عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 30 ربيع الأول 1432هـ/5-03-2011م, 05:26 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي الفاء الفصيحة


الفاء الفصيحة
الفاء التي تكون جوابا لشرط مقدر مع الأداة سماها الزمخشري فاء الفصيحة، وقال عنها: لا تقع إلا في كلام بليغ. [الكشاف:1/71].
وقال عن حذف أداة الشرط وفعل الشرط: هو من أحاسن الحذوف.
[الكشاف:2/49].
وقال أبو حيان عن هذا الحذف: إنه لا يجوز. [البحر:7/355-356].
وقال عنه أيضًا: لم يثبت ذلك في لسان العرب. [البحر:4/210].
والمتتبع لكلام أبي حيان يجده اعترض على الزمخشري في مواضع تزيد عن العشرة، ثم قال بهذا التقدير في مواضع سكت فيها الزمخشري عن هذا التقدير، ثم وافقه في مواضع أخرى، وقد عرضنا لهذا كله في الحديث عن أدوات الشرط.
ونجد الزركشي يطلق فاء الفصيحة على الفاء التي عطفت على محذوف قال في [البرهان:3/128]: «ومن حذف جواب الفعل: {اذهبا إلى القوم الذين كذبوا بآيانا فدرمناهم} [25: 36]. تقديره: فذهبا إليهم فكذبوهما، فدمرناهم. والفاء العاطفة على الجواب المحذوف هي المسماة عندهم بالفاء الفصيحة. وقال صاحب المفتاح: وانظر إلى الفاء الفصيحة في قوله تعالى: {فتوبوا إلى بارئكم فاقتلوا أنفسكم ذلكم خير لكم عند بارئكم فتاب عليكم} [2: 54]. كيف أفادت. ففعلتم فتاب عليك».
وكذلك أطلق أبو السعود فاء الفصيحة على الفاء التي حذف معطوفها، أو كانت لشرط مقدر مع الأداة:
1- {قالوا الآن جئت بالحق فذبحوها} [2: 71].
في [أبي السعود:1/89]: «الفاء فصيحة كما في (انفجرت) أي فحصلوا البقرة فذبحوها».
2- {أو تقولوا لو أنا أنزل علينا الكتاب لكنا أهدى منهم فقد جاءكم بينة من ربكم} [6: 157].
{فقد} متعلق بمحذوف تنبئ عنه الفاء الفصيحة؛ إما معلل له؛ أي لا تعتذروا بذلك فقد جاء، وإما شرط له، أي إن صدقتم فيما كنتم تعدون من أنفسكم من كونكم أهدى من الطائفتين.
[أبو السعود:2/148]، [الجمل:2/210-211].
3- {فانتظروا إني معكم من المنتظرين فأنجيناه والذين معه} [7: 71-72].
الفاء فصيحة كما في قوله: (فانفجرت)، أي فوقع ما وقع فأنجيناه. [أبو السعود:2/174]، [الجمل:2/155].
4- {ثم بعثنا من بعدهم موسى وهارون إلى فرعون وملئه بآياتنا فاستكبروا} [10: 75].
والفاء فصيحة، أي فأتياهم، فبلغاهم الرسالة، فاستكبروا عن اتباعها، [أبو السعود:2/343]، [الجمل:2/360].
5- {مسومة عند ربك للمسرفين فأخرجنا من كان فيها من المؤمنين} [51: 34-35].
الفاء مفصحة عن جمل ثقة بذكرها في مواضع أخرى، كأنه قيل: فباشروا ما أمروا به فأخرجنا من كان فيها. [أبو السعود:5/103]، [الجمل:4/201].
6- {فنادوا صاحبهم فتعاطى فعقر} [54: 29].
في [الجمل:4/242]: «فنادوا» معطوف على محذوف تقديره: فتمادوا على ذلك.
وفي زاده: الفاء فاء الفصيحة تفصح أن في الكلام حذفا تقديره، فبقوا على ذلك مدة، ثم ملوا من ضيق الماء والمرعى عليهم.
7- {فقلنا اضرب بعصاك الحجر فانفجرت} [2: 60].
في [أبي السعود:1/84]: «{فانفجرت} عطف على مقدر ينسحب عليه الكلام، قد حذف للدلالة على كمال سرعة تحقق الانفجار، كأنه حصل عقيب الأمر بالضرب، أي فضرب فانفجرت.
وأما تعلق الفاء بمحذوف، أي فإن ضربت فقد انفجرت فغير حقيق بجلاله شأن النظم الكريم، كما لا يخفى على أحد».
وفي كليات أبي البقاء تقييد حذف المعطوف عليه بأن يكون سببًا للمعطوف من غير تقدير أداة شرط قال ص270.
الفاء هي إما فصيحة، وهي التي يحذف فيها المعطوف عليه مع كونه سببًا للمعطوف من غير تقدير حرف الشرط.
قال بعضهم: هي الداخلة على جملة مسببة عن جملة غير مذكورة، نحو الفاء في قوله تعالى: {فانفجرت} وظاهر كلام صاحب المفتاح تسمية هذه الفاء فصيحة على تقدير: فضرب فانفجرت: وظاهر كلام صاحب الكشاف على تقدير: فإن ضربت فقد انفجرت. والقول الأكثر على التقديرين. قال الشيخ سعد الدين: إنها تفصح عن المحذوف وتفيد بيان سببيته، كالتي تذكر بعد الأوامر والنواهي؛ بيانا لسبب الطلب... وتختلف العبارة في تقدير المحذوف فتارة أمرًا أو نهيًا، وتارة شرطًا... والأصح: أن لا فرق بين الفصيحة والتفريعية...
وفي حواشي [شرح السعد على تصريف العزى ص159-160]: «فاء فصيحة، وهي التي تدل على الشرط المحذوف. وقيل: على السببية: وقيل عليهما. وسميت فصيحة، إما لإفصاحها عن الشرط والسبب، أو لفصاحة الكلام الذي دخلت هي فيه، أو ظهور المعنى بسبب دخولها، أو وصف لها بوصف صاحبها، أو لكونها مفيدة معنى بديعًا، أو واقعة موقعًا حسنًا.
وتتنوع الفاء الفصيحة بتنوع ما دل عليه من المحذوف: فتارة يكون المحذوف أمرًا أو نهيًا كما في قوله تعالى: {فقد جاءكم بشير ونذير} أي لا تعتذروا فقد جاءكم، وتارة شرطًا كما في قوله تعالى: {فهذا يوم البعث} أي إن كنتم منكرين للبعث فهذا يوم البعث، وتارة يكون معطوفًا، كما في قوله تعالى: (فانفجرت) أي ضرب فانفجرت».
وفي حواشي [نتائج الأفكار ص172]: «ويقال لها فاء الفصيحة وفاء التفريع والنتيجة أيضًا عند بعض...».
تكلم الرضى عن الفاء التي تكون جوابًا لشرط مقدر مع الأداة ولكنه لم يطلق عليها فاء الفصيحة قال في [2: 340].
«الفاء» التي لغير عطف لا تخلو من معنى الترتيب، وهي التي تسمى فاء السبب، وتختص بالجمل، وتدخل على ما هو جزاء مع تقدم كلمة الشرط، نحو: إن لقيته فأكرمه، ومن جاءك فأعطه، وبدونها، نحو: زيد فاضل فأكرمه، وتعريفه بأن يصلح تقدير (إذا) الشرطية، قبل الفاء، وجعل مضمون الكلام السابق شرطها... وهو كثير في القرآن المجيد وغيره... {أم لهم ملك السموات والأرض وما بينهما فليرتقوا في الأسباب} [38: 10]. {قال أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين. قال فاهبط منها} [7: 12-13]، أي إذا كان عندك هذا الكبر فاخرج. وقال: {رب فأنظرني} [15: 37]، أي إذا اخترت الدنيا على الآخرة فإنك من المنظرين.
وقال: {فبعزتك} [38: 82]. أي إذا أعطيتني هذا المراد فبعزتك لأغوينهم.
ونسب الزركشي إلى سيبويه أنه جعل قوله تعالى {فذلك الذي يدع اليتيم} [107: 2]. على تقدير شرطن أي إن أردت علمه فذلك. [البرهان:4: 301]. والآية ليست في كتاب سيبويه.
جعل البغدادي في [الخزانة:1/218] الفاء في قول الشاعر:
وقائلة خولان فانكح فتاتهم=وأكرومة الحيين خلو كما هيا
جعلها عند سيبويه عاطفة أو جوابا لشرط مقدر.


رد مع اقتباس