممّن يستحقّ الشّقاء والإضلال والإزاغة؛ ولهذا قال: {ومن يهد اللّه فهو المهتدي ومن يضلل فلن تجد لهم أولياء من دونه ونحشرهم يوم القيامة على وجوههم عميًا وبكمًا وصمًّا مأواهم جهنّم كلّما خبت زدناهم سعيرًا (97)}). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 122]

تفسير قوله تعالى: {وَمَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِهِ وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى وُجُوهِهِمْ عُمْيًا وَبُكْمًا وَصُمًّا مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيرًا (97)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({ومن يهد اللّه فهو المهتدي ومن يضلل فلن تجد لهم أولياء من دونه ونحشرهم يوم القيامة على وجوههم عميًا وبكمًا وصمًّا مأواهم جهنّم كلّما خبت زدناهم سعيرًا (97)}.
يقول تعالى مخبرًا عن تصرّفه في خلقه، ونفوذ حكمه، وأنّه لا معقّب له، بأنّه من يهده فلا مضلّ له (ومن يضلل فلن تجد لهم أولياء من دونه) أي: يهدونهم، كما قال: {من يهد اللّه فهو المهتدي ومن يضلل فلن تجد له وليًّا مرشدًا} [الكهف: 17].
وقوله: (ونحشرهم يوم القيامة على وجوههم) قال الإمام أحمد:
حدّثنا ابن نميرٍ، حدّثنا إسماعيل عن نفيع قال: سمعت أنس بن مالكٍ يقول: قيل: يا رسول اللّه، كيف يحشر النّاس على وجوههم؟ قال: "الّذي أمشاهم على أرجلهم قادرٌ على أن يمشيهم على وجوههم". وأخرجاه في الصّحيحين.
وقال الإمام أحمد أيضًا: [حدّثنا يزيد]، حدّثنا الوليد بن جميع القرشيّ، عن أبيه، حدّثنا أبو الطّفيل عامر بن واثلة، عن حذيفة بن أسيدٍ قال: قام أبو ذرٍّ فقال: يا بني غفارٍ، قولوا ولا تحلفوا، فإنّ الصّادق المصدوق حدّثني: أنّ النّاس يحشرون على ثلاثة أفواجٍ: فوجٍ راكبين طاعمين كاسين، وفوجٍ يمشون ويسعون، وفوجٍ تسحبهم الملائكة على وجوههم وتحشرهم إلى النّار. فقال قائلٌ منهم: هذان قد عرفناهما، فما بال الّذين يمشون ويسعون ؟ قال: يلقي اللّه، عزّ وجلّ، الآفة على الظّهر حتّى لا يبقى ظهرٌ، حتّى إنّ الرّجل لتكون له الحديقة المعجبة، فيعطيها بالشّارف ذات القتب، فلا يقدر عليها.
وقوله: (عميًا) أي: لا يبصرون (وبكمًا) يعني: لا ينطقون (وصمًّا): لا يسمعون. وهذا يكون في حالٍ دون حالٍ جزاءً لهم كما كانوا في الدّنيا بكمًا وعميًا وصمًّا عن الحقّ فجوزوا في محشرهم بذلك أحوج ما يحتاجون إليه (مأواهم) أي: منقلبهم ومصيرهم (جهنّم كلّما خبت) قال ابن عبّاسٍ: سكنت. وقال مجاهدٌ: طفئت (زدناهم سعيرًا) أي: لهبًا ووهجًا وجمرًا، كما قال: {فذوقوا فلن نزيدكم إلا عذابًا} [النّبإ: 30]). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 122-123]

تفسير قوله تعالى: {ذَلِكَ جَزَاؤُهُمْ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِآَيَاتِنَا وَقَالُوا أَئِذَا كُنَّا عِظَامًا وَرُفَاتًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقًا جَدِيدًا (98)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({ذلك جزاؤهم بأنّهم كفروا بآياتنا وقالوا أئذا كنّا عظامًا ورفاتًا أئنّا لمبعوثون خلقًا جديدًا (98) أولم يروا أنّ اللّه الّذي خلق السّماوات والأرض قادرٌ على أن يخلق مثلهم وجعل لهم أجلا لا ريب فيه فأبى الظّالمون إلا كفورًا (99)}.
يقول تعالى: هذا الّذي جازيناهم به، من البعث على العمى والبكم والصّمم، جزاؤهم الّذي يستحقّونه؛ لأنّهم كذّبوا (بآياتنا) أي بأدلّتنا وحججنا، واستبعدوا وقوع البعث (وقالوا أئذا كنّا عظامًا ورفاتًا) باليةً نخرةً (أئنّا لمبعوثون خلقًا جديدًا) أي: بعد ما صرنا إلى ما صرنا إليه من البلى والهلاك، والتّفرّق والذّهاب في الأرض نعاد مرّةً ثانيةً؟ فاحتجّ تعالى عليهم، ونبّههم على قدرته على ذلك، بأنّه خلق السّماوات والأرض، فقدرته على إعادتهم أسهل من ذلك كما قال: {لخلق السّماوات والأرض أكبر من خلق النّاس} [غافرٍ: 57] وقال {أولم يروا أنّ اللّه الّذي خلق السّماوات والأرض ولم يعي بخلقهنّ بقادرٍ على أن يحيي الموتى بلى إنّه على كلّ شيءٍ قديرٌ} [الأحقاف: 33] وقال {أوليس الّذي خلق السّماوات والأرض بقادرٍ على أن يخلق مثلهم بلى وهو الخلاق العليم * إنّما أمره إذا أراد شيئًا أن يقول له كن فيكون * فسبحان الّذي بيده ملكوت كلّ شيءٍ وإليه ترجعون} [يس: 81، 83].
وقال هاهنا: (أولم يروا أنّ اللّه الّذي خلق السّماوات والأرض قادرٌ على أن يخلق مثلهم) أي: يوم القيامة يعيد أبدانهم وينشّئهم نشأةً أخرى، ويعيدهم كما بدأهم). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 123]

رد مع اقتباس