عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 30 ربيع الأول 1432هـ/5-03-2011م, 06:22 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي ما تدخل عليه (قد)


ما تدخل عليه (قد)
لا تدخل (قد) على الماضي الجامد. وتدخل على المضارع المجرد من ناصب وجازم ومن حرف التنفيس ذكر ذلك [الرضى:2/ 360-361].
وابن مالك في [التسهيل: 242]. وزاد ابن هشام أن يكون مثبتًا. [المغني:1/47]، فإذا صح ذلك كان مثل قول الشاعر:

قد لا يفوه بالأمر يضمره = وبين عينيه ما تخفى ضمائره
غير جائز.
تجاوزت مواضع (قد) في القرآن أربعمائة موضع.
جاء بعدها المضارع في ثمانية مواضع: سبعة منها (علم) وهي:
1- {قد نعلم إنه ليحزنك الذي يقولون} [6: 33].
2- {قد يعلم الله الذين يتسللون منكم لو اذا} [24: 63].
3- {قد يعلم ما أنتم عليه} [24: 64].
4- {قد يعلم الله المعوقين منكم} [33: 18].
5- {ولقد نعلم أنك يضيق صدرك بما يقولون} [15: 97].
6- {ولقد نعلم أنهم يقولون إنما يعلمه بشر} [16: 103].
7- {لم تؤذونني وقد تعلمون أني رسول الله إليكم} [61: 5].
وجاء مضارع رأي في قوله تعالى:
{قد نرى تقلب وجهك في السماء} [2: 144].
في [الكشاف:1/100]: «{قد نرى} ربما نرى ومعناه كثرة الرؤية كقوله:
قد أترك القرن مصفرا أنامله
وفي [العكبري:1/38]: «لفظه مستقبل والمراد به المضي».
وفي [البحر:1/427-428]: « {نرى} هنا مضارع بمعنى الماضي وقد ذكر بعض النحويين أن مما يصرف المضارع إلى الماضي (قد) في بعض المواضع ومنه.
{قد يعلم ما أنتم عليه} {ولقد نعلم أنك يضيق صدرك} {قد يعلم الله المعوقين منكم}.
{قد نعلم إنه ليحزنك الذي يقولون} [6: 33].
في [الكشاف:2/10]: «{قد نعلم} بمعنى (ربما) الذي يجيء لزيادة الفعل وكثرته كقوله:

أخي ثقة لا تهلك الخمر ماله = ولكنه قد يهلك المال زائله
وفي [العكبري:1/134]: «{قد نعلم} أي قد علمنا فالمستقبل بمعنى الماضي».
وفي [البحر:4/110-111]: «(قد) حرف توقع إذا دخلت على مستقبل الزمان كان التوقع من المتكلم كقولك:
قد ينزل المطر في شهر كذا. وإذا كان ماضيًا أو فعل حال بمعنى المضي فالتوقع كان عند السامع.
وأما المتكلم فهو موجب ما أخبر به وعبر هنا بالمضارع إذ المراد الاتصاف بالعلم واستمراره ولم يلحظ فيه الزمان كقوله:
هو يعطي ويمنع... ثم رد على الزمخشري قوله: إن (قد) تفيد التكثير بأن قال: إن التكثير لم يفهم من (قد) وإنما يفهم من سياق الكلام... وقال: (قد) هنا للتحقيق والتوكيد».
{ألا إن لله ما في السموات والأرض قد يعلم ما أنتم عليه} [24: 64]. في [الكشاف:3/87]: «أدخل (قد) ليؤكد علمه بما هم عليه من المخالفة عن الدين والنفاق.
ومرجع توكيد العلم إلى توكيد الوعيد.
وذلك أن (قد) إذا دخلت على المضارع كانت بمعنى (ربما)، فوافقت (ربما) في خروجها إلى معنى التكثير نحو قوله:

فإن تمس مهجور الفناء فربما = أقام به بعد الوفود وفود
ونحو قول زهير:

أخي ثقة لا تهلك الخمر ماله = ولكنه قد يهلك المال نائله
في [البحر:6/477]: «وكون (قد) إذا دخلت على المضارع أفادت التكثير قول بعض النحاة وليس بصحيح وإنما التكثير مفهوم من سياق الكلام...».
{لم تؤذونني وقد تعلمون أني رسول الله إليكم} [61: 5].
في [البحر:8/262]: «و(قد) تدل على التحقق في الماضي، والتوقع في المضارع والمضارع هنا معناه المضي، أي وقد علمتم، كقوله {قد يعلم ما أنتم عليه} أي قد علم {قد نرى تقلب} وعبر عنه بالمضارع ليدل على استصحاب الفعل».
وفي [الجمل:4/329]: «(قد) للتحقيق لا للتقريب ولا للتقليل وفائدة ذكرها التأكيد والمضارع هنا بمعنى الماضي».
من هذا العرض يتبين لنا أن الزمخشري يرى أن (قد) التي جاء بعدها المضارع بمعنى (ربما) التي تفيد التكثير وقد جعل سيبويه (قد) بمعنى (ربما) في قول الشاعر:
قد أترك القرن مصفرا أنامله
وأن العكبري يرى أن المضارع بمعنى الماضي وكذلك قال أبو حيان إن المضارع بمعنى الماضي وقال: المراد الاتصاف بالعلم واستمراره ولم يلحظ الزمان كقولهم: هو يعطي ويمنع.
وقال أبو البقاء: إن الماضي بمعنى المستقبل في قوله تعالى:
{قد افترينا على الله كذبا إن عدنا في ملتكم} [7: 89].
قال [1: 156]: « {قد افترينا} هو بمعنى المستقبل لأنه لم يقع وإنما سد مسد جواب {إن عندنا} وساغ دخول {قد} هاهنا لأنهم قد نزلوا الافتراء عند العودة الواقع فقرنوه بقد، وكأن المعنى قد افترينا الآن إن هممنا بالعودة نقله [الجمل:2/163]».


رد مع اقتباس