عرض مشاركة واحدة
  #5  
قديم 1 ربيع الثاني 1432هـ/6-03-2011م, 12:55 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي تقدم همزة الاستفهام على حروف العطف

تقدم همزة الاستفهام على حروف العطف
إذا كانت همزة الاستفهام في جملة معطوفة بالفاء، أو بالواو، أو بثم قدمت العطف على العاطف، تنبيها على أصالتها في التصدير، نحو: {أولم ينظروا} {أفلم يسيروا} {ثم إذا ما وقع آمنتم به}.
عقد سيبويه بابا لذلك [1/ 491] عنونه بقوله: هذا باب الواو التي تدخل عليها ألف الاستفهام. النحويون يرون أن همزة الاستفهام مقدمة على حرف العطف، والأصل فيها أن تكون بعده. وقد قال بهذا الرأي أيضًا الزمخشري في [المفصل: 2/ 212].
قال عن خصائص الهمزة: «وتوقعها قبل الواو والفاء وثم. قال الله تعالى: {أو كلما عاهدوا عهدا} وقال: {أفمن كان على بينة من ربه} وقال: {أثم إذا ما وقع} ولا تقع (هل) في هذه المواضع».
هذا هو رأي الزمخشري في كتابه «المفصل». أما في الكشاف فله مواقف:
1- اقتصر على ذكر هذا الرأي في قوله تعالى:
{أفأمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا بياتا} [ 7: 97]{أو أمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا ضحى} [7: 98]. [الكشاف: 2/ 78].
وعلق أبو حيان في [البحر: 4/ 349] بقوله: «وهذا الذي ذكره الزمخشري من أن حرف العطف الذي بعد همزة الاستفهام هو عاطف ما بعدها على ما قبل الهمزة من الجمل رجوع إلى مذهب الجماعة في ذلك. وتخريج لهذه الآية على خلاف ما قرر هو من مذهبه في غير آية». وانظر [المغني: 1/ 14-15].
2- ذكر هذا الرأي وجوز رأيا آخر هو أن يكون العطف على جملة محذوفة بين الهمزة وحرف العطف، ولا تقديم ولا تأخير على هذا الرأي. قال في قوله تعالى: {أفغير دين الله يبغون} [3: 83] : «دخلت همزة الإنكار على الفاء العاطفة جملة على جملة... ويجوز أن يعطف على محذوف تقديره أيتلون. [الكشاف: 1/ 199].
{أو لما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أنى هذا} [3: 165].
قال في [الكشاف :1/ 228] : «العطف على ما مضى... ويجوز أن تكون معطوفة على محذوف، كأنه قيل: أفعلتم كذا. وقلتم حينئذ كذا».
3- اقتصر على تقدير جملة محذوفة، ولم يذكر الرأي الأول ومن أمثلة ذلك:
1- {أو كلما عاهدوا عهدا نبذه فريق منهم} [2: 100].
في [الكشاف: 1/ 85] : «الواو للعطف على محذوف، معناه: أكفرتهم بالآيات البينات وكلما عاهدوا».
2- {أفلم يروا إلى ما بين أيديهم وما خلفهم من السماء والأرض} [34: 9].
في [الكشاف: 3/ 252] : «أعموا فلم ينظروا إلى السماء والأرض».
3- {أولم يهد لهم كم أهلكنا من قبلهم من القرون} [32: 26].
في [الكشاف: 3/ 224] : «الواو في {أو لم يهد} للعطف على معطوف عليه منوي من جنس المعطوف».
هذا هو موقف الزمخشري في الكشاف وكان في كثير من المواضع يلوذ بالصمت فلا يذكر ولا يشير إلى أحد الرأيين، ففي مواضع (أفلم) و(أولم) التي تبلغ 47 موضعا لم يتحدث عنها إلا في الموضعين اللذين ذكرتهما سابقا، وفي قوله تعالى: {أفتطمعون أن يؤمنوا لكم} [2: 75]. لم يشر في الكشاف إلى أحد الرأيين وبرغم هذا نسب إليه أبو حيان القول بتقدير معطوف عليه محذوف، ثم أخذ يرد عليه قال في [البحر: 12/ 271]: «الفاء بعد الهمزة أصلها التقديم عليها، والتقدير: فأتطمعون، فالفاء للعطف، لكنه اعتنى بهمزة الاستفهام، فقدمت عليها، والزمخشري يزعم أن بين الهمزة والفاء فلا محذوفًا، ويقر الفاء على حالها، حتى تعطف الجملة بعدها على الجملة المحذوفة قبلها، وهو خلاف مذهب سيبويه، وهو محجوج بمواضع لا يمكن تقدير فعل فيها، نحو قوله: {أو من ينشأ في الحلية} {أفمن يعلم أنما أنزل إليك} {أفمن هو قائم} انظر [الكشاف :1/ 77].
كذلك لم يذكر الكشاف شيئًا في قوله تعالى: {أفمن اتبع رضوان الله كمن باء بسخط} [3: 162]. ونسب إليه هنا أبو حيان تقدير معطوف عليه محذوف. [البحر: 3/ 102]، [الكشاف: 1/ 227].
والرضى أيضا صور مذهب صاحب الكشاف بالصورة الثانية قال في [2: 342].
«وهذه الحروف ليست بعاطفة على معطوف عليه مقدر كما يدعيه جار الله في الكشاف، ولو كانت كما قال لجاز وقوعها في أول الكلام قبل تقدم ما يكون معطوفا عليه، ولم تجيء إلا مبنيا على كلام متقدم».


رد مع اقتباس