عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 1 ربيع الثاني 1432هـ/6-03-2011م, 07:41 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي من لبيان الجنس

(من) لبيان الجنس
في [المغني:2/14-15]: « بيان الجنس، وكثيرا ما يقع بعد (ما) و(مهما) وهما بها أولى؛ لإفراط إبهامها؛ نحو: {ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها} [35: 3]. {ما ننسخ من آية} [2: 106]. {مهما تأتنا به من آية} [7: 131]. وهي ومخفوضها في ذلك الموضع نصب على الحال.
ومن ووقعها بعد غيرهما:
{يحلون فيها من أساور من ذهب ويلبسون ثيابا خضرا من سندس واستبرق} [18: 31]. الشاهد في غير الأولى، فإن تلك للابتداء. وقيل زائدة، ونحو: {فاجتنبوا الرجس من الأوثان} [22: 30]. وأنكر مجيء (من) لبيان الجنس قوم، وقالوا: هي في: {من ذهب} و{من سندس} للتبعيض وفي: {من الأوثان} للابتداء والمعنى: فاجتنبوا من الأوثان الرجس.
بعض الزنادقة تمسك بقوله: {وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة} [48: 29]. في الطعن على بعض الصحابة، والحق أن (من) فيها للتبيين، لا للتبعيض. أي الذين هم هؤلاء. ومثله: {الذين استجابوا لله والرسول من بعد ما أصابهم القرح للذين أحسنوا منهم واتقوا أجر عظيم}
[3: 172]. وكلهم محسن ومتق {ليمسن الذين كفروا منهم عذاب أليم} [5: 74]».
وفي [البرهان:4/417-418]: «بيان الجنس. وقيل: إنها لا تنفك عنه مطلقًا ... ولها علامتان:
أن يصح وضع «الذي» موضعها، وأن يصح وقوعها صفة لما قبلها.
وقيل: هي أن تذكر شيئًا تحته أجناس، والمراد أحدها، فإذا أردت واحدًا منها بينته: كقوله تعالى: {فاجتنبوا الرجس من الأوثان} [22: 30]. وغيرها. فلو اقتصر عليه لم يعلم المراد، فلما صرح بذكر الأوثان علم أنها المراد من الجنس، وقرنت بمن للبيان، فلذلك قيل: إنها للجنس.
وأما اجتناب غيرها فمستفاد من دليل آخر، والتقدير: فاجتنبوا الرجس الذي هو الأوثان، أي اجتنبوا الرجس الوثني، فهي راجعة إلى معنى الصفة. وهي بعكس التي للتبعيض، فإن تلك يكون ما قبلها بعضا مما بعدها فإذا قلت: أخذت درهما من الدراهم كان الدرهم بعض الدراهم، وهذه ما بعدها بعض مما قبلها، ألا ترى أن الأوثان بعض الرجس. منه قوله تعالى: {وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات} [24: 55]، أي الذين هم أنتم، لأن الخطاب للمؤمنين، فلهذا لم يتصور فيها التبعيض.
وقد اجتمعت المعاني الثلاثة في قوله تعالى:
{وينزل من السماء من جبال فيها من برد} [24: 43]. فـ(من) الأولى لابتداء الغاية، أي ابتداء الإنزال من السماء، والثانية للتبعيض، أي بعض جبال منها، والثالثة لبيان الجنس، لأن الجبال تكون بردا وغير برد ونظيرها:
{ما يود الذين كفروا من أهل الكتاب ولا المشركين أن ينزل عليكم من خير من ربكم} [2: 105]. فالأولى للبيان؛ لأن الكافرين نوعان: كتابيون ومشركون، والثانية مزيدة لدخولها على نكرة منفية، والثالثة لابتداء الغاية.
وقوله:{تجري من تحتهم الأنهار يحلون فيها من أساور من ذهب} [18: 31]. فالأولى لابتداء الغاية، والثانية لبيان الجنس، أو زائدة، بدليل قوله: {وحلوا أساور} [76: 21]. والثالثة لبيان الجنس، أو للتبعيض.
وقد أنكر قوم من متأخري المغاربة بيان الجنس، وقالوا هي في الآية الشريفة لابتداء الغاية؛ لأن الرجس جامع للأوثان وغيرها، فإذا قيل: {من الأوثان} فمعناه الابتداء من هذا الصنف لأن الرجس ليس هو ذاتها. وقيل: للتبعيض لأن الرجس منها هو عبادتها. واختاره ابن أبي الربيع، ويؤيده قوله: {والذين اجتنبوا الطاغوت أن يعبدوها} [39: 17].
وأما قوله {منكم} فهي للتبعيض، ويقدر الخطاب عاما للمؤمنين وغيرهم. وأما قوله: {من جبال} فهو بدل من السماء لأن السماء مشتملة على جبال البرد، فكأنه قال: وينزل من برد في السماء. وهو من قبيل ما أعيد فيه العامل مع البدل. وأما قوله: {ويلبسون ثيابا خضرا من سندس}
[18: 31]. ففي موضع الصفة. فهي للتبعيض».
الرضي: تعرفها بأن يكون قبل (من) أو بعدها مبهم يصلح أن يكون المجرور بمن تفسيرًا له وتوقع اسم ذلك المجرور على ذلك المبهم؛ كما يقال مثلاً للرجس: إنه الأوثان؛ وفي قولك: عشرون من الدراهم: العشرون إنها الدراهم.
وقال الزمخشري: كونها للتبيين راجع إلى معنى الابتداء. وهو بعيد؛ لأن الدراهم هي العشرون في قولك: عشرون من الدراهم، ومحال أن يكون الشيء مبدأ نفسه، وكذلك الأوثان هي الرجس؛ فلا تكون مبدأ له. [الرضي:2/299-300].


رد مع اقتباس