عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 30 ربيع الأول 1432هـ/5-03-2011م, 07:22 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي مراعاة اللفظ والمعنى


دراسة (كل) في القرآن الكريم
مراعاة اللفظ والمعنى
(كل) لفظها مفرد، ومناها جمع فهي كجميع فيحمل على لفظها بالإفراد وعلى معناها بالجمع. وهذا شأن ماله لفظ ومعنى سواء كانت مضافة أو مقطوعة عن الإضافة وهذا ما تنطق به هذه النصوص:
في [المقتضب:2/298]: «وليس الحمل على المعنى ببعيد بل هو وجه جيد قال الله عز وجل {وكل أتوه داخرين} وقال: {وكلهم آتيه يوم القيامة فردا} فهذا على اللفظ، والأول على المعنى». انظر [سيبويه:1/273]، [سيبويه:1/274]، [سيبويه:1/301].
وفي [أمالي الشجري:1/40]: «في الحديث عن (كل) لأن لفظها لفظ واحد ومعناها جمع، فلذلك عاد إليها ضمير واحد في قوله تعالى: {كل آمن بالله}.
وضمير جمع في قوله تعالى: {وكل أتوه داخرين} وأفرد خبرها في قوله تعالى {وكلهم آتيه يوم القيامة فردا} وجمع في قوله عز وجل {وكل أتوه داخرين}.
وفي [المخصص:17/131]: «(كل) لفظ واحد ومعناه جمع، ولهذا يحمل مرة على اللفظ ومرة على المعنى فيقال: كلهم ذاهب وكلهم ذاهبون».
وفي [الإنصاف: 262]: «ونظير (كلا وكلتا) في الحمل على اللفظ تارة وفي الحمل على المعنى أخرى (كل) فإنه لما كان مفردا في اللفظ.
مجموعا في المعنى رد الضمير إليه تارة على اللفظ وتارة على المعنى كقولهم: كل القوم ضربته وكل القوم ضربتهم. وقد جاء بهما التنزيل».
أبو حيان جعل من مراعاة اللفظ ثم المعنى قوله تعالى:
{ويل لكل أفاك أثيم يسمع آيات الله تتلى عليه... أولئك لهم عذاب مهين} [45: 7-9]. [البحر:8/44].
وما أجازه ابن هشام في نحو: (كل رجل قائم وقائمون) لا يكون إلا على مراعاة لفظ (كل) ثم مراعاة معناها.
ابن مالك وأبو حبان والزركشي يرون أن مراعاة معنى (كل) أنما يكون بحسب ما تضاف إليه ولذلك جعل ابن هشام قوله تعالى:
{وكل شيء فعلوه في الزبر} {وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه} من مراعاة المعنى.
وفي اعتقادي أنه يتعذر أن يكون من مراعاة معنى (كل) بهذا الاعتبار قوله تعالى:
1- {ويل لكل أفاك أثيم يسمع آيات الله تتلى عليه... أولئك لهم عذاب مهين} [45: 12-114].
2- {وما يكذب به إلا كل معتد أثيم إذا تتلى عليه آياتنا قال أساطير الأولين كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون} [83: 12-14].
3- {تنزل على كل أفاك أثيم يلقون السمع وأكثرهم كاذبون} [26: 222-223].
فإن معنى (كل) على هذا الاعتبار الإفراد والتذكير وكذلك لفظها.
وما قاله الزركشي في [البرهان:4/321] من قوله: «فإن الضمير لم يعد إلى (كل) بل على الأفاكين الدالة عليه {كل أفاك} هو كلام لا غناء فيه.
وورد أيضًا على مراعاة معنى (كل) بهذا الاعتبار قوله تعالى:
1- {وهمت كل أمة برسولهم ليأخذوه} [40: 5].
في [المغني:1/169]: «وليس من ذلك {وهمت كل أمة برسولهم ليأخذوه}.
لأن القرآن لا يخرج على الشاذ وإنما الجمع باعتبار معنى الأمة».
وفي [البحر:7/449]: «قرأ عبد الله (برسولها) عاد الضمير إلى لفظ (أمة)».
2- {وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق} [22: 27].
في [المغني:1/169]: «فليس (الضامر) مفردا في المعنى: لأنه قسيم الجمع وهو (رجالا) بل هو اسم جمع كالجامل والباقر».
في [معاني القرآن:2/224]: «{يأتين} فعل النوق، وقرىء (يأتون) يذهب إلى الركبان».
في [البحر:6/364]: «الظاهر عود الضمير على {كل ضامر}.
[الكشاف:3/30].
وقد أرجع الضمير إلى معنى {كل} الأنباري في [البيان:2/174].
3- {وهمت كل أمة برسولهم ليأخذوه} [40: 5].
قال ابن هشام: إن الجمع باعتبار معنى (الأمة). يمكن أن يجري تأويل هشام في الآية السابقة على هذه الآيات:
1- {كذلك زينا لكل أمة عملهم ثم إلى ربهم مرجعهم} [6: 108].
2- {ولكل أمة أجل فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون} [7: 34].
3- {ولكل أمة رسول فإذا جاء رسولهم قضى بينهم بالقسط وهم لا يظلمون} [10: 47].
4- {لكل أمة أجل إذا جاء أجلهم فلا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون} [10: 49].
5- {ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت} [16: 36].
6- {ويوم نبعث في كل أمة شهيدا عليهم من أنفسهم} [16: 89].
7- {ثم لننزعن من كل شيعة أيهم أشد على الرحمن عتيا} [19: 69].
8- {لكل أمة جعلنا منسكا هم ناسكوه} [22: 67].
إذا أمكنا هذا التأويل في الآيات السابقة فلسنا بمستطيعن ذلك في قوله تعالى:
1- {ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون} [2: 281].
2- {ووفيت كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون} [3: 25].
{هم} رد على معنى {كل} لا على اللفظ. [القرطبي:2/1184].
3- {ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون} [3: 161].
4- {والله خلق كل دابة من ماء فمنهم من يمشي} [24: 45].
5- {ولو أن لكل نفس ظلمت ما في الأرض لافتدت به وأسروا الندامة لما رأوا العذاب وقضى بينهم بالقسط وهم لا يظلمون} [10: 54].
معنى {كل} في الآيات السابقة على اعتبارهم معنى المفردة المؤنثة فكيف روعي الجمع بعد ذلك؟
إن مراعاة الجمع إنما جاءت مراعاة لمعنى {كل} التي معناها معنى جمع.


رد مع اقتباس