عرض مشاركة واحدة
  #11  
قديم 15 جمادى الآخرة 1432هـ/18-05-2011م, 11:44 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي اجتماع الساكنين على حده

اجتماع الساكنين على حده
يغتفر اجتماع الساكنين إذا كان الأول حرف مد, والثاني مدغم في مثله , وكان ذلك في كلمة واحدة, وألحق النحويون ياء التصغير بحروف المد فاغتفروا اجتماع الساكنين في تصغير دابة دويبة. قال المبرد في :[المقتضب :1/ 831]: «حرف المد يقع بعده الساكن المدغم، لأن المدة عوض من الحركة وأنك تعتمد على الحرفين المدغم أحدهما في الآخر اعتمادة واحدة، نحو قولك: دابة وشاب، وتمود الثوب».
وبسط التعليل أبو الفتح في [المحتسب :2/ 76]:«فقال: المدة الزائدة في الألف عوض من اجتماع الساكنين، حتى كأن الألف حرف متحرك، وإذا كان كذلك فكأنه لم يلتق ساكنان، ويدل على أن زيادة المد في الألف جار مجرى تحريكها أنك لو أظهرت التضعيف , فقلت: دوابب لقصرت الألف، وإذا أدغمت أتممت صدى الألف، فقلت: دواب فصارت تلك الزيادة في الصوت عوضًا من تحريك الألف».
اشترط الصرفيون لاغتفار اجتماع الساكنين في هذا الموضع أن يكون اجتماعهما في كلمة واحدة.
قال ابن الحاجب في الشافية: «وفي المدغم قبله لين في كلمة نحو خويصة».
وقال الرضى في [شرح الشافية :2/ 212، 213]:«وإنما اشترطنا أن يكون المدغم من كلمة حرف المد؛ احترازًا من نحز. خافا الله، وخافوا الله فإنه يحذف حرف المد للساكنين».
وانظر [شرح الجاربردي :150], وسيد عبد الله 108، وشرح الشيخ زكريا الأنصاري.
القراءات المتواترة تجاوزت هذه القيود وجاء فهيا اجتماع الساكنين على غير حده كثيرًا جدًا.
ولذلك يقول أبو حيان في [البحر :2/ 317، 318]: «وليس العلم محصورًا ولا مقصورًا على ما نقله وقاله البصريون، فلا تنظر إلى قولهم: إن هذا لا يجوز».
ولعلماء القراءة تحديد آخر لاغتفار اجتماع الساكنين انظر [شرح الشاطبية :167]، وسنعرض له فيما بعد.
جاء اجتماع الساكنين بعد ألف وليس فيه إدغام حرف في مثله في هذه المواضع.
1- {قل إن صلاتي ونسكي ومحياي} [6: 162].
سكن الياء من (محياي) نافع , وأبو جعفر. [الإتحاف :221]
وفي [البحر :262/4]: «وما روى عن نافع من سكون ياء المتكلم في (محياي) هو جمع بين ساكنين أجرى الوصل فيه مجرى الوقف، والأحسن في العربية الفتح.
قال أبو علي: هي شاذة في القياس لأنها جمعت بين ساكنين , وشاذة في الاستعمال.».
2- {ها أنتم هؤلاء} [2: 66].
ورش بتسهيل الهمزة من غير ألف، وله أيضًا إبدالها ألفًا محضة فتجتمع مع النون، وهي ساكنة فيمد طويلاً.
[غيث النفع 64:64],[ الشاطبية 174]
3- {إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله} [9: 36].
اختلف في (اثنا عشر)، (أحد عشر) [12: 4]، (وتسعة عشر) [74: 30].
فقرأ أبو جعفر بإسكان العين من الثلاثة ولا بد من مد ألف (اثنا) لالتقاء الساكنين نص على ذلك الحافظ الداني وغيره , وهي رواية هبيرة عن حفص، وهو فصيح سمع مثله عن العرب في قولهم: التقت حلقتا البطان بإثبات ألف حلقتا, وقرأ الباقون بفتح العين في الثلاثة.
[النشر :279/2],[الإتحاف: 242],[البحر :5/ 38]
4- {ولا تتعبان سبيل الذين لا يعلمون} [10: 89].
في [النشر :2/ 287]:«ولا أعلم أحدًا رواها بإسكان النون إلا ما حكاه الشيخ أبو علي الفارسي، قال: وروى بتخفيف التاء وإسكان النون، وهي الخفيفة في [الإتحاف :253]».
[غيث النفع :126],[ الشاطبية :221],[البحر :5/ 187 – 188],[ ابن خالويه :58 ]
(من الشواذ).
5- {أتعدانني أن أخرج} [46: 17].
هشام بنون واحدة مشددة، على إدغام نون الرفع في نون الوقاية، [الإتحاف :392],[غيث النفع :238]
وجاء اجتماع الساكنين من غير حرف مد في المتواتر في هذه المواضع.
1- {أم من لا يهدي إلا أن يهدي} [10: 35].
في [غيث النفع :119 – 120]:«ولقالون أيضًا إسكان الهاء... فإن قلت: ذكرت لقالون إسكان الهاء، ولم يذكره الشاطبي. فالجواب: كان حقه رحمه الله أن يذكره له لأنه في أصله، وجعله هو النص حيث قال: والنص عن قالون بالإسكان.
وهو رواية العراقيين قاطبة وكثير من المصريين وبعض المغاربة، ولم يذكر غير واحد كالإمام أبي الظاهر إسماعيل بن خلف الأنصاري صاحب العنوان سواه قال الجعبري وبه قطع ابن مجاهد والأهوازي والهمذاني، ولا يكاد يوجد في كتب النقلة غيره، ولم يذكره الناظم وليس بجيد لأنه نقص من الأصل وعدول عن الأشهر.
وهو رواية الأكثرين كإسماعيل والمسيبي عن نافع، وهو قراءة شيخه أبي جعفر يزيد بن القعقاع أحد الأئمة العشرة المشهورين، قرأ على ابن عباس وأبي هريرة وصلى بابن عمر رضي الله عنهم وحدث عنه إمام الأئمة مالك بن أنس. واقوى ما يحتج به الترك له أن فيه الجمع بين الساكنين على غير حده وهو غير جائز. وقد تقدم ما يفيد أن هذا باطل لا يقوله إلا غافل, أو جاهل لثبوت ذلك قرآنًا ولغة».
[الإتحاف :249], [ الشاطبية :220],[النشر :283/2 – 284],[البحر: 5/ 156]
وفي [البحر :5/ 156]: وقرأ أهل المدينة إلا ورشًا بفتح الياء وسكون الهاء وتشديد الدال، فجمعوا بين ساكنين. قال النحاس: لا يقدر أحد أن ينطق به. وقال المبرد: من رام هذا لا بد أن يحرك حركة خفيفة.
2-{ فما اسطاعوا أن يظهروه } [18: 97].
قرأ حمزة بتشديد الطاء يريد: فما استطاعوا، فأدغم التاء في الطاء، وجمع بين ساكنين وصلاً، والجمع بينهما في مثل ذلك جائز مسموع. قال الحافظ أبو عمرو: ومما يقوى ذلك ويسوغه أن الساكن الثاني لما كان اللسان عنده يرتفع عنه وعن المدغم ارتفاعة واحدة صار بمنزلة حرف متحرك، فكأن الساكن الأول قد ولى متحركًا، وتقدم مثل ذلك فلا يجوز رده.
[النشر :2/ 316],[الإتحاف :295ٍ],[غيث النفع :195],[الشاطبية :244]
وفي [البحر :165/6]:«قال أبو علي: هي غير جائزة».
وفي [غيث النفع :159]: «وطعن بعض النحاة في قراءة حمزة بأن فيها الجمع بين ساكنين».
وفي [الإتحاف :295]: «وطعن الزجاج وأبي علي فيها من حيث الجمع بين الساكنين مردود بأنها متواترة، والجمع بينهما في مثل ذلك سائغ جائز مسموع».
وانظر [الإتحاف :26 – 27],ففي رد مبسوط على النحويين.
3- {تأخذهم وهم يخصمون} [36: 49].
قالون بخلف عنه أبو جعفر بفتح الياء وإسكان الخاء وتشديد الصاد، فيجمع بين ساكنين، وعليه العراقيون قاطبة عن قالون وقرأ قالون في وجهه الثاني وأبو عمرو وفي وجهه الثاني باختلاس فتحة الخاء، تنبيهًا على أن أصله السكون مع تشديد الصاد.
[الإتحاف :365],[النشر :2/ 353 – 354],[غيث النفع :214],[ الشاطبية :270],[البحر :7/ 340 – 341]
4- {شهر رمضان} [2: 185].
في [الإتحاف :154/5]:«وأدغم راء شهر في راء رمضان أبو عمرو بخلفه , وكذا يعقوب.».
وفي [غيث النفع :49 – 50]: «من باب ما قبله ساكن صحيح وقد اضطرب فيه العلماء اضطرابًا كثيرًا فلنصدع بالحق... فنقول: الذي قرأنا به الإدغام المحصن، وهو الحق الذي لا مرية فيه، والصحيح الذي قامت الأدلة عليه... وقال المحقق إنه الصحيح الثابت عند قدماء الأئمة من أهل الأداء والنصوص مجمعة عليه. وقال ابن الحاجب: أطبق عليه القراء... وقد انتصر له جماعة من العلماء، وعليه جرى عمل المحققين من شيوخنا وشيوخهم مشرقًا ومغربًا... وإن تركوه فرارًا من الوقوع في الجمع بين الساكنين على غير حدة فغير صحيح، لأن هذا الأصل مختلف فيه: فالمشهور عندهم أن حد اجتماع الساكنين أن يكون الأول حرف مد ولين، والثاني مدغم فيه، نحو: فيه هدى ولا تيمموا على رواية البزي، لأن حرف المد واللين، وإن كان ساكنًا فإنه في حكم المتحرك، لأن ما فيه من المد قائم مقام الحركة، ومنهم من جعله كون الثاني مدغمًا فيه، نحو: شهر رمضان...
ولو سلم أن النحويين اتفقوا على الأول لم يمنعنا ذلك من الإدغام المحض، لأن القراءة لا تتبع العربية، بل العربية تتبع القراءة، لأنها مسموعة من أفصح العرب، وهو نبينا صلى الله عليه وسلم ومن أصحابه ومن بعدهم إلى أن فسدت الألسنة بكثرة المولدين... وقد قال ابن الحاجب ما معناه: إذا اختلف النحويون والقراء كان المصير إلى القراء أولى، لأنهم ناقلون عمن ثبتت عصمته من الغلط، , ولأن الرواية ثبتت تواترًا، وما نقله النحويون فآحاد، ثم لو سلم أن ذلك ليس بمتواتر فالقراء أعدل وأكثر فالرجوع إليهم أولى، وأيضًا فلا ينعقد إجماع النحويين بدونهم لأنهم شاركوهم في نقل اللغة، وكثير منهم من النحويين.
وقال الإمام الفخر ما معناه: أنا شديد العجب من النحويين، إذا وجد أحدهم بيتًا من الشعر، ولو كان قائله مجهولاً يجعله دليلاً على صحة القراءة، وفرح به، ولو جعل ورود القراءة دليلاً على صحته كان أولى...
فالحاصل أن الحق الذي لا شك فيه والتحقق الذي لا تعويل إلا عليه أن الجمع بين الساكنين جائز لورود الأدلة القاطعة به، فما من قارىء من السبعة وغيرهم إلا وقرأ به في بعض المواضع، وورد عن العرب، وحكاه الثقات عنهم، واختاره جماعة من أئمة اللغة منهم أبو عبيد وناهيك به».
وقال: «هو لغة النبي صلى الله عليه وسلم فيما يروى عنه: نعما (بإسكان العين وتشديد الميم) المال الصالح للرجل الصالح».
5- {إن تبدوا الصدقات فنعما هي} [2: 271].
قرأ ابن عامر , وحمزة , والكسائي, وخلف بفتح النون. والباقون بالكسر. وقرأ قالون, والبصري , وشعبة بإسكان العين... واتفقوا على تشديد الميم. [غيث النفع :56],[النشر :2/ 335],[الإتحاف :5/ 165],[الشاطبية :168]
وفي [البحر: 2/ 324]:«وقرأ أبو عمرو , وقالون, وأبو بكر بكسر النون، وإخفاء حركة العين. وقد روى عنهم الإسكان، والأول أقيس وأشهر، واختار الإسكان أبو عبيد، وقال: الإسكان فيما يروى لغة النبي صلى الله عليه وسلم في هذا اللفظ وأنكر الإسكان أبو العباس المبرد وأبو إسحاق وأبو علي؛ لأن فيه جمعًا بين ساكنين على غير حده، وقال أبو العباس: لا يقدر أحد أن ينطق به وإنماي روم الجمع بين ساكنين , ويحرك ولا يأتيه. وقال أبو إسحاق لم تضبط الرواة اللفظ في الحديث، وقال أبو علي الفارسي: لعل أبا عمرو أخفى، فظنه السامع إسكانًا... ».
[معاني القرآن :1/ 352 - 353]
وقد أتى عن أكثر القراء ما أنكروا فمن ذلك الإسكان في هذه المواضع وتاءات البزي وفي : {اسطاعوا} [18: 97].
وفي :{يخصمون} [36: 49], وإنكار هؤلاء فيه نظر، لأن الأئمة القراء لم يقرءوا إلا بنقل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ومتى تطرق إليهم الغلط فيما نقلوه من مثل هذا تطرق إليهم فيما سواه. والذي نختاره ونقوله: إن نقل القراءات السبع متواتر، ولا يمكن وقوع الغلط فيه.
6- {وقلنا لهم لا تعدوا في السبت} [4: 154].
قرأ أبو جعفر :(لا تعدوا) بإسكان العين مع تشديد الدال.
[النشر 2: 253],[الإتحاف 196],[البحر : 388، ضعفها العكبري 1: 111]
7- {إن الله نعما يعظكم به} [4: 58].
قرأ أبو جعفر بإسكان العين (نعما) واختلف عن أبي عمر وقالون وأبي بكر: فروى عنهم المغاربة إخفاء كسرة العين، يريدون الاختلاس، فرارًا من الجمع بين ساكنين، وروى أكثر أهل الأداء عنهم الإسكان، وهما صحيحان عنهم.
[الإتحاف :191 – 192],[ غيث النفع :76],[البحر: 3/ 278]


رد مع اقتباس