عرض مشاركة واحدة
  #10  
قديم 5 شوال 1435هـ/1-08-2014م, 10:11 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مَقَامِي وَتَذْكِيرِي بِآَيَاتِ اللَّهِ فَعَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْتُ فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَلَا تُنْظِرُونِ (71)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({واتل عليهم نبأ نوحٍ إذ قال لقومه يا قوم إن كان كبر عليكم مقامي وتذكيري بآيات اللّه فعلى اللّه توكّلت فأجمعوا أمركم وشركاءكم ثمّ لا يكن أمركم عليكم غمّةً ثمّ اقضوا إليّ ولا تنظرون (71) فإن تولّيتم فما سألتكم من أجرٍ إن أجري إلا على اللّه وأمرت أن أكون من المسلمين (72) فكذّبوه فنجّيناه ومن معه في الفلك وجعلناهم خلائف وأغرقنا الّذين كذّبوا بآياتنا فانظر كيف كان عاقبة المنذرين (73)}
يقول تعالى لنبيّه، صلوات اللّه وسلامه عليه: {واتل عليهم} أي: أخبرهم واقصص عليهم، أي: على كفّار مكّة الّذين يكذّبونك ويخالفونك {نبأ نوحٍ} أي: خبره مع قومه الّذين كذّبوه، كيف أهلكهم اللّه ودمّرهم بالغرق أجمعين عن آخرهم، ليحذر هؤلاء أن يصيبهم من الهلاك والدّمار ما أصاب أولئك. {إذ قال لقومه يا قوم إن كان كبر عليكم} أي: عظم عليكم، {مقامي} أي فيكم بين أظهركم، {وتذكيري} إيّاكم {بآيات اللّه} أي: بحججه وبراهينه، {فعلى اللّه توكّلت} أي: فإنّي لا أبالي ولا أكفّ عنكم سواءٌ عظم عليكم أو لا! {فأجمعوا أمركم وشركاءكم} أي: فاجتمعوا أنتم وشركاؤكم الّذين تدعون من دون اللّه، من صنم ووثنٍ، {ثمّ لا يكن أمركم عليكم غمّةً} أي: ولا تجعلوا أمركم عليكم ملتبسًا، بل افصلوا حالكم معي، فإن كنتم تزعمون أنّكم محقّون، فاقضوا إليّ ولا تنظرون، أي: ولا تؤخّروني ساعةً واحدةً، أي: مهما قدرتم فافعلوا، فإنّي لا أباليكم ولا أخاف منكم، لأنّكم لستم على شيءٍ، كما قال هودٌ لقومه: {إنّي أشهد اللّه واشهدوا أنّي بريءٌ ممّا تشركون من دونه فكيدوني جميعًا ثمّ لا تنظرون إنّي توكّلت على اللّه ربّي وربّكم ما من دابّةٍ إلا هو آخذٌ بناصيتها إنّ ربّي على صراطٍ مستقيمٍ} [هودٍ: 54 -56]). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 283]

تفسير قوله تعالى: {فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَمَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ (72)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :({فإن تولّيتم} أي: كذّبتم وأدبرتم عن الطّاعة، {فما سألتكم من أجرٍ} أي: لم أطلب منكم على نصحي إيّاكم شيئًا، {إن أجري إلا على اللّه وأمرت أن أكون من المسلمين} أي: وأنا ممتثل ما أمرت به من الإسلام للّه عزّ وجلّ، والإسلام هو دين [جميع] الأنبياء من أوّلهم إلى آخرهم، وإن تنوّعت شرائعهم وتعدّدت مناهلهم، كما قال تعالى: {لكلٍّ جعلنا منكم شرعةً ومنهاجًا} [المائدة: 48]. قال ابن عبّاسٍ: سبيلًا وسنّةً. فهذا نوحٌ يقول: {وأمرت أن أكون من المسلمين} [النّمل: 91]، وقال تعالى عن إبراهيم الخليل: {إذ قال له ربّه أسلم قال أسلمت لربّ العالمين ووصّى بها إبراهيم بنيه ويعقوب يابنيّ إنّ اللّه اصطفى لكم الدّين فلا تموتنّ إلا وأنتم مسلمون} [البقرة: 131، 132]، وقال يوسف: {ربّ قد آتيتني من الملك وعلّمتني من تأويل الأحاديث فاطر السّماوات والأرض أنت وليّي في الدّنيا والآخرة توفّني مسلمًا وألحقني بالصّالحين} [يوسف: 101]. وقال موسى {يا قوم إن كنتم آمنتم باللّه فعليه توكّلوا إن كنتم مسلمين} [يونس: 84]. وقالت السّحرة: {ربّنا أفرغ علينا صبرًا وتوفّنا مسلمين} [الأعراف: 126]. وقالت بلقيس: {ربّ إنّي ظلمت نفسي وأسلمت مع سليمان للّه ربّ العالمين} [النّمل: 44]. وقال [اللّه] تعالى: {إنّا أنزلنا التّوراة فيها هدًى ونورٌ يحكم بها النّبيّون الّذين أسلموا} [المائدة: 44]، وقال تعالى: {وإذ أوحيت إلى الحواريّين أن آمنوا بي وبرسولي قالوا آمنّا واشهد بأنّنا مسلمون} [المائدة: 111] وقال خاتم الرّسل وسيّد البشر: {قل إنّ صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي للّه ربّ العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أوّل المسلمين} [الأنعام: 162، 163] أي: من هذه الأمّة؛ ولهذا قال في الحديث الثّابت عنه: "نحن معاشر الأنبياء أولاد علات، ديننا واحدٌ" أي: وهو عبادة اللّه وحده لا شريك له، وإن تنوّعت شرائعنا، وذلك معنى قوله: "أولاد علّاتٍ"، وهم: الإخوة من أمّهاتٍ شتّى والأبّ واحدٍ). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 283-284]

تفسير قوله تعالى: {فَكَذَّبُوهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ وَجَعَلْنَاهُمْ خَلَائِفَ وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُنْذَرِينَ (73)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله تعالى: {فكذّبوه فنجّيناه ومن معه} أي: على دينه {في الفلك} وهي: السّفينة، {وجعلناهم خلائف} أي: في الأرض، {وأغرقنا الّذين كذّبوا بآياتنا فانظر كيف كان عاقبة المنذرين} أي: يا محمّد كيف أنجينا المؤمنين، وأهلكنا المكذّبين). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 284]

تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ بَعَثْنَا مِنْ بَعْدِهِ رُسُلًا إِلَى قَوْمِهِمْ فَجَاءُوهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا بِمَا كَذَّبُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ كَذَلِكَ نَطْبَعُ عَلَى قُلُوبِ الْمُعْتَدِينَ (74)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({ثمّ بعثنا من بعده رسلا إلى قومهم فجاءوهم بالبيّنات فما كانوا ليؤمنوا بما كذّبوا به من قبل كذلك نطبع على قلوب المعتدين (74)}
يقول تعالى: ثمّ بعثنا من بعد نوحٍ رسلًا إلى قومهم، فجاءوهم بالبيّنات، أي: بالحجج والأدلّة والبراهين على صدق ما جاءوهم به، {فما كانوا ليؤمنوا بما كذّبوا به من قبل} أي: فما كانت الأمم لتؤمن بما جاءتهم به رسلهم، بسبب تكذيبهم إيّاهم أوّل ما أرسلوا إليهم، كما قال تعالى: {ونقلّب أفئدتهم وأبصارهم كما لم يؤمنوا به أوّل مرّةٍ} [الأنعام: 110].
وقوله: {كذلك نطبع على قلوب المعتدين} أي: كما طبع اللّه على قلوب هؤلاء، فما آمنوا بسبب تكذيبهم المتقدّم، هكذا يطبع اللّه على قلوب من أشبههم ممّن بعدهم، ويختم على قلوبهم، فلا يؤمنوا حتّى يروا العذاب الأليم.
والمراد: أنّ اللّه تعالى أهلك الأمم المكذّبة للرّسل، وأنجى من آمن بهم، وذلك من بعد نوحٍ، عليه السّلام، فإنّ النّاس كانوا من قبله من زمان آدم عليه السّلام على الإسلام، إلى أن أحدث النّاس عبادة الأصنام، فبعث اللّه إليهم نوحًا، عليه السّلام؛ ولهذا يقول له المؤمنون يوم القيامة: أنت أول رسول بعثه الله إلى أهل الأرض.
وقال ابن عبّاسٍ: كان بين آدم ونوحٍ عشرة قرونٍ، كلّهم على الإسلام.
وقال اللّه تعالى: {وكم أهلكنا من القرون من بعد نوحٍ وكفى بربّك بذنوب عباده خبيرًا بصيرًا} [الإسراء: 17]، وفي هذا إنذارٌ عظيمٌ لمشركي العرب الّذين كذّبوا بسيّد الرّسل وخاتم الأنبياء والمرسلين، فإنّه إذا كان قد أصاب من كذّب بتلك الرّسل ما ذكره اللّه تعالى من العقاب والنّكال، فماذا ظنّ هؤلاء وقد ارتكبوا أكبر من أولئك؟). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 284-285]


رد مع اقتباس