عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 18 محرم 1439هـ/8-10-2017م, 01:43 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

الباب الثاني: أنواع مسائل الإيمان بالقرآن

قال عبد العزيز بن داخل المطيري: (الباب الثاني: أنواع مسائل الإيمان بالقرآن
مسائل الإيمان بالقرآن على نوعين كبيرين ينبغي أن يكون طالب العلم على معرفة حسنة بهما:
النوع الأول: مسائل اعتقادية
والنوع الثاني: مسائل سلوكيّة

فأمّا المسائل الاعتقادية فهي المسائل التي تُبحَث في كتب الاعتقاد، ويُعنى فيها العلماءُ بما يجب اعتقاده في القرآن، وأصلُ ذلك الإيمانُ بأنَّ القرآن كلامُ الله تعالى منزَّل غير مخلوق، أنزله على نبيّه محمّد صلى الله عليه وسلم ليخرج الناس من الظلمات إلى النور، وأنّه مهيمنٌ على ما قبله من الكتب وناسخٌ لها، وأنَّ القرآن بدأ من الله عزَّ وجلَّ وإليهِ يعودُ، وأنْ يؤمنَ بما أخبر الله به عن القرآن وما أخبر به رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن يعتقد وجوبَ الإيمانِ بالقرآن، وأن يُحلَّ حلالَه ويحرِّمَ حرَامه ويعمَل بمُحْكَمِه ويردَّ متشابهه إلى محكمه، ويكلَ ما لا يعلمه إلى عالمه.
فهذه أشهر مسائل الاعتقاد في القرآن التي تبحث في كتب الاعتقاد وتحت هذه الجمل اليسيرة مسائل كثيرة ومباحث طويلة.
وقد أفاضَ علماء أهل السنة في كتبهم المؤلفة في الاعتقاد
بحث تلك المسائل بما يشفي ويكفي، وما يذكرونه من المسائل في أبواب الإيمان بالقرآن في كتب الاعتقاد يمكن تقسيمه إلى أحكامٍ وآداب.
والمقصود بالأحكام هنا الأحكام العَقَدِيَّة، كبيان ما يجب اعتقاده، وما يحكم ببدعته، وبيان درجة البدعة، وهل هي مكفّرة أو مفسّقة، ونحو ذلك من الأحكام العقدية.
والمراد بالآدابِ أن يدرس تلك المسائل على منهج أهل السنة والجماعة في التلقّي والاستدلال، وفي بحث تلك المسائل، وأن يراعي آدابهم في البحث والسؤال، والدراسة والبيان، والتعليم والتأليف، والمناظرة والردّ على المخالفين، وأن يكون على حذر من طرق أهل البدع في بحث مسائل الاعتقاد، وأن يكفّ عن المراء في القرآن، وإثارة التنازُعِ فيه وضرب بعضه ببعض، وأن لا يتكلّف ما لا يحسن، وألا يقول ما ليس له به علم؛ إلى غير ذلك من الآداب الواجبة في بحث مسائل الاعتقاد في القرآن، وهذه الآداب قد اعتنى بها السلف الصالح عناية عظيمة؛ فيجب على طالب العلم أن يرعى تلك الآداب رعاية حسنة في دراسته، وأن لا يكون تعلّمه لمسائل الاعتقاد تعلّما نظريّاً عريّا من الآداب التي يجب أن تحتفّ به وتكتنفه.

وطلاب العلم عموماً، وطلاب علم التفسير على وجه الخصوص يحتاجون في مسائل الاعتقاد في القرآن إلى ثلاثة أمور:
الأمر الأول: معرفة القول الحق في مسائل الاعتقاد في القرآن، بما دلَّت عليه نصوصُ الكتاب والسنة، وما أجمع عليه سلف الأمة رحمهم الله، وذلك حتى يصحِّحَ عقيدتَه في القرآن، فيكون معتقدُه في القرآن معتقداً صحيحا مبنيا على الدليل الصحيح والحجة البيّنة.
والأمر الثاني: تقرير الاستدلال لهذه المسائل -وهذه مرتبة يمتاز بها طالب العلم عن العامّي- بأن يعرف أدلتها ومآخذ الاستدلال، ويعرف ما تحسن به معرفته من الأدلة والآثار؛ ويحسن تقرير تلك المسائل بأدلتها؛ حتى يمكنه أن يدعو إلى الحق في تلك المسائل متى احتيج إليه في ذلك؛ فلو كان في مجتمع فيه مخالفات في مسائل الإيمان بالقرآن واحتيج إلى طالب علمٍ يقرّر مسائل الاعتقادِ، ويدعو الناس إلى الحقّ فيها، ويبيّنه لهم بأدلّته؛ فإذا هو حَسَن العُدَّة في ذلك، عارفٌ بأدلة تلك المسائل وطرق تقريرها على منهج أهل السنة والجماعة.
وأما من كان ضعيف العُدَّة فإنه ربما ذهب ليبحث لهم تلك المسائل فاغترّ ببعض الشُّبَه، وأساء فهم أقوال بعض الأئمة، وتعجَّل في بحثه،
وتكلّف ما لا يحسن؛ وقال ما ليس له به علم، واتبع الظنَّ، فانحرف في بعض ما يتكلم فيه عن الحقّ، ومال إلى أقوال بعض الأهواء.
ولذلك كان ضبط المهمّ من مسائل الاعتقاد في القرآن ومعرفة أدلتها والتمرّن على تقريرها من أهمّ ما يُوصَى طالبُ العلمِ بالعناية بهِ قبل التوسّع في دراسة مسائل التفسير، ولأجل ذلك قرر هذا الكتاب في المستوى الأول من برنامج إعداد المفسّر.

والأمر الثالث:
معرفةُ أقوالِ المخالفينَ لأهل السنة في مسائل الاعتقاد في القرآن، ومعرفة مراتبهم ودرجات مخالفاتهم، ومعرفة أصول شبهاتهم، ونشأة أقوالهم، وحجج أهل السنة في الردّ عليهم، ومنهجهم في معاملتهم، فيكون على الطريقة
الحسنة التي كان عليها السلف الصالح غيرَ غالٍ ولا مفرّط.
وأهل البدع والأهواء تتشابه قلوبهم ومقاصدهم
وأقوالهم، وعامّة شبهاتهم مما يتوارثه بعضهم عن بعض؛ فمن أحسن معرفة أصول الشبهات، وحجج أهل السنة في الرد عليها، فإنَّه يتبيَّن له من أصول الرد على المخالفين في العصر الحديث ما هو نظير ردودِ أهل السنة المتقدّمين على المخالفين لهم في زمانهم.

والمقصود التعريف الموجز بالنوع الأول من أنواع مسائل الإيمان بالقرآن، وهي المسائل الاعتقادية). [الإيمان بالقرآن:13 - 16]


رد مع اقتباس