عرض مشاركة واحدة
  #6  
قديم 20 شعبان 1433هـ/9-07-2012م, 11:20 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

هل يقال سورة كذا؟

قال عبد العزيز بن داخل المطيري : (هَذِهِ المسْأَلَةُ حَقُّها أنْ تُبْحَثَ فِي الأُصُولِ في مُقَدمَة الكتابِ ثُمَّ يُشَارَ إِلَيها فيمَا بَعْدُ، لِئَلاَّ يُكَرَّرَ القولُ فِيهَا في كِلِّ سُورَةٍ، وَهِيَ مَسْأَلَةٌ فِيهَا نُقُولٌ كَثِيرةٌ عَنْ أهلِ العِلمِ، وَأَحَادِيثُ وآثارٌ مِنهَا مَا يَصِحُّ رِوَاية، واختلفَ في دَلالتِهِ، وَمِنهَا مَا هُو صَرِيحُ الدَّلالَةِ غَيرَ صَحِيحِ الرِّوَايَةِ، لَكِنِّي أَذْكُرُ لَكَ عَرْضًا مُخْتَصَرًا لِهَذَا القولِ، وكلاماً لبعضِ أَهْلِ العِلمِ يُعَرِّفُ ببَعْضِ مَسَالِكِ العُلَمَاءِ في هَذِهِ المسأَلَةِ.
فأقول: أَشْهَرُ مَا اسْتَدَلَّ بهِ مَن سَلَكَ هَذِهِ الطَّرِيقَةَ فِي تَسْمِيةِ السّوُرِ حَدِيثانِ:
الأوَّلُ: حَدِيثُ عُثْمَان بْنِ عَفَّانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: ( كَانَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِمَّا يَأْتِي عَلَيْهِ الزَّمَان يَنْزِل عَلَيْهِ مِنْ السُّوَر ذَوَات الْعَدَد ، فَكَانَ إِذَا نَزَلَ عَلَيْهِ الشَّيْء يَدْعُو بَعْض مَنْ يَكْتُب عِنْده فَيَقُول: ((ضَعُوا هَذَا فِي السُّورَة الَّتِي يُذْكَر فِيهَا كَذَا)) ).رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاودَ وَالتِّرْمِذِيُّ وَغَيرُهُمْ، وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي تَصْحِيحِهِ. ولا دَلالةَ فيهِ عَلَى النَّهْيِ عَنْ أَنْ يُقَالَ: (سُورَةُ كَذَا وَسُورَةُ كَذَا).
الثَّانِي: حَدِيثُ أَنَسِ بنِ مَالكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ مَرْفُوعًا : ((لا تَقُولُوا: سُورَةُ البَقَرَةِ، ولا سُورَةُ آلِ عِمْرَانَ، وَلا سُورَةُ النِّسَاءَ، وَكَذَا القُرْآنُ كُلُّهُ، وَلَكِنْ قُولُوا: السُّورَةُ الَّتِي يُذْكَرُ فِيهَا البَقَرةُ، وَالَّتِي يُذْكَرُ فِيهَا آلُ عِمْرَانَ، وَكَذا القُرْآنُ كُلُّهُ)) رَوَاهُ الطَّبَرانِيُّ فِي الأَوْسَطِ وَهُو ضَعِيفٌ جِدًّا.وَمِنْ أَكْثَرِ مَا أَثَارَ هَذِهِ المسْألَةَ نَهْيُ الحَجَّاجِ بنِ يُوسُفَ عَنْ أَنْ يُقَالَ: سُورَةُ كَذَا وسُورَةُ كَذَا، إِذْ وَافَقَهُ بَعْضُ السَّلَفِ، وَأَنكَرَ بَعْضُهُمْ قَولَه.وَالصَّحِيحُ المُعْتَمَدُ جَوازُ أَنْ يُقَالَ: سُورَةُ كَذَا وَسُورَةُ كَذَا؛ لِكَثْرَةِ الأَحَادِيثِ وَالآثَارِ الوَارِدَةِ فِي ذَلِكَ، وَعَلَيهِ جَرَى الصَّحَابةُ وَالتَّابِعونَ وَجمَاهِيرُ العُلَمَاءِ).[جمهرة التفاسير/تفسير سورة النبأ]
قالَ أَبو زَكَرِيَّا يَحْيَى بنُ شَرَفٍ النَّوَوِيُّ (ت: 671هـ): (قوْله: ((فَافْتَتَحَ بِسُورَةِ الْبَقَرَة)) فيهِ جَوَاز قَوْل سُورَة الْبَقَرَة وَسُورَة النِّسَاء وَسُورَة الْمَائِدَة وَنَحْوهَا وَمَنَعَهُ بَعْض السَّلَف وَزَعَمَ أَنَّهُ لا يُقَال إِلا السُّورَةُ الَّتِي يَذْكُرُ فِيهَا الْبَقَرَة وَنَحْو هَذَا ، وَهَذَا خَطَأٌ صَرِيحٌ ، وَالصَّوَابُ جَوَازُه ، فَقَدْ ثَبَتَ ذَلِكَ فِي الصَّحِيح فِي أَحَادِيث كَثِيرَة مِنْ كَلامِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَلامِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَغَيْرهمْ). [المنهاج: 2/212]
قالَ أَبو زَكَرِيَّا يَحْيَى بنُ شَرَفٍ النَّوَوِيُّ (ت: 671هـ): (قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (( أَلاَ تَكْفِيكَ آيَةُ الصَّيْفِ الَّتِي فِي آخِرِ سُورَةِ النِّسَاءِ)) مَعْنَاهُ : الْآيَة الَّتِي نَزَلَتْ فِي الصَّيْف ، وَهِيَ قَوْل اللَّه تَعَالَى: {يَسْتَفْتُونَك قُلْ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ} إِلَى آخِرهَا، وَفِيهِ: دَلِيل عَلَى جَوَازِ قَوْلِ: سُورَة النِّسَاءِ، وَسُورَة الْبَقَرَة، وَسُورَة الْعَنْكَبُوت، وَنَحْوهَا، وَهَذَا مَذْهَب مَنْ يُعْتَدُّ بِهِ مِنْ الْعُلَمَاء، وَالْإِجْمَاعُ الْيَوْمَ مُنْعَقِدٌ عَلَيْهِ، وَكَانَ فِيهِ نِزَاعٌ فِي الْعَصْرِ الأَوَّلِ، وَكَانَ بَعْضهمْ يَقُول: (لا يُقَال سُورَة كَذَا، إِنَّمَا يُقَال: السُّورَة الَّتِي يُذْكَرُ فِيهَا كَذَا) وَهَذَا بَاطِل مَرْدُود بِالْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَة، وَاسْتِعْمَال النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ فَمَنْ بَعْدهمْ مِنْ عُلَمَاء الْمُسْلِمِينَ، وَلا مَفْسَدَة فِيهِ لأَنَّ الْمَعْنَى مَفْهُوم، وَاللَّهُ أَعْلَم). [المنهاج: 2/332]
قال أبو زكريَّا يَحْيَى بْنُ شَرَفٍ النَّوَوِيُّ (ت: 676هـ): ([فصل]
يجوز أن يقال "سورة البقرة" و"سورة آل عمران" و"سورة النساء" و"سورة المائدة" و"سورة الأنعام"، وكذا الباقي لا كراهة في ذلك، وكره بعض المتقدمين هذا، وقال: يقال "السورة التي يذكر فيها البقرة" و"السورة التي يذكر فيها آل عمران" و"السورة التي يذكر فيها النساء"، وكذا البواقي والصواب الأول، فقد ثبت في الصحيحين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله "سورة البقرة" و"سورة الكهف"، وغيرهما مما لا يحصى، وكذلك عن الصحابة رضي الله تعالى عنهم.
قال ابن مسعود: (هذا مقام الذي أنزلت عليه سورة البقرة). وعنه في الصحيحين: (قرأت على رسول الله صلى الله عليه وسلم سورة النساء). والأحاديث وأقوال السلف في هذا أكثر من أن تحصر.
وفي السورة لغتان الهمز وتركه، والترك أفصح وهو الذي جاء به القرآن وممن ذكر اللغتين ابن قتيبة في غريب الحديث). [التبيان في آداب حملة القرآن:170- 171]
قالَ إِسْمَاعِيلُ بنُ عُمَرَ ابنُ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774هـ): (... فِي الصَّحِيحَينِ عَنِ ابنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ كَانَ يَرْمِي الجَمْرَة مِنَ الوَادِي وَيَقُولُ: (هَذَا مَقَامُ الَّذِي أُنْزِلَتْ عَلَيهِ سُورَةُ البَقَرَةِ) وَكَرِهَ بَعْضُ السَّلَفِ ذَلِكَ، وَلَمْ يَرَوا إِلا أَنْ يُقَالَ: (السُّوَرةُ الَّتِي يُذْكَرُ فِيهَا كَذَا وَكَذَا)، كَمَا تَقَدَّمَ مِن رِوَايَةِ يَزِيدَ الفَارِسِيِّ عَنِ ابنِ عَبَّاسٍ، عَنْ عُثْمَانَ أَنَّهُ قَالَ: (إِذَا نَزَلَ شَيٌء مِنَ القُرْآنِ يَقُولُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: ((اجْعَلُوا هَذَا فِي السُّورَةِ الَّتِي يُذْكَرُ فِيهَا كَذَا وَكَذَا))). وَلا شَكَّ أَنَّ هَذَا أَحْوطُ وَأَوْلَى، وَلَكِنْ قَدْ صَحَّتِ الأَحَادِيثُ بالرُّخْصَةِ فِي الآخَرِ، وَعَلَيهِ عَمَلُ النَّاسُ اليَوْم فِي تَرجَمَةِ السُّوَرِ فِي مَصَاحِفِهِمْ، وَباللهِ التَّوفِيق). [تفسير القرآن العظيم: 1/76]
قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حَجَرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (وَقَدْ تَمَسَّكَ بِالاحْتِيَاطِ الْمَذْكُورِ جَمَاعَةٌ مِنْ الْمُفَسِّرِينَ مِنْهُمْ أَبُو مُحَمَّدٍ بْنُ أَبِي حَاتِم وَمِنْ الْمُتَقَدِّمِينَ الْكَلْبِيُّ وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَنَقَلَهُ الْقُرْطُبِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ عَن الْحَكِيم التِّرْمِذِيِّ أَنَّ مِنْ حُرْمَة الْقُرْآن أَنْ لا يُقَال:(سُورَة كَذَا؛ كَقَوْلِك سُورَة الْبَقَرَة وَسُورَة النَّحْل وَسُورَة النِّسَاء، وَإِنَّمَا يُقَالُ: السُّورَة الَّتِي يُذْكَر فِيهَا كَذَا)، وَتَعَقَّبَهُ الْقُرْطُبِيُّ بِأَنَّ حَدِيثَ أَبِي مَسْعُودٍ يُعَارِضُهُ.وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: لا مُعَارَضَة مَعَ إِمْكَان، فَيَكُونُ حَدِيثَ أَبِي مَسْعُودٍ وَمَنْ وَافَقَهُ دَالاًّ عَلَى الْجَوَازِ، وَحَدِيثُ أَنَسٍ إِنْ ثَبَتَ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ خِلافُ الأَوْلَى وَاللَّهُ أَعْلَم). [فتح الباري: 14/260]
قلت: (وَهَذَا الجَمْعُ لا يَصِحُّ، إِذْ كَيفَ يَكُونُ غَالِبُ استِعْمَالِ النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ وَعُلَمَاءُ الأُمَّةِ خِلافَ الأَوْلَى، غَايةُ مَا يَبْلُغُ هَذَا القَولُ أَنْ يَدُلَّ عَلَى جَوَازِ تَسْمِيَةِ السُّوَرِ عَلَى هَذَا النَّحْوِ، دَونَ أَنْ يُعْتَقَدَ الطَّعْنُ فِي خِلافِ ذَلِكَ، وَمَنْ جَنَحَ إِلَى الطَّعْنِ فَقَدْ أَخْطَأَ خَطَأً شَنِيعاً، وَالإِجْمَاعُ الَّذِي نَقَلَهُ النَّوَوِيُّ وَغَيرُهُ إِنَّمَا هُو عَلَى جَوَازِ أَنْ يُقَالَ: سُورَةُ كَذَا وَسُورَةُ كَذَا، لا عَلَى المَنْعِ مِنَ الطَّرِيقَةِ الأُخْرَى، فَلْيُعْلَمْ).
قالَ جلالُ الدينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أبي بكرِ السيوطيُّ (ت: 911هـ): (النوع الخامس والتسعون: تسمية السور
هذا النوع من زيادتي، وفيه مسائل:
* الأولى: اختلف هل يجوز أن يقال: سورة البقرة، وسورة آل عمران، وسورة النساء، وسورة المائدة، ونحو ذلك؟
والجمهور على جوازه ففي الصحيح عن ابن مسعود أنه قال: هذا مقام الذي أنزلت عليه سورة البقرة. وفي مسند أحمد أن العباس نادى بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم لما فر الصحابة يوم حنين: يا أصحاب السُّمرة – يا أصحاب البقرة – فجعلوا يقبلون.
وقال جماعة: لا يقال ذلك، بل السورة التي يذكر فيها كذا.
ففي الطبراني عن أنس مرفوعاً: لا تقولوا سورة البقرة، ولا سورة آل عمران ولا سورة النساء، وكذلك القرآن كله، ولكن قولوا: السورة التي يذكر فيها البقرة، والتي يذكر فيها آل عمران، وكذا القرآن كله، وهذا حديث ضعيف غريب، وقال ابن كثير: لا يصح رفعه، وقال البيهقي: إنما يصح موقوفاً على ابن عمر).[التحبير في علم التفسير: 370]
قالَ جلالُ الدينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أبي بكرِ السيوطيُّ (ت: 911هـ): (وقد كره بعضهم أن يقال "سورة كذا" لما رواه الطبراني والبيهقي عن أنس مرفوعاً: ((لا تقولوا سورة البقرة ولا سورة آل عمران ولا سورة النساء وكذا القرآن كله، ولكن قولوا السورة التي تذكر فيها البقرة والتي يذكر فيها آل عمران وكذا القرآن كله)) وإسناده ضعيف، بل ادعى ابن الجوزي أنه موضوع.وقال البيهقي إنما يعرف موقوفاً على ابن عمر، ثم أخرجه عنه بسند صحيح.
وقد صح إطلاق "سورة البقرة" وغيرها عنه صلى الله عليه وسلم، وفي الصحيح عن ابن مسعود أنه قال: (هذا مقام الذي أنزلت عليه سورة البقرة)، ومن ثم لم يكرهه الجمهور). [الإتقان في علوم القرآن: 2/347-348] (م)


رد مع اقتباس