عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 10 جمادى الأولى 1434هـ/21-03-2013م, 02:19 AM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 1,054
افتراضي

التفسير اللغوي

تفسير قوله تعالى: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مَقَامِي وَتَذْكِيرِي بِآَيَاتِ اللَّهِ فَعَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْتُ فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَلَا تُنْظِرُونِ (71)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {فأجمعوا أمركم وشركاءكم...}
والإجماع: الإعداد والعزيمة على الأمر. ونصبت الشركاء بفعل مضمر؛ كأنك قلت: فأجمعوا أمركم وادعوا شركاءكم. وكذلك هي في قراءة عبد الله. والضمير ها هنا يصلح إلقاؤه؛ لأن معناه يشاكل ما أظهرت؛ كما قال الشاعر:
ورأيت زوجك في الوغى =متقلّدا سيفا ورمحا
فنصبت الرمح بضمير الحمل؛ غير أن الضمير صلح حذفه لأنهما سلاح يعرف ذا بذا، وفعل هذا مع فعل هذا.
وقد قرأها الحسن {وشركاؤكم} بالرفع، وإنما الشركاء ها هنا آلهتهم؛ كأنه أراد: أجمعوا أمركم أنتم وشركاؤكم. ولست أشتهيه لخلافه للكتاب، ولأن المعنى فيه ضعيف؛ لأن الآلهة لا تعمل ولا تجمع . وقال الشاعر:
يا ليت شعري والمنى لا تنفع =هل أغدون يوما وأمري مجمع
فإذا أردت جمع الشيء المتفرّق قلت: جمعت القوم فهم مجموعون؛ كما قال الله تبارك وتعالى: {ذلك يوم مجموع له الناس وذلك يوم مشهود} وإذا أردت كسب المال قلت: جمّعت المال؛ كقول الله تبارك وتعالى: {الذي جمّع مالا وعدّده} وقد يجوز جمع مالا وعدّده. وهذا من نحو قتلوا وقتّلوا.
وقوله: {ثمّ اقضوا إليّ} وقد قرأها بعضهم: {ثم أفضوا إليّ} بالفاء. فأما قوله: {اقضوا إليّ} فمعناه: امضوا إليّ، كما يقال قد قضى فلان، يراد: قد مات ومضى. وأما الإفضاء فكأنه قال: ثم توجّهوا إليّ حتى تصلوا، كما تقول: قد أفضت إليّ الخلافة والوجع، وما أشبهه). [معاني القرآن: 1/473-474]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {ثمّ لا يكن أمركم عليكم غمّةً} مجازها: ظلمة وضيق وهمٌّ، قال العجّاج:
بل لو شهدت الناس إذ تكموا= بغمّةٍ لو لم تفرّج غمّوا
تكمّوا: تغمّدوا، يقال تكمّيت فلاناً أي تغمّدته، وقد كميت شهادتك إذا كتمتها، وفارس كميّ وهو الذي لا يظهر شجاعته إلا عند الحاجة إلى ذلك.
{ثمّ اقضوا إليّ ولا تنظرون} مجازه كمجاز الآية الأخرى:
{وقضينا إلى بني إسرائيل} أي أمرناهم). [مجاز القرآن: 1/279-280]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {واتل عليهم نبأ نوحٍ إذ قال لقومه يا قوم إن كان كبر عليكم مّقامي وتذكيري بآيات اللّه فعلى اللّه توكّلت فأجمعوا أمركم وشركاءكم ثمّ لا يكن أمركم عليكم غمّةً ثمّ اقضوا إليّ ولا تنظرون}
وقال: {فأجمعوا أمركم وشركاءكم} وقال بعضهم {وشركاؤكم} والنصب أحسن لأنك لا تجري الظاهر المرفوع على المضمر المرفوع إلا أنه قد حسن في هذا للفصل الذي بينهما كما قال: {أإذا كنّا تراباً وآباؤنا} فحسن لأنه فصل بينهما بقوله ترابا. وقال بعضهم (فأجمعوا) لأنهم ذهبوا به إلى "العزم" لأنّ العرب تقول "أجمعت أمري" أي: أجمعت على أن أقول كذا وكذا. أي عزمت عليه. وبالمقطوع نقرأ.
وقال: {ثمّ لا يكن أمركم عليكم غمّةً} فـ(يكن) جزم بالنهي). [معاني القرآن: 2/36]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (قراءة العامة {كبر عليكم مقامي} بالفتح، من قام يقوم فيهم.
وقراءة بعض أهل البصرة "مقامي" بالضم؛ تصير من أقام فيهم، وهو المقام.
الحسن {فأجمعوا أمركم وشركاءكم} كأنه قال: وأجمعوا شركاءكم.
الجحدري {فاجمعوا أمركم} بنصب الميم من جمع.
[معاني القرآن لقطرب: 660]
وجاء عن الحسن أيضًا {فأجمعوا أمركم وشركاءكم} بالرفع؛ كأنه قال: وليجمع شركاؤكم، فرده على الإضمار المرفوع؛ وقد فسرنا ذلك كله في سورة النساء.
قراءة العامة {ثم اقضوا إلي} من قضيت.
وقرأ بعضهم - لم يسم لنا - "ثم افضوا" - بالفاء - "إلي" من أفضيت). [معاني القرآن لقطرب: 661]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (وقوله {ثم لا يكن أمركم عليه غمة} أي مبهم، من قولهم: غم علينا الهلال، فهو مغموم: إذا التبس فلم ير.
قال رؤبة:
.............. = في غمة لو لم تفرج غموا
والغمة الغم أيضًا: والأصل واحد.
قالت الخنساء:
وذي كربة راخى ابن عمرو خناقة وغمته عن وجهه فتجلت
وقال طرفة:
لعمري وما أمري علي بغمة = نهاري وما ليلي علي بسرمد
وقوله {ثم اقضوا إلي} فقالوا: القضاء الفراغ من الشيء، وانقضى الشيء، من ذلك، وقضى دينه من ذلك؛ إنما هو فرغ منه، وسنخبر عن ذلك في بني إسرائيل إن شاء الله). [معاني القرآن لقطرب: 666]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {أمركم عليكم غمة}: ملتبسا مغطى لا تدرون ما هو). [غريب القرآن وتفسيره: 172]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {فأجمعوا أمركم وادعوا شركاءكم ثمّ لا يكن أمركم عليكم غمّةً} أي غمّا عليكم. كما يقال: كرب وكربة.
{ثمّ اقضوا إليّ} أي اعملوا بي ما تريدون {ولا تنظرون} ومثله.
{فاقض ما أنت قاضٍ} أي فاعمل ما أنت عامل). [تفسير غريب القرآن: 198]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (ومن ذلك أن توقع الفعل على شيئين وهو لأحدهما، وتضمر للآخر فعله.
كقوله سبحانه: {يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ (17) بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ}.
ثم قال: {وَفَاكِهَةٍ مِمَّا يَتَخَيَّرُونَ * وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ * وَحُورٌ عِينٌ} والفاكهة واللحم والحور العين لا يطاف بها، وإنما أراد: ويؤتون بلحم طير.
ومثله قوله: {فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ} أي: وادعوا شركاءكم، وكذلك هو في مصحف عبد الله.
قال الشاعر:
تراهُ كأنّ الله يجدع أنفَهُ = وعينيه إنْ مولاه ثابَ له وَفْرُ
أي يجدع أنفه، ويفقأ عينيه.
وأنشد الفراء:
علَّفْتُهَا تِبناً وماءً باردًا = حَتى شَتَتْ هَمَّالَةً عَيناهَا
أي علفتها تبنا، وسقيتها ماء باردا.
وقال آخر:
إذا ما الغانيات برزن يوما = وَزَجَّجْنَ الحواجبَ والعيونا
والعيون لا تزجّج، وإنما أراد: وزجّجن الحواجب، وكحّلن العيون. وقال الآخر:
ورأيتُ زوجَكِ في الوَغَى = متقلِّدًا سَيفًا وَرُمْحَا
أي متقلدا سيفا، وحاملا رمحا). [تأويل مشكل القرآن: 212-215] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {واتل عليهم نبأ نوح إذ قال لقومه يا قوم إن كان كبر عليكم مقامي وتذكيري بآيات اللّه فعلى اللّه توكّلت فأجمعوا أمركم وشركاءكم ثمّ لا يكن أمركم عليكم غمّة ثمّ اقضوا إليّ ولا تنظرون}
{فأجمعوا أمركم وشركاءكم}.
ويقرأ فاجمعوا أمركم وشركاءكم.
زعم القراء أنّ معناه: فاجمعوا أمركم وادعوا شركاءكم.
وهذا غلط لأن الكلام لا فائدة فيه، لأنهم إن كانوا يدعون شركاءهم لأن يجمعوا أمرهم،
فالمعنى فأجمعوا أمركم مع شركائكم، كما تقول لو تركت الناقة وفصيلها لرضعها، المعنى لو تركت مع فصيلها لرضعها.
ومن قرأ - {وشركاؤكم } جاز أن يعطف به على الواو، لأن المنصوب قد قوّى الكلام.
لو قلت لو تركت اليوم وزيد لعلمت جاز، ولو قلت لو تركت وزيد لقبح، لأنك لا تعطف على الضمير المرفوع حتى تقوّي المرفوع بلفظ معه.
ومن قرأ {وشركاءكم} في قوله فاجمعو أمركم - بوصل الألف.
فنصبه على ضربين:
أحدهما العطف على الأمر، المعنى فاجمعوا أمركم واجمعوا شركاءكم، ويكون فاجمعوا مع شركائكم أمركم.
{ثمّ لا يكن أمركم عليكم غمّة} أي ليكن أمركم ظاهرا منكشفا،
كما قال رؤبة:
بل لو شهدت النّاس إذ تكمّوا= بغمة لو لم تفرّج غمّوا
غموا بالمكروه، بغمّة، أي ما يسترهم، واشتقاق ذلك من الغمامة التي تستر، ويجوز ثم لا يكن أمركم عليكم غمّة أي غمّا.
{ثمّ اقضوا إليّ ولا تنظرون} قرئت ثم أفضوا إليّ،
فمن قال: {ثمّ اقضوا إليّ} فالمعنى: ثم افعلوا ما تريدون. و " ثمّ افضوا " - بالفاء - وهي قريبة المعنى منها). [معاني القرآن: 3/27-29]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {فأجمعوا أمركم وشركاءكم}
قال الفراء معناه وادعوا شركاءكم قال والإجماع الإعداد والعزيمة على الأمر
وقال أبو العباس هو محمول على المعنى لأن معنى أجمعوا واجمعوا واحد
وقال أبو إسحاق المعنى مع شركائكم قال وقول الفراء لا معنى له لأنه إن كان يذهب إلى أن المعنى وادعوا شركاءكم ليعينوكم فمعناه معنى مع وإن كان يذهب إلى الدعاء فقط فلا
معنى لدعائهم لغير شيء
وقرأ الجحدري ويروى عن الأعرج فأجمعوا أمركم يوصل الألف وفتح الميم
وقرأ الحسن فأجمعوا أمركم وشركاؤكم
قال أبو جعفر وهذا يدل على أنهما لغتان بمعنى واحد
وقوله جل وعز: {ثم لا يكن أمركم عليكم غمة}
فيه قولان:
أحدهما أن معنى غمة كمعنى غم
والآخر وهو أصح في اللغة أن المعنى ليكن أمركم ظاهرا يقال القوم في غمة إذا عمي عليهم أمرهم والتبس ومن هذا غم الهلال على الناس أي غشية ما غطاه
والغم من هذا إنما هو ما غشي القلب من الكرب فضيقه وأصل هذا مشتق من الغمامة
وقوله جل وعز: {ثم اقضوا إلي ولا تنظرون}
أي ثم افعلوا ما بدا لكم
قال الكسائي ويقرأ وأفضوا إلي بقطع الألف والفاء). [معاني القرآن: 3/305-307]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {ثُمَّ اقْضُواْ إلي} أي اعملوا ما تريدون). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 103]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {غُمَّةً}: مغطى). [العمدة في غريب القرآن: 153]

تفسير قوله تعالى: {فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَمَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ (72)}

تفسير قوله تعالى: {فَكَذَّبُوهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ وَجَعَلْنَاهُمْ خَلَائِفَ وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُنْذَرِينَ (73)}

تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ بَعَثْنَا مِنْ بَعْدِهِ رُسُلًا إِلَى قَوْمِهِمْ فَجَاءُوهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا بِمَا كَذَّبُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ كَذَلِكَ نَطْبَعُ عَلَى قُلُوبِ الْمُعْتَدِينَ (74)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {بما كذّبوا به من قبل كذلك نطبع...}
يقول: لم يكونوا ليؤمنوا لك يا محمد بما كذّبوا به في الكتاب الأوّل، يعني اللوح المحفوظ). [معاني القرآن: 1/474]


رد مع اقتباس